المتحدث باسم الجيش يتعرض لانتقادات حادة لانتقاده مشروع قانون من شأنه حماية مسربي المعلومات الاستخباراتية
رئيس الأركان يوبخ هاغاري، ووزير الدفاع يقول إنه سيواجه إجراءات تأديبية، وبعض المشرعين يطالبون بفصله بسبب تحذيره من أن التشريع يعرض الأمن القومي للخطر
أثار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري انتقادات شديدة يوم الأربعاء لانتقاده قانونًا تقدمت به الحكومة من شأنه أن يحمي أعضاء المؤسسة الدفاعية من الملاحقة القضائية إذا قدموا معلومات استخباراتية سرية إلى رئيس الوزراء أو وزير الدفاع دون إذن.
وقال هاغاري خلال مؤتمر صحفي إن مشروع القانون سيكون “خطيرًا جدًا على الجيش الإسرائيلي والأمن القومي” في حال أصبح إقراره قانونُا.
وأثارت تصريحات هاغاري انتقادات شديدة من مسؤولين في الحكومة والجيش الإسرائيلي على حد سواء، نظراً لحظر المسؤولين العسكريين من التدخل في السياسة. وقد تعرض المتحدث، الذي أصبح من الشخصيات البارزة على الشاشات الإسرائيلية منذ اندلاع الحروب في غزة ولبنان، لانتقادات شديدة من جانب رئيس الأركان، في حين طالب عدد من الوزراء بفصله بسبب هذه التعليقات.
وتراجع هاغاري لاحقا عن تعليقاته، معترفًا بأنه لم يكن ينبغي له الإدلاء بها.
وقد مر مشروع القانون بقراءة تمهيدية يوم الأربعاء بأغلبية 59 صوتا مقابل 52 صوتا، مما يعني أنه سيتقدم إلى لجنة ستعده للتصويت الأول من بين ثلاث التصويتات الضرورية لكي يصبح قانونا. وقد تم طرح المشروع ردا على اتهام شخصين، أحدهما مساعد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والآخر جندي احتياطي في الجيش، بتسريب معلومات استخباراتية سرية لوسائل الإعلام الأجنبية.
وفي أعقاب اعتقال الرجلين، زعم نتنياهو أن وثائق سرية حيوية لم تصل إليه، ولهذا السبب تجاوز المشتبه بهما القنوات المناسبة وأرسلوا الوثائق من الجيش إلى مكتب رئيس الوزراء. (لم يتطرق نتنياهو إلى سبب قيام مساعده، إيلي فيلدشتاين، بتسريبها إلى وسائل الإعلام في انتهاك للرقابة العسكرية، ولماذا لم يعرضها عليه، حسبما قال نتنياهو نفسه). ورفضت مؤسسة الدفاع هذا الادعاء.
وفي حين أبدى الجيش معارضته لمشروع القانون، فإن تعليقات هاغاري كانت بمثابة توبيخ حاد بشكل استثنائي للقيادة السياسية من قبل مسؤول عسكري.
وأكد هاغاري أن “الجيش لا يخفي معلومات عن المستوى السياسي، وهو يعمل وفقا للمستوى السياسي من أجل الدفاع عن إسرائيل”.
وقال في إشارة إلى المعلومات السرية المسربة إن “الوثيقة المذكورة كانت متاحة للسلطات المختصة في مكتب رئيس الوزراء. لقد سُرقت هذه الوثيقة من الجيش الإسرائيلي وأُعطيت لصحيفة في ألمانيا بطريقة تجاوزت الرقابة [العسكرية]. وقد تم الكشف عن [المعلومات] للعدو والإضرار بأمن إسرائيل”.
وقال هاغااري بعد ذلك “هذا القانون خطير للغاية لأنه سيخلق حالة حيث يمكن لأي مسؤول صغير في الجيش، بناءً على حكمه الشخصي، سرقة وثائق أو مواد استخباراتية من الجيش الإسرائيلي”. وزعم أن هذا من شأنه أن يعرض حياة الجنود للخطر.
وردًا على ذلك، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس إنه سيتخذ “إجراءات تأديبية” ضد هاغاري بسبب تعليقاته “في أقرب وقت ممكن”.
وقال كاتس إن “الانتقادات التي وجهها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للمستوى السياسي وللعملية التشريعية في الكنيست هي حادثة خطيرة وانحراف كامل عن صلاحياته وما هو مشروع ومتوقع من عسكري في نظام ديمقراطي”.
وقال الجيش إن رئيس الأركان هرتسي هاليفي وجه أيضا توبيخا لهاغاري، وأضاف أنه “تجاوز نطاق سلطته” بانتقاده القانون.
وقال الجيش الإسرائيلي إن “الجيش لا ينتقد السلطة التشريعية، بل يعرض موقفه على المستوى السياسي من خلال الآليات المتبعة”.
وقال نتنياهو في بيان مقتضب إنه سعيد بقيام هاليفي بتأديب هاغاري.
وقال “من الجيد أن يتم ضبط المتحدث باسم الجيش لضمان عدم سماع مثل هذا التصريح مرة أخرى”، وأضاف “في بلد ديمقراطي، لا يُفترض أن يتدخل الجيش في الشؤون السياسية وبالتأكيد لا ينتقد التشريعات”.
وبدا أن آخرين، بمن فيهم وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي يشغل أيضا منصب وزير في وزارة الدفاع، دعوا إلى إقالة هاغاري من منصبه.
وكتب على موقع إكس “إسرائيل هي دولة لها جيش وليس جيش له دولة”.
وأضاف “من الصعب التخلص من الشعور في الآونة الأخيرة بأن هناك أشخاصاً في القيادة العليا للجيش لا يفهمون هذه المبادئ الديمقراطية الأساسية. وأولئك الذين لا يفهمون هذا لا يمكنهم البقاء في مناصبهم”.
وفي تصريح لاحق، اعترف هاغاري بأن تعليقاته “تجاوزت صلاحياتي كمتحدث باسم الجيش”.
وكتب على موقع إكس إن “دولة إسرائيل دولة ديمقراطية، والجيش الإسرائيلي يتبع المستوى السياسي. في مئات التصريحات [التي أدليت بها] والأسئلة التي أجبت عليها منذ السابع من أكتوبر، حافظت على اللياقة”.
وحاول رئيس حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس، وهو نفسه رئيس أركان سابق، اختتام القضية من خلال بيان دعم لهاغاري، والذي قال إنه “أخطأ واعتذر”.
وقال غانتس “لقد تحدث الأدميرال هاغاري باسم الجيش الإسرائيلي في زمن الحرب لأكثر من عام، ويتحدث إلى جميع مواطني إسرائيل بطريقة مخلصة ومهنية، حتى في أصعب اللحظات”.
وأضاف “لقد أخطأ الليلة واعتذر، لكن نزاهته ليست موضع شك”، وتابع “الطريقة التي عبر بها عن نفسه هي مسألة بينه وبين رئيس الأركان”.