السفير الأمريكي: نصحنا نتنياهو بـ”الضغط على المكابح” بشأن خطة الإصلاح القضائي
نايدس يقول إن الولايات المتحدة لا تملي التفاصيل على إسرائيل، لكن تريد منها التوصل إلى إجماع قبل المضي قدما، ويدعي أن التحذيرات بشأن التأثير الاقتصادي الذي سيكون للمقترحات حاز على انتباه رئيس الوزراء
قال السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدس إن إدارة بايدن تحث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على “الضغط على المكابح” في جهود حكومته لإصلاح القضاء، حيث يتطلع الائتلاف إلى المضي قدما في هذا الجهد المثير للجدل على الرغم من عدم وجود دعم واسع من الجمهور.
وقال نايدس للمسؤول السابق في إدارة أوباما، ديفيد أكسلرود، خلال مقابلة بودكاست موسعة، “ننصح رئيس الوزراء – كما أقول لأبنائي – بـ’الضغط على المكابح’، التروي، ومحاولة الحصول على اجماع، وجمع الأطراف معا”.
التصريحات ضد جهود الحكومة لتقييد سلطة محكمة العدل العليا بشكل كبير هي الأقوى حتى الآن من إدارة بايدن، التي تأخذ تدريجيا دورا أكثر نشاطا في التصدي لهذه الجهود منذ طرحها في الشهر الماضي.
كما أدلى نايدس بتعليقات صريحة حول الاهتمام الذي يوليه نتنياهو لتحذيرات الاقتصاديين ضد الإصلاح القضائي الذي تخطط له حكومته، وجهوده لدفع الإجراءات لتحسين معيشة الفلسطينيين بدلا من مبادرة سلام أمريكية كبرى، وإحباط الإدارة من إسرائيل بشأن النشاط الاستيطاني. السفير أعرب أيضا عن خيبة أمله من بعض دول الخليج لفشلها في إدانة مثل هذه الإجراءات، ومخاوفه من دوامة العنف المميتة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وإزاء الزيارة “الاستفزازية” التي قام بها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إلى الحرم القدسي.
فيما يتعلق بمسألة الإصلاح القضائي، كرر نايدس أن الولايات المتحدة لن “تملي” أجزاء محددة من التعديل القانوني المقترح، مثل كيفية تعيين القضاة في المحكمة العليا. (من المقرر أن يصوت الكنيست في قراءة أولى يوم الإثنين على مشروع قانون الائتلاف المثير للجدل والذي من شأنه منح الإئتلاف أغلبية في لجنة اختيار القضاة، ليحل محل التركيبة الحالية حيث لا تتمتع الحكومة ولا القضاء بأغلبية في اللجنة).
ومع ذلك، أوضح نايدس أن “الشيء الوحيد الذي يربط بلدينا معا هو الشعور بالديمقراطية والشعور بـ[أهمية] المؤسسات الديمقراطية”.
وقال: “هكذا ندافع عن إسرائيل في الأمم المتحدة. عندما نعتقد أن تلك المؤسسات الديمقراطية تتعرض لضغوط وتوتر، فإننا نعبّر عن [قلقنا]. هذا ما نفعله الآن”.
وأقر بأن الولايات المتحدة “يجب أن تكون حذرة في كيفية إخبار الدول بما يجب علينا أن تفعله”، لكنه قال إن “العلاقة غير القابلة للكسر” بين واشنطن والقدس تمنح الأولى “مساحة في محاولة تقديم النصح لإسرائيل عندما نعتقد أنه ينبغي عليهم العمل نحو أهداف أفضل مما [يعملون] عليه حاليا”.
وأشار السفير إلى أن 50 إلى 60 في المائة من الإسرائيليين يعارضون خطة الإصلاح القضائي التي تقترحها الحكومة وأن الشعور “بالتأكيد” يمتد إلى اليهود الأمريكيين – “وليس اليهود الليبراليون مثلي فقط، ولكن اليهود من التيار [الأرثوذكسي] الحديث ومن التيار المحافظ قلقون للغاية أيضا”.
حتى في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة على الدفع بالعناصر الأولى للإصلاح في الكنيست قدما هذا الأسبوع، قال نايدس إنه متفائل بشأن موافقة الإئتلاف الحاكم على التراجع.
