القدس تستعد لمسيرة الاعلام القومية في ظل التوترات بشأن حرب غزة
يتوقع المنظمون أن يشارك عشرات الآلاف في المسيرة المثيرة للجدل عبر المناطق الحساسة في البلدة القديمة، بينما يدعو بن غفير المحتفلين لزيارة الحرم القدسي
تستعد قوات الإسرائيلية في القدس لاضطرابات محتملة بعد ظهر الأربعاء، عندما من المقرر أن تقام مسيرة العلم في يوم القدس وسط توترات متصاعدة بالفعل بشأن الحرب المستمرة في غزة.
وستمر المسيرة بمسارها المعتاد، مع تلويح عشرات الآلاف من الإسرائيليين اليهود بأعلام زرقاء وبيضاء وسيرهم عبر باب العامود والحي الإسلامي في البلدة القديمة للوصول إلى حائط المبكى.
ويقول منتقدو المسيرة، التي تحتفل بإعادة توحيد القدس الشرقية والغربية في حرب الأيام الستة عام 1967، إن المرور في المناطق ذات الأغلبية العربية في البلدة القديمة يثير عداء السكان الفلسطينيين في المدينة، وغالباً ما يؤدي إلى أعمال عنف ضد سكانها من قبل الشباب اليهود اليمينيين.
وشهدت المسيرة اشتباكات عنيفة في السنوات الماضية، حيث تجاهل المشاركون نداء سلطات إنفاذ القانون للحفاظ على الهدوء، ودخلوا في مةاجهات مع السكان الفلسطينيين في البلدة القديمة. ورغم أن القدس ظلت هادئة نسبيا منذ الهجوم الذي قادته حماس في 7 أكتوبر والذي أشعل فتيل الحرب، فإن العديد من المراقبين يشعرون بالقلق من أن المسيرة ستخل بالالهدوء الهش في المدينة.
وقالت الشرطة إنه سيتم نشر أكثر من 3000 ضابط – بما في ذلك عناصر شرطة الحدود والمتطوعين والدعم من مدن أخرى – في البلدة القديمة وحولها بعد ظهر الأربعاء.
وكثيرا ما واجه المسؤولون دعوات داخل إسرائيل وخارجها لتغيير مسار الحدث لتجنب المرور عبر الحي الإسلامي وتأجيج التوترات.
وبعد ضغوط من وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، أكدت الشرطة يوم الإثنين أنها يتمر في المسار المعتاد عبر وسط مدينة القدس وصولا إلى حائط المبكى. سيكون هناك مساران يمكن للمشاركين اتباعهما للوصول إلى الحائط، أحدهما يمر عبر باب المغاربة، والثاني يمر عبر باب العامود والحي الإسلامي.
وشددت الشرطة على أن المسيرة لن تمر عبر الحرم القدسي، الموقع الحساس الواقع في البلدة القديمة، في حين دعا بن غفير – الذي عادة يشارك في المسيرة – المشاركين إلى القيام بجولة في الموقع المقدس خلال ساعات الزيارة المحدودة لغير المسلمين.
وقال بن غفير لإذاعة الجيش صباح الثلاثاء: “علينا ضربهم في أهم الأماكن بالنسبة لهم. علينا أن نأتي ونقول أن جبل الهيكل (الحرم القدسي) لنا والقدس لنا. إذا رأينا أنفسنا أصحاب السيادة على المنطقة، فسوف يحترمنا أعداؤنا”.
وقالت لورا وارتون عضو بلدية القدس التي تمثل حزب ميريتس اليساري لتايمز أوف إسرائيل إنها تشعر بالخجل من أن البلدية لها أي علاقة بالمسيرة، وقالت أنها استنزاف لموارد المدينة.
“أشعر بالصدمة لأنه بينما نحن في حالة حرب، ونحاول الدفاع عن حدودنا، فإننا ندعم مثل هذا الحدث الاستفزازي”.
ولم تكن وارتون وحدها، حيث دعت العناصر الأكثر ليبرالية في القدس إلى تغيير جدي في الطريقة التي تدير بها المدينة المسيرة، أو شطبها بالكامل من التقاليد الإسرائيلية.
وقالت وارتون: “السير بالذات في الحي الإسلامي هو مجرد استفزاز، وهو آخر شيء نحتاجه الآن، وآخر شيء يرغب أي وطني حقيقي في القيام به الآن”.
وقال شاي روزنغارتن، نائب مدير منظمة “إم ترتسو”، وهي منظمة يمينية تشارك في المسيرة، إن السير في البلدة القديمة ليس استفزازا، بل “الحق الطبيعي والتاريخي” للشعب اليهودي.
