إسرائيل في حالة حرب - اليوم 492

بحث

السلطة الفلسطينية تعلن عن تجديد العلاقات مع إسرائيل مع تلاشي المخاوف من خطة الضم

بعد ستة أشهر من قطع العلاقات مع القدس احتجاجا على خطة السيادة التي تم التخلي عنها في الوقت الحالي، رام الله تعلن "سيتم إعادة مسار العلاقة مع إسرائيل"

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يترأس اجتماع للقيادة الفلسطينية في مقره بمدينة رام الله في الضفة الغربية، 19 مايو، 2020. (Alaa Badarneh/Pool Photo via AP)
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يترأس اجتماع للقيادة الفلسطينية في مقره بمدينة رام الله في الضفة الغربية، 19 مايو، 2020. (Alaa Badarneh/Pool Photo via AP)

أعلنت السلطة الفلسطينية يوم الثلاثاء عن تجديد العلاقات الأمنية والمدنية مع إسرائيل، والتي قُطعت قبل ستة أشهر بسبب خطة إسرائيل لضم الضفة الغربية من جانب واحد، والتي تم تعليقها منذ ذلك الحين.

وجاء هذا التحول بعد أيام من فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، والذي تتوقع رام الله أن يظهر تعاطفا أكبر مع القضية الفلسطينية من الرئيس دونالد ترامب. وقد قطعت السلطة الفلسطينية جميع تعاملاتها مع إدارة ترامب قبل ثلاث سنوات.

وبحسب وكالة الأنباء الرسمية “وفا”، جاء الإعلان بعد تلقي الفلسطينيين ضمانات من  خلال “اتصالات دولية” بأن إسرائيل ستلتزم بالاتفاقات السابقة.

وقال رئيس الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية حسين الشيخ أنه “على ضوء الاتصالات الدولية التي قام بها الرئيس محمود عباس بشأن التزام اسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معها واستنادا إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبة وشفوية بما يؤكد التزام اسرائيل بذلك، فإنه سوف يتم إعادة مسار العلاقة مع اسرائيل كما كان عليه الحال قبل 19/5/2020”.

لجنة الشؤون المدنية التي يرأسها الشيخ هي المسؤولة عن إدارة العلاقات مع إسرائيل. حاول الوزير السابق في السلطة الفلسطينية والمقرب من عباس تصوير العودة إلى التنسيق مع إسرائيل على أنها “انتصار لشعبنا العظيم”.

وقال الشيخ في مقابلة مع “تلفزيون فلسطين” الرسمي: “موقفنا كان واضحا: طالما كانت هناك نية للضم، فإن القيادة الفلسطينية اعتبرت نفسها معفية من اتفاقاتها مع إسرائيل”.

وتابع الشيخ قائلا: “توجهنا إلى الحكومة الإسرائيلية – كتابيا – في الأيام الأخيرة وسألنا عما إذا كانوا ما زالوا ملتزمين بالاتفاقيات معنا… لقد تلقينا رسالة اليوم من الحكومة الإسرائيلية مفادها أنهم ملتزمون بالاتفاقيات الموقّعة مع القيادة الفلسطينية”.

وانتقدت حركة “حماس” قرارسلطة رام الله بشدة، واصفة إياه بأنه “هجوم ضد الجهود الوطنية لبناء تعاون وإستراتيجية لمقاومة الاحتلال والضم والتطبيع و’صفقة القرن’، ويأتي في أعقاب إعلان عن آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس المحتلة”.

المتحدث بإسم حماس حازم قاسم، الذي تسعى حركته علنا لتدمير إسرائيل، أعرب بشكل خاص عن غضبه من تصريحات الشيخ. بعض جوانب تنسيق السلطة الفلسطينية مع إسرائيل – وخاصة التنسيق الأمني – مثيرة للجدل بين الفلسطينيين.

وقال قاسم: “حديث السلطة الفلسطينية في رام الله عن انتصارات بعودتها للتنسيق الأمني هو استغفال للرأي العام الفلسطيني”، مؤكدا على أن الفلسطينيين يعارضون الإعلان ويدينونه.

وقد عقدت حركتا “فتح” و”حماس” عدة جولات من المحادثات في الأشهر الأخيرة، قادها أمين سر اللجنة المركزية لحركة “فتح”، جبريل رجوب، في محاولة لرأب الصدع بين الفصيلين الفلسطينيين المتناحرين.

والحركتان على خلاف منذ عام 2007، عندما قامت حماس بطرد فتح التي يترأسها عباس من غزة بعد صراع دام على السيطرة على القطاع. وقد باءت محاولات عدة لإنهاء الانقسام المستمر منذ فترة طويلة في السياسة الداخلية الفلسطينية بالفشل.

عناصر من كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، خلال دورية في رفح، جنوب قطاع غزة، 27 أبريل، 2020. (Abed Rahim Khatib / Flash90)

اعتبر المحللون على نطاق واسع أن آخر سلسة من المحادثات، والتي بدأت في منتصف الصيف، هي محاولة لاستغلال الوقت المتبقي قبل الانتخابات الأمريكية. وتوقع كثيرون أنه إذا تم انتخاب بايدن فإن حكومة رام الله ستبتعد عن “حماس” وستحاول بدلا من ذلك إصلاح العلاقات مع الولايات المتحدة.

