إسرائيل في حالة حرب - اليوم 476

بحث

المبعوث الأممي في دمشق بعد أسبوع على سقوط نظام الأسد

لدى وصوله، أعلن بدرسن تأييده رفع العقوبات المفروضة على هيئة تحرير الشام؛ ليس من الواضح ما إذا كان سيلتقي أبو محمد الجولاني قائد الجماعة

رجل سوري يركب دراجته النارية في قرية معلولا شمال العاصمة السورية دمشق في 15 ديسمبر 2024.  (Fadel ITANI / AFP)
رجل سوري يركب دراجته النارية في قرية معلولا شمال العاصمة السورية دمشق في 15 ديسمبر 2024. (Fadel ITANI / AFP)

ا ف ب – وصل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن الأحد إلى دمشق في أول زيارة لمسؤول كبير في الأمم المتحدة، بعد أسبوع على سقوط حكم بشار الأسد إثر قمع لا يرحم استمر لعقود.

ولدى وصوله، أعلن بدرسن تأييده رفع العقوبات المفروضة على هيئة تحرير الشام. وأكد أنّ العدالة “الموثوقة” ضرورية لتجنّب الأعمال “الانتقامية”، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن سوريا بحاجة إلى مساعدة “إنسانية فورية”.

وليس من الواضح ما إذا كان سيلتقي أبو محمد الجولاني قائد هيئة تحرير الشام التي قادت فصائل المعارضة المسلحة التي أسقطت حكم بشار الأسد.

وبعد هجوم خاطف استمر 11 يوما، تمكّنت الفصائل من دخول دمشق في الثامن من تشرين الأول/ديسمبر، وإنهاء حكم آل الأسد الذي استمر أكثر من نصف قرن والذي عُرف بالقمع الوحشي.

وطيلة الأيام التالية، طغت مشاهد الاحتفالات على مختلف المدن السورية وبين السوريين الموجودين في الخارج.

وتعرّضت تماثيل الأسد ووالده وأفراد عائلته للتدمير في مدن عدّة، بينما نُهب قصره ومقر إقامته في دمشق. وقال أحد السوريين “كان يعيش في رفاهية بينما كنّا نعاني”.

مقاتل من المعارضة يدوس على تمثال نصفي مكسور للرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في دمشق، سوريا، 8 ديسمبر 2024. (AP Photo/Hussein Malla)

وفي مقابل تداول صور معتقلين تعرضوا للتعذيب في السجون وشهادات عن الرعب والخوف في ظل حكم بشار الأسد، انتشرت تصريحات لسوريين متفائلين بسقوطه، عبّرت عن نشوة بـ”الحرية” و”التوقف عن الخوف” و”نهاية الكابوس”.

وفكّت هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني ارتباطها بتنظيم القاعدة في العام 2016، لكن دولا غربية عدة أبرزها الولايات المتحدة لا تزال تصنفها “منظمة إرهابية”.

وبينما أعربت الكثير من العواصم والمنظمات الدولية عن قلق بشأن كيفية تعامل الحكم الجديد مع الأقليات، تعمل السلطات المنبثقة عن الهيئة على وضع أركان حكمها للبلاد في محاولة لطمأنة المجتمع الدولي. وتعهّد رئيس الحكومة الانتقالية محمد البشير، الذي كان يدير “حكومة الإنقاذ” في إدلب (شمال غرب) معقل الهيئة، إقامة دولة قانون.

استعداد تركي لتقديم دعم عسكري

مع تلاشي الخوف، أعرب الكثير من السوريين عن شعور بالراحة، آملين في المضي قدما بعد ما عانوه من مآس في العقود الماضية.

في حلب في شمال البلاد، قال شرطي يبلغ من العمر 47 عاما “الأسد الأب والابن اضطهدانا ولكننا حرّرنا بلدنا من الظلم”.

من جانبها، قالت سوزان سليمان من طرطوس في الغرب “تم تفريقنا عن بعضنا على مدى أكثر من أربعين عاما، واليوم أتينا نحتفل في دمشق، لأنّ من فرّقنا رحل”.

سوريون يرددون الشعارات ويلوحون بالعلم السوري الجديد أثناء تجمعهم لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأموي في دمشق، سوريا، الجمعة، 13 ديسمبر 2024. (AP Photo/Leo Correa)

على المستوى الدبلوماسي، رحبّت الكثير من الدول بسقوط الأسد الذي كان قد نبذه جزء كبير من المجتمع الدولي بعد اندلاع الحرب في العام 2011.

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن السبت، أن بلاده أقامت “اتصالا مباشرا” مع هيئة تحرير الشام.

