إسرائيل في حالة حرب - اليوم 466

بحث

المخابرات الأمريكية: حزب الله يسعى لإعادة بناء قدراته على المدى البعيد

حزب الله بدأ في جهود إعادة بناء قوته قبل وقف الحملة العسكرية الإسرائيلية؛ الجيش الإسرائيلي يقصف منصة لإطلاق الصواريخ في بلدة حدودية لبنانية؛ بلينكن يؤكد أن الهدنة صامدة، وأن آلية المراقبة تعمل

تشييع جثمان مقاتلي حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، في 4 ديسمبر 2024. (AFP)
تشييع جثمان مقاتلي حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، في 4 ديسمبر 2024. (AFP)

قالت أربعة مصادر مطلعة على معلومات مخابرات أمريكية محدّثة لرويترز إن قدرات جماعة حزب الله اللبنانية العسكرية تراجعت بشدة بسبب الضربات الإسرائيلية لكن الجماعة ستحاول على الأرجح إعادة بناء مخزوناتها وقواتها لتشكل تهديدا على المدى البعيد للولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.

وجاء هذا التقييم في الوقت الذي واصلت فيه إسرائيل قصف ما وصفته بانتهاكات قوات حزب الله لوقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، في حين قالت واشنطن إن الاتفاق الذي ساعدت في التوسط فيه صامد.

ويهدف الاتفاق إلى وقف ما يقارب من 14 شهرا من القتال عبر الحدود بين إسرائيل وحزب الله والذي بدأ عندما بدأ الحزب في مهاجمة إسرائيل تضامنا مع حركة حماس الفلسطينية وسط الحرب في غزة. وكان تأمين المنطقة الحدودية لسكان الشمال، الذين نزح عشرات الآلاف منهم بسبب القتال، أحد الأهداف المعلنة لإسرائيل في الحرب.

وقال مسؤول أمريكي كبير ومسؤول آخر إسرائيلي ونائبان أمريكيان اطلعا على معلومات مخابرات، بعد أن طلبوا جميعا عدم ذكرهم بالاسم في التقرير، إن أجهزة المخابرات الأمريكية قدرت في الأسابيع القليلة الماضية أن حزب الله بدأ، حتى في وقت كانت فيه الحملة العسكرية الإسرائيلية مستمرة، في تجنيد مقاتلين جدد ويحاول العثور على سبل لإعادة التسلح عبر الإنتاج المحلي وتهريب مواد عبر سوريا.

وقال اثنان من المصادر أنه من غير الواضح إلى أي مدى تباطأت هذه الجهود منذ الأسبوع الماضي، عندما توصل حزب الله وإسرائيل إلى وقف هش لإطلاق النار. ويحظر الاتفاق تحديدا شراء حزب الله للأسلحة أو أجزاء الأسلحة.

وفي الأيام القليلة الماضية، حاولت إسرائيل إضعاف قدرة حزب الله على إعادة بناء قوته العسكرية، إذ قصفت العديد من منصات إطلاق الصواريخ التابعة للجماعة في لبنان وقصفت المعابر الحدودية مع سوريا واعترضت طريق طائرة إيرانية يشتبه في أنها كانت تنقل أسلحة للجماعة.

وقال الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء إنه قصف بطائرة مسيّرة منصة إطلاق صواريخ تابعة لحزب الله تم كشفها في مجدل زون بجنوب لبنان.

وقال الجيش إن المنصة “شكلت تهديدًا لدولة إسرائيل وانتهكت التفاهمات بين إسرائيل ولبنان”.

وأضاف إن القوات دمرت أيضًا أسلحة لحزب الله عثر عليها يوم الأربعاء في الخيام والصوانة وعيترون بجنوب لبنان.

وأضاف الجيش إنه “منتشر في جنوب لبنان ويتحرك ضد أي تهديد يعرض دولة إسرائيل للخطر”.

وتشير تقديرات وكالات المخابرات الأمريكية إلى أن حزب الله يعمل بقوة نارية محدودة، إذ خسر أكثر من نصف مخزوناته من الأسلحة وآلاف المقاتلين خلال الصراع مع إسرائيل، مما يعني بالتالي تقليص القدرة العسكرية الإجمالية لطهران إلى أدنى مستوى منذ عقود.

ولكن حزب الله لم يتم تدميره كليا. وقالت المصادر إنه لا يزال يحتفظ بآلاف الصواريخ قصيرة المدى في لبنان، وسيحاول إعادة ملء مخزونه باستخدام مصانع الأسلحة في الدول المجاورة التي تتوفر طرق نقل منها.

وقال أحد النائبين إن حزب الله “تمت عرقلته” في الأمد القريب، وتقلصت قدرته على القيادة والسيطرة. لكن النائب أضاف “هذه المنظمة مصممة من أجل أن تتعافى من الارتباك”.

