الرهينة الإسرائيلية المفرج عنها ميا شيم: مررت بجحيم. لا وجود لمدنيين أبرياء في غزة
المواطنة الفرنسية-الإسرائيلية تقول إنها تلقت تعليمات بشأن ما ستقوله في مقاطع الفيديو؛ كانت محتجزة لدى عائلة كانت تمارس عليها ألعابا ذهنية، وتمنعها من تناول الطعام، وتسخر منها
وصفت الرهينة المفرج عنها ميا شيم (21 عاما)، “الجحيم” الذي مرت به أثناء وجودها في قطاع غزة في مقابلتين متلفزتين تم بثهما مساء الجمعة.
وكانت شيم قد تعرضت لإطلاق النار في ذراعها وتم اختطافها من مهرجان “سوبر نوفا” الموسيقي في 7 أكتوبر، عندما اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حركة حماس جنوب إسرائيل، وقتلوا أكثر من 1200 شخص واختطفوا 240 آخرين إلى غزة. ولقد قُتل حوالي 360 شخصا من رواد المهرجان خلال الهجوم.
تم الافراج عن شيم في 30 نوفمبر بعد 54 يوما في الأسر، ولم شملها مع عائلتها وأحبائها، كما خضعت لعملية جراحية شاملة وإعادة تأهيل لذراعها المصابة.
وتقول عائلتها إنها أصيبت منذ ذلك الحين بالصرع الناجم عن الصدمة وقلة النوم خلال الأسابيع الثمانية التي قضتها رهينة في غزة.
وتحدثت شيم بالتفصيل لأول مرة حول تجربتها للقناتين 12 و 13، وسردت لحظات اختطافها، ومعاناتها من التعذيب النفسي في الأسر، وعن تجربة عودتها إلى الوطن.
وقالت شيم للقناة 13: “من المهم بالنسبة لي أن أكشف عن الوضع الحقيقي للأشخاص الذين يعيشون في غزة، من هم حقا، وما الذي مررت به هناك”، مضيفة “لقد مررت بجحيم. الجميع هناك إرهابيون… لا وجود لمدنيين أبرياء، ولا واحد. [المدنيون الأبرياء] غير موجودين”.
وروت شيم اللحظات الأولى لاختطافها في 7 أكتوبر. وقالت إنه عندما بدأ إطلاق الصواريخ، فرت هي وصديقها من المكان واستقلا سيارتها. بينما كانت تقود السيارة، صرخ صديقها، “إنهم يطلقون النار”، كما روت. “قمت بزيادة سرعتي لكنهم أطلقوا النار على العجلات وتوقفت السيارة”.
Former hostage Mia Schem: "I went through a Holocaust" pic.twitter.com/FsTGSd6OX7
— Aviva Klompas (@AvivaKlompas) December 28, 2023
بعد ذلك، كما قالت للقناة 12، مرت شاحنة مليئة بالمسلحين، “ونظر إلي أحد عناصر حماس، وأطلق النار على ذراعي، من مسافة قريبة جدا”.
بعد أن أصيبت في ذراعها، كما روت، “كنت على الأرض، مغطاة بالدماء، وصرخت ’لقد فقدت يدي، لقد فقدت يدي’”.
وأمام عينيها، اختطفت حماس صديقها، إيليا توليدانو، إلى غزة وذراعاه مقيدتان وراء ظهره؛ في وقت سابق من هذا الشهر استعاد الجيش الإسرائيلي جثته وأعادها إلى إسرائيل.
وقالت شيم إنها شاهدت مسلحي حماس يطلقون النار على أي من الجرحى الذين كانوا ما زالوا على قيد الحياة، لذا حاولت التظاهر بالموت، لكن سيارة صديقها كانت تحترق من حولها. ورأت رجلا يسير وسط السيارات، وظنت أنه إسرائيلي، فصرخت: “النجدة!”. لكنه كان أحد مسلحي حماس، الذي طلب منها النهوض.
المسلح “بدأ يلمسني، في الجزء العلوي من جسدي”، مشيرة نحو صدرها، “وبدأت بالصراخ بجنون وسط السيارات المحترقة والجثث”. عندها رأى المسلح وضع ذراعها “ارتد وتوقف للحظة”، كما روت.
وقالت للقناة 12: “وفجأة، أمسكني شخص ما من شعري، وسحبني إلى سيارة واقتادني إلى غزة”. وقالت إنها شعرت وكأنها “حيوان في حديقة للحيوانات” وتم احتجازها لبعض الوقت لدى عائلة لديها أطفال صغار كانوا يفتحون باب الغرفة التي كانت محتجزة فيها لمجرد التحديق بها.