“القدس تحت السيادة الإسرائيلية؛ على حد علمنا، لم يطرأ أي تغيير على وضعها منذ بداية الحرب. في كل منزل يمر به الجنود في غزة، يجدون صورا للمسجد الأقصى في جبل الهيكل، وقد أطلقت حماس على عملية [7 أكتوبر] اسم طوفان الأقصى. غدا، بعون الله، سنملأ القدس بطوفان من الأعلام الإسرائيلية، ونقوي روح الشعب ونذكر الشرق الأوسط بأننا هنا لنبقى”.
وقالت منظمة “عام كيلافي”، وهي المنظمة التي تدير المسيرة كل عام بدعم من بلدية القدس، إنها تتوقع حضور ما بين 60 ألف إلى 100 ألف شخص، وتخطط لتعديل الحدث قليلاً في ظل هجوم حماس في 7 أكتوبر والحرب المستمرة.
وستقود العائلات الثكلى المسيرة. وسوف يفتتح شلومو فايتسن، حاخام مستوطنة بساغوت في الضفة الغربية، والذي توفي ابنه في المعركة في 7 أكتوبر، الحدث بخطاب قبل التوجه إلى حائط المبكى. كما وافق المنظمون على تغيير الاسم الرسمي للحدث من “رقصة الأعلام” إلى “مسيرة العلم” ببساطة.
وقال المنظمون إن الحرب المستمرة ليست فقط سبب للكآبة، ولكنها أيضًا تحقيق لآمال الكثيرين من اليمين الديني في إعادة احتلال قطاع غزة.
“إنها [المسيرة] لا تتعلق فقط بتحرير حائط المبكى والمدينة القديمة، بل تتعلق أيضًا بتحرير يهودا والسامرة [الضفة الغربية]، وهذا العام تأتي في الوقت المناسب لأنها تتعلق أيضًا بتحرير قطاع غزة”، قال مئير إندور، أحد منظمي المسيرة، لتايمز أوف إسرائيل.
وكان إندور أحد المؤسسين لهذا الحدث السنوي إلى جانب العديد من الطلاب الصهاينة المتدينين الآخرين بقيادة الحاخام تسفي يهودا كوك، الذي أصبح بعد فترة وجيزة من حرب الأيام الستة زعيم روحي بارز لحركة المستوطنين.
وبدأ تنظيم الحدث في عام 1968 كمسيرة صغيرة نسبيًا للطلاب في مدرسة كوك الدينية، ميركاز هراف، لكنه تحول منذ ذلك الحين إلى حدث ضخم يحضره عدد لا يحصى من مجموعات الشباب الصهيونية الدينية والمعاهد الدينية.
وقال إندور: “القدس دائماً في قلب معارك أعدائنا”، مدعياً أن إظهار السيادة الإسرائيلية على المدينة ليس له أهمية روحية فحسب، بل أهمية استراتيجية أيضاً.
وقال: “الحكم اليهودي هو ضمانة أكبر للأمن. الحكم الفلسطيني – هذا هو المكان الذي يستيقظ فيه الإرهاب”.
بالإضافة إلى حشود الشباب الإسرائيليين المتوقع أن يتجمعوا في البلدة القديمة، سيشارك كادر من الناشطين اليساريين مع منظمة “الوقوف معا” في “حرس إنساني” لمحاولة درء أي عنف من المتظاهرين.
وكانت الحركة اليسارية، التي لا تعارض المسيرة نفسها فحسب بل أيضا سلوك الشرطة، تخطط لجلب عشرات النشطاء في وقت مبكر من الصباح إلى البلدة القديمة لردع سوء السلوك المزعوم من قبل سلطات إنفاذ القانون تجاه أصحاب المتاجر الفلسطينيين.
وقال سوف باتيشي الناشط في منظمة الوقوف معا “لا يوجد مكان آخر في هذه البلاد يضغطون فيه على السكان لإغلاق المتاجر وإخلاء وسط المدينة من سكانها المحليين حتى يتمكن أشخاص لا يعيشون في المنطقة من القدوم – هذا شيء يحدث فقط في القدس الشرقية.
وعلى الرغم من أن الشرطة أكدت مرارا على مر السنين أنها لا تجبر الفلسطينيين على إغلاق متاجرهم في يوم القدس، إلا أن الضباط غالبا ما يطلبون، وأحيانا يضغطون، على سكان البلدة القديمة للقيام بذلك، الأمر الذي يشتكي العديد من أصحاب المتاجر من أنه يكلفهم مصدر رزقهم.