العواقب الوخيمة لإزدياد الدعم الملحوظ لصلاة اليهود في الحرم الشريف
مع اضطرابات شبه يومية في الموقع المقدس، ومع عدد متزايد من النشطاء الاسرائيليين من الصهيونية الدينية الذين يطمحون الى بناء هيكل ثالث، يدخلون حدا رفيعا بين اٌحتجاج السلمي والإستفزاز

افتتحت أبواب الجحيم ولم تقفل يوم الثلاثاء في الحرم الشريف عندما سجد اثنين من اليهود يرتدون زيا أبيض كتسجيد علني للعبادة في الموقع. حيث تم تطويقهما على الفور من قبل عناصر شرطة الحدود والشرطة الإسرائيلية، وحشد غاضب من المسلمين ومسؤولي الأوقاف الأردنيين.
أخرج رجال الشرطة الرجلين من الموفع وسط الإشتباكات التي دارت، وتم طرد ثمانية رجال من الحرم قبل أن تعود الأمور إلى طبيعتها.
ولكن “عودة الأمور إلى طبيعتها”، هو مصطلح مشحون في الحرم الشريف.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
“طبيعي”، وفقا للوضع الراهن الذي أنشأه وزير الدفاع السابق موشيه دايان، عشرة أيام بعد حرب الأيام الستة عام 1967، يعني أنه يسمح لليهود بزيارة ساحة الحرم الشريف بحرية، وأن الموقع سيدار من قبل دائرة الأوقاف الأردنية – وستسمح العبادة هناك فقط للمسلمين. (معاهدة السلام مع الأردن عام 1994 عززت تلك الصفقة). حيث كانت الحكومة الإسرائيلية حريصة وقتها على قمع الإضطرابات العربية في أراضيها، وعززت هذا الإتفاق كإجراء أمني ضروري، وعارضت الأصوات القليلة التي دعت الى صلاة اليهود في المكان.
ولم يتغير الموقف الإسرائيلي الرسمي أبدا.
ولكن اليوم، تغير التصور العام الإسرائيلي لفرض الحظر على الصلاة اليهودية، من خلال ثمار حملة العلاقات العامة المنسقة طويلة الأجل، والتي تستخدم الآن مصطلحات محدثة داعية الى “حرية الدين” و”حقوق الإنسان”، حركة جبل الهيكل (الاسم اليهودي للحرم الشريف)، في حين لا تزال عازمة على محاربة الوضع القائم الذي يمنع الصلاة اليهودية في الموقع.

الحركة التي كانت يوما من المحرمات واقتصرت على السياسيين المتطرفين، حصلت اليوم على دعم من بعض الزعماء الدينيين، أعضاء الكنيست الحاليين وحتى الوزير اوري ارييل، الذي دعا الى بناء الهيكل الثالث.
للشعور بوجهة نظر رئيس الوزراء حول الصلاة في الحرم القدسي الشريف، المرشح التالي على قائمة حزب ا(لليكود) الحاكم هو الحاخام يهودا غليك، وهو صديق شخصي لنتنياهو الذي نجا من محاولة اغتيال لعمله كرئيس مجموعة “هاليبا” – ائتلاف للمنظمات التي تروج لصلاة اليهود في جبل الهيكل.

في هذه الفترة من عطلة عيد الفصح، كما يصعد نحو 850 يهودي الى المكان خلال أسبوع، يتفاقم عدد النشطاء اليهود الذين يكسرون عمدا الوضع الراهن. كل العيون موجهة نحوهم عندما يؤدون مراسم زواج عابرة، يحاولون تقديم الذبائح أو حتى تصوير أنفسهم – والاعتقالات الناتجة – التي تبث عبر وسائل الإعلام الإجتماعية. كل يوم تقريبا تطردت الشرطة الإسرائيلية العديد من اليهود من المكان لكسرهم القيود المفروضة.
https://www.youtube.com/watch?v=u_eaWtC521U
ولكن السؤال حول نوايا النشطاء يلوح في الأفق الآن اكثر من أي وقت مضى.
الأسبوع الماضي، دعا زعماء حركة “جبل الهيكل” لهدم الحرم القدسي الشريف. هذا الصيف، حث بيان متطرف معمم على نطاق واسع الى إسقاط الحكومة لتمهيد الطريق لبناء الهيكل.