الرحلة إلى الأسر
وقالت للقناة 13 إنها خلال الرحلة إلى غزة كانت “شبه فاقدة للوعي. لم أفهم ما كان يجري. قلت لنفسي فقط أنني لا أريد أن أموت”.
عند وصولهم إلى غزة، “سحبوني من شعري من السيارة، وألقوني في غرفة خلفية في أحد المستشفيات”، كما روت مضيفة أنه هناك “مدوا ذراعي وربطوها بقطعة من البلاستيك، وهكذا كنت لمدة ثلاثة أيام”، وقالت إنها كانت “متأكدة من أنهم سيقطعون ذراعي”.
بعد ثلاثة أيام طُلب منها كما قالت أن ترتدي الحجاب وتم نقلها إلى غرفة العمليات، حيث خضعت لعملية جراحية “بدون تخدير، لا شيء”، حسبما روت لأخبار القناة 12، على الرغم من أنها قالت للقناة 13 إنهم “قاموا بتخديري”، دون أن توضح كيف.
وقالت شيم إنها لم تر وجه الشخص الذي أجرى لها العملية، لكنه “نظر إلي وقال: لن تعودي إلى الديار حية”.
بعد يوم من الجراحة، قالت للقناة 13، إنها أُجبرت على تصوير مقطع فيديو دعائي نشرته حماس بعد بضعة أيام: “قالوا لي أن أقول إنهم يعتنون بي ويعالجونني… تفعل ما يُطلب منك، فأنت تخشى الموت”.
كان هذا أو تسجيل فيديو لرهينة حية في غزة.
قالت شيم إنها خلال فترة وجودها في الأسر قامت بتغيير الضمادات الخاصة بها ونظفت جروحها وقامت بالعلاج الطبيعي لنفسها.
بعد ذلك تم نقلها إلى منزل عائلة ليتم احتجازها هناك، حسبما روت للقناة 13، وقالت إن العائلة بأكملها كانت متورطة مع حماس، بما في ذلك الزوجة والأطفال، وقالت “بدأت أطرح أسئلة على نفسي: لماذا أنا موجودة في منزل عائلة؟ لماذا يوجد أطفال هنا؟ لماذا توجد امرأة هنا؟”
تم احتجازها في غرفة وقيل لها إنها لا يمكنها التكلم ولا التحرك ولا البكاء، ولا يمكن أن يراها أحد، وقالت: “هناك إرهابي يراقبك على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ويغتصبك بعينيه…نظرة شريرة. كنت خائفة من التعرض للاغتصاب. لقد كان هذا خوفي الأكبر هناك”.
وقالت إنها لم تستحم طوال فترة الأسر، ولم تتلق أي أدوية أو مسكنات للألم، وكانت تحصل على الطعام “في بعض الأحيان”.
في حديثها مع القناة 12، قالت إنها باعتبارها رهينة كانت تخشى “أن يحدث شيء فجأة في أي لحظة، وأن يلمسوني”.
ووصفت لحظة دخل فيها أصغر أطفال العائلة إلى الغرفة، “فتح كيس حلويات، وأغلقه، اتجه نحوي، فتح الكيس وأغلقه، ثم غادر”.
وقالت شيم إنها شعرت بـ”كراهية خالصة. لا يوجد مواطنون أبرياء هناك. إنها عائلات تسيطر عليها حماس. إنهم أطفال يعلمونهم من لحظة ولادتهم أن إسرائيل هي فلسطين وأن يكرهوا اليهود”.
وأضافت أنها تظن أن السبب الوحيد لعدم قيام آسرها باغتصابها هو أن “زوجته وأطفاله كانوا في الغرفة المجاورة. كانت زوجته تكره حقيقة وجوده معي في الغرفة بمفرده. كرهت ذلك. لذلك كانت تتلاعب معي”.
وروت أن زوجته كانت تحضر لزوجها الطعام، “ولا تأتي لي بالطعام”، مضيفة “يوم، يومين، ثلاثة أيام، لم أكن أتناول الطعام… كانت فظيعة للغاية، وكان هناك لؤم في عينيها. لقد كانت امرأة شريرة للغاية”.
وفي إحدى المرات، كما روت: “كنت أحبس دموعي”، فنظر إليها آسرها وقال: “كفى، وإلا سأرسلك إلى النفق”.
وقالت شيم للقناة 13 إنه كان هناك جهاز تلفزيون في المنزل، وفي مرحلة ما رأت والدتها تظهر على شاشة التلفزيون، “ورأيت والدتي قوية، وقلت لنفسي ’من أنا لأنكسر؟’”.
