القضاء الإداري يلغي منح جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية ويقر بـ”السيادة المصرية” عليهما
تشكل السعودية احدى اهم الدول الداعمة لنظام السيسي وقدمت مساعدات واستثمارات بمليارات الدولارات لدعم الاقتصاد المصري المتدهور

أ ف ب – ألغى مجلس الدولة المصري المختص بالنظر في النزاعات القانونية مع الدولة، اتفاقية منح جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر الى السعودية، لينقض بذلك قرارا مثيرا للجدل اتخذته القاهرة بالتخلي للرياض عن “الأرض المصرية”
وقررت الحكومة المصرية الطعن بهذا القرار الإداري حول الجزيرتين اللتين أثار قرار منحهما الى السعودية خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان الى القاهرة في نيسان/ابريل الماضي، استنكارا وتظاهرات ضد نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتشكل السعودية إحدى أهم الدول الداعمة لنظام السيسي الذي يقمع كل معارضة منذ اطاحته في 2013 نظام سلفه الإسلامي المنتخب محمد مرسي، وقدمت مساعدات واستثمارات بمليارات الدولارات لدعم الإقتصاد المصري المتدهور.
ويتهم معارضو الإتفاق السلطات المصرية بالتخلي عن الجزيرتين مقابل هذا الدعم المالي، مؤكدين أن هذه الأراضي تعود الى مصر تاريخيا، ولم يسبق أن مارست السعودية عليها أي من مظاهر السيادة.
وفي مواجهة هذه الإتهامات، أكدت الحكومة المصرية مرات عدة أن هاتين الجزيرتين تعودان الى السعودية، لكن الرياض طلبت من القاهرة التكفل بحمايتهما عام 1950.
وصرح قاض في المجلس مطلع على تفاصيل القضية لوكالة فرانس برس، أن القرار صدر “ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية” بشأن اتفاق لترسيم الحدود البحرية تم ابرامه في بداية نيسان/ابريل بين البلدين الحليفين خلال زيارة الملك سلمان للقاهرة.
وينص الإتفاق على منح جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين عند مدخل خليج العقبة الى السعودية. ولم تنشر الحكومة المصرية نصوص الإتفاقية علنا حتى الآن.
وقال مجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب لفرانس برس فور صدور الحكم، “من الطبيعي أن تطعن الحكومة في الحكم”.
وأكد مجلس الوزراء المصري لاحقا في بيان قيام “هيئة قضايا الدولة بالطعن في حكم القضاء الإداري” بخصوص الجزيرتين. وهيئة قضايا الدولة هي الجهة التي تدافع عن مصالح الدولة امام المحاكم المختلفة.
ومن المقرر أن تنظر المحكمة الإدارية العليا، أعلى هيئة قضائية ادارية في البلاد، في الطعن الذي تقدمت به الحكومة.
جزر صغيرة ’مصرية’
وأكد القاضي الذي طلب عدم كشف هويته بسبب حساسية القضية، أن هذا القرار يعني أن الجزيرتين “مصريتان”.
وصرح المحامي خالد علي الذي تقدم بشكوى امام مجلس الدولة للإحتجاج على التخلي عن الجزيرتين لفرانس برس، أن القرار معناه أن “الأرض مصرية ولا يجوز التنازل عنها بأي شكل من الأشكال والجزر جزء من الحدود المصرية وضمن الأقليم البري المصري”.
ونشر علي، أحد وجوه المعارضة اليسارية في مصر، على صفحته على موقع فيسبوك للتواصل الإجتماعي نص حكم المحكمة.
ويقضي نص الحكم “ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة فى نيسان/إبريل 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية”.
ويؤكد “استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية، واستمرار السيادة المصرية عليهما، وحظر تغيير وضعها بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى”.
ونشر المحامي خالد علي لاحقا حيثيات الحكم على صفحته على فيسبوك.
وجاء في حيثيات الحكم “تضمن اطلس مصر والعالم الصادر من ادارة المساحة العسكرية بوزارة الدفاع (المصرية) أن جزيرتي تيران وصنافير ضمن حدود الدولة المصرية وتتبعان محافظة جنوب سيناء” المصرية.
وأضافت المحكمة في حيثياتها أن “الواقع الحاصل على الأرض منذ زمن بعيد أن الدولة المصرية تمارس على الجزيرتين بالفعل حقوق سيادة كاملة لا يزاحمها في ذلك احد”.
وقالت المحكمة أن هذه السيادة وصلت الى درجة ان “مصر ضحت بدماء ابنائها دفاعا عن الجزيرتين وهو ما يفصح افصاحا جهيرا على أنهما أراض مصرية”.
وأشارت المحكمة إلى حرب الأيام الستة بين اسرائيل ومصر والدول العربية في حزيران/يونيو 1967، والتي بدأت بقرار الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بإغلاق مضيق العقبة امام الملاحة إلاسرائيلية في ايار/مايو من العام نفسه.
احتجاج شبابي ضد الإتفاقية
أثار الإعلان عن التخلي عن الجزيرتين تظاهرات قمعتها السلطات فورا. وقد شكلت هذه التظاهرات أوسع حركة احتجاجية ضد السلطة منذ سنتين.
وفرقت الشرطة المصرية بالغاز المسيل للدموع متظاهرين، واعتقلت المئات منهم في نيسان/ابريل بعدما تجمعوا في أحد الميادين في القاهرة مطالبين بـ”اسقاط” النظام.
ودعت حركة تطلق على نفسها اسم “الحملة الشعبية لحماية الأرض. مصر ليست للبيع” تضم ناشطين يساريين وليبراليين، الى التظاهر احتجاجا على الإتفاق المصري السعودي.
وأراد الناشطون في الواقع الإحتجاج على السياسة الأمنية المتشددة التي ينتهجها الرئيس السيسي في بلد يحظر فيه التظاهر إلا بموافقة وزارة الداخلية بموجب قانون مثير للجدل صدر في تشرين الثاني/نوفمبر 2013.
وأصدر القضاء احكاما بالسجن من سنتين الى خمس سنوات بحق نحو 150 ناشطا، إلا أن محاكم الاستئناف قضت لاحقا ببراءتهم جميعا.
ومن جانبه أصر السيسي على انه “لا وثائق تثبت تبعية جزيرتي تيران وصنافير لمصر”.
وقال في اجتماع ضم برلمانيين ومسؤولين نقابيين، أنه طلب من كافة أجهزة الدولة الوثائق المتوافرة لديها حول الجزيرتين وابلغته انه “ليس هناك شيء” يثبت تبعيتها لمصر، مضيفا “نحن لا نعطي أرضنا لاحد وأيضا لا نأخذ حق احد”.
مضيفا: “نحن لا نفرط في حق لنا واعطينا حق الناس لهم”.
ومنذ أن أطاح السيسي عندما كان وزيرا للدفاع، بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، بدأ حملة قمع دامية ضد جماعة الإخوان المسلمين، شملت بعد ذلك الناشطين الليبراليين واليساريين الذين برزوا خلال الثورة على حسني مبارك عام 2011، والذين يقبع الكثير منهم الآن في السجون.