الليكود يعلن “انتصارا كبيرا”، لكنه يبقى بلا نفوذ في المدن الأربع الكبرى
معدلات التصويت المرتفعة بيم الحريديم والعرب تبرز حدة الانفصال عن السكان الذين يتحملون العبء؛ الليكود سارع إلى الإعلان عن النصر لكنه يختار عدم ذكر غيابه في المدن الكبرى
يمكن تعلم أشياء كثيرة من نتائج انتخابات المجالس المحلية في إسرائيل. يستطيع كل حزب (تقريبا) أن يدعي الفوز ويتحدث عن الخسائر والأذى الذي تعرضت له الأحزاب الاخرى في العملية الانتخابية. ولكن الحقيقة هي أنها كانت حملة كئيبة وجافة.
وتعكس معدلات التصويت المنخفضة مشاعر الإسرائيليين. سكان مناطق بأكملها من البلاد معزولين عن منازلهم ويقيم العديد من السكان كلاجئين في الفنادق، محرومين من حق التصويت. المختطفون وعائلاتهم، الجنود، أهالي الجنود الجرحى – جميعهم لا يرغبون في التفكير في السياسة المحلية. باستثناء عدد قليل من مستخدمي منصة إكس (تويتر سابقا)، ولدت الانتخابات بعض العناوين لبضعة ساعات ولا شيء غير ذلك.
هذا يشير إلى أن الجمهور الإسرائيلي منهك ومكتئب ولا يرى نهاية للعام الأصعب في تاريخ المجتمع الإسرائيلي. معدلات التصويت المرتفعة في المجتمع الحريدي وفي المجتمع العربي فقط تبرز حدة الانفصال بين شرائح المجتمع المختلفة – بين أولئك الذين يقاتلون في غزة ويفقدون أبنائهم وبناتهم، والمعفيين من هذا العبء الثقيل ويمكنهم الانشغال بقضاياهم وتحالفاتهم ومسؤوليهم المنتخبين.
لن نجد التضامن في الصناديق الزرقاء والأوراق البيضاء والصفراء. وأشار البعض إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يتدخل، ولم يظهر في مقاطع الفيديو، ولم يشارك في فعاليات الحملات الانتخابية، ولم يصدر حتى مقطع فيديو يدعو فيه الجمهور الإسرائيلي إلى التصويت في يوم الانتخابات.
وللمرة الأولى منذ انتخابه، حافظ رئيس الوزراء على أفضل سلوك. ففي نهاية المطاف، إذا شمر نتنياهو عن سواعده، واجتمع مع المرشحين وعمل خلف الكواليس على الصفقات (كما فعل شريكه السياسي أرييه درعي)، فلكان أثار انتقادات شديدة. لا ينبغي لرئيس الوزراء الانشغال في السياسة المحلية أثناء حالة الطوارئ.
وفي نهاية يوم التصويت، أصدر الليكود بيانا جافا نسبيا يشيد بإنجازات الحزب (حسب اعتقادهم)، ويتجاهل خسائره. الوحيد الذي أصر على طعن الجمهور في عينه هو الوزير غير الضروري دافيد أمسالم في تصريحاته المؤسفة التي سعت إلى إثارة معارك لا داعي لها. لحس الحظ، لم يقم أي شخص (تقريبا) في القدس بمشادرة الفيديو الذي أصدره، أو التصويت لليكود.
فشل حزب الليكود في الحصول على أي مقعد تقريبا في بلدية القدس يثير أسئلة سياسية. ألم يعمل أمسالم لسنوات لتنمية قاعدة الليكود في القدس بصفته رئيس فرع الليكود في المدينة؟ والأمر لم يقتصر على القدس فحسب، فبعد 43 عاما من السيطرة شبه الكاملة لليكود في الكنيست والحكومة، لم يعد لهذا الحزب أي رئيس بلدية في أي من المدن الكبرى في إسرائيل.
وعلاوة على ذلك، ليس لديه أي عضو تقريبا في بلديات المدن الأربع الكبرى – القدس وتل أبيب وحيفا وريشون لتسيون.
ومع ذلك، تمكن حزب الليكود من الحفاظ على نفوذه في عدد كبير من المدن المتوسطة والصغيرة. فقد فاز في بات يام، ونتانيا، ونيس تسيونا، على سبيل المثال. وقد خسر بيت شئان وصفد، ولكنه أضاف حولون ويروحام.
