إسرائيل في حالة حرب - اليوم 588

بحث

طواقم الاطفاء تكافح النيران قرب القدس؛ الحريق قد يكون الأكبر في تاريخ إسرائيل

الجيش يساعد خدمات الإطفاء والشرطة في مكافحة حرائق الغابات بتلال القدس، مع إخلاء بلدات، وإغلاق طريق القدس–تل أبيب؛ عشرات المصابين باختناقات وحروق، لكن دون إصابات خطيرة

مع حلول الظلام مساء الأربعاء، حذر قائد منطقة القدس في خدمات الإطفاء والإنقاذ من الساعات الحرجة والطويلة القادمة، بينما يواصل عناصر الإطفاء مكافحة حرائق الغابات الخارجة عن السيطرة على مشارف القدس، دون مؤشرات على انحسارها.

واندلعت الحرائق في منطقة تلال القدس صباح الأربعاء، حيث أبلغت خدمات الإطفاء عن حرائق مشتعلة في خمسة مواقع على الأقل، وسرعان ما امتدت ألسنة اللهب نتيجة موجة حر خانقة ورياح قوية أعاقت جهود الإطفاء.

وبحلول المساء، قالت خدمة الإطفاء إن لديها 163 طاقما ميدانيا و12 طائرة إطفاء تعمل على احتواء النيران في عدة بؤر أساسية في المنطقة المحيطة بالقدس، من بينها مناطق متعددة في اللطرون ونفيه شالوم وغابة إشتيؤول. كما تم تسجيل حرائق في ميفو حورون، وطريق بورما باتجاه بيت مئير، ومسيلات تسيون، وقرب محطة وقود في شاعر حغاي.

وتعاملت وحدات إطفاء أخرى مع حرائق إضافية في أنحاء البلاد، وقد أُصيب العشرات، لكن لم يُبلّغ عن حالات خطيرة.

وبحسب تقدير صدر ليل الأربعاء عن “كيرن كايمت ليسرائيل – الصندوق القومي اليهودي”، فقد احترق نحو 11,700 دونم (2900 فدان)، وأضاف التقرير أن منتزه كندا قرب اللطرون “احترق بالكامل تقريبًا”.

وفي مؤتمر صحفي من بلدة إشتيؤول التي تم إخلائها مساء الأربعاء، قال شموليك فريدمان، قائد منطقة القدس في خدمة الإطفاء، إن الحريق في تلال القدس “قد يكون الأكبر على الإطلاق في هذه البلاد”، مؤكدًا أن الوضع لا يزال بعيدًا عن السيطرة.

وأوضح أن الحريق بدأ قرب مسيلات تسيون، في منطقة بيت شيمش، حوالي الساعة 9:30 صباحا، وسرعان ما اندفع غربًا بفعل الرياح القوية، قبل أن يغير اتجاهه شرقا.

وقال: “عملياتنا ستستمر لفترة طويلة جدًا. نحن بعيدون عن السيطرة” على النيران، محذرا من أن الأوضاع قد تزداد سوءا مع توقعات بارتفاع سرعة الرياح لتصل إلى 90-100 كيلومتر في الساعة.

أشخاص يراقبون حريقًا هائلًا قرب موشاف بيت مئير في تلال القدس، 30 أبريل 2025. (Chaim Goldberg/Flash90)

ولم تُعرف بعد أسباب اندلاع الحرائق، إذ قال فريدمان: “لا نعلم شيئا حتى الآن، ولسنا بصدد التحقيق في ذلك في الوقت الراهن”.

لكن يُشتبه أن بعض الحرائق اندلعت نتيجة أعمال متعمدة، وقد أعلن جهاز الشاباك أنه يشارك في التحقيقات في حرائق منطقة القدس، ويساعد الشرطة في تعقب مشتبهين بإشعال النيران.

وفي هذا الإطار، تم اعتقال رجل يبلغ من العمر 50 عاما من حي أم طوبا في القدس الشرقية، بشبهة محاولته إشعال حريق في جنوب القدس، بعد تلقي بلاغ عن شخص شوهد يحاول إشعال الأعشاب.