وروت شيم إن الغارات الجوية التي شنها الجيش الإسرائيلي على غزة كانت قريبة جدا من المكان الذي كانت محتجزة فيه، مما أدى إلى تحطيم النوافذ، وقالت “فقدت سمعي لمدة ثلاثة أيام” بسبب دوي الانفجارات.
ومع ذلك، ظلت تامل في أن ينقذها الجيش، حتى أنها لوحت بيديها – مع الأوشام المميزة عليها – من نافذة الحمام عندما أتيحت لها الفرصة. لكنها قالت إنها لم تكن خائفة من الانفجارات، “لقد جعلتني أشعر بالارتياح… أنهم لم ينسوني”.
في مرحلة ما، كما روت للقناة 12، كان آسرها غاضبا ومنزعجا وكان يبكي وقال لها إن اثنين من أصدقائه قُتلا في غارات جوية إسرائيلية: “كنت سعيدة للغاية” بسماعها للأخبار، كما قالت، “لكنني تظاهرت بأنني حزينة وقمت بمواساته، لعبت اللعبة”.
وقالت شيم إنه تم نقلها لاحقا من منزل إلى آخر – في سيارة إسعاف – وفي إحدى المرات قامت بطهي وجبة لمسلحي حماس الأربعة الذين كانوا يقومون بحراستها، “وجعلتهم يرونني في ضوء مختلف. أن يحترمونني. إنهم يقدّرون النساء اللاتي يطبخن وينظفن”.
وروت أنه قبل أربعة أو خمسة أيام من إطلاق سراحها – في بداية الهدنة التي استمرت أسبوعا – تم إرسالها إلى أنفاق حماس: “لا هواء ولا طعام ومع جرح مفتوح”.
هناك، لأول مرة منذ اختطافها، قابلت عدد من الرهائن الإسرائيليين الآخرين. من ناحية، كما قالت للقناة 13، كانت سعيدة برؤيتهم، لكنها شعرت أيضا أن بعضهم “فقد الأمل بالفعل… كان من الصعب أن نكون متفائلين”.
وأشارت إلى أن خاطفيها كانوا يسخرون منها مرارا ويكذبون قائلين إنه سيتم إطلاق سراحها في اليوم التالي، “لتحطيمك عاطفيا”. وقالت إنه في اليوم التالي، بدلا من إطلاق سراحها “سيقولون لي: أنت مثل غلعاد شاليط، سنة، سنتين، ثلاث سنوات”، في إشارة إلى الجندي الإسرائيلي الذي تم أسره في عام 2006 وتم إطلاق سراحه بعد خمس سنوات، في عام 2011.
وقالت للقناة 13 إنها لم تصدق حقا أنه سيتم إطلاق سراحها “حتى ركبت مركبة الجيش الإسرائيلي، وحتى عبرت الحدود إلى داخل إسرائيل”.
وقبل تسليمها للصليب الأحمر مباشرة، “وضعوا كاميرا في وجهي وقالوا: “قولي إننا عاملناك بشكل جيد، وأن الناس في غزة طيبون ولطيفون. ماذا كان من المفترض أن أفعل غير ذلك؟”
وقالت شيم للقناة 12 أنه عندما تم إطلاق سراحها، كان ترك الرهائن الآخرين وراءها “أصعب شيء في العالم”.
“قالوا لي: ’ميا، من فضلك، تأكدي من أنهم لن ينسونا’. واعتذرت عن مغادرتي” مضيفة “أنا آسفة”.
وكانت شيم، التي تحمل الجنسيتين الفرنسية والإسرائيلية، إحدى الرهائن الـ 105 الذين تم إطلاق سراحهم خلال وقف إطلاق النار المؤقت الذي توسطت فيه قطر الشهر الماضي. ويُعتقد أن 129 شخصا آخرين ما زالوا محتجزين لدى حماس، بما في ذلك 23 جثة. وتم إطلاق سراح أربعة رهائن قبل ذلك، وأنقذت القوات الإسرائيلية رهينة واحدة.
وتمت استعادة جثة 11 رهينة، من بينها ثلاثة رهائن قُتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي بالخطأ. كما تحتجز حماس رفات الجنديين الإسرائيليين أورون شاؤول وهدار غولدن منذ 2014، وكذلك مدنيين إسرائيليين، هما أفيرا منغيستو وهشام السيد، اللذين يُعتقد أنهما على قيد الحياة بعد دخولهما القطاع بمحض إرادتهما في عام 2014 و2015 تباعا.