وقال نايدس “أعتقد أن عليهم القيام بذلك. الشيء الذي يجذب انتباه رئيس الوزراء – كما ينبغي – هو التأثير الاقتصادي الذي يمكن أن يكون لذلك”، في إشارة إلى قائمة متزايدة من اقتصاديين عالميين بارزين الذين حذروا من أن تطبيق مثل هذه الإجراءات الصارمة يمكن ان يضر بالوضع الاقتصادي لدولة إسرائيل بالإضافة إلى طابعها الديمقراطي. ولقد بدأت قائمة متنامية من الشركات الإسرائيلية الأكثر نجاحا بالفعل في سحب مليارات الدولارات من البنوك الإسرائيلية وسط مخاوف لدى المستثمرين.
أعطى نايدس الفضل لنتنياهو لجهوده لتنمية الاقتصاد الإسرائيلي على مدى العقود العديدة الماضية قبل أن يجادل بأنه “يجب أن يكون قلقا – وهو كذلك – بشأن التصور الذي سيتركه هذا الإصلاح القضائي… بين الشركات والاستثمار هنا. هذا هو ما يلفت انتباهه وبصورة مبررة”.
على الرغم من الخلافات، أصر السفير على أن الولايات المتحدة ستواصل “دعم إسرائيل فيما يتعلق بالأمن وبالأمم المتحدة”.
وقال “سوف نتجاوز هذه الفترة الزمنية. سيكون الأمر قاسيا، لكن … يمكن أن تكون لديك علاقة رائعة مع حليفك، وعندما تختلف معه لا يمكن إنكار ذلك”.
“لن نستسلم”
بعد الضغط عليه في قضية أخرى وجدت الولايات المتحدة نفسها فيها على خلاف مع إسرائيل – النشاط الاستيطاني في الضفة الغربية – قال نايدس إن الإدارة ستستمر في رفض التحركات التي تضر بآفاق حل الدولتين. لكنه لم يقل ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتخذ أي إجراء ضد إسرائيل إذا استمرت في تجاهل تحذيراتها.
قال نايدس إن الرئيس الأمريكي جو بايدن “يهتم بشدة بهذه العلاقة الثنائية، لكننا لن نستسلم، ولن نتجاهل الإجراءات التي نعتقد أنها تتعارض مع قيمنا”.
أصدرت إدارة بايدن عدة بيانات عبّرت فيها عن استيائها من إسرائيل بسبب قرارها الأسبوع الماضي شرعنة تسع بؤر استيطانية – كثير منها على أراض فلسطينية خاصة – بالإضافة إلى الموافقة على بناء 10 آلاف وحدة استيطانية جديد في الضفة الغربية – وهي الحزمة الأكبر على الإطلاق التي تحصل على الضوء الأخضر خلال جلسة واحد. ومع ذلك، فقد أمضت الولايات المتحدة الأيام العديدة الماضية في محاولة لمنع مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي. قد يتم التصويت على الإجراء يوم الاثنين.
في تصريحات صادمة كشفت عن مدى إحباط الولايات المتحدة من الدول الموقعة على “اتفاقيات إبراهيم”، وهي الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب، التي لم تتحدث قياداتها حتى الآن ضد التحركات الإسرائيلية كما فعلت الأردن ومصر والسعودية وتركيا والكثير من الدول الغربية، قال نايدس “هذه المسألة بشأن النمو الاستيطاني والبؤر الاستيطانية هي قضية مزعجة لبلدنا – كما هو الحال بالنسبة للدول العربية أيضا والتي تميل إلى عدم التحدث بقدر ما ينبغي لها تجاه بعض الإجراءات التي تجري في الضفة الغربية”.
وكرر نايدس أيضا معارضته للزيارة التي قام بها النائب اليميني المتطرف بن غفير إلى الحرم القدسي في الشهر الماضي. وقد وصف نايدس هذه الخطوة بأنها “غير مقبولة”، مشيرا إلى تاريخ بن غفير في دعمه لقلب الوضع الراهن الهش الذي يحكم الموقع، لكنه ذهب إلى أبعد من ذلك في تعليقاته يوم الخميس الماضي.
