الفلسطينيون: مقتل 9 أطفال لزوجين من الأطباء في غارة إسرائيلية؛ الجيش الإسرائيلي يحقق في التقرير
الجيش يقر بشن هجوم على مشتبه بهم في خان يونس، ويقول إنه جاء بعد تحذير المدنيين بمغادرة ”منطقة القتال“؛ جميع قوات المشاة والكتائب المدرعة منتشرة الآن في القطاع

قالت وكالة الدفاع المدني في غزة التي تديرها حركة حماس يوم السبت إن غارة إسرائيلية على مدينة خان يونس جنوب غزة أسفرت عن مقتل تسعة أطفال لزوجين من الأطباء، فيما قال الجيش الإسرائيلي إنه يحقق في هذه التقارير.
وفقا لوسائل الإعلام الفلسطينية، استهدفت الغارة منزلًا في خان يونس، مما أسفر عن مقتل تسعة أطفال من نفس العائلة، جميعهم دون سن 12 عاما. وأصيب والد الأسرة وأحد الأطفال، البالغ من العمر 10 سنوات، بجروح خطيرة. وكانت الأم، آلاء نجار، وهي طبيبة أطفال في مستشفى ناصر، في نوبة عملها وقت الغارة.
ردا على هذه التقارير، أكد الجيش الإسرائيلي أنه نفذ ضربة في خان يونس، وقال إنه استهدف عددا من المشتبه بهم الذين تم تحديدهم في مبنى قريب من مكان عمليات القوات البرية.
وقال الجيش في إشارة إلى تحذير أصدره يوم الاثنين: ”منطقة خان يونس هي منطقة قتال خطرة أمر جيش الدفاع المدنيين بإخلائها حفاظا على سلامتهم قبل بدء العملية“.
وأضاف ”يجري التحقيق في الادعاءات المتعلقة بإلحاق أذى بمدنيين غير متورطين“.
صعدّت إسرائيل حملتها في غزة في الأيام الأخيرة، مما أثار انتقادات دولية ودعوات للسماح بدخول المزيد من الإمدادات بعد أن خففت جزئيا الحصار الشامل على المساعدات المفروض منذ 2 مارس.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل لوكالة فرانس برس “قامت طواقمنا بنقل جثامين 9 شهداء أطفال بعضهم جثث متفحمة من منزل الدكتور حمدي النجار وزوجته الدكتورة آلاء النجار، وجميعهم أطفالهما”.
وأضاف أن حمدي النجار وابنه الآخر آدم أصيبا بجروح خطيرة في الغارة، وأن الأسرة نُقلت إلى مستشفى ناصر. وأفاد مصدر طبي في المستشفى أن آدم يبلغ من العمر 10 سنوات.

وأكد الدكتور منير البُرش، المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة والتي تديرها حركة حماس، على حسابه على منصة إكس أن القصف وقع بعيد قيام حمدي النجار بتوصيل زوجته إلى العمل.
وقال البرش “بعد دقائق فقط من عودته، سقط صاروخ على منزلهم”، مضيفا أن الأب “يرقد الآن في العناية المركزة”.
وأظهرت لقطات للوكالة المدنية للدفاع المدني بعد الحادث رجال الإنقاذ وهم يخرجون جثثا محترقة من المنزل المدمر.
وقال بصل لفرانس برس إن الغارات الإسرائيلية منذ الساعات الأولى من صباح السبت أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 15 شخصا في أنحاء غزة حتى بعد ظهر السبت. وأضاف أن من بين القتلى زوجان قتلا مع طفليهما الصغيرين في غارة شنتها الطائرات قبل الفجر على منزل في حي الأمل بخان يونس.
وإلى الغرب من المدينة، قُتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص في غارة شنتها طائرة مسيرة على حشد من الناس تجمعوا في انتظار شاحنات المساعدات، حسبما قال.
في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب القطاع، تجمع فلسطينيون يبكون حول جثث ملفوفة بأكفان بيضاء.
وقال وسام المدهون “صاروخ اف-16 قام بهد المنزل بأكمله. كلهم مدنيون. شقيقتي وزوجها وأولادها”، وتابع “وجدناهم في الشارع. ماذا فعل هذا الطفل (لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو؟”.