هل قصد السجود من قبل الرجلين يوم الثلاثاء أن يكون عملا من أعمال الاحتجاج لتعزيز حريتهم الدينية؟ أم أنه استهدف إثارة غضب المسلمين، وحتى الإنتقام الإسرائيلي المسلح؟ هل زيارة النشطاء الى الموقع ليست إلا عصيانا مدنيا، أم أنها عملا استفزازيا؟
للإجابة على هذه الأسئلة، تحدثت التايمز أوف إسرائيل مع أبرز الخبراء في مجال الأصولية اليهودية، باحثة في التاريخ المضطرب لحركة “جبل الهيكل” – مكتملا مع القصف المخطط لقبة الصخرة – قائمة برحلة ميدانية لوجهها العام المرحب، مركز الزوار الشعبي في معهد الهيكل.
ما العمل في حين يتلكأ المسيح، كثيرا
كان ذلك خلال ذروة حرب الأيام الستة عندما بلغ الحاخام يسرائيل أرييل جيل (28 عاما)، حيث خدم كجندي احتياط في وحدة المظليين. وبينما قادت وحدته التقدم الاسرائيلي الى الحائط الغربي، اكتسحته حماسة التبشيرية. وفي وقت لاحق، قال أنه عند سماع جنديين قالا انهما قابلا رجلين كبيري السن في طريقهما، أخذهم أرييل على الفور الى النبي إيليا والمخلص نفسه.
“من قد يظهر هنا خلال معركة جبل الهيكل بعد 2000 سنة؟ هذا ما بدا طبيعيا وقتها”، قال ارييل عقود لاحقا في حديثه “لأور حوزير”، وهي مجلة لطلاب المدارس الدينية ما قبل الجيش.

اتضح أن كبيري السن كانا أساتذته في معقل الصهيونية الدينية، المدرسة الدينية “مركاز هاراف كوك”، الحاخام ديفيد كوهين والحاخام تسفي يهودا كوك. في حين أنهما سجدا عند حائط المبكى، قال أنه والكثيرين غيره شعروا بأن المسيح قادم في غضون ساعات.
“جميع الذين كان محظوظبن بما فيه الكفاية ليشهدوا تلك اللحظة، الذين وقفوا على جبل الرب بعد آلاف السنين من الغياب اليهودي فيه، كانوا مفتونبن باللحظة العظيمة للشعب اليهودي. تلك هي أيام المسيح”، قال ارييل في المقابلة التي نشرها باللغة الإنجليزية في مقال الدكتور موتي عنباري عام 2014: “معيدا النظر في فكرة المسيحية في اليهودية”.
’جميع الذين كان محظوظبن بما فيه الكفاية ليشهدوا تلك اللحظة، الذين وقفوا على جبل الرب بعد آلاف السنين من الغياب اليهودي فيه، كانوا مفتونبن باللحظة العظيمة للشعب اليهودي’
اليوم، ارييل هو الرئيس المؤسس لمعهد الهيكل، ويخدم المعهد بمثابة “كلية الشريعة التقنية”، ومجهز بمختبرات وقاعات للمحاضرات وبرامج بحوث، وفقا للدكتورعنباري، وهو باحث إسرائيلي من الأصولية اليهودية، درس في جامعة نورث كارولينا.
يجمع المعهد الأموال – بما في ذلك المنح المقدمة من قبل إسرائيل – وينشر الوعي العام حول المعبد الثالث، في حين بقوم بإجراء بحثا دقيقا للمعبد المعروض في مركز الزوار في القدس القديمة. حبث أن هناك مئات الآلاف من السياح سنويا يرون الملابس الكهنوتية المعادة، يشاهدون أشرطة فيديو مفيدة وعروض تمثيلات فنية للمعابد، مع نماذج آلية لستائر العهد، إنه كديزني لاند لأصولية المعبد.
صورته العلمية اللطيفة، تأتي موضعا للشك بعد دراسة التصريحات التي أدلى بها المؤسس ارييل، في قربان وهمي في عيد الفصح الأسبوع الماضي من قبل الهيئة المشتركة لمنظمات المعبد، والذي دعا علنا إلى “تمشيط” و”هدم” قبة الصخرة والمسجد الأقصى.

