السلطة الفلسطينية توافق على تعليق خطواتها في الأمم المتحدة، على الرغم من سعي إسرائيل الدفع بخطط بناء وحدات استيطانية
في مواجهة ضغوط أمريكية، رام الله تكتفي ببيان رمزي من مجلس الأمن حول المستوطنات، بينما توافق إسرائيل على وقف بعض وليس كل الأنشطة وراء الخط الأخضر
تمكنت إدارة بايدن من إقناع السلطة الفلسطينية بسحب دعمها لمشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري للنشاط الاستيطاني، بعد إقناع إسرائيل بالتوقف مؤقتا عن مجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز وجودها في الضفة الغربية، حسبما قالت أربعة مصادر لتايمز أوف إسرائيل يوم الأحد.
ومع ذلك، وفقا لمسؤول إسرائيلي، فإن هذه الإجراءات لن تشمل تأجيل خطط الدفع قدما ببناء نحو 10 آلاف وحدة استيطانية جديدة في عمق الضفة الغربية، والتي ستعرض على هيئة وزارة الدفاع المسؤولة عن التصريح على هذا النوع من البناء يومي الأربعاء والخميس.
بدلا من ذلك، وافقت إسرائيل على عدم المصادقة على بناء وحدات استيطانية إضافية لعدة أشهر – وهو أمر لم تكن تنوي القيام به على أي حال، حيث تجتمع الإدارة المدنية بوزارة الدفاع تقليديا مرة كل ثلاثة أشهر، كما أوضح المسؤول الإسرائيلي.
وافقت إسرائيل أيضا على تأجيل هدم وطرد فلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية والضفة الغربية لعدة أشهر وكذلك على تقليل التوغلات العسكرية في المنطقة A الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية خلال ذلك الوقت، حسبما قال مسؤولان أمريكي وفلسطيني، مؤكدين ما ورد في موقع “واللا” الإخباري.
ووافقت رام الله بدورها على سحب دعمها لقرار مجلس الأمن الذي يدعو إلى وقف فوري للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي، والذي كان من المفترض أن يتم التصويت عليه يوم الاثنين. وقال اثنان من كبار الدبلوماسيين في الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة وافقت بدلا من ذلك على دعم بيانات رئاسية رمزية وغير ملزمة من أعضاء مجلس الأمن لنفس الغرض، والتي ستتضمن أيضا إدانة الهجمات والعنف الذي يتعرض له كلا الجانبين. وسيكون هذا البيان الأول من نوعه بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ تسع سنوات.
كما وافق رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على تبني خطة أمريكية لتعزيز الوجود الأمني للسلطة الفلسطينية في شمال الضفة الغربية، حيث يعمل الجيش الإسرائيلي بشكل متزايد، مما أدى إلى اشتباكات دامية متكررة مع الفلسطينيين خلال الأشهر العديدة الماضية.
وقال مسؤول فلسطيني إنه كجزء من الجهود المبذولة لإقناع عباس، أبلغه وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أن الولايات المتحدة ستدعوه للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن في البيت الأبيض في وقت لاحق من هذا العام.
في غضون ذلك، قال مسؤول أمريكي ودبلوماسي من الشرق الأوسط لتايمز أوف إسرائيل الأسبوع الماضي إن إدارة بايدن علقت خططا لتوجيه دعوة لنتنياهو إلى البيت الأبيض، نظرا للمخاوف بشأن بعض مقترحات الحكومة المتشددة المتعلقة بسياساتها، وأن الولايات المتحدة تعتزم الانتظار لترى كيف ستجري الأمور على الأرض قبل إعادة التطرق للمسألة.
تمثل الالتزامات انفراجة متواضعة رغم ذلك، بعد جهود إدارة بايدن التي استمرت لمدة شهر لحث الإسرائيليين والفلسطينيين على اتخاذ خطوات لخفض التوترات، لا سيما مع اقتراب شهر رمضان في أواخر مارس.
تواصلت الولايات المتحدة بشكل مكثف مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين، نظرا لتصاعد العنف الذي أودى بحياة 11 إسرائيليا في هجمات وما يقارب من 50 فلسطينيا منذ بداية العام – معظمهم في اشتباكات مع الجنود الإسرائيليين، لكن بعضهم في ظروف أقل وضوحا.
بينما كان يُعتقد أن الولايات المتحدة تحرز تقدما في الجهود المبذولة لإقناع الجانبين بإيقاف أنشطتهما المثيرة للجدل ما وراء الخط الأخضر وفي الأمم المتحدة بعد زيارتين قام بهما مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الشهر الماضي، بدأت الأمور في الانهيار عندما اصطدم فلسطيني بسيارته في محطة للحافلات في القدس الشرقية مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، من بينهم شقيقان يبلغان من العمر 6 و8 سنوات في 10 فبراير.
ردت إسرائيل بعد أيام بالموافقة على شرعنة تسع بؤر استيطانية – العديد منها على أراض فلسطينية خاصة – وأعطت الضوء الأخضر لبناء 10 آلاف وحدة سكنية استيطانية هذا الأسبوع، في ما ستكون أكبر حزمة من المشاريع على الإطلاق تتم الموافقة عليها في جلسة واحدة.
وردت السلطة الفلسطينية بالضغط على مجلس الأمن الدولي لتبني مشروع قرار يدين القرار الإسرائيلي. أخذت الإمارات العربية المتحدة المهمة على نفسها وصاغت مشروع قرار يدعو إلى الوقف الفوري للنشاط الاستيطاني، مما وضع الولايات المتحدة في موقف غير مريح، حيث كانت تحدثت هي أيضا بقوة ضد قرار إسرائيل يوم الأحد الماضي.
على الرغم من دعم القرار بشكل أساسي، إلا أن إدارة بايدن أكدت منذ فترة طويلة أن الأمم المتحدة ليست المنتدى المناسب للفصل في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
يبدو أن بلينكن قد أحرز تقدما خلال نهاية الأسبوع بعد مكالمتين أجراهما مع نتنياهو وعباس، في محاولة أخيرة لدفع الطرفين نحو حل وسط.
أتت الجهود رفيعة المستوى بثمارها يوم الأحد، عندما وافق كلا الجانبين على الوقف المؤقت لخططهما الأولية.
وأوضح مسؤول فلسطيني أن الوضع لا يزال متقلبا وأن حكومة رام الله “سترد على أي إجراء أحادي الجانب من جانب إسرائيل”.
أقر المسؤول الأمريكي بأنه لا توجد فترة زمنية محددة للمدة التي سيتفق فيها الطرفان على تأجيل الخطوات ما وراء الخط الأخضر وفي الأمم المتحدة، لكنه قال إن الإدارة “ستستمر في التواصل مع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين للحفاظ على الهدوء وعلى احتمالات حل الدولتين حية”.