وقد حاول المشتبه به الهرب لدى اقتراب الشرطة، لكن أُلقي القبض عليه بعد مطاردة قصيرة. وأفادت الشرطة أنها عثرت بحوزته على ولاعة وقطن ومواد قابلة للاشتعال.

ومع استمرار امتداد ألسنة اللهب شرقا خلال النهار، أمرت الشرطة وخدمات الطوارئ بإخلاء بلدات نفيه إيلان، شورش، نطاف، ويَد هَشمونا، ليرتفع عدد البلدات التي تم إخلاؤها إلى 10، بينما أُبلغ سكان إشتيؤول ومشمار أيلون — الذين أُخلوا في وقت سابق — بأنه يمكنهم العودة إلى منازلهم.

حريق هائل قرب ميفو حورون، 30 أبريل 2025. (Yonatan Sindel/Flash90)

وقد أُغلق الطريق 1 (الرئيسي بين القدس وتل أبيب) والطريق 3 خلال النهار، واستمر الإغلاق حتى مساء الأربعاء.

في محاولة للسيطرة على النيران المنتشرة بسرعة، تم تركيز جهود الإطفاء حول منطقة شورش، وأُرسلت قوافل نحو محمية “همسريك” الطبيعية، وأفاد متحدث باسم الإطفاء أنهم يعملون على إخماد “جبهة نار نشطة ومتمددة”.

وبعيد إصدار أوامر الإخلاء الأخيرة، أعلنت القناة 12 — الأوسع مشاهدة في إسرائيل — عن إخلاء استوديوهاتها في نفيه إيلان للمرة الأولى في تاريخها، خلال البث المباشر.

ألسنة اللهب تلتهم الأشجار خلال حريق غابات قرب بيت شيمش وسط البلاد، 30 أبريل 2025. (Ahmad Gharabli/AF)

وأعلن مذيع الأخبار داني كوشمارو عن الإخلاء “غير المسبوق” للاستوديو مباشرة على الهواء، بعد دقائق من انطلاق نشرة المساء، وسلّم البث لزميله في الاستوديو البديل في هرتسليا.

بالإضافة إلى طواقم الإطفاء العاملة قرب القدس، قالت خدمة الإطفاء إن 24 وحدة إطفاء و4 فرق تطوع تعمل على إخماد عدة حرائق في شمال البلاد، بما في ذلك قرب العفولة ورمات تسفي.

وقد نجحت 5 وحدات إطفاء في احتواء حريق قرب قرية رمة الهيب في الجليل الأسفل.

كما تم إرسال 12 وحدة إضافية من شمال البلاد للمساعدة في حرائق منطقة القدس.

ومع اتساع نطاق الحرائق، أصدر رئيس أركان الجيش الفريق إيال زمير أوامر بتقديم دعم عسكري لجهود الإطفاء.

واستجاب سلاح الجو الإسرائيلي بنشر طواقم إطفاء برية من القواعد الجوية، كما نفذت وحدة 669 للبحث والإنقاذ عمليات تمشيط بواسطة مروحياتها، إلى جانب طائرة Beechcraft King Air للمراقبة الجوية.

كما أرسلت القوات الجوية طائرات C-130J “سوبر هيركوليس”، المعروفة عسكريًا باسم “شمشون”، للمشاركة في عمليات الإطفاء.

ويمكن لطائرة “سوبر هيركوليس” أن تحمل ما يصل إلى 18 ألف لتر من المواد المخصصة لإخماد الحرائق.

وقال الجيش مساء الأربعاء إن طائرتين من طراز “سوبر هيركوليس” أسقطتا أكثر من 25 حمولة من مواد مثبطة للحرائق فوق المناطق المشتعلة، وإن طائرة ثالثة من المقرر أن تنضم إلى الجهود خلال ساعات.

في غضون ذلك، نشرت قيادة الجبهة الداخلية 70 رجل إطفاء، وآليتي إطفاء، وآليتي هندسة ثقيلة لإزالة العوائق، وثلاث شاحنات مياه، بالإضافة إلى عدة فرق من متدربي البحث والإنقاذ.

كما وفّرت مديرية التكنولوجيا واللوجستيات عددًا من سيارات الإطفاء وحاويات مياه تحتوي على أكثر من 100 ألف لتر مياه.

