الشرع يسرع الخطى لاحتواء أسوأ أعمال عنف في سوريا منذ سنوات
اتهم رئيس سوريا الانتقالي الموالين للرئيس المخلوع بشار الأسد وقوى أجنبية لم يسمها بمحاولة إثارة الاضطرابات "وجر بلادنا إلى حرب أهلية"، بعد مقتل أكثر من ألف، معظمهم من المدنيين

(رويترز) – تعهد رئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع اليوم الأحد بملاحقة مرتكبي الاشتباكات العنيفة بين الموالين للرئيس المخلوع بشار الأسد والحكام الإسلاميين الجدد للبلاد وقال إنه سيحاسب أي شخص يتجاوز سلطته.
واستمرت الاشتباكات، التي قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنها أدت بالفعل إلى مقتل ألف معظمهم من المدنيين، لليوم الرابع على التوالي في معقل الأسد في بلدات ومدن على ساحل البحر المتوسط.
وفي خطاب بثه التلفزيون الوطني ونشر على وسائل التواصل الاجتماعي، اتهم أحمد الشرع، الذي أطاحت حركته المعارضة بالأسد في ديسمبر، “فلول النظام السابق” وقوى أجنبية لم يسمها بمحاولة إثارة الاضطرابات.
وقال “اليوم، ونحن نقف في هذه اللحظة الحاسمة، نجد أنفسنا أمام خطر جديد، يتمثل في محاولات فلول النظام السابق ومن وراءهم من الجهات الخارجية، خلق فتنة جديدة، وجر بلادنا إلى حرب أهلية، بهدف تقسيمها وتدمير وحدتها واستقرارها”.
واتهم مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية، أكبر جماعة كردية سورية مسلحة والتي تخوض معركة منفصلة مع تركيا، الفصائل المدعومة من أنقرة بالوقوف في المقام الأول وراء عمليات القتل. ولم ترد تركيا على هذا الاتهام بعد.
وفي الأمم المتحدة بنيويورك، قال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة وروسيا طلبتا من مجلس الأمن عقد اجتماع مغلق غدا الاثنين لبحث تصاعد العنف في سوريا.
وقالت الرئاسة السورية اليوم الأحد إن دمشق شكلت لجنة مستقلة للتحقيق في الاشتباكات وما ارتكبه الجانبان من قتل. وشارك سوريون مقاطع مصورة مروعة لعمليات إعدام نفذها مقاتلون. ولم يتسن لرويترز التحقق من صحة المقاطع بعد.

وقال الشرع في كلمة مصورة “نؤكد أننا سنحاسب بكل حزم ودون تهاون كل من تورط في دماء المدنيين أو أساء إلى أهلنا، ومن تجاوز صلاحيات الدولة أو استغل السلطة لتحقيق مآربه الخاصة، فلن يكون هناك أي شخص فوق القانون، وكل من تلوثت يداه بدماء السوريين، سيواجه العدالة عاجلا غير آجل”.
وقال مصدر أمني سوري إن وتيرة القتال تباطأت في أنحاء مدن اللاذقية وجبلة وبانياس، في حين قامت القوات بتمشيط المناطق الجبلية المحيطة حيث يختبئ ما يقدر بنحو خمسة آلاف مسلح من الموالين للأسد.
وحث الشرع السوريين في وقت سابق اليوم على عدم السماح للتوتر الطائفي بزعزعة استقرار البلاد بشكل أكبر.
وقال الشرع في مقطع مصور نشر على الإنترنت تحدث فيه فجر اليوم من أحد مساجد منطقة المزة في دمشق حيث نشأ “يجب أن نحافظ على الوحدة الوطنية وأن نحافظ على السلم الأهلي في البلد قدر الإمكان… قادرين إن شاء الله على العيش سويا في هذا البلد قدر المستطاع”.

