العشائر في غزة تنفي سرقة حماس للمساعدات، بعد أن أوقفت إسرائيل تسليم المساعدات جزئيا
"مؤسسة غزة الإنسانية" تقول إنها المجموعة الوحيدة العاملة في القطاع يوم الخميس، بينما يقول مسؤولون في الأمم المتحدة إن إسرائيل منعت الوصول إلى معبر الحدود

نفى زعماء العشائر في غزة يوم الخميس أن يكون المسلحون الذين شوهدوا على متن شاحنات المساعدات الإنسانية في القطاع من عناصر حماس، وقالوا إنهم كانوا بالقعل يحمون المساعدات من السرقة، وذلك بعد أن قلصت إسرائيل عمليات تسليم المساعدات إلى القطاع على خلفية مزاعم عودة عناصر حماس لسرقة الإمدادات.
وفي وقت سابق من يوم الخميس، وبعد تداول صور لرجال ملثمين على متن شاحنات المساعدات، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان مشترك مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن هناك أدلة على أن حماس عادت للسيطرة على المساعدات التي تدخل شمال القطاع.
وقالا إن الجيش الإسرائيلي تلقى تعليمات بتقديم خطة لمنع حدوث ذلك خلال الـ48 ساعة المقبلة.
وفي أعقاب البيان المشترك وتقرير منفصل للقناة 12 زعم أن جميع عمليات تسليم المساعدات توقفت بسبب مخاوف من سرقة حماس للمساعدات، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية دافيد مينسر للصحفيين إن المساعدات لا تزال تدخل غزة من الجنوب لكنه لم يذكر ما إن كانت أي إمدادات تصل إلى شمال القطاع. وقد أكد مسؤولان لوكالة رويترز أن ذلك حدث بالفعل.
في الوقت نفسه، نفت الهيئة العليا لشؤون العشائر، التي تمثل العشائر المؤثرة في غزة، أن يكون الرجال الملثمون في الصور من عناصر حماس، وقالت إن الشاحنات تمت حمايتها في إطار عملية تأمين المساعدات وأن “عملية تأمين المساعدات تمت بجهد عشائري خالص”.
وأكدت الهيئة عدم مشاركة أي من الفصائل الفلسطينية، في إشارة إلى حماس، في هذه العملية. ونفت حماس، التي أدارت غزة لأكثر من عقدين لكنها الآن تسيطر على أجزاء من القطاع فقط بعد ما يقرب من عامين من الحرب مع إسرائيل، أي تورط لها في الهجوم.

وأثاء غزة، التي اندلعت مع اجتياح حماس لجنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، تدخلت العديد من العشائر ومنظمات المجتمع المدني والفصائل، بما في ذلك حركة فتح، للمساعدة في توفير الأمن لقوافل المساعدات.
والعشائر المكونة من عائلات ممتدة مرتبطة بالدم والزواج تشكل جزءا أساسيا من المجتمع في غزة منذ فترة طويلة.
وقال أمجد الشوا مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إن المساعدات التي تمكنت العشائر من حمايتها أمس الأربعاء توزع على الأسر المعوزة.
هناك نقص حاد في الغذاء والإمدادات الأساسية الأخرى في القطاع في ظل حملة عسكرية إسرائيلية مستمرة منذ ما يقرب من عامين شردت أغلب سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، في الوقت الذي تواصل فيه حماس احتجاز 50 إسرائيلياً كرهائن.
وتعرضت شاحنات المساعدات والمستودعات التي تخزن فيها الإمدادات للنهب مرارا، إذ تتهم إسرائيل حماس بسرقة المساعدات لصالح مقاتليها أو لبيعها من أجل تمويل عملياتها، وهو ما تنفيه حماس، في حين يقول آخرون إن من يقوم بالنهب هم في الغالب فلسطينيون يائسون أنهكهم الجوع.
وقال أبو سلمان المغني، وهو ممثل عن عشائر غزة، فيما يتعلق بعمليات الأمس إن العشائر جاءت لمنع أي معتدين أو لصوص من سرقة الأغذية التي يحتاج إليها الناس.
“مؤسسة غزة الإنسانية” وحدها تمكنت من توزيع المساعدات يوم الخميس
ورغم قول مينسر للصحفيين إن عمليات تسليم المساعدات إلى جنوب قطاع غزة استمرت كالمعتاد، إلا أن “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل قالت إنها منظمة الإغاثة الوحيدة التي سمح لها يوم الخميس بتوزيع الغذاء في غزة، ما يشير إلى عدم دخول شاحنات عبر معبر كرم أبو سالم.
شاحنات المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة عبر كرم أبو سالم في الجنوب وزيكيم في الشمال تحمل إمدادات تشمل الدقيق والغذاء والمعدات الطبية، وهي مخصصة لتكميل المساعدات التي توزعها “مؤسسة غزة الإنسانية”، والتي تعمل على نطاق أصغر وفي مناطق محدودة.

