القوات الأمريكية تبدأ في إنشاء رصيف بحري في غزة بهدف تشغيله بحلول أوائل مايو
سيبدأ الميناء في التعامل مع 90 شاحنة مساعدات يوميا، وقد يصل العدد إلى 150 عندما يعمل بكامل طاقته الاستيعابية؛ هجوم بقذائف الهاون أثناء زيارة للأمم المتحدة إلى موقع البناء يسلط الضوء على المخاوف الأمنية
أعلن البنتاغون يوم الخميس إن القوات الأمريكية بدأت ببناء رصيف بحري قبالة سواحل غزة بهدف تسريع ادخال المساعدات الانسانية إلى داخل القطاع عندما يبدأ تشغيله في شهر مايو.
ولقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن بناء الرصيف البحري في شهر مارس بينما ناشد مسؤولو الإغاثة إسرائيل تسهيل وصول إمدادات الإغاثة إلى الطرق البرية في غزة. ومن غير الواضح ما إذا كان الرصيف سينجح في نهاية المطاف في تعزيز المساعدات الإنسانية، حيث يحذر المسؤولون الدوليون من خطر المجاعة في شمال غزة.
ويقع الميناء جنوب غرب مدينة غزة، إلى الشمال قليلا من الطريق الذي يقسم غزة إلى نصفين والذي بناه الجيش الإسرائيلي أثناء القتال. وكانت المنطقة هي الأكثر اكتظاظا بالسكان في القطاع قبل أن يدفع الهجوم البري الإسرائيلي أكثر من مليون شخص إلى النزوح جنوبا نحو مدينة رفح على الحدود المصرية.
أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ ستة أشهر ضد حماس، والتي بدأت بعد هجوم الحركة في 7 أكتوبر في البلدات الإسرائيلية الجنوبية، إلى تدمير قطاع غزة وإغراق سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في أزمة إنسانية.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، تحدث للصحفيين شريطة عدم الكشف عن هويته، إن المساعدات الإنسانية القادمة من الرصيف البحري ستحتاج إلى المرور عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية على الأرض. وذلك على الرغم من خضوع المساعدات بالفعل للتفتيش الإسرائيلي في قبرص قبل شحنها إلى غزة. وتريد إسرائيل منع وصول أي مساعدات إلى حماس وتعزيز جهودها الحربية.
أثار احتمال نقاط التفتيش تساؤلات حول التأخير المحتمل حتى بعد وصول المساعدات إلى الشاطئ. وتشكو الأمم المتحدة منذ فترة طويلة من العقبات التي تحول دون وصول المساعدات وتوزيعها في أنحاء غزة.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الميجر جنرال باتريك رايدر للصحفيين: “أستطيع أن أؤكد أن السفن العسكرية الأمريكية، بما في ذلك يو إس إن إس بينافيديز، بدأت في بناء المراحل الأولية للرصيف البحري المؤقت والجسر في البحر”.
سيعمل الطريق البحري على النحو التالي:
– سيتم فحص منصات المساعدات وتحميلها على السفن التجارية بشكل رئيسي في قبرص، والتي ستبحر بعد ذلك لمسافة حوالي 200 ميل إلى المنصة العائمة الكبيرة التي يبنيها الجيش الأمريكي.
– سيتم نقل المنصات على شاحنات، ونقلها إلى سفن عسكرية أصغر، ثم نقلها عدة أميال إلى الجسر، الذي سيبلغ طوله حوالي 550 مترا وسيثبته الجيش الإسرائيلي على الشاطئ.
– بعد ذلك، ستسير الشاحنات على الجسر إلى منطقة إنزال آمنة، حيث سيتم توزيع المنصات على وكالات الإغاثة. وقال مسؤول عسكري أمريكي لوكالة “أسوشييتد برس” إن هذه المهمة قد تستمر عدة أشهر.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة أنه من المرجح أن يتكون الميناء من ثلاث مناطق – واحدة يسيطر عليها الإسرائيليون حيث يتم إنزال المساعدات من الرصيف، وأخرى حيث سيتم نقل المساعدات، وثالثة حيث سينتظر السائقون الفلسطينيون المتعاقدون مع الأمم المتحدة لاستلام المساعدات قبل نقلها إلى نقاط التوزيع.
