المئات يتجمعون في القدس لرفع صوت التضامن اليهودي العربي
يجمع اللقاء الذي نظمته مجموعة "الوقوف معًا" للتعايش السكان لمناقشة العلاقات بين المجتمعات في ظل الصراع المستمر، وكيفية استعادة الأمل
تجمع حوالي 400 شخص ليلة الإثنين في حي أبو طور بالقدس من أجل التضامن والتعايش اليهودي العربي وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وتم تنظيم الاجتماع من قبل “الوقوف معا”، وهي حركة شعبية تهدف إلى “تعبئة المواطنين اليهود والفلسطينيين في إسرائيل سعيا لتحقيق السلام والمساواة”. وهذا الاجتماع هو الخامس في سلسلة من اللقاءات في أنحاء إسرائيل لرفع صوت مشترك “لإنهاء الموت والعنف”، على حد تعبير المدير الشريك للمجموعة ألون لي غرين.
وكان من المقرر في البداية أن يتم عقد الحدث في كنيس إصلاحي في المدينة، ولكن كان لا بد من نقله إلى موقع مختلف بعد معارضة بلدية القدس، التي تمتلك مبنى الكنيس. وأكدت البلدية أن الحدث لم يقام في المكان المحدد بسبب طبيعته السياسية.
ويوم الأحد، قبل يوم واحد من الحدث، توجه المنظمون إلى FeelBeit، وهو مركز ثقافي ومقهى تتم إدارته بشكل مشترك من قبل مجموعة متنوعة من المقدسيين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي يستضيف عادة فعاليات فنية وموسيقية، وحتى تلقى زيارة مفاجئة من قبل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في وقت سابق من هذا العام. ولأنه غير مهيأ لاستضافة مثل هذه الحشود الكبيرة، اضطر المركز، الذي يمكن لفظ اسمه “في البيت” بالعربية، إلى فتح غرفة إضافية بجوار قاعة المؤتمرات الرئيسية.
وبدأت الأمسية بكلمات ألقاها ناشطان، إسرائيلي وفلسطيني.
وقالت شير نحامكين أمام الجمهور الذي كان في غالبيته من اليهود: “لم نرغب في أن نكون هنا الليلة، ولكن هذا الاجتماع فُرض علينا بسبب أهوال حماس – والعناصر المتطرفة في المجتمع الإسرائيلي”.
This is happening is Jerusalem right now! Hundreds of Jewish and Arab-Palestinian citizens of Israel came together to a solidarity rally to say that only Israeli-Palestinian peace will end the death and violence. Only ending the occupation will bring life. Only partnership wins. pic.twitter.com/gK0WmYNnMX
— Alon-Lee Green – ألون-لي جرين – אלון-לי גרין ???? (@AlonLeeGreen) November 13, 2023
“هناك أشخاص يحرضون على العنف ضد الفلسطينيين في إسرائيل لتعزيز الفجوة بيننا وبينهم، وتأجيج نيران الشك والكراهية. لا يمكننا أن نسمح بذلك. هؤلاء هم نفس الأشخاص الذين يواصلون وعدنا برؤية مسيانية للاحتلال والتفوق اليهودي، وبالتالي يسلبون أمننا”.
وأشارت المتحدثة الثانية آية الخطيب، التي تحدثت باللغتين العبرية والعربية، إلى الجهود التي تبذلها المنظمة لجمع التبرعات للعائلات المتضررة من النزاع في جنوب إسرائيل في كل من البلدات اليهودية والبدوية، لزيارة الجرحى في المستشفيات، ومرافقة الطلاب العرب والعمال الخائفين من الاعتداءات المحتملة في الشوارع من قبل المتطرفين اليمينيين أثناء ذهابهم إلى أماكن دراستهم أو عملهم.
وأعقب الكلمات الافتتاحية مداخلة من رولا داود، المديرة الشريكة الفلسطينية للمنظمة على المستوى الوطني، والتي أكدت على أهمية التكاتف المجتمعي والدعم المتبادل في الظروف الحالية.
وقالت داود: “حتى لو تم اعتقالي في يوم من الأيام، أو تم إسكات صوتي، فأنا أعلم أنني جزء من مجموعة، وسيدافع عني شخص ما”، مشيرة إلى اعتقال العديد من العرب الإسرائيليين منذ بداية الحرب بسبب منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.
“نحن بحاجة إلى قادة يمكنهم اتخاذ خطوات شجاعة، والسماح للعرب واليهود بالعيش هنا بسلام وأمن ومساواة. يعيش على هذه الأرض شعبان، ولن يغادر أي منهما”.
ودعا موسي راز، عضو الكنيست السابق عن حزب “ميريتس” اليساري، في كلمته إلى إلغاء قانون الدولة القومية، مؤكدا أنه يميز ضد المواطنين العرب في إسرائيل، وأشار إلى أن العديد من العرب والبدو كانوا من بين القتلى والمختطفين في 7 أكتوبر، عندما قام 3000 من مسلحي حماس وفصائل أخرى بقتل 1200 شخص في جنوب إسرائيل واحتجاز أكثر من 240 رهينة.