وفقا للباحث عنباري، يملك المعهد نوعا من “شخصية مزدوجة” و”يتحدث في صوتين”. متحف المنظمة يمنحها الشرعية، التمويل الحكومي ويجذب الصهيونية الدينية الى أبوابها.
“لا يمكن لأحد أن يتحدث ضد المتحف”، قال عنباري هذا الأسبوع. “انه يسمح للمنظمة للسير على خط رفيع بين ما هو شرعي وغير شرعي”.
’لا يقصد الله انتظارنا ليوم المعجزات’
ومع ذلك، على الرغم من الصورة الدمثة لـ”معهد المعبد”، بلاغة مؤسسها ليست شرعية بشكل واضح. خلال ترشح حزب (كاخ) بقيادة مئير كاهانا عام 1981 للكنيست، أدرج ارييل في المركز الثاني على قائمة المتطرفين. وفي وقت لاحق، من عام 1994، تم تسجيله مشيدا الإرهابي اليهودي باروخ غولدشتاين الذي قتل 29 مسلما أثناء صلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي، قائلا أن غولدشتاين “شهيدا”، وأنه سيكون “داعية في الجنة”.
أدلة على أفكار ارييل المتطرفة يمكن ملاحظتها في الليلة الأولى تلك، بعد أن أصبح الجبل مرة أخرى في أيدي اليهود، والتي يفترض عنباري أنها أدت إلى تطرف ارييل.
بعد إحتلال جبل الهيكل، تم تعيين ارييل في نوبة حراسة على الموقع، وقد شعر أن قدوم المسيح بات وشيكا.

“لم تكن هذه ذروة الفتوحات فقط، ولكنها ذروة مظاهر الحب الإلهي لشعب إسرائيل”، قال ارييل. لقد وصف ارتقابه رؤية الجنود يحملون صناديق مليئة بأساسات المعبد في أي لحظة. “كان هناك توقع لحدوث المزيد، إلى معجزة من شأنها إزالة أي علامات استفهام واردة”.
ولم يظهر المسيح في تلك الليلة، ولا غيره أيضا. وفقا لعنباري، هذا الحدث “يشكل حالة كلاسيكية من مواجهة الأزمات، مشيرا إلى أنه خضع لعملية تطرف كرد فعل على خوفه من كسر إيمانه بالخلاص”.
’كان هناك توقع لحدوث المزيد، إلى معجزة من شأنها إزالة أي علامات استفهام واردة’
بالنسبة لارييل، الذي ترعرع في بيئة صهيونية دينية يحركها العمل، بدا واضحا أنها كانت نقطة تحول في حياته.
“أدى ذلك إلى شعور من الخيبة التي اختبرها الكثيرون منا. في النهاية، وصلنا الى عتبة المعبد المقدس: نحن نقف عند حائط المبكى – لكن أين المسيح؟”، كما كتب عنباري في كتاب “سيدور همكداش”. قائلا: “مع مرور الوقت وكما تابعت دراستي، اكتشفت أن توقعاتنا كانت ببساطة في غير محلها”.
مضيفا: “على مر السنين، كلما درست أكثر، كلما بدأت أفهم أننا لا نملك إلا ذاتنا وتقاعسنا الخاص لنحاسبه: لا يقصد الله انتظارنا ليوم المعجزات. متوقع منا التصرف. علينا تحقيق ذلك كما كلفنا: القيام بكل ما في وسعنا للتحضير لإعادة بناء الهيكل المقدس، وتجديد العبادة الإلهية”.
وبعبارة أخرى، هلموا ببناء الهيكل الثالث وسيأتي المسيح.
ووفقا لعنباري، “يجب الإصغاء الى هذه الدعوة، حتى لو شكل ذلك تهديدا وخطرا من قبل الدول المحيطة بنا”. وكما قال ارييل بنفسه: “إن الوثوق بالله والحفاظ على وصاياه هي وصيتنا، حتى لو انطوى هذا على خطر”.
حين يتحول الفعل إلى ارهاب
بعد اتفاقات كامب ديفيد عام 1979، عشرات من الأصوليين اليهود، قلقين من التسويات السياسية التي تعني نهاية اسرائيل الكبرى، قاموا بتشكيل فريق أسموه “السرية اليهودية”. كانت هناك ذراعان أساسيتان للحركة: ارتكبت إحداها أعمال عنف متطرفة “للإنتقام” من قادة المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية لحملهم على الفرار، والأخرى وضعت خطة معقدة لتفجير قبة الصخرة .
