الطريق إلى استيطان غزة يمر عبر كذبة سموتريتش الجديدة
يحاول وزير المالية إقناع الرأي العام بأن استمرار الحرب سيجلب السلام والازدهار، لكن التاريخ يظهر خلاف ذلك؛ بدلا من الخطط الاقتصادية التي ستعد الاقتصاد لمواجهة التحديات، يروج سموتريتش لرؤية خطيرة للحكم العسكري في قطاع غزة وإعادة الاستيطان، مع تجاهل تفكك المجتمع الإسرائيلي والتهديد الاستراتيجي الحقيقي - إيران
يحاول وزير المالية بتسلئيل سموتريش أن يقنع الجمهور بسرد جديد: إذا حققت إسرائيل أهدافها في الحرب وهزمت أعدائها، فإن السلام والأمن سيعودان إلى المنطقة، جالبين معهما ثقة المستثمرين مع دفع النمو الاقتصادي قدما.
في الظاهر، تبدو هذه الرواية منطقية، لكنها في الواقع شعار فارغ. ويبدو أن هذه الرواية تهدف بالأساس إلى إعداد الرأي العام لاستمرار الحرب، وفي الوقت نفسه الترويج لرؤية الاستيطان في قطاع غزة، وهو الهدف المركزي لسموتريتش ومؤيديه. لكن التاريخ يروي قصة مختلفة تماما.
التاريخ يثبت خلاف ذلك
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
يظهر التاريخ أن الحروب المطولة انتزعت ثمنا اقتصاديا باهظا من إسرائيل، ولم تساهم في النمو. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك حرب “يوم الغفران”. ورغم أنها انتهت بانتصار يمكن وصفه اليوم بـ”النصر الكامل”، إلا أن إسرائيل دخلت بعده في أزمة اقتصادية عميقة: تضخم جامح، وعجز كبير في الميزانية، ونفقات دفاع وصلت إلى أكثر من ربع الموازنة وانخفاض قيمة العملة.
هل يختلف الوضع اليوم؟ بالتأكيد – وهو لا يصب في صالحنا. دخلت إسرائيل حرب يوم الغفران خلال فترة من الازدهار الاقتصادي، وهي واحدة من أهم الفترات في تاريخها. في المقابل، كان الاقتصاد الإسرائيلي في عام 2023 يشهد بالفعل تراجعا سريعا، ويرجع ذلك أساسا إلى المخاوف من تنفيذ خطة التعديلات القضائية. وقد استُنفدت الاحتياطيات التي تركتها حكومة التغيير في الخزينة حتى اندلاع الحرب، لتصبح بعدها عجزا كبيرا.
بعد حرب “يوم الغفران”، بدأ وزير المالية آنذاك يهوشواع رابينوفيتش سلسلة من البرامج الاقتصادية المصممة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، نجح بعضها، بينما فشل البعض الآخر. المشكلة هي أن سموتريتش يمتنع اليوم عن تنفيذ ولو خطة أو إصلاح واحد من شأنه أن يهيئ الاقتصاد الإسرائيلي لمواجهة التحديات المتوقعة بعد الحرب.
بدلا من ذلك، يحرص على عدم اتخاذ خطوات قد تثير غضب شركائه في الائتلاف، وبالتالي يعرض جاهزية الاقتصاد للخطر من أجل الحفاظ على بقائه السياسي.
إدارة حياة الفلسطينيين في قطاع غزة: وصفة لفشل اقتصادي
نهاية الحرب، كما طرحها سموتريش، تعني الاستيلاء على مساحات واسعة في قطاع غزة. في المرحلة الأولى، يضغط الوزير بأن يكون الجيش هو من يقوم بتوزيع المواد الغذائية على السكان. وبعد أن تحظى هذه الخطوة بقبول الجمهور، يخطط سموتريتش للانتقال إلى المرحلة التالية: تطبيق الحكم العسكري الكامل في القطاع وإدارة حياة السكان الفلسطينيين بشكل مباشر. والهدف النهائي لهذه الخطة العظيمة هو إعادة الاستيطان في قطاع غزة.
إن رؤية سموتريتش تضع عبئا ماليا ثقيلا لا يطاق على كاهل إسرائيل. إن الدولة التي ستضطر إلى تمويل الخدمات الصحية والتعليم والبنية التحتية لحوالي مليوني فلسطيني، والاحتفاظ بشكل دائم بأربعة أقسام في القطاع بينما تفتقر بالفعل إلى القوى العاملة، سوف تتدهور إلى هوة اقتصادية عميقة.
