المحكمة العليا ترفض إغلاق مركز اعتقال سديه تيمان وتأمر الدولة بالالتزام بالقانون بالنسبة للمعتقلين
المحكمة تشير إلى أن الظروف في مركز الاعتقال تحسنت منذ تقديم الالتماس، وتقول إن الحفاظ على سيادة القانون يميز إسرائيل عن أعدائها
حذرت محكمة العدل العليا الدولة يوم الأربعاء من ضرورة الالتزام بالقانون في معاملتها للأسرى الفلسطينيين في مركز الاعتقال سديه تيمان سيئ السمعة، لكنها لم تأمر الحكومة بإغلاق السجن كما طالب الملتمسون.
وفي حكم اتخذ بالاجماع، أشارت المحكمة في قرارها النهائي بشأن الالتماس إلى أن الظروف في سديه تيمان تغيرت بشكل كبير منذ تقديم الالتماس، وبالتالي رفضت إغلاق المنشأة.
لكن القضاة أكدوا بوضوح على أن الحفاظ على سيادة القانون هو عنصر ضروري في أي حكومة ديمقراطية، بما في ذلك خلال فترة الحرب، وأشاروا إلى أن القيام بذلك يميز إسرائيل عن أعدائها.
ورحبت احدى الملتمسين، وهي جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، بالحكم بينما أعربت عن أسفها لأنه كانت هناك حاجة للمحكمة العليا “لإصدار أحكام يجب أن تكون واضحة – أن الدولة يجب أن تلتزم بالقانون” وأنه يحظر عليها إساءة معاملة المعتقلين.
تم تقديم الالتماس في وقت سابق من هذا العام من قبل جمعية حقوق المواطن في إسرائيل، بالتعاون مع منظمات أطباء من أجل حقوق الإنسان، وجيشا-مسلك، وهموكيد، بعد ظهور مزاعم بأن جنود الجيش الإسرائيلي في منشأة سديه تيمان – معظمهم من جنود الاحتياط – يسيئون بشكل منهجي إلى المشتبه بهم الفلسطينيين الذين قبضت عليهم القوات الإسرائيلية خلال الحرب.
أثارت الاتهامات والالتماس المقدم ضد الدولة جدلا كبيرا، مع ادعاءات بأن ظروف وإساءة معاملة المعتقلين في سديه تيمان ترقى إلى مستوى جرائم حرب وانتهاكات للقانون الدولي.
وقد تم توجيه لائحة اتهام ضد جندي واحد بتهمة إساءة معاملة المحتجزين في المنشأة، بينما يجري حاليا التحقيق مع خمسة آخرين بتهمة الاعتداء الجنسي العنيف على أحد المحتجزين.
في أوائل يوليو، حذرت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أن التأخير في تقليص عدد المعتقلين في سديه تيمان، وهو ما نسبته إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، سيكون له “عواقب خطيرة وواسعة النطاق للغاية”، دون تحديد ما قد تكون تلك العواقب.
ونتيجة للضغوط القانونية، خفضت الحكومة بشكل كبير عدد المحتجزين في المنشأة من حوالي 700 في ذروتها إلى عدة عشرات فقط بحلول نهاية أغسطس.
كما أبلغت الحكومة المحكمة في مذكرة مكتوبة أنها قللت من استخدام القيود، وأنها توفر الغذاء والعلاج الطبي وفقا لمتطلبات القانون.
بالإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة ببناء منشأة احتجاز جديدة في سديه تيمان، من المقرر افتتاحها هذا الأسبوع، والتي قالت إنها توفر ظروفا مساوية لتلك الموجودة في السجون القائمة، وبالتالي دعت المحكمة إلى رفض طلب إغلاق سديه تيمان.
في قرارها، أشارت المحكمة إلى هذه الظروف المحسنة، وبالتالي اكتفت بإصدار قرار يأمر الدولة صراحة بالالتزام بالقوانين المتعلقة باعتقال المشتبه بهم في المستقبل.
وقالت المحكمة إن الحرب الحالية تمثل “تحديات عديدة” للبلاد، بما في ذلك كيفية سجن العدد الكبير من المعتقلين الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية أثناء النزاع، لكنها قالت إن هذا لا يعفي الدولة من احترام القانون.
وكتب القائم بأعمال رئيس المحكمة العليا عوزي فوغلمان: “إن حماية سيادة القانون، حتى أثناء حرب صعبة، هي التعبير الواضح عن الفرق بين دولة ديمقراطية، تقاتل من أجل حياتها، ومنظمة إرهابية تريد تدميرها”.
وكتبت القاضية دافني باراك إيرز أن الخطوات التي اتخذتها الدولة لجعل سديه تيمان يمتثل للقانون الإسرائيلي كانت كافية لإرضاء المحكمة، مضيفة أن الظروف السابقة هناك “لن تعود”، ومؤكدة على ضرورة احتجاز المعتقلين بطريقة تتماشى مع القانون.
وتابعت “هذا الالتزام لا يعتمد، ولا يمكن أن يتأثر، بخلفية احتجاز المحتجزين في المنشأة”، مضيفة “على النقيض من المنظمات الإرهابية، فإن إسرائيل هي دولة قانون، وفي هذا أيضا هناك قوة”.
وأضاف فوغلمان أنه ينبغي على السلطات التحقيق في مزاعم السلوك الجنائي في سدي تيمان، مشيرا إلى أن مثل هذه التحقيقات قد بدأت بالفعل.
وقال أيضا إنه في حالة ظهور ادعاءات جديدة بشأن الأوضاع في سديه تيمان، سيكون من حق مقدمي الالتماس العودة إلى المحكمة مرة أخرى.
ظهرت المزاعم بشان انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سديه تيمان ضد المعتقلين الفلسطينيين في وقت سابق من هذا العام، حيث أفادت العديد من وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان بوجود استخدام مفرط للقيود الجسدية، وبتر الأطراف بسبب الاستخدام المطول للأصفاد، والضرب، وإهمال المشاكل الطبية في المنشأة.
ويشتبه في أن الجنود الخمسة الذين يخضعون للتحقيق حاليا اعتدوا جنسيا على معتقل فلسطيني (في تهمة تعادل تهمة الاغتصاب)، فضلا عن أشكال أخرى من الاعتداء والإساءة ضد المعتقلين.
بعد اعتقال تسعة جنود من قبل الشرطة العسكرية في سديه تيمان في نهاية شهر يوليو للاشتباه في ارتكابهم انتهاكات، اقتحمت حشود من نشطاء اليمين المتطرف تضم أعضاء كنيست من الائتلاف ووزراء في الحكومة قاعدة للجيش الإسرائيلي في محاولة لعرقلة اعتقال المشتبه بهم.
وعندما أدركوا أن الجنود قد مثلوا بالفعل أمام المحكمة العسكرية في قاعدة بيت ليد للجيش الإسرائيلي، اقتحم الحشد القاعدة هناك أيضا واشتبك مع جنود إسرائيليين قبل أن يتم إبعاده.