المبعوث الأميركي يقول إن وقف إطلاق النار في لبنان “في متناول اليد”؛ مقتل جندي في غارة بمسيّرة
رئيس البرلمان اللبناني يقول إنه لا تزال هناك حاجة للعمل على بعض التفاصيل بعد اجتماعه مع عاموس هوكستين الذي قد يتوجه إلى إسرائيل يوم الأربعاء؛ فرقة من الجيش الإسرائيلي توسع نطاق توغلها في جنوب لبنان
قال وسيط أميركي كبير يوم الثلاثاء إن اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة حزب الله في لبنان “في متناول أيدينا” حيث وصل إلى المنطقة في محاولة لإبرام اتفاق طال انتظاره لوقف للحرب.
وجاءت رحلة المبعوث الخاص عاموس هوكستين إلى لبنان الثلاثاء في الوقت الذي لم يظهر فيه القتال أي علامات على التراجع، حيت تم إطلاق عشرات الصواريخ على شمال إسرائيل، بينما قُتل جندي احتياط جراء هجوم بمسيّرة أطلقها حزب الله في جنوب لبنان وقُتل قيادي بارز في حزب الله في غارة جوية.
وقال هوكستين إنه أجرى “محادثات بناءة للغاية” مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وهو حليف لحزب الله ويتوسط في المحادثات نيابة عن الجماعة.
وقال المبعوث للصحفيين بعد الاجتماع الذي استمر لساعتين “لقد واصلنا اليوم على وجه التحديد تضييق الفجوات بشكل كبير”.
كما قال هوكستين في مؤتمر صحفي عُقد بعد الاجتماع “لقدت عدت [إلى لبنان] لأن لدينا فرصة حقيقية لإنهاء هذا الصراع”، مضيفا أن الفجوات بين الجانبين “تقلصت بشكل كبير” في المحادثات يوم الثلاثاء.
وأضاف “إن القرار النهائي في هذا الصراع يعود للأطراف… لقد أصبح الأمر في متناول أيدينا الآن”.
كما التقى هوكستين مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون.
وقال بري إن “الوضع جيد من حيث المبدأ”، رغم أن بعض التفاصيل التقنية لا تزال عالقة. وقال لصحيفة “الشرق الأوسط” إن الجانب اللبناني ينتظر الآن سماع نتائج محادثات هوكستين مع المسؤولين الإسرائيليين.
وأضاف بري “نحن ننتظر ما سيحمله من هناك”.
وقال رئيس مجلس النواب اللبناني إن هوكستين أبلغه أن الولايات المتحدة نسقت بالفعل مع الإسرائيليين بشأن الاقتراح.
وقال مسؤول إسرائيلي لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن هوكستين من المرجح أن يسافر إلى إسرائيل يوم الأربعاء، رغم أن الزيارة غير مؤكدة.
وتتضمن المقترحات المطروحة على الطاولة انسحاب جماعة حزب الله المدعومة من إيران والقوات البرية الإسرائيلية من جنوب لبنان، حيث سيتم تعزيز المنطقة العازلة بالآف من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والقوات اللبنانية.
ودعت إسرائيل إلى آلية إنفاذ أقوى لمنع حزب الله من إعادة بناء قوته بالقرب من الحدود الإسرائيلية، حيث يمكن أن يهدد بلدات شمال إسرائيل بنيران الصواريخ المضادة للدبابات أو التسلل المسلح. وبحسب ما ورد تريد إسرائيل الاحتفاظ بالقدرة على إعادة الانتشار ضد أي تهديدات من حزب الله، وهو أمر من المرجح أن يعارضه لبنان.
يوم الاثنين، قال مسؤول لبناني كبير لوكالة “رويترز” إن لبنان وحزب الله وافقا على اقتراح أميركي لوقف إطلاق النار – على الرغم من أن كل منهما لديه بعض التحفظات – ووصف الجهد بأنه الأكثر جدية حتى الآن لإنهاء القتال.
وقال علي حسن خليل مساعد رئيس مجلس النواب بري “لبنان سلم ملاحظاته على الورقة بأجواء إيجابية”، رافضا الخوض في مزيد من التفاصيل. وأضاف “كل الملاحظات التي قدمناها هي تأكيد على الالتزام الدقيق بالقرار 1701 بكل مندرجاته”.
يتطلب قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي أنهى حربا سابقة بين حزب الله وإسرائيل في عام 2006، ألا يكون لحزب الله أي وجود مسلح في المنطقة الواقعة بين الحدود اللبنانية الإسرائيلية ونهر الليطاني، الذي يمتد على بعد حوالي 30 كيلومترا شمال الحدود – وهي البنود التي انتهكتها الجماعة منذ البداية.