تم تكليف يهودا عتصيون بالمهمة والتخطيط لتدمير المسجد الأقصى – مؤسس مستوطنة عوفرا عام 1984. وقد أمل عتصيون بإشعال حرب بين إسرائيل والدول العربية، والتي من شأنها أن تؤدي إلى بناء الهيكل الثالث. كما فال الباحث عنباري في مقابلة مع التايمز أوف إسرائيل هذا الأسبوع، حاول عتصيون أساسا “لدفع الله إلى التدخل في التاريخ”.
https://www.youtube.com/watch?v=nJXMzfYqSk4
تحققت رغبة الإرهابيين اليهود تقريبا. نقل مقال لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية من عام 2004 عن عضو حزب (الليكود) السابق ايهود ياتوم، وهو مسؤول سابق في الشاباك، والذي كان واحدا من قادة العملية لإلقاء القبض على أعضاء مجموعة ارهابية سرية يهودية: “كنا وشيكين جدا، من وضع حاول فيه أشخاص مضطربون مع أفكار شريرة، بتفجير الحرم الشريف المقدس لدى المسلمين”، قال ياتوم.

“كان يمكن أن يعني ذلك جمع العالم الإسلامي كله ضد دولة إسرائيل وضد العالم الغربي”، قال ياتوم في تلك المقابلة عام 2004، قبل عملية الإنسحاب من قطاع غزة عام 2005، الأمر الذي أثار مخاوف جديدة من قبل إرهاب يهودي منظم.
تم القاء القبض على زعيم عتصيون المركزي، وحكم عليه، وبعد إطلاق سراحه، اعتذر – نوعا ما. “لقد قال أنه لا يمكن لعدد قليل من الأفراد خلق التغيير، المعبد هو شيء يجب أن يسعى اليه شعب كامل”، قال عنباري.
اليوم، لا يزال عتصيون صوتا قياديا في حركة “جبل الهيكل”، المؤسس لحركته “حاي فيكايام” للخلاص، أفيد انه تم حظره مرارا وتكرارا من قبل جبل الهيكل، حتى انه وضع تحت الإقامة الجبرية في منزله.
مع كل هذا الإرث التاريخي، من اللافت أنه في أعقاب حريق دوما المتعمد والإرهابي في أواخر يوليو 2015، والذي أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد أسرة فلسطينية، من ضمنهم الرضيع علي دوابشة البالغ من العمر 18 شهرا، والذي أحرق حيا في الهجوم، تحدث عتصيون في وسائل الإعلام ضد التطرف اليهودي العنيف.

كما وأعتقل مئير إيتنغر، حفيد مئير كهانا البالغ من العمر (24 عاما)، القائد المتطرف المزعوم لمجموعة “فتيان التلال” المسؤولة عن سلسلة من الهجمات ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم. في الصيف الماضي، نشر إيتنغر وثيقة مزعومة منتشرة على شكل واسع يقال انه كتب فيها: “إن رأينا أن هناك حكومة تعرقل طريقنا في تنفيذ مهمتنا، علينا أن نفكر في كيفية إسقاط النظام الذي يتدخل مع إعادة بناء الهيكل، حكومة التي تقف في طريق الخلاص الحقيقي والكامل”.
عالم عربي على الحافة
“عشية عطلة عيد الفصح، تروج جميع أنواع العناصر المتطرفة للأكاذيب حول سياساتنا في الحرم الشريف بهدف التسبب في أعمال شغب وتأجيج التوترات”، فال نتنياهو خلال كلمة ألقاها في تل أبيب لإتحاد السلطات المحلية في منتصف شهر ابريل. مضيفا: “اننا نعمل ضد هؤلاء المحرضين والعناصر المحرضة، وسنزيد قواتنا في أماكن الإحتكاك. كما أننا سنتخذ تدابير دفاعية، وسنرسل أيضا رسالتنا تلك إلى الأردن والسلطة الفلسطينية والعالم العربي بأسره”.
“أقول لكم بكامل الثقة: لم يكن هناك، ولن يكون هناك أي تغيير في سياستنا تجاه الوضع القائم في الحرم الشريف. لا تصدقوا الأكاذيب المؤسفة التي يتم الترويج لها من قبل عدد من أعضاء الكنيست (….) نحن ملتزمون بالحفاظ على السلام والأمن، وسوف نفعل كل ما هو ضروري لضمان أمن المواطنين الإسرائيليين”.