وبعد الخطابات، توزع المشاركون إلى مجموعات لمناقشة طرق تعزيز الشراكة العربية اليهودية وإعطاء الناس الأمل، مع تسليط الضوء على الحاجة إلى المجتمع وسط التدفق المستمر للأخبار السيئة، والراحة المستمدة من لقاء أشخاص لديهم قيم مماثلة.
وقال المخرج السينمائي عومر شفارتس (39 عاما) إنه حضر الاجتماع من أجل “الخروج من المنزل، والاستماع إلى أفكار جديدة، والمساهمة في الشق المعتدل من مجتمعنا”، إضافة إلى “إيجاد شعور بالأمان، واخماد الخوف واستعادة الثقة في الإنسانية”.
وقالت ليات أدفا (29 عاما)، وهي مواطنة من نيوجيرسي تعيش في إسرائيل منذ عام 2017، إنها وزوجها رؤوفين شاركا في مجموعات تعايش لليهود والعرب لسنوات. “تلك هي قيمنا. نحن نحاول فقط أن نعيش وفق تلك القيم وأن نستمر في الشعور بأن لدينا مجتمعًا، ونحافظ على صحتنا النفسية خلال هذه الأوقات”.
وتابعت، تعليقا على تطور العلاقات بين المجتمعين بعد 7 أكتوبر: “من الساذج أن نقول أنه لا يوجد توتر في العلاقات، لأنني أعلم أننا نقرأ أخبارا مختلفة، ونرى أشياء مختلفة ونأتي من أماكن مختلفة. لكنني أعتقد أننا بحاجة إلى التركيز على الأشياء التي تجمعنا، والتمسك بالتزامنا تجاه الإنسانية ورؤية الآخر”.
الخطيب، إحدى المتحدثات والمنظمات للحدث، أيضا علقت على أهمية الحفاظ على الروابط بين المجتمعين: “بعد اندلاع الحرب، بدأ اليهود والعرب معركة جديدة لتحديد من المسؤول عن الصراع. لذلك، من المهم أن نبقى متحدين وأن نعزز الجانب الإنساني فينا”.
وتعليقا على عدد المشاركين الفلسطينيين المنخفض في القدس، خاصة مقارنة بفعاليات التعايش المماثلة التي نظمتها المنظمة في مدن أخرى في إسرائيل خلال الأسابيع الماضية، قالت الخطيب: “كعربية، أستطيع أن أفهم خوف شعبي من حضور فعاليات كهذه. إنهم يتعرضون للاضطهاد بسبب حزنهم على الضحايا في غزة. لم يرغب والداي أيضا في أن أحضر الليلة، لأنهما يخشيان أن أتعرض للمضايقة والمطاردة. الأمر ليس سهلا، ولكن أعتقد أنه لن يكون سهلا أبدا. على أية حال، الاستسلام ليس هو الحل”.
وأضافت: “أشعر بخيبة أمل لأن حكومتنا تخرس أصواتنا، بدلا من الاستماع إلينا. كل ما نطلبه هو السلام والأمان. عندما ألغت البلدية الحدث، أعتقد أن ذلك زاد من خوف العرب”.
وقال زهدي نجيب، أحد المديرين الفلسطينيين للمركز الثقافي الذي استضاف الحدث: “نحن ندرك مدى أهمية اجتماع الناس الآن. نحن على يقين تقريبا أنه لا يوجد مكان مثل FeelBeit يمكنه استضافة مثل هذه الاجتماعات المشتركة في القدس في هذا الوقت”.
وقال أوري كابلان (32 عاما)، وهو مدرس وناشط يساري مخضرم، إن تحسين العلاقات بين اليهود والعرب في إسرائيل ضروري لتحقيق واقع أفضل في البلاد. “أتحدث كثيرا عن السياسة مع أصدقائي العرب واليهود، إلى حد الإرهاق، لكن هذا أمر لا مفر منه. حتى أنني حاولت تنظيم تجمع في منزلي الأسبوع الماضي، لكن الناس من القدس الشرقية ألغوا حضورهم لأنهم كانوا خائفين من مغادرة المنزل”.
وأضاف كابلان أنه “من المستبعد أن يشارك أصدقائي اليمينيون في اجتماع مثل هذا”، مشيرا إلى أن تجمعات السلام في إسرائيل غالبا ما تميل إلى جذب نفس الحشد من اليساريين. “إذا أردنا أن يكون لنا تأثير أكبر، علينا أن نفكر في كيفية جذب جمهور أوسع – في نهاية المطاف، إنها مشكلة تسويقية.
“أعلم أنه من المبتذل أن نقول إنه لا يمكننا أن نفقد الأمل، ولكن على الأقل من خلال مجيئنا إلى هنا يمكننا التوهم بأننا نفعل شيئا ما. نشعر أننا لسنا وحدنا”، قال كابلان.