وفي هرتسليا، تم تهميش عضو الليكود المدان بارتكاب جرائم جنائية رافي كدوشيم – والذي اصطف جميع وزراء الليكود لزيارته في منزله. وفي بيتح تكفا – خامس أكبر مدينة في إسرائيل – فاز رئيس البلدية المتورط بجرائم جنائية بأغلبية كبيرة. ولكن في أكبر أربع مدن في البلاد، وجود الحزب يكاد يكون معدوما.
وفي القدس، حقق رئيس البلدية موشيه ليون – والذي يدعمه أفيغدور ليبرمان منذ البداية – نجاحا في السياسية محلية. انتقل ليون إلى العاصمة عندما ترشح لأول مرة – وبمرور الوقت أقنع السكان بصدق نواياه. وبالمناسبة، كان ليون مديرا تنفيذيا لمكتب رئيس الوزراء في عهد نتنياهو في الماضي، ولكنه لا يعتبر من أتباع نتنياهو، وهو أقرب إلى ليبرمان ودرعي.
ونجح الليكود بالكاد بالفوز بمقعد واحد في بلدية العاصمة، من بين 31 عضوا. جميع الأحزاب تجاوزته: حزب هتعورروت بزعامة يوسي حافيليو، وموشيه ليون، والحريديم بجميع فصائلهم – ومتطرفي آرييه كينغ.
وتتجاهل تل أبيب-يافا – ثاني أكبر مدينة، والعاصمة التجارية والثقافية لدولة إسرائيل – حزب الليكود منذ سنوات.لا أحد من الحزب الحاكم يجرؤ على الترشح لمنصب رئيس البلدية هناك، وبالتأكيد ليس منذ أيام روني ميلو وشلومو ليهات.
كان ميلو في التسعينيات محبوبا ومقبولا على الجمهور الليبرالي واليساري في تل أبيب، ولكن لا مكان لسياسيين مثله (ومثل ليمور ليفنت ودان ميريدور وآخرين) في الليكود اليوم.
في انتخابات البلدية، تحالف الليكود مع حزب عوتسما يهوديت. قبل بضعة سنوات، كان نتنياهو يدعي أنه لن يمنح إيتامار بن غفير منصبا وزاريا – لكن اليوم أصبحت الشراكة بين الحزبين علاقة وطيدة. الحملة المقززة التي أطلقها حزبا الليكود وعوتسما يهوديت شملت شعارات مثل “لقد نسيتم ما هي اليهودية” و”الترحيل الآن” وغيرها من الرسائل الملائمة للأحزاب الفاشية الجديدة في أوروبا.
لم يحقق كل هذا الشر الكثير من المكاسب – مقعد واحد من أصل 31 في البلدية.
وشارك في الانتخابات في حيفا العديد من المرشحين. يونا ياهاف – رئيس البلدية السابق والذي يتقدم حاليا في التصويت للجولة الثانية – لم ينتمي يوما لليكود. كان ياهاف في الماضي عضو كنيست عن حزب العمل، وقد عمل في السنوات التي قضاها في السياسة المحلية مع موشيه كحلون (كولانو)، وحزبي الخضر وشينوي، لكنه لم يقترب يوما من الليكود.
ومنافسه في الجولة الثانية، دافيد عتسيوني، هو المستشار السابق لموشيه كحلون في وزارة المالية، ويدعمه حاليا حزب تكفا حداشا بزعامة جدعون ساعر. أما بالنسبة لعضوية البلدية، ترشح يانيف بن شوشان عن حزب الليكود وحصل على 5% من الأصوات. يبدو أن هنا أيضا، حصل الليكود على مقعد واحد فقط من أصل 31.
ريشون لتسيون هي رابع أكبر مدينة في إسرائيل، وحصل رئيس البلدية الحالي راز كينستليش على 90% من الأصوات هناك. وعضو المجلس عن الليكود هو يوسي حممي، ومن المرجح أن يفوز بمقعد واحد من أصل 29.
خلاصة القول، سكان المدن الأربع الكبرى في إسرائيل، والتي تضم مجتمعة حوالي مليوني نسمة – لم يصوتوا لأي شخص تقريبا من الليكود.
وكما ذكرنا، فاز الليكود بتمثيل في المدن الكبرى التالية، مثل بيتح تكفا ونتانيا وأشدود، وغيرها من المدن والبلدات الأصغر. لا شك أن تصويت الناخبين في انتخابات المجالس المحلية لا يتبع الانتماء إلى الأحزاب العامة.
ولكن مع ذلك، اختار مسؤولو الليكود إصدار بيان رسمي احتفالي أمس يركز على الأماكن التي فاز فيها. وفي هذا السياق، من الجدير الإشارة إلى تهميشه في المدن الكبرى والبارزة.