القلق في إسرائيل: إنتقام إيران بتطوير قنبلة نووية
الولايات المتحدة وإسرائيل مستعدتان لهجوم مباشر من إيران مع سلسلة من أنظمة الرادار التي توفر غطاءً واسعًا جدًا، لكن تخشيان أنه بدلاً من مهاجمة إسرائيل الآن، ستختار إيران دفع مشروعها النووي قدما
لقد شهد اليومان الأخيران تصعيدا كبيرا في التهديدات المتبادلة بين إيران وإسرائيل. وقال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي صباح أمس (الأربعاء) في تغريدة إن “إسرائيل ضربت الأراضي الإيرانية وستتم معاقبتها”.
وجاء الرد الإسرائيلي بعد ساعات قليلة بتغريدة باللغة الفارسية من وزير الخارجية يسرائيل كاتس الذي قال صراحة: “إذا هاجمت إيران إسرائيل من أراضيها، فإسرائيل ستهاجم داخل إيران”. وأصدر وزير الدفاع يوآف غالانت تعليقات مماثلة بعد الظهر دون أن يذكر إيران على وجه التحديد.
هذه التبادلات ليست جديدة، وهي تشبه إلى حد كبير رسائل التهديد التي تبادلها البلدان بعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في ديسمبر 2020. لكن هذه المرة، وخلافا للتهديدات السابقة، القيادة الإيرانية بأكملها تقريبا تهدد – وعندما تأتي التهديدات من المرشد الأعلى، فتكون في الواقع بمثابة أوامر.
سعت إسرائيل الأسبوع الماضي إلى إبلاغ الإيرانيين بأنها لن تتردد في الرد على أي هجوم إيراني، كما تم ابلاغ الولايات الولايات المتحدة بذلك. وحتى الأمس، ظلت واشنطن محايدة في تصريحاتها، لكنها في الواقع عززت إلى حد كبير التعاون العسكري مع إسرائيل.
وقال مسؤول أمني كبير لتايمز أوف إسرائيل إن العلاقة بين الجيشين الأمريكي والإسرائيلي تكثفت بشكل ملحوظ منذ اغتيال قائد فيلق القدس محمد رضا زاهدي في دمشق يوم الاثنين الماضي. والهدف الأساسي للتعاون هو بناء “صورة للسماء” من أجل رصد الصواريخ التي يتم إطلاقها باتجاه إسرائيل في أقرب وقت ممكن.
ولدى الولايات المتحدة أنظمة رادار في الخليج العربي والبحر الأحمر تسمح بتتبع التحركات الجوية داخل إيران وما حولها. وعلى الرغم من أن إسرائيل نادرا ما تتحدث عن ذلك، إلا أن البلدين والشركاء الآخرين في المنطقة قاموا بالفعل ببناء سلسلة من أنظمة الرادار التي توفر تغطية واسعة جدًا للأجواء الإيرانية.
وعلى المستوى السياسي، حصلت إسرائيل ليلة أمس على أول طمأنة من الولايات المتحدة، بعد أسبوع كانت فيه الإدارة حذرة للغاية في تصريحاتها بشأن إيران. وقال الرئيس جو بايدن في مؤتمر صحفي إن الولايات المتحدة تضمن أمن إسرائيل، وأنها تبسط قبة مدرعة بالحديد فوقها.
وعلى كل حال، هذه التصريحات موجهة مباشرة إلى إيران، وليس من المستبعد أن تكون نابعة من معلومات استخباراتية مقلقة قدمتها إسرائيل للمسؤولين الأميركيين. ولا شك أن الإدارة الأميركية تشعر بقلق بالغ من احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وإيران.
ومع ذلك، تشير التقديرات إلى أن لا إيران ولا إسرائيل ترغبان حاليا في مواجهة عسكرية: إسرائيل بسبب القتال في قطاع غزة والتساؤلات بشأن الحدود الشمالية وحزب الله؛ وإيران لأن الحرب هي آخر خيار تلجأ إليه فقط في حالتين: إن كان النظام في خطر و/أو ضربة محتملة ضد المشروع النووي. إيران ستوظف القوة في ظل هذه الظروف فقط، وستفضل استخدام الوكلاء للتعامل مع أي تهديد آخر.
خرجت إيران عن هذا المبدأ هذا العام وكادت أن تحترق. بعد هجوم داعش عند ضريح قاسم سليماني، قصف الإيرانيون مناطق في باكستان تتواجد فيها قبائل البلوش. لكن باكستان سارعت إلى الرد برسالة واضحة: لا تعبثوا معنا. واستسلم الإيرانيون بسرعة للقوة النووية في الشرق في هذه الحالة.
لكن إلى جانب التوترات المحيطة بالانتقام الإيراني، ظهرت هذا الأسبوع أصوات غير عادية في إيران توفر مصدرا آخر للقلق. في حدثين مختلفين، دعت شخصيات بارزة في إيران المرشد الأعلى خامنئي إلى تطوير قنبلة نووية.
ولنتذكر: خامنئي أصدر بنفسه فتوى تحرم صنع القنبلة النووية لأنها “تتعارض مع الإسلام”. لا أحد يعتقد حقاً أن هذه الفتوى تؤخذ على محمل الجد في إيران. خلال صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الأسبوع الماضي، ألقى الإمام المركزي للنظام في إيران خطبة دعا فيها المرشد الأعلى إلى إلغاء الفتوى وإصدار أمر للوكالة النووية الإيرانية بتطوير القنبلة.
وقد أثارت هذه الدعوة تساؤلات في الغرب، حيث يبدو كأن هناك تحد للمرشد الأعلى من قبل أحد كبار رجال الدين، مما أثار شكوك – لم تثبت بعد – في أن خامنئي يمهد الطريق لمثل هذا القرار من خلال استدعاء “الضغط” من رجال الدين.
وتزايدت الشكوك في وقت لاحق من هذا الأسبوع عندما قال رئيس جامعة بهشتي في طهران البروفيسور رضا اقاميري في مقابلة مع التلفزيون الإيراني إن المرشد الأعلى يمكنه بالتأكيد التراجع عن الفتوى.
وأضاف اقاميري، أستاذ الفيزياء النووية الذي يعتبر مقربًا جدًا من الحكومة، أنه في الوضع الحالي للمشروع النووي، “بناء القنبلة أسهل بكثير من الاستمرار في الاحتفاظ بهذا القدر الكبير من اليورانيوم المخصب إلى مستويات عالية”. وبقدر ما هو معروف، تمتلك إيران حتى اليوم حوالي 150 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب إلى مستوى 60%، وهو ما يكفي لإنتاج حوالي ثلاث قنابل.
وتتابع إسرائيل هذا التطور المحتمل، وإذا حدث فسيتعين على الولايات المتحدة أن تدخل الصورة بتهديد عسكري كبير لا يترك مجالاً للشك لدى الإيرانيين.
ويكمن الخطر في أن القائد يمكن أن يعطي هذه الموافقة بسرية، وعندها ستكون العلامات الوحيدة لتطوير القنبلة هي المعلومات الاستخبارية.
وقالوا في إسرائيل في الماضي إنه سيكون هناك مؤشرات على اقتراب إيران من تطوير القنبلة وإعادة بناء مجموعة الأسلحة – وهي المرحلة الأخيرة من بناء الرأس الحربي النووي.
المشكلة هي أنه بعد السابع من أكتوبر، يتم إعادة النظر في كافة الافتراضات الاستخباراتية الأساسية في إسرائيل، بما في ذلك تلك المتعلقة بإيران.