وسيتعامل الرصيف البحري في البداية مع 90 شاحنة يوميا، ولكن هذا العدد يمكن أن يرتفع إلى 150 شاحنة يوميا عندما يعمل بكامل طاقته الاستيعابية. وقالت الأمم المتحدة هذا الأسبوع إن المتوسط اليومي لعدد الشاحنات التي تدخل غزة خلال شهر أبريل بلغ 200 شاحنة، وأنه بلغ ذروته يوم الاثنين عندما دخلت 316 شاحنة.
قال نائب المدير العام للأمم المتحدة لشؤون الغذاء يوم خميس إن شمال قطاع غزة لا يزال يتجه نحو مجاعة، وناشد بزيادة حجم المساعدات وحث إسرائيل على السماح بالوصول المباشر من ميناء أشدود الجنوبي إلى معبر إيريز.
وتأكدت المخاوف بشأن خطر تورط القوات الأمريكية في الحرب بين إسرائيل وحماس يوم الخميس مع ظهور أنباء عن هجوم بقذائف الهاون بالقرب من المنطقة التي سيلامس فيها الرصيف الأرض في نهاية المطاف. ومع ذلك، لم تكن هناك قوات أمريكية، ولقد أمر بايدن القوات الأمريكية بألا تطأ أقدامها شاطئ غزة.
وقال الجيش إن مسؤولي الأمم المتحدة كانوا يقومون بجولة في الموقع مع القوات الإسرائيلية وقت الهجوم، مضيفا أن القوات نقلت مسؤولي الأمم المتحدة إلى ملجأ وسط الهجوم.
كما أكد مسؤولون أمميون الهجوم بقذائف الهاون لوكالة أسوشييتد برس، وقالوا إنه لم تكن هناك إصابات.
وأضاف الجيش أن “المنظمات الإرهابية تواصل الإضرار بشكل منهجي بالجهود الإنسانية بينما تخاطر بحياة موظفي الأمم المتحدة، في حين تسمح إسرائيل بتزويد سكان قطاع غزة بالمساعدات”.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، لكن مسؤول في حماس قال لوكالة “أسوشييتد برس” يوم الأربعاء أن الحركة ستقاوم أي وجود عسكري أجنبي منخرط في بناء الميناء.
وقال الجيش في بيان له إن لواء عسكريا، يضم آلاف الجنود، إلى جانب سفن من سلاح البحرية وسلاح الجو الإسرائيليين، سيعملون على حماية القوات الأمريكية التي تقوم بإقامة الرصيف البحري.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان يوم الخميس أنه وافق على “جهود تعاونية” لمشروع الخدمات اللوجستية المشتركة على الشاطئ، المعروف باسم JLOTS.
وجاء في البيان أن “جيش الدفاع سيعمل على توفير الأمن والدعم اللوجستي لمبادرة JLOTS، التي تشمل إقامة رصيف عائم مؤقت لايصال المساعدات الانسانية من البحر إلى داخل غزة”.
وأن “مشاركة جيش الدفاع في مبادرة JLOTS هي واحدة من العديد من جهود المساعدات الإنسانية، مما يدل بشكل أكبر على التزام جيش الدفاع بالعمل مع المجتمع الدولي لضمان استمرار دخول المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين في قطاع غزة”.
وبينما من المتوقع أن يدخل الميناء حيز الاستخدام بحلول شهر مايو، أقر مسؤول عسكري أمريكي كبير بأن التثبيت النهائي للجسر الذي تقوم الولايات المتحدة ببنائه على الشاطئ في الميناء سيكون خاضعا للوضع الأمني، الذي يتم تقييمه يوميا.
