السعودية تزعم أن الولايات المتحدة اقترحت تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل التوصل لوقف إطلاق نار في غزة
الرياض تقول إنها "أبلغت موقفها الثابت"، بعد أن وصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي صفقة الرهائن والتطبيع بأنهما "مسارين منفصلين" وأنه تم إجراء محادثات "إيجابية"
أصدرت وزارة الخارجية السعودية بيانا شديد اللهجة يوم الثلاثاء رفضت فيه ما زعمت أنه اقتراح المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي بأن الرياض مستعدة لتطبيع العلاقات قبل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة ودون إحراز تقدم نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
سُئل كيربي خلال مؤتمر صحفي في وقت سابق من اليوم عما إذا كان تأمين صفقة الرهائن واتفاق التطبيع السعودي جزءا من نفس الجهد الأمريكي. ورد كيربي بأنهما مسارين مختلفين، وأشار إلى أن الولايات المتحدة أجرت محادثات “إيجابية” مع الرياض حول هذه المسألة قبل 7 أكتوبر وبعده.
وقد أقر المسؤولون السعوديون علنا باستعدادهم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل حتى بعد 7 أكتوبر، لكنهم أكدوا – كما فعل وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن – على أنه لا يمكن التوصل إلى اتفاق حتى يكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة وأنه ينبغي أن يشمل إنشاء مسار لا رجعة فيه نحو الدولة الفلسطينية.
إما لأن فصل كيربي بين محادثات الرهائن ومفاوضات التطبيع يمكن أن يُفهم على أنه يعني أن الرياض ستكون مستعدة لإقامة علاقات قبل التوصل إلى هدنة، أو لأن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي كان متفائلا بشكل مفرط في وصفه للمحادثات، فإن وزارة الخارجية السعودية قررت انتقاده.
وجاء في البيان، “فيما يتعلق بالمناقشات الجارية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مسار السلام العربي-الإسرائيلي، وفي ضوء ما ورد على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي بهذا الشأن، فإن وزارة الخارجية تؤكد أن موقف المملكة العربية السعودية كان ولا يزال ثابتا تجاه القضية الفلسطينية وضرورة حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على حقوقه المشروعة”.
“كما أن المملكة أبلغت موقفها الثابت للإدارة الأمريكية أنه لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 م والقدس الشرقية عاصمتها، وإيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانسحاب كافة أفراد قوات الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة”.
في حين ابتعد المسؤولون السعوديون في الأشهر الأخيرة عن موقفهم الذي طالما تمسكوا به بأن تنفيذ حل الدولتين بالكامل هو شرط مسبق للتطبيع مع إسرائيل، إلا أنهم لم يحددوا بعد نوع الخطوات المؤقتة التي سيقبلونها مقابل اتفاق مع إسرائيل، واكتفوا بتصريحات تتعلق بتحسين معيشة الفلسطينيين أو خلق مسار نحو إقامة دولة فلسطينية.
ويبدو أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود ما قبل عام 1967 هو الشرط الأكثر تفصيلا الذي عرضته الرياض في الأشهر الأخيرة. في حين أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يرفض حل الدولتين بشكل شبه كامل وفي حين أن نسبة كبيرة من الإسرائيليين ستعارض إطار عمل يستند إلى حدود ما قبل عام 1967، فقد امتنع البيان السعودي بشكل خاص عن المطالبة بأن تكون إسرائيل هي من تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة، ووضع بدلا من ذلك المسؤولية على أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وتابع بيان وزارة الخارجية السعودية، “تؤكد المملكة دعوتها للمجتمع الدولي – وعلى وجه الخصوص – الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي لم تعترف حتى الآن بالدولة الفلسطينية بأهمية الاسراع في الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود 1967 م وعاصمتها القدس الشرقية ليتمكن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة وليتحقق السلام الشامل والعادل للجميع”.
وصدر البيان بعد يوم واحد فقط من لقاء بلينكن مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض، في إشارة محتملة إلى أن اللقاء لم يجر بشكل جيد.
ومع ذلك، فمن خلال توجيه طلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى أعضاء مجلس الأمن، مثل الولايات المتحدة، وليس إلى إسرائيل، يمكن النظر إلى الرياض على أنها تقدم لواشنطن طريقة للالتفاف على رفض حكومة نتنياهو لحل الدولتين.
كما جاء ذلك بعد أقل من أسبوع من إعلان وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أن حكومته تدرس الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة. وبعد أيام، أفاد موقع “أكسيوس” الإخباري أن الولايات المتحدة تدرس نفس الخطوة بعد أن رفضتها لفترة طويلة على أساس أن هذه الخطوة يجب أن تأتي بعد موافقة إسرائيل والفلسطينيين على حل الدولتين.
وسيلتقي بلينكن يوم الأربعاء بنتنياهو، ورئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي، ووزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ.
وتأتي الاجتماعات بعد يوم من تقديم حماس ردها على إطار صفقة الرهائن التي اقترحتها قطر في الشهر الماضي، ويبدو أنها مصرة على مطلبها بوقف دائم لإطلاق النار، وهو أمر غير مقبول بالنسبة لإسرائيل، التي تعهدت بتدمير الحركة.
بلينكن في خضم جولته الدبلوماسية الخامسة في الشرق الأوسط منذ بداية الحرب، التي اندلعت بسبب هجوم حماس الذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 إسرائيلي واحتجاز 253 آخرين كرهائن.