وقال الجيش في بيان إن سلاح الجو شن خلال اليوم الماضي أكثر من 100 غارة على أهداف في أنحاء القطاع، استهدفت عناصر ومواقع عسكرية. وأضاف الجيش أنه يتخذ إجراءات لتقليل الأضرار التي تلحق بالمدنيين، مشيرا إلى أن الجماعات المسلحة تعمل من داخل المناطق المدنية في غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي السبت أن جميع ألوية المشاة والمدرعات التابعة للجيش منتشرة الآن في القطاع، في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل لتصعيد هجومها على حماس.
بالإضافة إلى ألوية غولاني، والمظليين، وغيفعاتي، والكوماندوز، وكفير، وناحل، واللواء 7، واللواء 188، واللواء 401، يوجد أيضا عدد قليل من وحدات الاحتياط في القطاع.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أعلن في وقت سابق أن خمس فرق تعمل في غزة، يبلغ قوامها عشرات الآلاف من الجنود.
وقد حذر مسؤولون إسرائيليون من أن الجيش الإسرائيلي سيصَعد هجماته ضد حركة حماس طالما رفضت الأخيرة الموافقة على صفقة لإطلاق سراح الرهائن.

يوم الجمعة، أدت غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة إلى مقتل ستة مسلحين فلسطينيين زعمت حماس أنهم كانوا يحرسون شاحنات المساعدات من النهب، في حين حذر الامين العام للأمم المتحدة من أن ما دخل غزة حتى الآن لا يمثل “سوى القليل” من المساعدات التي سُمح بدخولها إلى القطاع في أعقاب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 11 أسبوعا. وقال الجيش الإسرائيلي إن بعض المسلحين كانوا من أعضاء حماس، ونفى مسؤول عسكري أنهم كانوا يوفرون الحماية. وقال مسؤول في الجيش لرويترز: ”تصف حماس دائما اللصوص بـ’الحراس’ أو ’الحماة‘ لإخفاء حقيقة أنهم يعرقلون عملية إيصال المساعدات“.
وقال الجيش الإسرائيلي إن 83 شاحنة تحمل دقيقا وأغذية وأدوية ومعدات طبية دخلت قطاع غزة من معبر كيرم شالوم يوم الجمعة، ليصل المجموع إلى 388 شاحنة منذ يوم الاثنين، عندما خُفف الحصار.
لكن شبكة تضم منظمات إغاثة فلسطينية قدمت رقما مختلفا، قائلة إن 119 شاحنة مساعدات فقط عبرت معبر كيرم شالوم ودخلت غزة. ويُرجح أن الفرق في الأرقام يعود إلى أن العديد من الشاحنات لم تستلمها منظمات الإغاثة من الجانب الفلسطيني من المعبر لتوزيعها.
بغض النظر عن ذلك، فإن إيصال الإمدادات إلى الأشخاص الذين يعيشون في خيام ومساكن مؤقتة أخرى كان متقطعا، ويقول مسؤولون أمميون إن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 500 إلى 600 شاحنة مساعدات كل يوم.
على الرغم من تخفيف الحصار، أعاقت عمليات النهب التي قامت بها مجموعات من الرجال، بعضهم مسلحون، بالقرب من مدينة خان يونس، عملية التوزيع، وفقا لما ذكرته شبكة تمثل جماعات الإغاثة الفلسطينية.
وقالت الشبكة في بيان أدانت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على فرق الأمن التي كانت تحمي الشاحنات: ”لقد سرقوا طعاما مخصصا للأطفال والأسر التي تعاني من الجوع الشديد“.
فرضت إسرائيل الحصار في أوائل مارس مع انهيار محادثات وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، متهمة حماس بسرقة مساعدات مخصصة للمدنيين.
وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن 15 شاحنة تحمل دقيقا إلى مخابز يدعمها البرنامج تعرضت للنهب منذ يوم الاثنين، مما يعكس الظروف الصعبة التي يواجهها سكان غزة.
وجاء في بيان للبرنامج: ”إن الجوع واليأس والقلق بشأن وصول المزيد من المساعدات الغذائية يساهم في تزايد انعدام الأمن“.