وأوضح أن الاتصال كان جزءا من الجهود المبذولة لتحديد مكان أوستن تايس، الصحافي الأميركي الذي خطِف في سوريا في العام 2012 بعد اندلاع الحرب.

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (على اليسار) يتحدث مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع مع وزراء خارجية مجموعة الاتصال العربية بشأن سوريا في مدينة العقبة الساحلية على البحر الأحمر جنوب الأردن، 14 ديسمبر، 2024. (Andrew Caballero-Reynolds/Pool via AP)

وفي تركيا، أعلن وزير الدفاع يشار غولر الأحد، أنّ أنقرة مستعدّة لتقديم دعم عسكري للحكومة السورية الجديدة إذا طلبت ذلك، مؤكدا أنّه يجب منحها الفرصة للعمل.

ومنذ العام 2016، تمارس تركيا نفوذا متناميا في شمال سوريا، حيث أقامت علاقات مع هيئة تحرير الشام.

والسبت، أعادت فتح سفارتها في سوريا التي كانت مغلقة منذ العام 2012.

وفيما تستضيف تركيا نحو ثلاثة ملايين سوري غادروا بلدهم جراء النزاع، أعلن وزير الداخلية علي يرلي كايا في منشور على منصة إكس الأحد، أنّ 7621 سوريا “عادوا بشكل طوعي من تركيا” بين 9 و13 كانون الأول/ديسمبر.

“أصيب بالجنون”

أطلقت الفصائل المسلحة سراح الآلاف من المعتقلين، مع تقدمها نحو دمشق، لكن يُقدر أنه ما زال هناك عشرات الآلاف من المفقودين الذين بدأت عائلاتهم البحث عنهم في السجون ومراكز الاحتجاز.

وبعد أيّام من سقوط بشار الأسد، عاد محمد درويش (34 عاما) إلى “فرع فلسطين” أحد فروع المخابرات العسكرية السورية في دمشق، حيث أوقف قيد التحقيق لأكثر من 120 يوما قبل سنوات، متحدثا عن “اليأس” الذي راوده خلف القضبان.

في الزنزانة رقم تسعة، تحدّث درويش عن البقعة الضيقة التي حجر فيها مع خمسين آخرين لإصابتهم بالسلّ. وتذكّر الشاب التركي الذي كان موقوفا معهم وأصيب بـ”الجنون” على حدّ قوله من كثرة الضرب.

امرأة تتفقد سجن صيدنايا العسكري سيئ السمعة، شمال العاصمة السورية دمشق، 9 ديسمبر 2024. (AP Photo/Hussein Malla)

محمد أرترك قضى أيضا جزءا من فترة اعتقاله التي استمرّت 21 في سوريا، في “فرع فلسطين”.

وقال الرجل التركي الذي يبلغ من العمر 53 عاما، “كانت عظامنا تظهر من شدة الضرب بالمطرقة على المعصمين”، مضيفا “لقد صبوا المياه المغلية في عنق معتقل آخر. وقد ذاب جلد عنقه ونزل إلى أسفل” مشيرا إلى وركيه.

تحديات كثيرة

بعد أسبوع من الاحتفال بسقوط الأسد، بدأ السوريون يستعيدون حياتهم الطبيعية في العاصمة دمشق. وانتشرت شرطة المرور التابعة للسلطات الجديدة السبت في شوارع العاصمة، فيما انكب عمال البلدية على تنظيف الطرق. وأعيد فتح معظم المتاجر، بما في ذلك سوق الحميدية الشهير في دمشق القديمة، حسب مراسلي وكالة فرانس برس.

وشدّد التاجر في سوق الحميدية أمجد صندوق، على ضرورة إنعاش النشاط في السوق، قائلا إن “النظام سقط لكن الدولة لم تسقط”.

والأحد، عاد عشرات من التلاميذ في العاصمة إلى المدارس للمرة الأولى منذ سقوط حكم الأسد.

وقال موظف في المدرسة الوطنية إن نسبة الحضور “لم تتجاوز ثلاثين في المئة” مشددا على أن ذلك “أمر طبيعي، ومن المتوقع أن تزداد الأعداد تدريجا”.

سوريون يحتفلون في ساحة الأمويين في دمشق في 8 ديسمبر 2024. (LOUAI BESHARA / AFP)

كذلك، فتحت الجامعات أبوابها وحضر بعض الموظفين الإداريين والأستاذة إلى مكاتبهم.

وتشهد سوريا اقتصادا منهارا كما تخضع لعقوبات دولية، بعدما عانت من ندوب نزاع مدمّر استمرّ أكثر من 13 عاما واندلع في أعقاب قمع احتجاجات سلمية في العام 2011.

وأسفر النزاع عن مقتل نحو 500 ألف شخص، ومغادرة ستة ملايين سوري من البلاد.

اقرأ المزيد عن