وقالت حماس، “نطالب السلطة الفلسطينية بالتراجع فورا عن هذا القرار والكف عن الرهان على بايدن وأمثاله. لن تتحرر الأرض، ولن تصان الحقوق، ولن يتبدد الاحتلال – إلا من خلال وحدة وطنية حقيقية”.

كما انتقدت حركة “الجهاد الإسلامي” قرار السلطة الفلسطينية بشدة، واعتبرت أن الخطوة قد تنهي الجهود المبذولة لتحقيق وحدة فلسطينية.

وقالت الحركة في بيان، “هذا انقلاب ضد جميع المحاولات لتعزيز التعاون الوطني، وتحالف مع العدو”.

وجاء قطع العلاقات مع إسرائيل في شهر مايو، بعد أن أعلن عباس عن أن الفلسطينيين لم يعودوا ملزمين بالاتفاقيات مع إسرائيل والولايات المتحدة، معللا قراره بنية إسرائيل المعلنة ضم أجزاء من الضفة الغربية. ولقد قام عباس بتهديدات مماثلة بإنهاء العلاقات الأمنية مع إسرائيل لسنوات، لكن كانت هذه المرة الأولى التي ينفذ فيها تهديداته.

وكان لقرار إنهاء التنسيق الأمني ​​والمدني مع إسرائيل آثار واسعة النطاق: مرضى غزة الذين كانوا بحاجة إلى علاج طبي عاجل في المستشفيات الإسرائيلية لم يتمكنوا من الحصول على تصاريح لمغادرة القطاع الساحلي؛ ولم يتمكن عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين حديثي الولادة من الحصول على وثائق رسمية من إسرائيل، التي لم تتلق معلومات من السلطة الفلسطينية بشأن وجودهم؛ وتوقفت عناصر شرطة السلطة الفلسطينية، التي كانت تنسحب مسبقا من مناطق عندما تبلغها القوات الإسرائيلية بعملية مقبلة، عن الرد على الهاتف.

وعلقت إسرائيل خطة الضم في أغسطس كجزء من اتفاق تطبيع مع الإمارات العربية المتحدة. لكن السلطة الفلسطينية أخرت تجديد العلاقات مع إسرائيل، معتقدة أنه طالما ظل ترامب في منصبه، فإن خطة الضم لم تزل عن الطاولة بالكامل.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (يسار) ورئيس وزراء حكومة السلطة الفلسطينية محمد اشتية في اجتماع للقيادة الفلسطينية في مدينة رام الله بالضفة الغربية، 19 مايو، 2020.(Alaa Badarneh/Pool/AFP)

كما يعني تجديد العلاقات أن رام الله ستقبل مرة أخرى باستلام عائدات الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عنها. وتشكل “عائدات المقاصة” حوالي 60% من ميزانية السلطة الفلسطينية، وكانت رام الله قد توقفت عن استلام عائدات الضرائب من إسرائيل في أواخر مايو، احتجاجا على خطة الضم.

بدون أموال الضرائب، عانت السلطة الفلسطينية من أزمة مالية حادة، حيث لم تدفع رواتب مستخدميها كاملة منذ شهور. تشكل رواتب القطاع العام حوالي 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية. من دونها، كافح العديد من سكان الضفة الغربية من أجل توفير لقمة العيش.

وأقر الشيخ ليلة الثلاثاء قائلا “لقد دخلنا في أزمة مالية هائلة، والذين تحملوها هم مواطنون فلسطينيون عاديون”.

لكن مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، ألمحت السلطة الفلسطينية إلى أنها ستقبل الإيرادات مرة أخرى في حال فوز بايدن في الانتخابات، وقالت للمدرسين المضربين في رام الله إن “الأزمة المالية قد انتهت تقريبا”.

وقد قطعت حكومة السلطة الفلسطينية جميع علاقاتها مع إدارة ترامب في عام 2017، متهمة الرئيس الأمريكي بالانحياز لإسرائيل بسبب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل. وردت واشنطن بقطع المساعدات للفلسطينيين وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي في الجناح الشرقي للبيت الأبيض، 28 يناير، 2020 في واشنطن. (Sarah Silbiger/Getty Images/AFP)

كما أنهت السلطة الفلسطينية العلاقات الأمنية مع الولايات المتحدة احتجاجا على مصادقة الإدارة على الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية في إطار خطتها للسلام.

وتشمل هذه المناطق المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن – وهي منطقة استراتيجية رئيسية تشكل حوالي ثلث الضفة الغربية.

ويقول الفلسطينيون إن الخطة الأمريكية ستنهي آفاق حل الدولتين للصراع المستمر منذ عقود مع إسرائيل. في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الثلاثاء، أعرب بايدن عن دعمه لمستقبل إسرائيل “كدولة يهودية وديمقراطية” – مما يعني ضمنا دعمه لحل الدولتين.

اقرأ المزيد عن