لكن الظروف الجوية الصعبة والقيود المفروضة على الطائرات في ساعات الليل تعني أن هذه الجهود الجوية لن تبدأ فعليًا حتى صباح الخميس.

وبالتوازي مع جهود الإطفاء المحلية، قالت وزارة الخارجية إنها طلبت المساعدة من اليونان وقبرص وكرواتيا وإيطاليا وبلغاريا.

كما أجرى وزير الخارجية جدعون ساعر محادثات مع وزراء خارجية بريطانيا، فرنسا، التشيك، السويد، الأرجنتين، إسبانيا، مقدونيا الشمالية وأذربيجان، وفقًا لمكتبه، إلى جانب دول أخرى.

واستجابةً للطلب، قالت إسرائيل إن إيطاليا وكرواتيا أرسلتا ثلاث طائرات إطفاء من طراز “سوبر سكوبير”، وأعلنت رومانيا عن نيتها إرسال طائرتين — واحدة للإطفاء وأخرى للدعم اللوجستي — بينما قالت إسبانيا إنها سترسل طائرتين، وفرنسا طائرة إطفاء واحدة، ووافقت قبرص على إرسال مروحية، في حين أعربت دول أخرى مثل أوكرانيا والإكوادور عن “استعدادها لتقديم المساعدة”، بما في ذلك إرسال مروحيات.

كما عرضت السلطة الفلسطينية إرسال فرق إطفاء للمساعدة في إخماد الحرائق، لكن حتى مساء الأربعاء، لم تكن إسرائيل قد ردت على العرض.

ومع استمرار انتشار النيران، بدأت المستشفيات وخدمات الطوارئ الاستعداد لاحتمال استقبال عدد كبير من المصابين.

وقد بدأ مركز هداسا الطبي في عين كارم بعد ظهر الأربعاء بمطالبة المرضى غير الطارئين بمغادرة المستشفى استعدادًا لاستقبال مصابين جدد، وطلب من الجمهور عدم الحضور إلا في الحالات “الضرورية تماما”.

وقالت وزارة الصحة مساء الأربعاء إن هذه العملية مستمرة، وإنها تستعد لاحتمال إخلاء كامل للمستشفى باستثناء الحالات المعقدة، والتي سيتم نقلها إلى الطوابق العليا إذا اقتربت النيران.

وفي أماكن أخرى، تم إدخال ما لا يقل عن 18 شخصًا إلى مركزي كابلان وشمير الطبيين، معظمهم بسبب استنشاق الدخان والحروق.

أشخاص يتلقون العلاج على جانب الطريق خلال حريق غابات قرب بلدة بيت شيمش وسط البلاد، 30 أبريل 2025. (Ahmad Gharabli/AFP)

وكان بين المصابين امرأتان حامل ورضيعان — أحدهما يبلغ شهرًا، والآخر نحو ستة أشهر.

كما تلقى عشرة أشخاص آخرين العلاج على يد المسعفين في الميدان، دون الحاجة لنقلهم إلى المستشفى.

وقال الدكتور غال باخيس، مدير قسم الطوارئ في مركز شمير الطبي، لموقع “واينت” إن أيا من المصابين لم يكن في حالة خطيرة، ولا يُتوقع أن يمكثوا في المستشفى لفترة طويلة.

وأوضح أن معظم المصابين جاؤوا من منطقة اللطرون، والتي أُخليت في وقت سابق قبل مراسم يوم الذكرى.

وأضاف: “أحد المرضى الذين وصلوا إلينا قال إنه تمكن من الهرب من سيارته في اللحظة الأخيرة. الهواء هناك كان شديد السخونة، وتمكن من الخروج قبل أن تشتعل السيارة بالكامل”.

بالإضافة إلى ذلك، أفادت خدمة الإطفاء والإنقاذ بأن 12 من عناصر إطفاء أصيبوا بجروح طفيفة أثناء مكافحة النيران في محيط القدس.

ساهمت ديانا بليتر، نافا فرايبرغ، ونوريت يوحنان في إعداد هذا التقرير

اقرأ المزيد عن