إسرائيل في حالة حرب - اليوم 426

بحث

السلطة الفلسطينية تطلق إصلاحات تهدف إلى التجديد، لكن التغييرات الهيكلية لا تزال بعيدة المنال

تحت ضغط دولي للاستعداد لحكم غزة، رام الله تعلن عن حزمة لإعادة هيكلة مختلف فروع إدارتها، لكن البعض يرى أن الخطة مجرد خطوة تجميلية

رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية في مكتبه في مدينة رام الله بالضفة الغربية، 17 نوفمبر، 2023. (AP/Nasser ناصر، Pool)
رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية في مكتبه في مدينة رام الله بالضفة الغربية، 17 نوفمبر، 2023. (AP/Nasser ناصر، Pool)

أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يوم الاثنين عن برنامج إصلاحي شامل يهدف إلى تجديد السلطة الفلسطينية وسط مطالب أمريكية بتنفيذ التغييرات قبل أن تتمكن رام الله من تولي السيطرة المدنية على غزة بمجرد انتهاء القتال هناك.

وستشمل الحزمة، التي تم إطلاقها تحت رعاية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بشكل خاص تعيين حكام مناطق جدد، بعد أن أقال عباس اثني عشر منهم في أغسطس دون أن يعلن عن السبب. ومع ذلك، أشار منتقدو الخطوة إلى أن العديد من الإصلاحات ستترك نفس القيادة في السلطة ولن تغير سوى القليل على أرض الواقع، ولا ترقى إلى مستوى التحركات المؤثرة على نطاق واسع والتي تعتبر ضرورية لإعادة بناء الثقة في الجهاز.

وقالت كسينيا سفيتلوفا، الباحثة في شؤون الشرق الأوسط وعضو الكنيست السابقة: “قد يقومون بإقالة بعض الأشخاص هنا وهناك، لكن ما لم يكن هناك تغيير حقيقي وهيكلي في القيادة ودماء جديدة قادمة – فلن يكون لهذا أي تأثير بأي حال من الأحوال”.

وتشمل الإصلاحات المقترحة أيضا تغييرات في كيفية تجنيد قوات الأمن، وتحرير سوق الإعلام، وإعادة هيكلة القطاع الصحي، بما في ذلك توفير الرعاية الصحية الشاملة.

ونقلت صحيفة “هآرتس” عن مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية قولهم إن الولايات المتحدة طلبت هذه الإجراءات بما يتماشى مع الخطط التي دفعت بها واشنطن من أجل “تجديد السلطة الفلسطينية” لحكم غزة بمجرد انتهاء إسرائيل من حربها الرامية إلى الإطاحة بحماس.

وقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والعديد من شركائه في الائتلاف الحكومي احتمال سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة، لكنهم لم يطرحوا رؤية بديلة.

وقدم عباس مؤخرا برنامج الإصلاح إلى الدول المانحة، بحسب صحيفة “القدس”. كما جدد زعيم حركة فتح دعوته لإجراء انتخابات عامة وفتحها أمام كافة الفصائل سعيا للمصالحة مع الجناح السياسي لحركة حماس وإعادته إلى سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية.

في الأسبوع الماضي، أثار المتحدث باسم عباس، نبيل أبو ردينة، الجدل بعد أن قال إنه إذا فازت حماس بالانتخابات، فإن فتح ستوافق على تسليمها الحكومة.

نفذت حركة حماس هجوما كبيرا على إسرائيل في 7 أكتوبر قتل خلاله 1200 شخص في جنوب البلاد، وخطف 253 شخصا؛ ولا يزال 132 منهم محتجزين في غزة.

وردت إسرائيل بحملة عسكرية هدفا المعلن تدمير حماس والإطاحة بها من السلطة في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

نبيل أبو ردينة يؤدي اليمين الدستورية كنائب لرئيس وزراء السلطة الفلسطينية في رام الله، في 13 أبريل، 2019. (Abbas Momani/AFP)

المرة الأخيرة التي أجريت فيها انتخابات في الأراضي الفلسطينية كانت في عام 2006، وفازت بها حماس. بعد ذلك بعام، قامت الحركة باستيلاء عنيف على الحكم في غزة، وانتزعته من السلطة الفلسطينية، التي لا تزال تسيطر عليها حركة فتح التي يتزعمها عباس. ومنذ ذلك الحين، دأب عباس على تأجيل الانتخابات.