ويشعر المسؤولون الأمريكيون بالقلق إزاء قدرة حزب الله على الوصول إلى سوريا، حيث شن مقاتلو المعارضة في الآونة الأخيرة هجوما لاستعادة معقلي الحكومة في حلب وحماة. ولطالما استخدم حزب الله سوريا ملاذا آمنا ومركزا للنقل، إذ ينقل المعدات العسكرية والأسلحة من العراق، عبر سوريا، إلى لبنان من خلال المعابر الحدودية الوعرة.

وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (يسار) يلتقي الرئيس السوري بشار الأسد (يمين) في دمشق في 1 ديسمبر 2024. (Iranian Foreign Ministry / AFP)

وقال مسؤول أمريكي إن واشنطن تحاول الضغط على الرئيس السوري بشار الأسد للحد من عمليات حزب الله، وتلجأ إلى دول أخرى في المنطقة للمساعدة. وذكرت رويترز يوم الاثنين أن الولايات المتحدة والإمارات ناقشتا إمكانية رفع العقوبات المفروضة على الأسد إذا نأى بنفسه عن إيران وقطع طرق توصيل الأسلحة إلى حزب الله.

وقال مسؤولون في حزب الله إن الجماعة ستواصل العمل بوصفها “مقاومة” ضد إسرائيل، لكن نعيم قاسم الأمين العام لحزب الله لم يذكر أسلحة الجماعة في خطاباته الأخيرة، بما في ذلك تصريحاته بعد التوصل إلى وقف إطلاق النار.

وتقول مصادر في لبنان إن أولوية حزب الله هي إعادة بناء منازل أنصاره بعد أن دمرت الضربات الإسرائيلية مساحات شاسعة من جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.

ورفض مجلس الأمن القومي الأمريكي ومكتب مدير المخابرات الوطنية التعليق على المعلومات الاستخباراتية الأمريكية المحدثة.

تحديات تتعلق بالتدريب

قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع الماضي إن حزب الله لم يضعف بسبب قتل إسرائيل للعديد من قادته منذ يناير وهجومها عليه بريا منذ أوائل أكتوبر.

وذكر عراقجي أن حزب الله استطاع إعادة تنظيم صفوفه والقتال بكفاءة.

غير أن المصادر قالت لرويترز إن هناك معلومات مخابرات أمريكية تشير إلى أن إسرائيل قضت على آلاف الصواريخ التي يملكها حزب الله في لبنان، مما دفع كوادر مقاتليه إلى التراجع عن الحدود مع إسرائيل.

وأضافت المصادر أن معلومات المخابرات تشير إلى أن حزب الله سيواجه على الأرجح تحديات كبيرة تتعلق بالتدريب لسنوات قادمة رغم أن حصر العدد الدقيق لمقاتليه يظل أمرا صعبا.

تشييع جثمان مقاتلي حزب الله في قرية خربة سلم بجنوب لبنان في 4 ديسمبر 2024. (MAHMOUD ZAYYAT / AFP)

وقال مسؤولون أمريكيون إن انهيار حزب الله يشير إلى فجوة متزايدة في قدرة إيران العسكرية ويثير شكوكا حول قدرتها على استخدام حلفائها في مهاجمة إسرائيل وخصوم آخرين لها في الأمد القريب.

وتدعم إيران أيضا مسلحي حماس في قطاع غزة وجماعة الحوثي في ​​اليمن.

وذكر مسؤول أمريكي ثان أن إسرائيل كانت تواجه في الماضي احتمال أن يرد حزب الله من لبنان عليها إذا فكرت في ضرب إيران، لكن مع إضعاف الجماعة اللبنانية تستطيع إسرائيل مهاجمة إيران بشكل مباشر بدون تعرض مناطقها الشمالية لنفس التهديد.

وتشير المعلومات الاستخباراتية الأمريكية إلى أن حماس في غزة لا تستطيع إلا ممارسة أساليب حرب العصابات المحدودة بعدما فقدت نصف مقاتليها على الأقل في الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر 2023، عندما قادت الحركة الفلسطينية هجوما مدمرا عبر الحدود على إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واختطاف 251 رهينة.

في اليوم التالي، بدأ حزب الله في إطلاق النار عبر الحدود الشمالية لإسرائيل مع لبنان دعما لحماس. ويواصل الحوثيون إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من اليمن، لكن الولايات المتحدة تمكنت من اعتراض معظمها.

وتظهر معلومات المخابرات الأمريكية المحدثة، التي اطلع عليها مسؤولون ومشرعون كبار في الأسابيع القليلة الماضية، قبل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في 20 يناير.

واتهمت الولايات المتحدة رجلا إيرانيا الشهر الماضي فيما يتعلق بمزاعم عن مؤامرة إيرانية لاغتيال ترامب. وتنفي طهران هذا الاتهام.