بضعة أيام قبل خطاب نتنياهو، قال رئيس جناح التنظيم المسلح لحركة فتح في إقليم القدس عدنان غيث لراديو إسرائيل، أن أي دعوة من قبل القادة الدينيين والسياسيين اليهود لزيارة الموقع “لن تجلب السلام أو الهدوء … إن الأقصى خط أحمر ولن يفكر الناس مرتين لحمايته”.
مفتي القدس الشيخ محمد أحمد حسين، رجل الدين المسلم المسؤول عن المسجد الأقصى، حذر أيضا ضد زيادة الإستفزازات اليهودية خلال عيد الفصح. قائلا: “يجب أن نوقف الجماعات الدينية والمتطرفين اليهود من غزو هذا الموقع المقدس للمسلمين”.
وفي أوائل مارس، خلال رحلته إلى اندونيسيا، اتهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إسرائيل بمحاولة تهويد الحرم الشريف في القدس.
التغييرات الإسرائيلية للترتيبات التاريخية، مثل اقتراح أكتوبر 2014 لفتح بوابة ثانية للزوار غير المسلمين أو مخطط 2007 لتحديث باب المغاربة، قوبلت بإحتجاج عنيف وقاسي.
من جانبه قالت الدكتور سارة هيرشهورن، محاضرة جامعية في مركز الدراسات الإسرائيلية لدراسات العبرية واليهودية في جامعة اوكسفورد في انجلترا، “في حين انها ليست قضية تتعلق بجانب واحد، نشاط مصلي جبل الهيكل المرابطات (النساء المسلمات اللاتي تقمن بدوريات في الحرم) بالتأكيد زادت التوترات، وهذا يهدد الوضع الراهن لما تقرر بعد 1967”.
’الوضع الراهن بعد عام 1967 هو إجراء غير متحرر’
“هناك أمر واحد أجده مثيرا للإهتمام، وهو كيف يمكن لمجموعة معهد ‘جبل الهيكل‘ تحدي ذلك – إنهم لا يتكلمون بالضرورة بإستخدام مصطلحات تتعلق بالإيمان أو المسيح، ولكن مثل ما شاهدته لدى المستوطنين اليهود الأمريكيين، فقد صاغوا ذلك بمصطلحات معركة من أجل حقوق الإنسان والحرية الدينية- الحق لصلاة الجميع على جبل الهيكل”، أضافت.
وتابعت قائلة: “من الناحية النظرية، أود أن أقول إنني متعاطف مع هذه الحجة: هناك مسألة تمييز في الوقف لمنعه الصلاة اليهودية على الجبل، تماما كما أن هناك تمييزا في حائط المبكى من قبل الحاخامات الذين يثبطون صلاة المسلمين والمسيحيين والديانات الأخرى في ساحة الحائط. الوضع الراهن بعد عام 1967 هو إجراء غير متحرر. مع ذلك، اننا نعلم من حيث الممارسة، للأسف، ان إعادة التفاوض بشأن هذا الترتيب ليس إلا وصفة للإضطراب السياسي وللعنف”.
https://www.youtube.com/watch?v=LiTZM1UboMs
يدعي نشطاء جبل الهيكل أن المسلمين الذين لا يتقيدون بالوضع الراهن، من خلال ساعات عمل انتقائية والتحرش بالزوار اليهود بشكل واضح، ولكنهم اليهود الذين ظلموا في هذا. ذكرت معاهدة السلام الأردنية 1994: “سيقوم الطرفان بالعمل معا لتعزيز حوار الأديان بين الأديان التوحيدية الثلاثة، بهدف العمل بإتجاه تفاهم ديني والتزام أخلاقي، وحرية العبادة والتسامح والسلام”.
يتساءل النشطاء اليهود: أين حريتهم في العبادة؟

على جبهة الكفاح من أجل الحرية الدينية، يقف يهودا غليك أمريكي الأصل وحركته “هليبا” – مؤسسة ارث جبل الهيكل. من خلال سلسلة من المساعي التعليمية والتوعية من خلال وسائل الإعلام الإجتماعية، تعمل على تغيير النهج الإسرائيلي في الحرم الشريف.