مع اكتظاظ معظم سكان غزة البالغ عددهم 2 مليون نسمة في منطقة ضيقة على الساحل وفي المنطقة المحيطة بمدينة خان يونس جنوب القطاع بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية، ازدادت الضغوط الدولية من أجل إيصال المساعدات بسرعة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: ”بدون وصول المساعدات بسرعة وبشكل موثوق وآمن ومستمر، سيموت المزيد من الناس – وستكون العواقب طويلة الأمد على السكان بأكملهم عميقة“، مضيفا أن ”الفلسطينيين في غزة يعانون مما قد يكون أقسى مرحلة في هذا الصراع القاسي“.
وأشار غوتيريش إلى بطء وصول المساعدات.
وأضاف في بيان “على أي حال، فإن جميع المساعدات المُصرّح بها حتى الآن لا تُمثّل سوى القليل من المساعدة في وقت يتطلب فيه الأمر سيلا من المساعدات”، وتابع “في الوقت نفسه، يتصاعد الهجوم العسكري الإسرائيلي مع مستويات مروعة من الموت والدمار”.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المساعدات “ضئيلة للغاية، ومتأخرة جدا، وبطيئة جدا”، مُضيفا أنه لا بد من زيادة تسليم الإمدادات بشكل كبير.
وكانت إسرائيل قد أعلنت أن نظاما جديدا، برعاية الولايات المتحدة وتديره شركات خاصة، سيبدأ قريبا عمله من أربعة مراكز توزيع في جنوب غزة، لكن العديد من تفاصيل كيفية عمل هذا النظام لا تزال غير واضحة.
وقد أعلنت الأمم المتحدة بالفعل أنها لن تعمل مع النظام الجديد، الذي تقول إنه سيجعل توزيع المساعدات مشروطا بأهداف إسرائيل السياسية والعسكرية.

وتقول إسرائيل إن عمل قواتها سيقتصر على توفير الأمن للمراكز ولن تقوم بتوزيع المساعدات بنفسها.
وكتب المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني في منشور على اكس أن الامم المتحدة أدخلت ما بين 500 و600 شاحنة مساعدات إنسانية يوميا خلال وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع حتى مارس، أي حوالي خمسة أضعاف المعدلات الحالية.
وأضاف “لا ينبغي لأحد أن يفاجأ او ان يصدم بمشاهد المساعدات الثمينة المنهوبة أو المسروقة أو المفقودة”، مؤكدا أن “شعب غزة تم تجويعه” لأكثر من 11 أسبوعا.
وأظهرت لقطات نشرتها وسائل إعلام عربية يوم الجمعة مئات الفلسطينيين يتزاحمون حول مخبز في مخيم النصيرات بوسط غزة أثناء توزيع الخبز لأول مرة منذ أسابيع.
مع بدء وصول المساعدات، واصل الجيش الإسرائيلي العمليات البرية والجوية المكثفة التي بدأها الأسبوع الماضي، والتي قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنها ستنتهي بسيطرة إسرائيل الكاملة على قطاع غزة.
اندلعت الحرب في 7 أكتوبر 2023، عندما أقتحم مسلحون بقيادة حماس إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واختطاف 251 آخرين.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 53 ألف فلسطيني في القطاع قُتلوا حتى الآن، إلا أنه لا يمكن التحقق من عدد القتلى وهو لا يميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 20 ألف مقاتل في القتال حتى يناير، و1600 مسلح آخر داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
وتحتجز الجماعات المسلحة في قطاع غزة 58 رهينة، من بينهم 57 من أصل 251 شخصا اختطفهم المسلحون بقيادة حماس في 7 أكتوبر 2023.