العصابات اليهودية التي اقتحمت قواعد الجيش الإسرائيلي أعلنت الحرب على دولة إسرائيل
هذه أيام لم يعد فيها أي شيء مفهوم ضمنا، لذلك يجب علينا مرة أخرى أن نكرر ونقول المفهوم ضمنا: يجب أن تظل إسرائيل دولة قانون - كمجموعة من القبائل والميليشيات ليس لديها أي فرصة للاستمرار بالوجود؛ يجب محاكمة كل من حاول عرقلة عمل الشرطة العسكرية وكل من اقتحم القواعد العسكرية ، وعلى رأسهم أعضاء الكنيست الذين قادوا الغوغاء
في 29 يوليو 2024، ولعدة ساعات في منطقة منشأة الاعتقال “سديه تيمان” العسكرية في شمال النقب، وفي منشأة المحاكم العسكرية في قاعدة “بيت ليد”، كان نظام إنفاذ القانون في دولة إسرائيل غائبا.
الخط الفاصل بين أجهزة التحقيق والملاحقة قضائية المنظمة، بما في ذلك الشرطة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي، وعصابات الخارجين عن القانون – بعضهم جنود احتياط يرتدون الزي العسكري، وبعضهم مواطنون غارقون في الكراهية، وبعضهم أعضاء كنيست ووزراء – تم اختراقه.
فُقد الإحساس بوجود سيادة القانون وحل محله رعب وجودي جماعي. فرض حشد غاضب وعنيف سيطرته. لفترة من الوقت، ساد قانون الغاب.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
لقد وجدت أجهزة إنفاذ القانون والأنظمة القضائية، التي كانت بمثابة خط الدفاع الأخير للبلاد قبل تفككها، نفسها مع ظهرها إلى الحائط. لسنوات عديدة، غضت الدولة الطرف عن المزيد والمزيد من أعمال خرق القانون الصارخة والصريحة والعنيفة من قبل مواطنيها. ليس فقط انتهاك القانون، ولكن ازدراء واضح وصارخ لأي عرض لإنفاذ القانون.
ما بدأ بهجمات نفذتها عصابات من الإرهابيين اليهود ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، واستمر بهجمات على جنود وعناصر الشرطة الذين جاءوا لإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية، تحول إلى محاولة للاستيلاء على سديه تيمان ومجمع في قاعدة بيت ليد، حيث تم احتجاز جنود الاحتياط المشتبه بهم.
كل هذا لأن مثيري الشغب غير مستعدين لقبول الحقيقة البسيطة المتمثلة في وجود تحقيق جنائي ضد جنود احتياط المشتبه بهم بارتكاب اعتداءات جنسية في ظروف اغتصاب لمعتقلين فلسطينيين من إرهابيي “النخبة”. هم ليسوا على استعداد لقبول حقيقة أنه حتى تجاه أسوأ الإرهابيين، فإن إسرائيل تتصرف كدولة قانون. إسرائيل ليست منظمة إرهابية.
إن تحصن جنود الاحتياط في معسكر سديه تيمان ومحاولتهم إحباط عمل محققي الشرطة العسكرية الذين وصلوا إلى الموقع بهدف اعتقال رفاقهم للتحقيق معهم في شبهات جنائية، لا تُعتبر جريمة جنائية وانتهاك لأوامر الجيش الإسرائيلي وأوامر قانون القضاء العسكري فحسب، وإنما أيضا تحد لسيادة القانون.
يجب التحقيق مع كل جندي من جنود الاحتياط الذين حاولوا منع اعتقال المشتبه بهم بارتكاب انتهاكات، أو بدلا من ذلك إبعادهم عن خدمة الاحتياط، ويجب القبض على أي مواطن اقتحم قاعدة سديه تيمان أو قاعدة بيت ليد ومحاكمته.
إن اقتحام معسكر للجيش لا يشكل جريمة جنائية فحسب، بل إنه يعرض قدرة الجيش على العمل لخطر أمني وعملياتي. من دون إطاعة الأوامر، ومن دون تسلسل قيادي، ومن دون قيادة وسيطرة من رئيس الأركان حتى آخر المجندين، لا يوجد جيش ولا أمن. ليس صدفة أن يعلن رئيس الأركان، اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي، أن اقتحام القاعدة يعرض أمن البلاد للخطر. هذه ليست مبالغة، هذا هو الوضع كما هو.