في الصيف الماضي، نشر غليك دليل لزوار الحرم القدسي الشريف تحت عنوان “قوموا واصعدوا”، يضم مجموعة منتقاة من التأييد، من حاخام افرات شلومو ريسكين، المؤلف التركي عدنان أوكطار، والقس الميثودي كيث جونسون، وكذلك من وزير شؤون القدس زئيف الكين. يضم موقع مؤسسة غليك روابط لشرح عملية التنقية التفصيلية التي يجب أن تكتمل قبل صعوده إلى جبل الهيكل.
لكن في مرجع لمصلحة مجال حقوق الإنسان الألفية، يعرض الموقع فيديو دعائي كرتوني يستهدف المجتمع الإسرائيلي الأوسع، متناولا موضوع حرية الدين كحجة لتغيير الوضع الراهن.
وهذه حجة لها جذور تاريخية عميقة يعود تاريخها إلى عام 1967.
لاهوت حركة جبل الهيكل الأساسية
بعد ساعات قليلة من استيلاء الجيش الإسرائيلي على الحرم الشريف عام 1967، أصدرت الحاخامية الإسرائيلية تحذيرا عبر راديو إسرائيل بعدم دخول الموقع. ومع ذلك، طعن أحد آراء الأقلية على الفور في القرار حول الوضع الراهن.
كما هو مسجل في تقرير اللجنة الفرعية لوزارة الداخلية عام 2014 حول جبل الهيكل، في رد مكتوب، انتقد غورين العبثية بأن جبل الهيكل سيغلق أمام اليهود.
“يهز هذا القرار أعمق أعماق روحي … المكان الذي كرس ليكون بيت الصلاة لجميع الشعوب، هو المكان الوحيد في العالم كله حيث يحظر على اليهود الصلاة فيه … من كان ليظن أن ان القوات الاسرائيلية ستضطر الى اعاقة اليهود المصلين في سبيل الله على جبل الهيكل المتواجد تحت رعاية حكومة إسرائيل”، كتب في رسالة عام 1967.
كما هو مسجل في كتاب المؤرخ عنباري “الصهيونية الدينية ومعضلة جبل الهيكل”، في أول التاسع من آب بعد تحرير جبل الهيكل، جلب غورين ومجموعة من أنصاره كتاب توراة ومقاعد صلاة الى المكان، حيث أدوا صلاة ما بعد الظهر.
“وبعد الصلاة، أعلن غورين أنه سيجري أيضا صلاة الغفران في الموقع. أحبطت خططه من خلال تدخل وزير الدفاع موشيه ديان، ورئيس هيئة الأركان اسحق رابين”، كتب عنباري.
ومع ذلك، عندما عين غورين الحاخام الرئيسي لمجتمع الأشكناز عام 1972، قام بمحاولة تغيير موقف الحاخامية ودفع الصلاة في الحرم القدسي الشريف من جديد. بائت محاولاته بالفشل. ولكن، وجد غورين دعما مخلصا من قبل مردخاي إلياهو، الحاخام الأكبر للسفاراديم في إسرائيل خلال 1983-1993 – اعتمد الياهو نهج شريعي مبتكر وخلاق عندما اقترح بناء كنيس على جبل الهيكل، ضمن المناطق المسموح بها.
’اقترح إلياهو أن الكنيس يجب أن يكون أعلى من المسجد الأقصى ومن قبة الصخرة، من أجل إظهار تفوقه على مواقع عبادة المسلمين’
“اقترح إلياهو أن الكنيس يجب أن يكون أعلى من المسجد الأقصى ومن قبة الصخرة، من أجل إظهار تفوقه على مواقع عبادة المسلمين، الذي اعتبره تذكيرا للتدمير”، كتب عنباري.
ووفقا لتقرير وزارة الداخلية عام 2014، في حين أنه في سلطة وزير الشؤون الدينية وضع قواعد جديدة للسماح لصلاة اليهود في جبل الهيكل، لن يقوم أي وزير بالمساس بهذه القضية. على الحاخامية الرئيسية لإسرائيل أيضا أن تغير موقفها.
ولكن هيئة مؤثرة أخرى من الحاخامات قد قامت بذلك – حاخامات مجلس “يشاع” الذي يخدم الحركة الإستيطانية الصهيونية الدينية.