استعدادا لاحتمال عودة سلطة فلسطينية متجددة للحكم في القطاع الساحلي، ذكرت صحيفة “القدس” أن رام الله أصدرت تعليمات لدوائرها الحكومية بمتابعة عمل الهيئات المقابلة التي تديرها حماس في غزة.

وتشمل خطة الإصلاح أيضا تعيين قضاة جدد في المحكمة الإدارية العليا الفلسطينية وسفراء لملء المقاعد الشاغرة، وإدخال تحسينات على هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية، بالإضافة إلى تغييرات قانونية على الأحكام الحالية في قانون الضرائب وتشريعات المنافسة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الإصلاح سيفتح المجال لإعادة هيكلة ودمج بعض الدوائر الحكومية، وإنشاء شركة مياه وطنية، واستكمال أعمال نظام إمدادات المياه في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.

فلسطينيون يرددون شعارات ويلوحون بأعلام حركة فتح الصفراء خلال مسيرة بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لوفاة مؤسس فتح وزعيم السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في مدينة غزة، الخميس، 10 نوفمبر، 2022. (AP Photo/Fatima Shbair)

ولا ترقى هذه الخطوات إلى مستوى الاقتراح الذي قدمته الولايات المتحدة وحلفاؤها في الأسابيع الأخيرة والذي من شأنه نقل العديد من صلاحيات عباس الرئاسية إلى رئيس الوزراء، مما يترك الأوتوقراطي الفلسطيني البالغ من العمر 88 عاما في دور شرفي إلى حد كبير.

يقول المنتقدون إن حزمة الإصلاحات التي أعلنها اشتية لا تزيد عن كونها إجراءات تجميلية تهدف إلى استرضاء الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي.

وقال سامر السنجلاوي، وهو ناشط سياسي فلسطيني من القدس الشرقية: “إن الأمر مجرد إعطاء الانطباع بأنهم يحاولون القيام بشيء ما”.

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يلتقي برئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو في مدينة رام الله بالضفة الغربية، الخميس، 23 نوفمبر، 2023. (Alaa Badarneh/Pool via AP)

وأضاف: “في كل عام تقريبا، يعلن [رئيس الوزراء الفلسطيني] محمد اشتية عن خطة إصلاحات”، مذكرا بأن رام الله قدمت أجندة إصلاح شاملة مكونة من 21 نقطة إلى الدول الأوروبية المانحة في بروكسل في مايو 2022، والتي تضمنت أيضا تحسينات في الإدارة والرعاية الصحية والنظم الاقتصادية والقانونية والتعليمية.

وتابع السنجلاوي قائلا: “يجب أن يكون للشعب الفلسطيني، قبل الأمريكيين، كلمة في هذا الأمر. تشير استطلاعات الرأي إلى أن 90% من الفلسطينيين يقولون إن على عباس أن يرحل. لذا فإن الحد الأدنى الذي ينبغي لنا أن نتوقعه هو أن يسلم عباس كافة صلاحياته لرئيس وزراء قوي وجدير بالثقة، وخاضع للمساءلة، وقادر على توحيد غزة والضفة الغربية واستعادة الوحدة داخل فتح، ووضع حد للانقسامات الداخلية. هذه هي الإصلاحات التي يتوقع الفلسطينيون رؤيتها”.

ورددت سفيتلوفا انتقادات مماثلة.

وقالت: “من الصعب تصديق أنها خطة جدية. لإصلاح [السلطة الفلسطينية]، هناك حاجة إلى التخلص من جميع الأجهزة الفاسدة التي تقودها، والبدء في بناء مؤسسات دولة جديدة، واختيار الانتخابات”.

اقرأ المزيد عن