المحكمة العليا تحكم بالإجماع ضد قانون من شأنه أن يفيد حليف درعي في انتخابات السلطات المحلية
القضاة يقولون إن التغييرات التي تم ادخالها على فترة الانتظار المفروضة على رئيس سلطة محلية بالوكالة يجب أن تدخل حيز التنفيذ بعد انتخابات السلطات المحلية المقبلة، ويشيرون إلى أن التشريع يبدو "مفصلا" لمصلحة بوعز يوسف
في قرار بالاجماع اتخذه تسعة قضاة، قضت المحكمة العليا ليل الأحد بأن قانونا مرره الإئتلاف الحاكم في وقت سابق من هذا الشهر يجب أن يدخل حيز التنفيذ فقط بعد انتخابات السلطات المحلية المقبلة.
يمنع الحكم رئيس بلدية طبريا بالوكالة، بوعز يوسف، حليف زعيم حزب “شاس” أرييه درعي، الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه تم تمرير التشريع من أجله، من مواصلة ترشحه لمنصب.
القانون – الذي تم تمريره في 5 يوليو وتجميده من قبل المحكمة في 30 يوليو – يلغي فترة الانتظار التي تمتد لولاية واحدة قبل أن يُسمح لرؤساء السلطات المحلية بالوكالة الراغبين بالترشح لمنصب رئيس السلطة المحلية المنتخب بترشيح أنفسهم، ويفرض عليهم فترة انتظار لمدة 90 يوما فقط.
من المرجح أن يؤدي حكم يوم الأحد إلى تفاقم التوترات بين السلطة القضائية والحكومة، والتي كانت متوترة أصلا إلى أقصى الحدود بسبب الأجندة التشريعية للائتلاف لتقييد المراجعة القضائية والرقابة القانونية على أنشطته ومشاريع القوانين، والسيطرة على تعيين القضاة.
وأعرب القضاة عن شكوكهم الشديدة في موقف الحكومة خلال الجلسة التي استمرت خمس ساعات يوم الأحد، مشيرين إلى الطبيعة الشخصية الظاهرة للقانون، مما دفع قاضي المحكمة العليا نعوم سولبيرغ إلى التوصية في نهاية الجلسة بأن يمتنع يوسف عن الترشح للانتخابات المقبلة في أكتوبر.
ألمح سولبيرغ بشدة إلى أن هيئة القضاة التسعة تفضل وضعا لن يدخل فيه القانون حيز التنفيذ إلا بعد الانتخابات البلدية المقبلة في أكتوبر، لكنها كانت تبحث عن طريقة لتجنب إصدار حكم نهائي بشأن التشريع.
لكن يوسف رفض التوصية على الفور، مما دفع جميع القضاة التسعة إلى اتخاذ قرار بالإجماع بعد وقت قصير بأنه يجب تفسير القانون على أنه سيصبح ساري المفعول فقط بعد الانتخابات.
لم يصدر السبب وراء الحكم بسبب ضيق الوقت، وسيتم نشره بشكل منفصل في تاريخ لاحق.
ويبدو أن ما يسمى بـ”قانون طبريا” مصمم خصيصا لتمكين يوسف من الترشح لمنصب رئيس البلدية، كما تم التأكيد عليه في تصريحات المقدم الرئيسي لمشروع القانون، عضو الكنيست من “الليكود” عميت هليفي ، وتصريحات أعضاء كنيست آخرين في الائتلاف خلال الإجراءات التشريعية في اللجنة البرلمانية.
وقال سولبرغ في نهاية الجلسة إن “الرأي المنبثق عن المحكمة هو أن تنفيذ القانون يحتاج إلى تأجيل”.
هدف اقتراح المحكمة على ما يبدو إلى تجنب إصدار حكم مباشر ضد تشريع الكنيست، والذي يُنظر إليه على أنه ملاذ أخير، لكن رفض يوسف كان يعني أن على القضاة إصدار قرار.
وأضافت المحكمة أنها تمتنع عن الحكم في الجوانب الدستورية للقضية.
جادل محامو المنظمات والأفراد الذين قدموا التماسات ضد القانون خلال الجلسة أنه ينبغي على المحكمة العليا إلغاء القانون لأنه تم تصميمه بشكل ضيق لمساعدة فرد معين.
وجادلوا بأن ذلك منح يوسف، رئيس البلدية الحالي بالوكالة، أفضلية غير عادلة في الانتخابات المقبلة على المرشحين الآخرين، وبالتالي أضر بحقهم الدستوري في أن يتم انتخابهم.
أعرب قضاة المحكمة العليا عن قلقهم طوال الجلسة بشأن الطبيعة الشخصية للقانون، لكنهم رفضوا نسبيا الحجج الدستورية ضد التشريع.
وأعربت رئيسة المحكمة العليا إستر حايوت عن تشككها في شرعية التشريع، قائلة إنه “من الواضح أنه مشروع قانون شخصي”.