في عام 1996، معانيا من أزمة إيمان في وجه اتفاقيات أوسلو، وجه حاخامات مجلس يشاع دعوة لجميع الحاخامات “لصعود الجبل بأنفسهم، ولتوجيه المصلين للصعود الى الجبل رغم جميع القيود المفروضة من قبل التعاليم الدينية”، كتب عنباري. “كانت الحجة وراء هذا القرار, أن عدم وجود اليهود في جبل الهيكل، بسبب حظر الشريعة اليهودية من دخول الموقع، أدت بالحكومات الإسرائيلية الى اعتباره موقعا يمكن بسهولة التخلى عنه”، أوضح.

حركة “هليبا” بقيادة غليك رددت تحليل عنباري على موقعها الإلكتروني.
“في مواجهة هذا العدوان المتعمد، عقب محاولات الحكومات الإسرائيلية لاحقا لتقديم ‘حل وسط’ ازاء ‘مكانة‘ الجبل، (وهذا، ان يتم تسليمه لسيادة السلطة الفلسطينية)، تواجد اليهود اليومي في جبل الهيكل، قد اتخذ أهمية حاسمة. وجودنا السلمي هو شهادة على أهمية الحرم القدسي القصوى للشعب اليهودي. لا يقل أهمية عن ذلك، وجودنا السلمي على الجبل هو تذكرة يومية للحكومة الإسرائيلية، ولحرية محبة الشعوب في جميع أنحاء العالم، أن حقوقنا الأساسية وغير القابلة للثني للعبادة، حرمت منا”، كتبت المنظمة.
والآلاف يلبون الدعوة: خلال الانتفاضة الثانية تم إغلاق الموقع لليهود حتى عام 2003. اعتبارا من عام 2004، مع ذلك, ازدادت الزيارة اليهودية. ووفقا لبيانات نشرت في صحيفة ماكور ريشون الإسرائيلية، ارتفع عدد اليهود الإسرائيليين الذين زاروا جبل الهيكل من 6568 في عام 2009 إلى 10906 في عام 2014. وفقط خلال يوم الخميس من هذا الأسبوع، قد زار نحو 850 يهودي جبل الهيكل، حيث تم طرد 35 منهم لادائهم الصلاة، أو عدم اتباع القوانين الوضعية الأخرى.
“لقد تم قيادة فورة الحماس هذه من قبل زعماء دينيين وسياسيين مهمين من داخل المعسكر الصهيوني الديني، وليس بالضرورة من قبل أجنحتها الأكثر تطرفا”، كتب عنباري.
ولكن هذا لا يعني أنه غير قلق جراء ذلك.
هل اقتربت نهاية العالم؟
بعد ظهر يوم مشمس من شهر أبريل، قامت التايمز أوف إسرائيل بجولة في معهد الهيكل في بلدة القدس القديمة مع الحاخام حاييم ريتشمان. كانت في المركز مجموعات من السياح من خارج البلاد، ومع صلبان ذهبية بارزة عليهم، بالتأكيد لم يكونوا يهودا.
على المرء أن يتساءل ما الذي يجعل حشدا مسيحيا أمريكيا مهتما بالتفاصيل والبحث الدقيق المعروض من خلال اعمال المعهد.
كما قال ريتشمان بخجل، “في حال لم يتم فهم الأمر بشكل صحيح، فإنه يبدو وكأنه نوع من الفودو الهيبي”.

وأوضح ريتشمان أمريكي الأصل، الذي يعمل في المعهد منذ عام 1987، أن أهمية المعبد الرئيسية للديانة اليهودية واضحة في تلك الوصايا الـ -613 المفروضة على اليهود المتدينين، بشكل كامل كصفقة ثالثة مع الهيكل. في الواقع, كمية الحبر المخصصة للمعبد في الكتاب المقدس العبرية غير متناسبة تماما مع أي موضوع آخر.
“يفترض الناس أن بناء المعبد هو أمر غير طبيعي، وأنه لا يمكن القيام به، وأنه شيء على المسيح إعادته”، قال ريتشمان. “هذا إحباط شديد في عملي، وعلي أن اعاني من الفكرة أن الهيكل سينزل من السماء”.
’الهدف كله من معهد المعبد هو أن تكون ضليعا بشكل نشط الى اكبر حد ممكن في وسط واقع المناخ السياسي الحالي’
“ان هذا نقيض الفكر اليهودي. كل ما يخص حياة اليهود يتعلق بالعمل. هناك المئات من التعبيرات في الكتاب المقدس التي تتحدث عن ذلك”، قال ريتشمان.