تشير التقديرات إلى تكلفة إضافية تبلغ نحو 20 مليار شيكل سنويا، وهو مبلغ لا تملكه الدولة. وذلك حتى قبل الأخذ في الاعتبار تكاليف إعادة إعمار القطاع والثمن الباهظ المتمثل في حياة الجنود. في مثل هذا السيناريو، قد نحتاج إلى خطة “الاقتصاد بعون الله” للخروج من هذا الوضع بسلام.
הם רוצים לעצור את המלחמה.
הם בקמפיין תבהלה על קריסת הכלכלה אבל הבעיה שלהם היא שהמספרים מדברים בעד עצמם.
אנחנו מתמודדים עם המלחמה הארוכה והיקרה ביותר שידענו ובכל זאת כלכלת ישראל איתנה וחזקה.
אנחנו מביאים תקציב אחראי עם צעדים לא פשוטים. זו כלכלה שתומכת את המלחמה, וכלכלה שתאפשר… pic.twitter.com/NTQttMwae0
— בצלאל סמוטריץ’ (@bezalelsm) November 18, 2024
إيران هي التي تشكل تهديدا وجوديا وليس حماس
يصف سموتريتش الواقع الذي سيؤدي فيه القضاء على حماس إلى تحقيق الأمن على المدى الطويل، الأمر الذي سيؤدي إلى استعادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإسرائيلي. إلا أن حماس ـ على الرغم من المعاناة الهائلة التي تسببت فيها ـ لم تشكل قط تهديدا وجوديا لإسرائيل، حتى عندما لعبت على ملعب لوحدها في منطقة غلاف غزة في السابع من أكتوبر.
إن التهديد الحقيقي الذي يهدد وجود إسرائيل هو إيران ـ الدولة التي تطور الأسلحة النووية، وتمول الإرهاب في مختلف أنحاء المنطقة، وتعلن صراحة عن نيتها تدمير إسرائيل. وعلى هذه الجبهة، فشلت الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو وسموتريتش فشلا ذريعا.
طالما استمرت إيران في تسليح نفسها والتحرك نحو تطوير النووي دون عوائق، لن ينجح أي انتصار على حماس في تغيير الوضع الاستراتيجي، ولن يحوّل إسرائيل إلى “سويسرا الشرق الأوسط”.
التهديد الداخلي
إلى جانب التهديدات الخارجية، يتجاهل سموتريتش تفكك المجتمع الإسرائيلي – وهو التهديد الذي يقوض قدرة الصمود الوطنية أكثر من أي عدو. يقع معظم العبء الاقتصادي والخدمة في الجيش الإسرائيلي على أكتاف أقلية من المواطنين، معظمهم من اليهود العلمانيين والملتزمين دينيا، الذين يشعرون بالاستغلال والإحباط في مواجهة السياسات الاقتصادية التي تعمق الفجوات وتترك قطاعات بأكملها خارج دائرة العمل والخدمة العسكرية.
إن دعم سموتريتش لاستمرار هذه السياسة التمييزية لا يؤدي إلا إلى تفاقم الشرخ الاجتماعي وتعزيز الخطر الوجودي من الداخل.
ويشكل التفكك الاجتماعي أيضا تهديدا خطيرا للاقتصاد. لن يتمكن أي انتصار، كاملا كان أم جزئيا، من التعويض عن رحيل الكثيرين من الطبقة المنتجة في البلاد إلى الخارج، وعن خوف المستثمرين من الاستثمار في بلد منقسم، وعن هروب مليارات الشواكل من الاقتصاد الإسرائيلي إلى الخارج.
الأمن يجلب النمو؟ فقط إذا كان حقيقيا
في نهاية المطاف، فإن ادعاء سموتريتش بأن النصر سوف يجلب الأمن، والأمن سوف يؤدي إلى النمو، يتجاهل الواقع المعقد. إن الأمن الاقتصادي والاجتماعي لا يتحقق من خلال الحروب التي لا نهاية لها والحكم العسكري، بل من خلال الاستقرار الإقليمي، والاستثمار في الطبقة المتوسطة، والمساواة في الأعباء، واستعادة ثقة الجمهور.
لكن كل هذه الأمور تتعارض مع الهدف الرئيسي لسموتريتش وهو الاستيطان في قطاع غزة. لذلك لا يمكنه إلا الاستمرار في بيع الأوهام للجمهور.