وشن ترامب خلال فترة ولايته الأولى حملة على إيران مارس فيها “أقصى درجات الضغط” على طهران وفرض فيها عقوبات قاسية على قطاعاتها الاقتصادية الأكثر ربحية وأفراد من الجيش.

وانسحبت الولايات المتحدة في عام 2018، حين كان ترامب رئيسا في ولايته الأولى، من الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 والذي كان يهدف إلى منع طهران من امتلاك القدرة على تصنيع أسلحة نووية.

وكان ترامب مسؤولا عن ضربة في العراق عام 2020 أسفرت عن مقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.

الولايات المتحدة تؤكد أن وقف إطلاق النار في لبنان “صامد”

في غضون ذلك، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أن وقف إطلاق النار في لبنان “صامد” رغم الحوادث التي وقعت أخيرا.

وقال بلينكن خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماع حلف شمال الأطلسي في بروكسل “وقف إطلاق النار صامد ونحن نستخدم الآلية التي وضعت عندما يتم الإعراب عن مخاوف بشأن انتهاكات”.

وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين خلال مؤتمر صحفي في بروكسل، 4 ديسمبر 2024. (Virginia Mayo/AP)

وبالإضافة إلى انتهاكات حزب الله، اتهمت فرنسا إسرائيل بانتهاك الهدنة من خلال الفشل في تنسيق تطبيق الاتفاق مع آلية دولية أُعلن عنها مؤخراً. ورفضت القدس هذا الاتهام.

وقال بلينكن: “أعتقد بشكل أساسي أن كلا الطرفين، أي إسرائيل وحزب الله، من خلال الحكومة اللبنانية، أرادا وما زالا يريدان وقف إطلاق النار”.

تتولى لجنة تترأسها الولايات المتحدة، وتضم فرنسا وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وإسرائيل ولبنان، مسؤولية الحفاظ على التواصل بين الأطراف المختلفة وضمان تحديد الانتهاكات ومعالجتها من أجل تجنب أي تصعيد.

وشدد وزير الخارجية الأميركي على أن “أي وقف لإطلاق النار، إذا أريد احترامه، يتطلب نظاما للتحقق منه، لمعالجة أي مخاوف أو مزاعم بحدوث انتهاكات”.

وتابع: “لدينا آلية مراقبة. إذا انتهك أي من الطرفين وقف إطلاق النار، يتم إبلاغنا بذلك، وندخل بطريقة أو بأخرى في حوار مع الأطراف. وهذا بالضبط ما حدث”.

وشدد أنتوني بلينكن: “نريد أن تعمل الآلية التي وضعناها مع فرنسا لضمان مراقبة وتطبيق وقف إطلاق النار بشكل فعال، ونريد أن نضمن استمرارها في العمل”.

قوات الأمن الإسرائيلية وعمال الطوارئ في مبنى سكني أصيب بصواريخ أطلقت من لبنان، في مدينة كريات شمونة الشمالية في 20 نوفمبر 2024. (Jalaa Marey / AFP)

أعلن وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض الأربعاء أن 4047 شخصا على الأقل قتلوا في لبنان خلال الحرب بين إسرائيل وحزب الله، غالبيتهم بعد اشتداد النزاع بدءا من سبتمبر.

ولا يفرق هذا الرقم بين المدنيين والمقاتلين، وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى مقتل 3500 من عناصر حزب الله في الصراع، كما تحدثت تقارير عن مقتل نحو 100 عنصر من جماعات مسلحة أخرى.

سكان نازحون، بعضهم يحمل علم حزب الله، يعودون إلى الضاحية الجنوبية في بيروت، بعد وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر، 2024. (Bilal Hussein/AP)

بدأت الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله في 8 أكتوبر 2023، عندما بدأت القوات التي يقودها حزب الله في مهاجمة البلدات والمواقع العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود بشكل شبه يومي، حيث قالت الجماعة إنها فعلت ذلك إسنادا لغزة وسط الحرب هناك.

وبعد ذلك، وسع حزب الله هجماته لتستهدف أيضا المدن في وسط وشمال إسرائيل بالصواريخ، بالإضافة إلى الهجمات على الحدود. وتم إجلاء نحو 60 ألف شخص من البلدات الشمالية على الحدود مع لبنان بعد وقت قصير من هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وسط مخاوف من أن ينفذ حزب الله هجوما مماثلا، وزيادة في إطلاق الصواريخ من قبل الجماعة.

ولقد أسفرت هجمات حزب الله على إسرائيل منذ أكتوبر 2023 عن مقتل 45 مدنيا. بالإضافة إلى ذلك، قُتل 76 جنديا إسرائيليا في القوات النظامية والاحتياطية في المناوشات عبر الحدود والهجمات على إسرائيل وفي العملية البرية التي أعقبت ذلك في جنوب لبنان.

اقرأ المزيد عن