الصحافة العربية لم تقتنع بالتوضيحات الإسرائيلية بشأن انفجار المستشفى في غزة
باستثناء بعض وسائل الإعلام الخليجية، الصحافة العربية لا تمنح الكثير من المصداقية للأدلة التي أشارت إلى أن الانفجار ناجم عن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي، وتنتقد الغرب لدعمه إسرائيل
لم تغير وسائل الإعلام العربية في معظمها تغطيتها لانفجار مستشفى الأهلي المعمداني في غزة ليلة الثلاثاء، على الرغم من تقديم إسرائيل أدلة على أن الدمار في الموقع نتج عن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي من داخل غزة، وليس غارة جوية إسرائيلية.
خرجت حشود غاضبة إلى الشوارع في الضفة الغربية ولبنان والأردن وأماكن أخرى في المنطقة ليلة الثلاثاء، مع انفجار الغضب الشعبي بسبب عدد القتلى المرتفع الذي أعلنته حركة حماس في الانفجار الذي نُسب إلى إسرائيل.
وقد ألقى وزراء الخارجية العرب، بما في ذلك الدول التي لديها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، بالإجماع باللوم على الجيش الإسرائيلي في الحادث، وأشار العديد منهم في تصريحاتهم إلى أن 500 فلسطيني قُتلوا في الانفجار، على الرغم من أن الأرقام التي قدمتها وزارة الصحة التابعة لحماس لم يتم تأكيدها.
وقدم الجيش الإسرائيلي أدلة تدعم تأكيده أن الانفجار نتج عن صاروخ خاطئ أطلقه مسلحون فلسطينيون، ولم يكن ناجما عن غارة جوية إسرائيلية، بما في ذلك تسجيل محادثة تم اعتراضها بين مسؤوليْن من حركة حماس قالا إن الانفجار نتج عن صاروخ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية ولم يصل إلى هدفه.
لكن حتى الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبر إحدى دول المنطقة التي تتمتع بأفضل العلاقات الدبلوماسية مع القدس، والمملكة السعودية، التي كانت في طريقها لتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل اندلاع الحرب، أعلنتا في بيانات منفصلة إنهما تدينان “بأشد العبارات” الهجوم الإسرائيلي.
ومع ذلك، نقلت وسائل إعلام من البلدين الخليجيين، مثل صحيفة “عرب نيوز” السعودية وصحيفتي “خليج تايمز” و”غلف نيوز” الإماراتيين، صورة محايدة نسبيا للانفجار الذي وقع مساء الثلاثاء، وأشارتا إلى تبادل الاتهامات بين إسرائيل وحماس بشأن المسؤولية على المأساة.
كما عرضت “عرب نيوز”، وهي صحيفة عربية مقرها لندن، نسخة دقيقة عن الأحداث في نسختها باللغة الإنجليزية، لكن طبعتها العربية اتهمت إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في هجومها المزعوم على المستشفى، ونددت بالرئيس الأمريكي جو بايدن لتبنيه الرواية الإسرائيلية.
كما ألقت قناة “الجزيرة” المملوكة للحكومة القطرية الداعمة لحركة حماس، هي أيضا باللائمة في انفجار المستشفى على غارة جوية للجيش الإسرائيلي، متهمة إسرائيل بارتكاب “مجزرة”.
في مصر والأردن، ، قدمت الصحافة أيضا نسخة أحادية الجانب إلى حد ما للأحداث، وقبلت رواية حماس على الرغم من توضيحات الجيش الإسرائيلي التي تبناها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
مصر والأردن هما البلدان العربيان اللذان تربطهما أقدم اتفاقيتي سلام مع إسرائيل. ومع ذلك، يُعتبر السلام بين البلدين وإسرائيل “سلاما باردا”، لأن التعاون الدبلوماسي والأمني لم يُترجم أبدا إلى علاقات بين الشعوب، ولا يزال الرأي العام في البلدين معاديا للغاية لإسرائيل بعد عقود من توقيع المعاهدتين.
ويشترك البلدان في الحدود مع إسرائيل والأراضي الفلسطينية، وقد أعرب كلاهما عن مخاوفه بشأن احتمال تدفق اللاجئين الفلسطينيين نتيجة للحرب.
واستنكرت صحيفة “جوردان تايمز” الازدواجية المزعومة في المعايير لدى لغرب، ونقلت عن أحد الناشطين قوله: “إننا نسمع الغرب دائما يتباهى بضمان حقوق الإنسان للناس في الممارسة وفي الاتفاقيات، لكن هذا لا يتم تطبيقه في حالة سكان غزة”.
واتهم الصحفي عامر السبايلة في مقال في نفس الصحيفة إسرائيل بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها ليس فقط من خلال حربها في غزة، ولكن أيضا من خلال هجماتها المتكررة على المطارات السورية. في حين أن الجيش الإسرائيلي لم يعلن أبدا مسؤوليته عن غارات محددة، فقد أقرت إسرائيل بارتكاب غارات جوية كسياسة لمواجهة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى منظمة حزب الله اللبنانية المدعوة من طهران باستخدام رحلات جوية عبر سوريا.
وفي صحيفة “الأهرام” المصرية، انتقد مقال للكاتب سلمان أبو ستة القادة الأوروبين بسبب ما وصفه “تساقطهم أحدهم فوق الآخر لتكريم دولة إسرائيل الصهيونية”، المقال، الذي يحمل عنوان “عودة البرابرة”، شبه زيارات القادة الغربيين إلى إسرائيل منذ بداية الحرب بغزو الصليبيين للأراضي المقدسة في القرن الحادي عشر، مشيرا إلى أن “الصليبيين قد رحلوا، لكن الجميع يذكر سجلهم الدامي”.
كما تجاهل المغرب، وهو بلد عربي آخر قام بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في عام 2020 في إطار “اتفاقيات إبراهيم” بعد الإمارات، الرواية الإسرائيلية للأحداث إلى حد كبير. وقال سمير شوقي في مقال افتتاحي في موقع “اليوم 24” الإخباري إن عنف المغول، الذين عاثوا فسادا في العالم العربي في القرن الثالث عشر، يتضاءل بالمقارنة مع “همجية” رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته ضد غزة، وانتقد الكاتب “الغرب المنافق” لتبنيه وتكراره الرواية الإسرائيلية.