وردا على سؤال حول الهجوم الأخير بقذائف الهاون، قال المسؤول العسكري إن الولايات المتحدة قدّرت أنه لا علاقة له بالمهمة الإنسانية، مضيفا أن الإجراءات الأمنية حول الميناء ستكون “أكثر قوة” عندما تبدأ عمليات التسليم.
بالإضافة إلى ذلك، تدربت الولايات المتحدة على الإجراءات الهجومية والدفاعية لضمان حماية القوات الأمريكية العاملة على الميناء وتلك الموجودة على المنصة العائمة على بعد عدة أميال من الشاطئ.
وبينما أظهرت صور الأقمار الاصطناعية بناء ميناء رئيسي على طول الشاطئ بالقرب من مدينة غزة، أوضحت مجموعات الإغاثة أن لديها مخاوف واسعة النطاق بشأن سلامتها وتحفظات بشأن كيفية تعامل القوات الإسرائيلية مع الأمن.
وزعزعت غارة جوية إسرائيلية في وقت سابق من هذا الشهر منظمات الإغاثة بعد أن أسفرت عن مقتل سبعة متطوعين في منظمة “المطبخ المركزي العالمي” خلال مهمة تم تنسيقها مع الجيش الإسرائيلي. وقام الجيش الإسرائيلي بإبعاد ضابطيّن وتوبيخ قادة كبار رسميا بسبب القصف، الذي وصفه بأنه خطأ مأساوي.
وقالت سونالي كوردي، وهي مسؤولة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إن الاتفاقيات الرئيسية المتعلقة بالأمن والتعامل مع عمليات تسليم المساعدات لا تزال قيد التفاوض. وتشمل هذه الخطوات كيفية عمل القوات الإسرائيلية في غزة لضمان عدم تعرض عمال الإغاثة للأذى.
وقالت كوردي: “نحن بحاجة إلى رؤية الخطوات التي يتم تنفيذها. يواصل المجتمع الإنساني والجيش الإسرائيلي التحدث والمشاركة وتكرار وتحسين النظام حتى يشعر الجميع بالسلامة والأمان في بيئة العمل الصعبة هذه”.
وقد وافق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة على قيادة جهود إيصال المساعدات. وقال كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، متحدثا يوم الخميس في الأمم المتحدة، إنه “من الضروري بالنسبة لنا أن نكون قادرين على العمل، والوصول إلى المجتمعات، والوصول إلى الاحتياجات، والقيام بذلك بطريقة آمنة ومأمونة”. وقال أيضا إن مهمة الميناء يجب أن تكون مجرد جزء واحد من جهد إسرائيلي أوسع لتحسين عمليات توصيل المساعدات البرية المستدامة لتجنب المجاعة.
وقال مسؤول في الأمم المتحدة، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات وراء الكواليس، إن العديد من النقاط الشائكة لا تزال قائمة حول كيفية تعامل الإسرائيليين مع أمن الميناء. وأضاف المسؤول إن الجيش يسعى إلى إنشاء مواقع أسلحة يتم التحكم فيها عن بعد، وهو ما تعارضه الأمم المتحدة، إلا أنه من غير الواضح ماهية الأسلحة التي تم وصفها.
وفي خضم الصعوبات في جلب المساعدات إلى غزة، حاولت بعض الدول إسقاط المساعدات جوا – وهو تكتيك تقول منظمات الإغاثة إنه الملاذ الأخير لأنه لا يستطيع إيصال المساعدات بكميات كبيرة كما أنه أدى إلى وفيات.
وقال بوب كيتشن، نائب رئيس لجنة الإنقاذ الدولية لحالات الطوارئ: “كلما قضينا وقتًا أطول في الحديث عن عمليات JLOTS، كلما تحدثنا أكثر عن الإنزال الجوي – كل هذا مكلف للغاية، وذو نطاق محدود نسبيا، وهو مجرد عرض جانبي. إنه إلهاء”.