القادة العرب يمنحون “الدعم المطلق” للفلسطينيين رغم تطبيع بعض الدول العلاقات مع إسرائيل
أكدت جامعة الدول العربية على "مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف"
أ ف ب – أعلن القادة العرب في ختام قمتهم في الجزائر يوم الأربعاء “الدعم المطلق” للفلسطينيين في مواجهة إسرائيل التي قد تشهد عودة بنيامين نتنياهو الى السلطة متحالفا مع اليمين المتطرف.
تم إعلان الدعم في البيان الختامي للقمة العربية في الجزائر، الاولى منذ ثلاث سنوات، في وقت قامت العديد من الدول الاعضاء بتطبيع لافت لعلاقتها مع إسرائيل دون انتظار نهاية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
طبعت دولة الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل في 2020 في إطار سلسلة اتفاقيات تفاوضت عليها واشنطن. ثم حذت البحرين والمغرب حذوها ومن ثم السودان.
وندد الرئيس الفلسطيني محمود عباس في خطابه في القمة “بالجرائم التي ارتكبتها إسرائيل… وإصرارها على تقويض حل الدولتين، وانتهاك القانون الدولي والاتفاقات الموقعة معها” مطالبا بدعم أكبر من العرب.
ولم يتحدث بشكل مباشر عن نتائج الانتخابات التشريعية في إسرائيل، لكن رئيس الوزراء الأسبق نتنياهو الذي يبدو أن حزبه تصدر نتائجها، تخلى منذ زمن طويل عن التزامه “حل الدولتين” وإقامة دولة فلسطينية.
وأكد “إعلان الجزائر” في ختام القمة التي دامت يومين، على “مركزية القضية الفلسطينية والدعم المطلق لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه في الحرية وتقرير المصير وتجسيد دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على خطوط 4 حزيران (يونيو) 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين”.
ودافع القادة العرب في خطاباتهم منذ افتتاح الدورة الحادية والثلاثين عن إقامة دولة فلسطينية، لكن هذا الدعم يبدو غير قابل للتحقق في ظل عجز جامعة الدول العربية عن التأثير في هذا الملف.
وقال محمود عباس متهما إسرائيل: “يريدون أن يهودوا القدس والأقصى ويعيدوا بناء الهيكل المزعوم الذي لم يوجد قطعا في هذه المنطقة… الحقوا! الأقصى وكنيسة القيامة ستهودان”.
“قرارات لفظية”
جدد القادة العرب التمسك “بمبادرة السلام العربية لعام 2002 بكافة عناصرها وأولوياتها، والتزامنا بالسلام العادل والشامل كخيار استراتيجي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية”، دون أي إشارة إلى التطبيع الذي قامت به بعض الدول.
كما عبرت القمة عن دعمها للسلطة الفلسطينية “للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”، وكذلك “دعم الجهود والمساعي القانونية الفلسطينية الرامية إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي اقترفها ولا يزال في حق الشعب الفلسطيني”.
وكتبت صحيفة “القدس” الفلسطينية في افتتاحية تعبر عن عدم توقع الشارع العربي للشيء الكثير من القمة العربية، أن الفلسطينيين ليسوا “بحاجة للقرارات اللفظية التي سمعناها كثيرا وإنما بحاجة إلى أفعال حقيقية ميدانية”.
واعتبر الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، في رده على سؤال حول احتمال عودة نتنياهو للحكم، إن إسرائيل “سترتكب خطأ جسيما” في حال عرقلت حل الدولتين بحجة أن الفلسطينيين والعرب يمثلون الاغلبية في الأراضي التي تسيطر عليها الدولة العبرية.
تعد الجزائر، مضيفة الاجتماع، من أشد المؤيدين للفلسطينيين، فقد رعت اتفاق مصالحة بين الفصائل الفلسطينية في منتصف أكتوبر، رغم أن فرص تنفيذه على أرض الواقع تبدو ضئيلة.
وأدى التعاون الأمني الذي أقامته المغرب مع إسرائيل بعد تطبيع العلاقات بينهما، إلى تفاقم توتر علاقاتها مع الجزائر المجاورة، والمتوترة أساسا بسبب الخلافات العميقة بشأن الصحراء الغربية والتي أدت إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أغسطس 2021، بقرار من الجزائر.
“سياسة متوازنة”
إضافة إلى النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، فإن الأزمات والنزاعات في سوريا وليبيا واليمن وردت في “إعلان الجزائر” الذي توج أعمال القمة.
فقد أعربت القمة عن “التضامن الكامل مع الشعب الليبي ودعم الجهود الهادفة لإنهاء الأزمة الليبية، من خلال حل ليبي-ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا” التي تعيش فوضى وأزمة اقتتال داخلي منذ سقوط معمر القذافي في 2011.
كما التزم القادة “بقيام الدول العربية بدور جماعي قيادي للمساهمة في جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية”.
وفي لفتة تضامنية مع السعودية، ثمّن القادة العرب “السياسة المتوازنة التي انتهجها تحالف أوبك من أجل ضمان استقرار الأسواق العالمية للطاقة واستدامة الاستثمارات في هذا القطاع الحساس ضمن مقاربة اقتصادية تضمن حماية مصالح الدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء”.
وقررت “أوبك بلاس”، المكونة من الدول الثلاث عشرة الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية وشركائها العشرة بقيادة روسيا، في الخامس من أكتوبر، خفض حصص إنتاج النفط بهدف دعم أسعار النفط الخام التي كانت تتراجع.
وأثار القرار حفيظة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لوّح بعواقب على الرياض بسبب هذا القرار، الذي اعتبرته واشنطن في صالح روسيا التي تبحث عن تمويلا في حربها على أوكرانيا.
وضعت الجزائر القمة تحت شعار “لم الشمل”، لكن عدة دول لا سيما بلدان الخليج، لم تكن ممثلة بقادة دولها، خاصة السعودية، الامارات، والمغرب.