“الهدف كله من معهد المعبد هو أن تكون ضليعا بشكل نشط الى اكبر حد ممكن في وسط واقع المناخ السياسي الحالي”، قال ريتشمان، الذي أنكر أي تورط سياسي في عمل المنظمة الهادف الى إنشاء الهيكل الثالث أو غيره من مجالات البحوث. قائلا: “انها المرحلة الأولى”.
“كل ما يجري في المعبد هو دراما نفسية متنافرة، مزعجة، مبطنة وعنيفة،” قال. القرابين الحيوانية منذ ما يقارب 30 عاما، هي “تجربة نفسية قوية تجعلك تفكر بعمق حول الحياة، وحرمة الحياة … كله يتمحور حول ترقي المرء إلى مستوى أعلى من الوعي … كل ما في معبد يحمل معاني عميقة”.
لكل من هو جزء من ذلك، إن ذلك من أعمال الإيمان والحب، اكتشاف أي شيء من الحجارة التي قد تزين صدرة رئيس الكهنة إلى الحقيقة أن غدة القواقع يمكن أن تستخدم لكلا من الصبغات الزرقاء والبنفسجية لأثواب الكهنة ، متوقفا على مقدار تعرض الزاحف لأشعة الشمس.

ولكن هل يمكن لمجموعة مدارس إسرائيلية متوسطة فهم الجدل وراء إعداد اساسات المعبد في المستقبل؟ هل يفهم المارة العشوائية الأهمية من وراء الشمعدان الذهبي في المعهد والذي تبلغ قيمته 3 مليون دولار، والذي يشغل الآن مساحة كبيرة في البلدة القديمة، على مرأى جميع الذين ينزلون الدرج المهترء إلى حائط المبكى؟
ولعل انعدام الفارق البسيط هو بالضبط هدف المعهد.
على الرغم من أن خطاب نشطاء جبل الهيكل تتمركز حول الحقوق غير القابلة للثني، وحرية الدين، وحتى مستويات من المعنى الميتافيزيقي، قال الباحث عنباري أنهم “يشكلون خطرا على دولة إسرائيل عن طريق اتخاذ إجراءات جذرية وتحريض الآخرين”.
قائلا: “انها قضية خطيرة للغاية، ولابد من التعامل معها على محمل الجد”.
في المؤسسات المحترمة، مثل معهد الهيكل، “انها نوع من الغمز المعجب. يقولون: ‘نحن نفعل ما نفعله، لأن هذا هو الحد الممنوح لنا. سنقوم بدفع الحد ونرى اين تقع مرونته. سيفهم الناس اننا نقوم بلعبة مزدوجة”، قال هذا الاسبوع. “في إسرائيل، الكثيرون يفهمون الغمزات، اللغة مزدوجة”. لكن السياح من الخارج لا يفهمون الامر بشكل ملحوظ.
في محادثة عبر الهاتف من منزله في ولاية كارولينا الشمالية، لم يبد عنباري قلقا أكثر من اللازم حول نهاية العالم الوشيكة الناجمة عن الناشطين، كما هو قلق ازاء المناخ السياسي في إسرائيل.
’قد يكون هناك أشخاص يخططون ويعملون إلى تدمير المساجد؛ لا أنكر ذلك’
“الحقيقة هي أن بامكان شخصا مثل يهودا غليك أن يكون عضوا في الكنيست، تعرض أمرا أو اثنان عن التطرف في المجتمع الإسرائيلي، وكيف يتم دفع اليمين الإسرائيلي إلى التطرف”، قال.
“قد يكون هناك أشخاص يخططون ويعملون إلى تدمير المساجد؛ لا أنكر ذلك. ولكن اليمين المتطرف الآن في مهمة اكثر تعليمية – لتغيير القلوب والعقول وتحويل افكار المؤمنين”.
مضيفا: “انهم لا يحاولون اشعال نهاية العالم عمليا؛ كان هذا الدرس المستفاد من يهودا عتصيون. نهاية العالم التي يهدفون اليها هي خلق تغيير تربوي لدى الشعب، وبالتالي يقوم هذا الأخير بالمطالبة بالمعبد”.