الكنيست يقدم بند التجاوز في القراءة الأولى، في خطوة رئيسية للإصلاح القضائي
يتقدم التحالف بجميع العناصر الرئيسية للإصلاح القضائي نحو خط النهاية مع تصاعد الاحتجاجات؛ هرتسوغ يتعهد بالنضال من أجل "صيغة توازن وأمل"
قدم الكنيست مشروع قانون رئيسي لتوفير حماية استباقية للقوانين من المراجعة القضائية، مما يدفع الجزء الأكبر من الإصلاحات القضائية الأساسية للائتلاف أقرب من صيغتها النهائية لتصبح قانونًا، قبل الموعد النهائي الذي حدده وزير العدل في نهاية الشهر.
ومر مشروع القانون بسهولة في أول تصويت له في الكنيست بهامش 61 مقابل 52، على الرغم من التحذيرات القاسية من المعارضة والتعطيل الذي استمر لساعات، مما أدى في النهاية إلى إخلاء الكنيست حوالي الساعة 3 صباحًا فجر يوم الثلاثاء. وعلى المشروع الآن المرور بتصويتين إضافيين في الكنيست ليصبح قانونًا.
ويمنح التشريع حصانة للقوانين التي تنص صراحة على أنها صالحة رغم تعارضها مع أحد قوانين الأساس شبه الدستورية لإسرائيل. ويُطلق على هذه الآلية اسم “بند التجاوز” لأنه يمنع المراجعة القضائية، وستدخل الآلية حيز التنفيذ إذا أيد 61 من أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120 عضوًا مشروع القانون في ثلاث قراءات.
وبمجرد إدراجه في أي مشروع قانون، سيكون البند ساريًا خلال ولاية الكنيست الذي يصادق عليه ولمدة عام واحد في الكنيست التالي، والذي يمكنه أيضًا أن يقرر تمديد الحماية المنصوص عليها في البند إلى أجل غير مسمى.
ويقيد مشروع القانون أيضًا قدرة محكمة العدل العليا على مراجعة القوانين التي لا يغطيها بند الحصانة الجديد. بالإضافة إلى رفع المعايير ليتطلب موافقة 12 من قضاة المحكمة البالغ عددهم 15 قاضيًا لإلغاء قانون، فإن مشروع القانون يقصر مراجعة المحكمة على مشاريع القوانين التي تحتوي على انتهاكات إجرائية واضحة، وليس الانتهاكات الموضوعية.
وينضم مشروع قانون التجاوز إلى عدد كبير من الإصلاحات الجذرية الأخرى التي من المقرر إقرارها بسرعة، وعلى رأسها محاولة لإعادة هيكلة التعيينات القضائية بحيث يكون للائتلاف سيطرة مطلقة على التعيينات. وبعد تجاوز تصويت لجنة أخرى، التي أيضا يسيطر عليها التحالف، سيكون كلا مشروعي القانون جاهزين لإجراء القراءة الثانية والثالثة، وهي النهائية، بشكل متتالي. وقال التحالف إنه يسعى لسن القوانين بحلول عطلة عيد الفصح في الكنيست، في غضون أسبوعين فقط.
وقال أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب “يسرائيل بيتنو” المعارض: “هذه خطوة أخرى من قبل هذه الحكومة المجنونة التي تؤدي إلى شق عميق في دولة إسرائيل سيقسمنا إلى قسمين”.
في وقت سابق يوم الاثنين، قدم المشرعون مشروع قانون تدعمه الحكومة من شأنه أن يمنع المحكمة العليا من إصدار أوامر لرئيس الوزراء للكف عن أنشطة حتى في حالات تضارب المصالح. ويُنظر إلى مشروع القانون، الذي قدم برعاية رئيس كتلة الليكود عضو الكنيست أوفير كاتس، على نطاق واسع على أنه رد فعل على مخاوف من أن تجبر محكمة العدل العليا رئيس الحزب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التنحي، بسبب تضارب المصالح المحتمل الذي قد ينتج عن إشرافه على خطة التحالف لإعادة تشكيل القضاء بينما هو نفسه يحاكم بتهمة الفساد.
وزير العدل ياريف ليفين ورئيس لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست سيمحا روتمان هما المحركان وراء مساعي الحكومة لزيادة السلطة السياسية على حساب القضاء. ويقول المشرعان إن إصلاحاتهم “ستصحح” ميزان القوى بين المسؤولين المنتخبين والقضاء الناشط سياسيا. ودان النقاد وحركات الاحتجاج الجماهيرية المتنامية هذه الخطوة باعتبارها تجرد استقلال القضاء وتقوض الديمقراطية، وتترك كل السلطة تقريبًا في أيدي الأغلبية السياسية المنتخبة.
وتتضمن إجراءات ليفين وروتمان السارية حاليًا أيضًا خطوة لمنع أي تدخل للمحكمة العليا في قوانين الأساس على الإطلاق، ونقل قسم التحقيق الداخلي للشرطة إلى سيطرة وزير العدل مباشرة، وتجريد سلطة المستشارين القانونيين للحكومة والوزارات، وإلغاء سلطة المحكمة العليا في مراجعة التعيينات الوزارية، وحماية رئيس الوزراء من العزل القسري من منصبه.