ويحظر القرار أيضا على إسرائيل دخول المجال الجوي اللبناني، الذي تقول بيروت إن إسرائيل انتهكته مرارا وتكرارا على مر السنين. وبحسب تقارير طالبت إسرائيل الشهر الماضي بحرية تنفيذ العمليات لسلاح الجو الإسرائيلي في المجال الجوي اللبناني كجزء من قدرتها على نزع سلاح حزب الله، في حين قد يسعى لبنان إلى تعزيز فرض قيود المجال الجوي.
وفقا لقناة “العربية” السعودية، تخلى لبنان عن بعض المطالب المتعلقة بـ “سيادة الدولة” التي كانت تشكل نقاط خلاف لصالح الدفع بمطالبه بشأن قضية المجال الجوي.
وذكرت القناة 12 الإسرائيلية أن القدس تصر على أن يشمل الاتفاق بندا يسمح لقواتها بالعمل في حالة وجود تهديد من حزب الله، في حين لا يعتقد لبنان أن الاتفاق يحتاج إلى تضمين مثل هذه الصيغة.
كما فشلت الأطراف في الاتفاق على تشكيل قوة المنطقة العازلة المعززة، حيث تصر إسرائيل على مساهمة الدول الغربية بقوات، في حين يسعى لبنان للحصول على مساهمات من الدول العربية، حسبما ذكرت القناة 12.
ووفقا للقناة، فإن الحل المحتمل سيكون قوة مكونة من قوات من الولايات المتحدة وفرنسا والأمم المتحدة ودولة عربية سيتم تسميتها لاحقا، تحت إشراف جنرال من القيادة المركزية الأميركية.
في الإمارات العربية المتحدة، حث وزير الدفاع الفرنسي سيبستيان لوكورنو دول الخليج الغنية على ايجاد سبل لتعزيز الجيش اللبناني، بما في ذلك من خلال “الدعم العملياتي”، وقال إن ذلك سيكون حاسما في تأمين المناطق الحدودية بعد حرب إسرائيل مع حزب الله.
وقال لوكورنو لوكالة “فرانس برس”: “لتمكين أمن الحدود بين إسرائيل ولبنان، وتعزيز سيادة لبنان، يجب أن تكون القوات المسلحة مسلحة بشكل حقيقي”.
وتخوض القوات الإسرائيلية معارك بالقرب من الحدود في جنوب لبنان منذ الأول من أكتوبر، حيث نفذت غارات تهدف إلى تدمير البنية الأساسية لحزب الله، بما في ذلك المخابئ والأنفاق والصواريخ والأسلحة الصغيرة.
وقد أطلقت إسرائيل حملتها المكثفة ضد حزب الله في سبتمبر لوقف عام من الهجمات الصاروخية على شمال إسرائيل والتي أدت إلى نزوح نحو 60 ألف شخص يعيشون بالقرب من الحدود، بهدف السماح لهم بالعودة إلى منازلهم بأمان.
في وقت سابق الثلاثاء، قُتل جندي احتياط في القتال، حسبما أعلن الجيش الإسرائيلي، ليكون القتيل رقم 71 في صفوف القوات الإسرائيلية في لبنان وبالقرب من الحدود الشمالية لإسرائيل. وتقول إسرائيل إن 44 مدنيا قُتلوا أيضا.
قُتل الرقيب أول (احتياط) عومر موشيه غيلدور (30 عاما)، من وحدة اللوجستيات في لواء “غولاني”، على بعد حوالي كيلومترين من الحدود الإسرائيلية في جنوب لبنان، حيث كانت وحدته توفر الأمن للجنود الذين يقاتلون في عمق البلاد.
بحسب تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي، أصيب غيلدور وثلاثة جنود آخرين جراء انفجار مسيّرة مفخخة أطلقها حزب الله.
بالقرب من الطرف الشرقي للحدود، وسعت قوات من الفرقة 98 توغلها ليشمل مناطق جديدة من جنوب لبنان للعثور على بنى تحتية لحزب الله تهدد منطقة كريات شمونة وتدميرها، حسبما أعلن الجيش الثلاثاء.
قبل العملية، شن الجيش الإسرائيلي العديد من الغارات الجوية على المنطقة، التي استخدمها حزب الله لهجماته الصاروخية على منطقة أصبع الجليل وكريات شمونة، أكبر المدن الإسرائيلية على الحدود.
كما أكد الجيش أنه قتل علي توفيق دويك، قائد وحدة الصواريخ متوسطة المدى في حزب الله، في غارة جوية شنها قبل يوم على قرية جوز المجاورة لمدينة النبطية في جنوب لبنان.