ولقد أفادت تقارير كثيرة أن يوسف مقرب من الشخصية الرفيعة في الإئتلاف الحاكم ورئيس حزب “شاس” أرييه درعي. وكان درعي، الذي شغل في السابق منصب وزير الداخلية، قد عين يوسف في منصب رئيس البلدية بالوكالة في عام 2020 بعد عزل رئيس البلدية المنتخب من منصبه بسبب فشله في تمرير ميزانية البلدية.
ونفى محامي يوسف، إيلان بومباخ، أن يكون الرجلان مقربين، واصفا الادعاءات بأنها “أكاذيب تامة” وأكد على أنهما ليسا بصديقين أو زميلين في الحزب أو أن تكون تربطهما أي علاقة أخرى.
تم إدخال شرط فترة الانتظار في عام 2008 لمنع المسؤولين غير المنتخبين من التمتع بمزايا شاغل الوظيفة.
وقالت حايوت إن “القانون شخصي لأنه مصمم خصيصا ليناسب المرشح من طبريا، وهناك أعضاء كنيست قالوا ذلك بصوت عال. لقد ظن المستشار القانوني للكنيست أنه بسبب الصعوبات الكبيرة للغاية في تغيير قواعد اللعبة وإضفاء الطابع الشخصي، فمن المنطقي أن يدخل القانون حيز التنفيذ فقط في الانتخابات القادمة”.
وأضافت أن “أعضاء الكنيست قرروا خلاف ذلك وقالوا صراحة إن [القانون] مطلوب الآن بسبب طبريا”.
كانت حايوت تشير إلى المحادثات التي أجراها أعضاء لجنة الشؤون الداخلية والبيئة في الكنيست حول إمكانية إما تمديد ولاية يوسف كرئيس للبلدية بالوكالة أو تمرير قانون للسماح له بالترشح لمنصب رئيس البلدية، بسبب ما قالوا إنها إدارته النموذجية لمدينة طبريا والتي واجهت أزمات متعددة في السنوات الأخيرة.
في رأي قانوني قُدم للمحكمة يوم الأربعاء، قالت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف-ميارا إن الإجراء يوفر أفضلية غير منصفة للمرشحين الذي يشغلون مناصب تصريف أعمال ولا ينبغي أن يتم تطبيقه في انتخابات السلطات المحلية القادمة.
في جلسة يوم الأحد، انتقدت القاضية عنات بارون هي أيضا القانون وقالت إنه “مصمم بحسب الطلب من حيث توقيته، لأن هناك شخصا واحدا فقط يملأ هذه الخانة في هذه اللحظة”، في حين قال القاضي أليكس شتاين: “مشكلتي مع القانون، بالنظر إلى تاريخ تطبيقه، هي أنه شخصي”.
ورأى القاضي عوزي فوغلمان أن “الحكومة المركزية منحت شخصا ما أفضلية مباشرة في العملية الانتخابية”.
وقال يتسحاق بورت، المحامي الذي يمثل الكنيست، إنه لا يوجد سبب لإلغاء القانون لأنه ببساطة يعيد الوضع القانوني إلى ما كان عليه في عام 2008.
وقال بورت إن “موقف المستشارة القضائية للحكومة بأن القانون غير دستوري إشكالي للغاية. يوازن القانون بين قيمتين – حق [المسؤولين المؤقتين] في أن يتم انتخابهم، وحق السكان في اختيارهم”.
وردت حايوت بالقول إنه قبل عام 2008 لم يكن هناك إطار قانوني فيما يتعلق بهذه المسألة.
وقال المحامي تومر ناؤور، الذي مثل الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل، وهي احدى الملتمسين، إن القانون يحمل “رائحة كريهة من الفساد العام وخرق لكل الأعراف العامة”.
وانتقد الكنيست لإقرارها “قانونا شخصيا” بدلا من التعامل مع قضايا مهمة، مثل غلاء المعيشة وأمن البلاد.
وتم تقديم التماس ضد القانون من قبل منافسة يوسف في السباق على رئاسة بلدية طبريا، شاني إيلوز، وكذلك من قبل عدة منظمات أخرى.
من المقرر إجراء الانتخابات للسلطات المحلية في 31 أكتوبر.
سبق أن اتُهم الإئتلاف بالدفع بتشريعات المصممة لفائدة أفراد معينين، بما بمن فيهم درعي.
كان درعي قد أُجبر على ترك منصبه كوزير للصحة وكوزير للداخلية في شهر يناير بعد أن قضت المحكمة العليا بأن تعيينه كان “غير معقول إلى أقصى حد” بالنظر إلى إدانته في السابق بتهمة إساءة استخدام المال العام.
ولقد مرر الإئتلاف الحاكم قانونا يوم الإثنين يجرد القضاة من قدرتهم على استخدام ما يُسمى باختبار المعقولية لإلغاء قرارات وتعيينات حكومية. القانون هو الجزء الاول من الحزمة التشريعية المثيرة للانقسام التي تدفع بها الحكومة لإصلاح الجهاز القضائي.