كما يعمل التحالف حاليًا على مشروع قانون من شأنه أن يسمح ببعض التبرعات الخاصة للسياسيين، على الرغم من التحذيرات من أنه قد يفتح الباب للفساد.
يوم الإثنين، اقترح عضو الكنيست عن حزب الليكود ديفيد أمسالم – الذي وُعد بأن يصبح وزيرًا ثانيًا في وزارة العدل – مشاريع قوانين لمنع مقاضاة رئيس الوزراء الحالي وإلغاء تهم الاحتيال وخيانة الأمانة الجنائية ضده، وهي التهم التي تدور محاكمة نتنياهو المستمرة بالفساد حولها، على الرغم من أن العديد من علماء القانون انتقدوها باعتبارها غامضة.
وقدم أمسالم مشاريع قوانين مماثلة في الكنيست الماضي، عندما كان الليكود حزبا معارضا.
واندلعت الاحتجاجات في جميع أنحاء إسرائيل في الأسابيع العشرة منذ إعلان ليفين ما أسماه “المرحلة الأولى” من الإصلاحات الشاملة للائتلاف، حيث خرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع يوم السبت للتظاهر تحت راية حماية الديمقراطية الإسرائيلية.
وتجاهل التحالف التحذيرات المتزايدة من قبل خبراء الاقتصاد والقانون والدبلوماسيين وكبار المسؤولين الأمنيين السابقين من العواقب الوخيمة المحتملة على التماسك الاجتماعي والأمن والمكانة العالمية والاقتصاد الإسرائيلي.
وعلى الرغم من التوتر المتفشي، لا زال السياسيون يرفضون المشاركة في حوار شامل لكامل الطيف السياسي من أجل التوصل إلى حل. وقد كانت هناك محاولات من أطراف خارجية، لكن لم يتم تبني أي منها من قبل التحالف أو المعارضة. ةقال التحالف إنه يريد إجراء حوار حول الإصلاح الشامل، لكنه رفض إبطاء العملية التشريعية – “ولا حتى لدقيقة واحدة”، كما أصر ليفين. وقالت المعارضة إنها لن تتفاوض ما لم يظهر التحالف أنه يسعى بصدق للعمل نحو إصلاحات توافقية من خلال وقف تقديم مشاريع القوانين في البرلمان.
وقال الرئيس إسحاق هرتسوغ، الذي يقود أبرز المساعي للتسوية، يوم الإثنين إنه يكرس كل وقته لإيجاد حل لأزمة الإصلاح القضائي، قائلاً إن الوضع هو أزمة دستورية واجتماعية “خطيرة للغاية”.
وقال الرئيس في حفل أقيم في تل أبيب: “نحن في وضع خطير، خطير للغاية، قد يكون له عواقب سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية”.
وقال هرتسوغ عن جهوده “هذه ليست تسوية سياسية. هذا جهد عبثي لإيجاد صيغة صحيحة للتوازن والأمل، لأن الوضع صعب للغاية ومثير للقلق”.
يوم السبت، استخدم هرتسوغ لهجة غير مسبوقة للتحذير من مخاطر التشريع “القمعي” الحالي، قائلاً إنه يقوض الديمقراطية الإسرائيلية ويدفع بالبلاد نحو “كارثة” و”كابوس”. وأصر على أنه من مسؤولية “قادة الدولة” في الحكومة وقف الدفعة التشريعية السريعة، و”التخلي” عن الحزمة التشريعية الحالية، خشية أن تنحدر البلاد إلى هاوية مجتمعية ودستورية.
وقدم باحثون قانونيون بارزون إلى أعضاء الكنيست مخططًا لحل وسط يوم الاثنين، وأصدروا تحذيرًا شديد اللهجة بشأن الاتجاه الذي تسير فيه البلاد.
وجاء في نص المخطط أن حل الوسط يهدف إلى “منع الفوضى الدستورية”.
وقال أستاذ القانون يوفال البشان، أحد مؤلفي الاقتراح، إنه يدرك الحاجة إلى “إصلاح كبير”، لكنه حذر من أن البلاد تتجه نحو الدمار، مقارناً الوضع بحالة مسادا، موقع الانتحار الجماعي لليهود المتمردون تحت حصار الإمبراطورية الرومانية قبل 2000 عام.
وقال إلباشان للجنة الكنيست: “يجب على شخص ما أن يوقف هذه المسيرة المجنونة على طريق الأفعى في مسادا”، مشيرًا إلى المسار المعروف المؤدي إلى الموقع الأثري. “الشقوق تتسع والحفر تنفتح، وأنتم جميعًا تواصلون القول +إنه لا يتوقف، ولا يتحدث+. هذا خطأ”.
وصاغ البشان الاقتراح مع وزير العدل السابق دانييل فريدمان ورئيس جامعة تل أبيب غيورا يارون. ويتضمن المخطط اقتراحًا لرفع الأغلبية المطلوبة في الكنيست للمصادقة على قوانين الأساس، وطريقة لتغيير تشكيل لجنة التعيينات القضائية.
وقال البشان للمشرعين خلال نقاش محتدم: “كل يوم يمر يزيد القلق. عليكم أن تفعلوا شيئا”.
ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل ووكالة فرانس برس في إعداد هذا التقرير.