وعلى رأس هؤلاء جميعا – أعضاء الكنيست والوزراء الذين قادوا الغوغاء واقتحموا بأنفسهم القاعدة العسكرية.
ينبغي على المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا التوجه اليوم لرئيس الكنيست أمير أوحانا وإبلاغه بموجب قانون الحصانة بنيتها ملاحقة عضوي الكنيست تسفي سوكوت ونيسيم فاتوري والوزير عميحاي إلياهو قضائيا.
ولا داعي لتفسير متعمق لقوانين الحصانة، لنتبين أنه بالنسبة للجرائم التي ارتكبوها، لا يتمتع المشرعون بحصانة جوهرية ولا قضائية، والقانون ينطبق عليهم في هذا الشأن مثلهم مثل آخر المجرمين.
في الواقع، عقوبتهم أشد من العقوبة التي تُفرض على آخر المجرمين. في النضال الذي تديره دولة إسرائيل من أجل استمرار وجودها كدولة قانون، يلعب عملاء الفوضى في السياسة دورا مدمرا بشكل خاص، سواء في أفعالهم أو في تشجيعهم لمجموعات سكانية على التعامل مع قوانين الدولة وأي عنصر يقف في طريقهم كعدو.
آليات إنفاذ القانون مهددة بالانهيار من الداخل. تتصرف الشرطة الإسرائيلية بعدوانية وكفاءة مرعبة في العنف الذي تستخدمه ضد المتظاهرين في تل أبيب، وتختفي من المنطقة عندما يقتحم مثيرو الشغب العنيفون قاعدة الجيش الإسرائيلي بهدف الانتقام أولئك الذين جاءوا للتحقيق في جرائم جنائية.
إن السياسيين الذين يشجعون هذا النوع من السلوك هم أعداء سيادة القانون. وبحسب التفسير الأكثر تساهلا لسلوكهم، فإنهم لا يفهمون تأثيرهم على الجمهور الذي يستمع إليهم. وكلما كان موقعهم القيادي أكثر مركزية، كلما كان سلوكهم أكثر خطورة.
وزير العدل، ياريف ليفين، صرح يوم الإثنين “لقد صدمت عندما رأيت الصور القاسية لاعتقال الجنود في سديه تيمان، بطريقة تليق بالقبض على المجرمين الخطرين. وهذا أمر غير مقبول”. إدانة مماثلة للتحصن داخل القاعدة العسكرية ورفض الاعتقال واقتحام القاعدة العسكرية لم تُسمع على لسان وزير العدل.
بالنسبة لليفين، فإن حقيقة أن عناصر الشرطة العسكرية دخلوا القاعدة ملثمين هي أكثر خطورة من المعارضة العنيفة لإجراءات إنفاذ القانون. الوزير يصف إجراءات إنفاذ قانون بسيطة وضرورية، والتي لا يوجد أي شك فيها، بأنها “تشويه مستمر للقيم والأخلاق يبدأ بأحكام المحاكم العليا”. وعندما يكون هذا هو الوزير المسؤول عن جهاز القضاء في إسرائيل فإن ذلك يعني أن العفن قد تغلغل في قلب السلطة.
هذه أيام لم يعد فيها أي شيء مفهوم ضمنا، لذلك يجب علينا مرة أخرى أن نكرر ونقول المفهوم ضمنا: يجب أن تظل إسرائيل دولة قانون. كمجموعة من القبائل والميليشيات ليس لديها أي فرصة للاستمرار بالوجود.
من يعارض التحقيق في الجرائم التي ارتكبها جنود، حتى بحق إرهابيي “النخبة”، يعرض للخطر قدرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت على التعامل مع طلب إصدار مذكرات اعتقال دولية بحقهما.
وهو يعرض للخطر أيضا قدرة دولة إسرائيل على الاستمرار في أن تتصرف وأن يُنظر إليها باعتبارها من العالم المتحضر. والأهم من ذلك كله – هو يعرض حياة الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في أنفاق غزة للخطر.
من يضر بمؤسسات الدولة ونظامها القانوني ونظام تطبيق القانون فيها، فإنه يضر بأمنها وقدرتها على الاستمرار وفرص ازدهارها. العصابات اليهودية التي تسللت إلى قواعد الجيش الإسرائيلي أمس رفعت يدها على دولة إسرائيل وأعلنت حرفيا الحرب عليها.