وقال “كنت أول شخص هناك عندما صعد بن غفير إلى جبل الهيكل (الحرم القدسي) لإثارة المشاكل. ليست هناك حاجة لفعل ذلك”، وأعرب عن تقديره لنتنياهو لإعلانه بأن إسرائيل تعتزم احترام الوضع الراهن، والذي يجوز للمسلمين بموجبه الصلاة في الموقع المقدس بينما لا يمكن لغير المسلمين زيارته إلا بشروط صارمة.
وأضاف “القيام بأعمال استفزازية يشعل الشرق الأوسط. كنا حازمين للغاية، وكذلك كانت بقية الدول [في مجلس التعاون الخليجي] عند حدوث ذلك. هذا هو النوع من الهراء الذي يتسبب بإشعال النار”.
“الشخص العادي لا يستيقظ وهو يفكر في حل الدولتين”
بدا نايدس أكثر حيوية عند مناقشة جهوده وجهود الإدارة لتحسين معيشة الفلسطينيين.
وصرح قائلا “أقضي 60٪ من وقتي في محاولة لمساعدة الشعب الفلسطيني” ، مستشهدا بجهود الإدارة لزيادة المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) وشبكة مستشفيات القدس الشرقية، بالإضافة إلى إقناع إسرائيل بتمديد ساعات العمل في معبر اللنبي (الملك حسين) بين الضفة الغربية والأردن، والسماح للفلسطينيين بالوصول إلى تغطية شبكة الجيل الرابع الخلوية. لم يتم بعد تنفيذ المبادرتين الأخيرتين.
وأكد السفير أنه يؤمن بعمق بحل الدولتين، لكنه بدا أنه ينتقد أولئك الذين يركزون أكثر من اللازم على الجهد الأكبر، مدعيا أنهم يغفلون عن التحديات اليومية التي تواجه الفلسطينيين.
“ما يحبطني في هذه الوظيفة هو أننا نلاحق فكرة حل الدولتين، [ولكن] في نهاية المطاف، الأمر كله يتعلق… بالاهتمام بالشعب الفلسطيني دون المساس بأمن دولة إسرائيل”.
“وهم يقولون ’أوه توم، الأمر تدرجي’، لا يهمني”.
وتابع نايدس قائلا “يستيقظ الفلسطيني العادي كل يوم، تماما مثل الإسرائيلي العادي، وكل ما يريده هو الأمن والوظيفة والحرية والفرصة”، مضيفا “وظيفة أمريكا … هي بذل قصارى جهدها لتوفير ذلك. نعم، نحن بحاجة إلى رؤية [للحفاظ على] حل الدولتين، [لكن] في غضون ذلك، لا أريد أن ينهار كل شيء”.
“لذلك أحاول قضاء وقتي في إنجاز الأشياء الحقيقية، بحيث يمكن للشخص العادي أن يستيقظ ويقول ’حسنا، لدي شيء جيد. يمكنني الذهاب إلى المدرسة، ولدي رعاية صحية جيدة، ولدي فرصة”.
وقال “الشخص العادي لا يستيقظ كل يوم ويقول: أين حل الدولتين؟”
وفي معرض دفاعه عن قرار الإدارة بعدم إطلاق مبادرة سلام إسرائيلية فلسطينية، قال السفير، “لقد توصلت الإدارات السابقة إلى خطط سلام كبيرة. للأسف، [إذا] طاردنا ذلك الأرنب إلى أسفل الحفرة، فإننا لا نركز على الأشياء التي يجب أن تحدث على أساس يومي للشعب الفلسطيني، ولأمن دولة إسرائيل”.
وأعرب نايدس عن أسفه للتصعيد الأخير في العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي حصد منذ بداية العام حياة 11 إسرائيليا في هجمات فلسطينية ونحو 50 فلسطينيا – معظمهم في مواجهات مع الجنود الإسرائيليين ولكن البعض منهم في ظروف مريبة.
وأوضح نايدس “كل فعل ينجم عنه ردة فعل. إذا دخل جنود الجيش الإسرائيلي [إلى قرية فلسطينية] وتعرضوا للهجوم وقتلوا فلسطينيا بريئا. هذا رهيب. يرد الفلسطينيون على ذلك، وهو ما يؤدي إلى رد فعل آخر. بهذا الشكل تتدهور الأمور. إنها مأساة”.