وأكد “اطمئنوا على هذا البلد فيه مقومات كثيرة إن شاء الله للبقاء” وأوضح أن التطورات الحالية التي تشهدها البلاد تقع ضمن “التحديات المتوقعة”.
أطاحت جماعات من المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام بحكومة الأسد، الذي فر إلى روسيا تاركا وراءه عددا من أقرب مستشاريه وأنصاره، بينما قادت هيئة تحرير الشام عملية تعيين حكومة مؤقتة وسيطرت على القوات المسلحة السورية.
وأنهت الإطاحة بالأسد في ديسمبر حكم عائلته سوريا لعقود بقبضة من حديد وبعد حرب أهلية دمرت البلاد بدأت كانتفاضة سلمية في 2011.
وأصبحت الحرب مسرحا لصراعات بالوكالة بين مجموعة من الفصائل المسلحة ذات الولاءات والأجندات المختلفة إذ تلقى بعضها دعما من دول غربية ودول عربية ومن تركيا في حين دعمت روسيا وإيران وفصائل موالية لطهران الأسد. وتسببت الحرب في مقتل مئات الآلاف ونزوح ملايين السوريين.
ومنذ الإطاحة بالأسد اشتبكت فصائل مدعومة من تركيا مع القوات الكردية التي تسيطر على جزء كبير من شمال شرق سوريا. وقالت مصادر لرويترز إن إسرائيل ضربت مواقع عسكرية في سوريا بشكل منفصل، وتضغط على الولايات المتحدة لإبقاء سوريا ضعيفة.
تمرد متزايد
بعد هدوء نسبي لشهور في أعقاب الإطاحة بالأسد، تصاعدت أعمال العنف مع بدء القوات المرتبطة بالحكام الإسلاميين الجدد حملة صارمة على تمرد متزايد من أبناء الطائفة العلوية في محافظتي اللاذقية وطرطوس على البحر المتوسط.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يتخذ من بريطانيا مقرا، أمس السبت إن أكثر من ألف قتلوا في يومين من الاشتباكات. وأضاف أن 745 منهم من المدنيين و125 من أفراد قوات الأمن السورية و148 من المسلحين الموالين للأسد.

وأضاف رامي عبد الرحمن مدير المرصد أن المدنيين بينهم نساء وأطفال من العلويين.
وقال عبد الرحمن لرويترز اليوم الأحد إن عدد القتلى من بين الأعلى منذ هجوم بالأسلحة الكيماوية شنته قوات الأسد في 2013 وأفضى إلى مقتل نحو 1400 في إحدى ضواحي دمشق.
وقالت مصادر أمنية سورية إن ما لا يقل عن 300 من عناصرها قتلوا في الاشتباكات مع أفراد سابقين في الجيش يدينون بالولاء للأسد بعد هجمات وكمائن منسقة على قواتهم يوم الخميس.
وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) اليوم الأحد أنه تم اكتشاف مقبرة جماعية بالقرب من القرداحة، مسقط رأس الأسد، تحتوي على جثث أفراد من قوات الأمن الذين قتلوا في الآونة الأخيرة.
وتصاعدت الهجمات وتحولت إلى عمليات قتل انتقامية عندما توجه آلاف المسلحين من أنصار حكام سوريا الجدد من مختلف أنحاء البلاد إلى المناطق الساحلية لدعم قوات الإدارة الجديدة المحاصرة.

وصار العلويون مرتبطين بفظائع ارتكبت خلال الحرب في ظل حكم الأسد ضد سكان سوريا ومعظمهم من السنة بسبب انتمائهم الديني.
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك القيادة السورية المؤقتة إلى تقديم مرتكبي الجرائم إلى العدالة.
سكان: المنازل أحرقت
قال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي لرويترز في تعليقات مكتوبة “نناشد رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع للتدخل لوقف الانتهاكات في سوريا ومحاسبة مرتكبي هذه المجازر”.
وأضاف أن عمليات القتل تلك “تُرتكب في الساحل من قبل فصائل متعددة على رأسها الفصائل التي لا تزال مدعومة من تركيا والمتطرفين الإسلاميين، والتي تعمل تحت غطاء الجيش السوري الجديد”.
وقالت وزارة الدفاع السورية وإدارة الأمن العام أمس السبت إنهما تحاولان استعادة الهدوء والنظام ومنع أي انتهاكات ضد المدنيين في المنطقة الساحلية.
وألقت السلطات بمسؤولية عمليات إعدام ميدانية لعشرات الشبان ومداهمات لمنازل في قرى وبلدات علوية على فصائل مسلحة خارجة عن السيطرة جاءت لمساعدة قوات الأمن وهي جماعات تحمل أنصار الأسد منذ فترة طويلة مسؤولية جرائم سابقة.
وقال أحد سكان بلدة القدموس لرويترز إن الناس في البلدة والقرى المحيطة بها فروا إلى الحقول القريبة لحماية أنفسهم. وأضاف أن قافلة من المقاتلين مزودة بدبابات وأسلحة ثقيلة وطائرات مسيرة صغيرة أحرقت منازل وسيارات على الطريق الرئيسي بالقرب من بلدته.
وأضاف طالبا عدم الكشف عن هويته خوفا من الانتقام أنه لا يعلم عدد القتلى حتى الآن لأن السكان لم يعودوا إلى منازلهم ولا يخططون لذلك خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقال مصدر أمني سوري إن مسلحين موالين للأسد نفذوا هجمات خاطفة على عدد من المرافق العامة خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وأضاف مصدر آخر في الشرطة أن السلطات في دمشق سترسل تعزيزات لدعم وجودها الأمني في محافظة اللاذقية الجبلية حيث تساعد الغابات الكثيفة والتضاريس الوعرة المسلحين المناهضين للحكومة.