وأكد متحدث باسم الأمم المتحدة لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن السلطات الإسرائيلية منعت فرقها من الوصول إلى معبر زيكيم، حيث سعوا لاستلام المساعدات.
وقد أقرت الأمم المتحدة بأن قوافلها تعرضت للنهب، لكنها ألقت باللوم على عصابات مسلحة بدلاً من حماس، وأكدت أن الحل يكمن في سماح إسرائيل بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة لتقليل حجم الطلب.
ويدخل غزة في المتوسط 56 شاحنة فقط يومياً منذ أن رفعت إسرائيل جزئياً الحصار بعد 78 يوماً في 19 مايو. وتقول الأمم المتحدة إن هناك حاجة إلى مئات الشاحنات يومياً لتلبية الحاجة الماسة في القطاع.
وتقول “مؤسسة غزة الإنسانية” إن نموذجها أكثر فعالية، مؤكدة أن قوافلها لم تتعرض للنهب، حيث أن لديها مسلحين يمنعون مثل هذه الحوادث.
لكن المنظمة لا تدير سوى أربع نقاط توزيع في جميع أنحاء القطاع، ولا توجد أي منها في الشمال، ويضطر الغزيون إلى قطع مسافات طويلة وعبور خطوط الجيش الإسرائيلي للحصول على المساعدات.
ووافقت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس على تمويل بقيمة 30 مليون دولار لـ”مؤسسة غزة الإنسانية”، داعية الدول الأخرى لدعم المنظمة رغم الانتقادات.
وقال تومي بيغوت نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية إن “هذا الدعم ليس إلا أحدث تجسيد لمساعي الرئيس ترامب ووزير الخارجية روبيو لتحقيق السلام في المنطقة”.
ويقل مبلغ الـ30 مليون دولار كثيراً عن الـ500 مليون دولار التي أفيد بأن الولايات المتحدة كانت تدرس منحها للمؤسسة في وقت سابق من الشهر.

وقد وقعت حوادث أسفرت عن سقوط ضحايا جماعية بشكل شبه يومي، حيث أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي النار على فلسطينيين قالت إنهم خرجوا عن الطرق المصرح بها للوصول أو استخدموها عندما كان ذلك محظورًا. وقد وقعت بعض هذه الحوادث على طرق تستخدمها الأمم المتحدة لتوزيع المساعدات وليست قريبة من مواقع “مؤسسة غزة الإنسانية”.
وفي بيان أكد فيه أن “مؤسسة غزة الإنسانية” وحدها وزعت مساعدات يوم الخميس، قال المدير التنفيذي المؤقت للمنظمة جون أكري إن المؤسسة تأمل “أن يكون هذا توقفًا مؤقتًا وأن تتمكن جميع منظمات الإغاثة الأخرى قريبًا من استئناف توزيع المساعدات في المنطقة”.
وأضاف: “من الضروري أن يتم توزيع المساعدات بطريقة مسؤولة مباشرةً إلى الأشخاص الذين يحتاجونها”.
وأفادت المؤسسة أنها وزعت ما مجموعه 38,880 صندوقًا غذائيًا في ثلاثة من مواقعها يوم الخميس.
وقالت المنظمة إن كل صندوق يحتوي على ما يكفي من الطعام لإطعام 5.5 أشخاص لمدة 3.5 أيام، لكن المحتويات عبارة عن مواد غذائية جافة تتطلب التحضير في أماكن أخرى من غزة التي دمرتها الحرب، حيث المطابخ المجتمعية ووسائل الطهي المتوفرة محدودة للغاية.
المساعدات الطبية تصل غزة لأول مرة منذ شهور
في إشارة إلى الصعوبات في إيصال المساعدات إلى سكان قطاع غزة، قالت منظمة الصحة العالمية يوم الخميس إنها تمكنت أخيرًا من إيصال شحنة طبية يوم الأربعاء، وذلك لأول مرة منذ 2 مارس.
لكنها أوضحت أن الشاحنات التسع التي تم تسليمها هي “قطرة في بحر”.
وقال مدير عام المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس على منصة إكس إن شحنة الأربعاء من الإمدادات والبلازما والدم سيتم توزيعها بين مستشفيات القطاع في الأيام القادمة.
وأوضح تيدروس أن “تسع شاحنات محملة بإمدادات طبية أساسية و2000 وحدة دم و1500 وحدة بلازما” عبرت إلى القطاع الفلسطيني عبر معبر كرم أبو سالم “دون وقوع أي حادث نهب، رغم الظروف الخطرة على طول الطريق”.
وأضاف أنه “سيتم توزيع هذه الإمدادات على المستشفيات ذات الأولوية في الأيام المقبلة”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أنه “تم تسليم الدم والبلازما إلى منشأة التخزين المبردة في مجمع ناصر الطبي لتوزيعها على المستشفيات التي تواجه نقصا حادا، وسط تدفق متزايد للإصابات، يرتبط العديد منها بحوادث في مواقع توزيع المواد الغذائية”.

ولم تظهر حوادث سقوط الضحايا الجماعية في نقاط توزيع المساعدات أي علامات على التراجع يوم الخميس، إذ أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة المرتبط بحماس إن القوات الإسرائيلية قتلت 56 شخصًا في القطاع المدمر خلال اليوم، بعدما كانت حصيلة سابقة قد أفادت بمقتل 35.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل لوكالة فرانس برس إن ستة من القتلى كانوا ينتظرون الحصول على المساعدات في موقعين مختلفين.
ولم يصدر أي تعليق من الجيش الإسرائيلي على التقارير حول الضربات.
وتقول وزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس إن أكثر من 56 ألف فلسطيني في القطاع قتلوا حتى الآن، رغم أن الحصيلة لا يمكن التحقق منها ولا تميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 20 ألف مقاتل في المعارك حتى يناير، بالإضافة إلى 1600 مسلح داخل إسرائيل خلال هجوم 7 أكتوبر.
وتقول إسرائيل إنها تسعى إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين وتؤكد أن حماس تستخدم المدنيين في غزة كدروع بشرية، إذ تقاتل من مناطق مدنية تشمل المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد.
أما حصيلة قتلى إسرائيل في الهجوم البري ضد حماس في غزة والعمليات العسكرية على الحدود مع القطاع فقد بلغت 440 قتيلا، من بينهم شرطيان وثلاثة مقاولين مدنيين من وزارة الدفاع.
ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل في إعداد هذا التقرير