وحدة الصواريخ متوسطة المدى مسؤولة عن الهجمات على حيفا ومناطق أخرى في عمق شمال إسرائيل، وكذلك وسط إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إن دويك كان مسؤولا عن أكثر من 300 صاروخ أطلقت على إسرائيل منذ توليه المنصب.
وكان من المتوقع أن يلقي زعيم حزب الله نعيم قاسم خطابا يوم الثلاثاء، لكن الجماعة أرجأت الخطاب بعد لحظات من الإعلان عنه. ولم يتم إعطاء أي سبب.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه منذ يوم الأحد، تم تنفيذ أكثر من 150 ضربة ضد أهداف لحزب الله في جميع أنحاء لبنان، بما في ذلك 25 مستودعا للأسلحة ونحو 30 منصة لإطلاق الصواريخ. وتم تنفيذ ما لا يقل عن 11 ضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقال لبنان إن ثلاثة من جنوده قُتلوا في غارة إسرائيلية على موقع للجيش في جنوب لبنان. وقالت وزارة الصحة في وقت سابق إن شخصين على الأقل قُتلا في الضربة بالقرب من بيروت، وقُتل 28 آخرون يوم الاثنين.
وقالت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) إن أربعة من عناصر قوات حفظ السلام الغانيين أصيبوا عندما أصاب صاروخ أطلقته “جهة غير حكومية” قاعدتهم.
بحسب الجيش الإسرائيلي فإن حزب الله أطلق يوم الثلاثاء صواريخ مرتين ألحقت أضرارا بمواقع اليونيفيل.
وأحصى ما لا يقل عن 70 صاروخا ومسيّرة أطلقت على وسط وشمال إسرائيل يوم الثلاثاء، حيث أسفرت عن إصابة خمسة أشخاص بجروح طفيفة وتسببت في أضرار في بعض المناطق.
أطلق حزب الله خلال الأسبوع الماضي نحو 400 صاروخ على إسرائيل. ومنذ يوم الخميس، قال الجيش الإسرائيلي إنه تم اعتراض 22 من أصل 27 مسيّرة أطلقها حزب الله من لبنان.
يوم الإثنين، قُتلت سيدة – صفاء قط (عواد) البالغة من العمر 41 عاما – وأصيب عشرات آخرون في هجمات صاروخية لحزب الله. من بين الضحايا سيدة تبلغ من العمر 41 عاما وطفل يبلغ من العمر 4 سنوات في حالة خطيرة، حسبما أعلن مستشفى “رمبام” في حيفا.
وبحسب لبنان، قُتل 3544 شخصا على يد إسرائيل منذ أن بدأ حزب الله إطلاق النار عبر الحدود في أكتوبر 2023. ولا تفرق الأرقام بين المدنيين والمقاتلين.
وتشير تقديرات الجيش الإسرائيلي إلى مقتل نحو 3000 من عناصر حزب الله في الصراع. كما قُتل نحو 100 عنصر من جماعات مسلحة أخرى، بالإضافة إلى مئات المدنيين في لبنان، بحسب تقارير.
وقالت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء إن أكثر من 200 طفل قُتلوا في لبنان في أقل من شهرين منذ تصعيد إسرائيل لهجماتها التي تستهدف حزب الله في سبتمبر.
وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، للصحفيين في جنيف: “على الرغم من مقتل أكثر من 200 طفل في لبنان في أقل من شهرين، فقد ظهر نمط مقلق: حيث يتم التعامل مع وفاتهم بجمود من جانب أولئك القادرين على وقف هذا العنف”.
وقال “خلال الشهرين الماضيين في لبنان، قُتل ما معدله ثلاثة أطفال كل يوم”.
ورفض إلدر التعليق على من كان مسؤولا عن عمليات القتل، وقال إن الأمر واضح لأي شخص يتابع وسائل الإعلام.
وأضاف “لقد أصبح الأمر بمثابة تطبيع صامت للرعب. في لبنان، كما حدث في غزة، يتحول ما هو غير مقبول بهدوء إلى أمر مقبول”.
منذ 8 أكتوبر 2023، تهاجم قوات حزب الله البلدات والقواعد العسكرية الإسرائيلية على طول الحدود بشكل شبه يومي، حيث قالت الجماعة إنها تفعل ذلك اسنادا لغزة وسط الحرب هناك، والتي بدأت عندما شنت حركة حماس هجومها عبر الحدود على جنوب إسرائيل في اليوم السابق.
ومنذ ذلك الحين، وسع حزب الله هجماته لاستهداف المدن في وسط وشمال إسرائيل بالصواريخ، بالإضافة إلى الهجمات على الحدود، على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي شهد في الأيام الأخيرة انخفاضا في عدد الهجمات.
ساهم جيانلوكا باكياني وطاقم تايمز أوف إسرائيل في هذا التقرير.