الرهينة المحرر تعرض لـ”غسل دماغ” علي يد حماس وظن أن القوات الإسرائيلية جاءت لقتله
عائلة أندريه كوزلوف تتحدث عن "الإرهاب النفسي" والتعذيب الجسدي الذي تعرض له الشاب خلال الأشهر الثمانية التي قضاها في الأسر في غزة، وكذلك عن الفرحة والتحديات في لم الشمل معه
وصفت والدة أندريه كوزلوف، أحد الرهائن الأربعة الذين حررتهم قوات الكوماندوز الإسرائيلية من غزة في نهاية الأسبوع الماضي، بعض التجارب المروعة التي عاشها ابنها خلال الأشهر الثمانية التي قضاها في الأسر، فضلا عن موجة المشاعر التي عاشتها هي وعائلتها منذ اتصل بها المسؤولون لإخبارها بأنه بخير.
وقالت إيفجينيا كوزلوفا، التي أجرت سلسلة من المقابلات مع وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية التي نُشرت يوم الأربعاء، إنها كانت تخشى في البداية أن تكون الأخبار التي تتلقاها هي أن شيئا ما قد حدث لابنها.
وقالت لصحيفة “التلغراف”: “قالوا إن لدينا بعض الأخبار لذا يرجى الجلوس – لذلك ألقيت هاتفي بعيدا لأنني لم أرغب في سماع أي أخبار سيئة. بدأت في البكاء، ’لا، لا، لا!’ ثم صرخوا من الهاتف، ’لدينا أخبار جيدة، أرجوك أجيبي!’”.
وروت كوزلوفا لوكالة “رويترز”: “ربما لم أكن أعرف لبضع دقائق كيف أتعامل مع الأمر. لكن بعد ذلك بدأت أضحك. وأنا أضحك طوال الوقت منذاك. سعيدة جدا”.
وتم تحرير رهينة إسرائيلية أخرى، نوعا أرغماني (26 عاما)، من مبنى قريب خلال نفس العملية.
Video of the emotional reunion today between rescued hostage Andrey Kozlov and his parents, who arrived in Israel today from Russia after he was freed from 246 days of captivity in Gaza. pic.twitter.com/XnZ5GlDE4F
— Amy Spiro (@AmySpiro) June 9, 2024
قالت إيفجينيا كوزلوفا إن أول محادثة لها مع ابنها كانت مزيجا ساحقا من المشاعر التي تعكس الألم الذي عانوا منه منذ اختطافه.
وأضافت في حديثها مع رويترز: “كان الأمر شاقا ومبهجا ورائعا وفظيعا لأنه كان يعاني من اضطراب كبير في المشاعر”.
“تدفق للطاقة”
أوضحت أن أندريه أخبرها أنه طوال المحنة التي قال إنه ورفاقه تعرضوا خلالها لأنواع مختلفة من سوء المعاملة كان مقتنعا بأنه سيعود.
وأضافت: “كان هناك تدفق شديد للطاقة منه، كان يبكي ويضحك، وكنت أضحك أيضا. كنا ندعم بعضنا بعضا”.
وانعكست مشاعر الأسرة في معظم المجتمع الإسرائيلي، فلاقت أخبار إنقاذ الرهائن استقبالا حارا وموجة من البهجة بعد أشهر من الأخبار السيئة دوما عن الحرب في غزة التي دخلت الآن شهرها التاسع.
لا يزال ما لا يقل عن 120 رهينة إسرائيلي في غزة، تأكد مقتل 43 منهم، لكن يبدو أن المحادثات التي تهدف إلى الاتفاق على وقف القتال وإعادة الرهائن مقابل إطلاق سراح أسرى أمنيين فلسطينيين في إسرائيل، قد تعثرت.
كما أجرى والد أندريه، ميخائيل وشقيقه ديما، وصديقته جينيفر ماستر، مقابلات مع وسائل إعلام مختلفة، حيث وصفوا كيف سمعوا بإنقاذه وما أخبرهم به عن تجاربه في الأسر.
يعيش والدا أندريه في روسيا. وفي الساعات التي تلت عملية الإنقاذ، ساعدتهم السلطات الإسرائيلية على اللحاق بسرعة برحلة إلى إسرائيل، وتم لم شملهم مع ابنهما صباح الأحد.
في حديثه إلى هيئة البث الإسرائيلية “كان” عبر مترجم، قال الأب ميخائيل أنه لم يعلم بإنقاذ أندريه إلا عندما اتصلت به ماستر لتقول له إنها سمعت عن إطلاق سراحه في الأخبار. وافترضت ماستر أن ميخائيل قد أُبلغ بالفعل. وبعد لحظة، اتصلت به إيفجينيا لتخبره أن الجيش الإسرائيلي أبلغها للتو أنه تم تحرير ابنهما.
وقال ميخائيل كوزلوف: “لم أصدق ما كنت أسمعه”.
“إرهاب نفسي”
لم يتحدث الرهائن المحررين، والذين تم نقلهم مباشرة إلى المستشفى من غزة، علنا عن محنتهم.
وقالت كوزلوفا: “أبلغنا أندريه أن ’هناك بعض الأشياء لن أخبركم بها أبدا’. ولا أعرف ما الذي لن يخبرنا به وما الذي لا يريد أن يقوله لنا أبدا”، لكنها قالت إن ابنها أطلعها على جانب من الظروف التي كابدوها.
وأكد الوالدان التقارير الإعلامية عن الإساءة النفسية الذي تعرض له الرهائن، قائلين إن الحراس أخبروا الرهائن أن إسرائيل لا تهتم بهم على الإطلاق، أو أن أحباءهم تخلوا عنهم.
وقال إيفجينيا: “أخبرنا أنه تعين عليهم اتباع بعض القواعد الغريبة جدا، مثل أنه لا يمكنك الجلوس واضعا ساقيك تجاه هؤلاء الإرهابيين. لا يمكنك فعل هذا، ولا يمكنك فعل ذلك”، وأضافت “قد تتم معاقبتك إذا حصلت على الماء الخطأ أو حصلت عليه من المكان الخطأ”.
وقالت إن الحراس أساءوا كثيرا معاملة السجناء لفظيا. وقالت أنه أبلغها أن الحرس “كان يروقهم أن يقولوا لهم ’أنت حيوان، أنت حمار، أنت أحمق، أنت قذر’. أندريه يعرف الآن هذه الكلمات جيدا بالعربية، تعلم جيدا كل شيء عن الشتائم بالعربية”.
متحدثة لصحيفة “نيويورك تايمز”، قال إيفجينيا كوزلوفا إن الخاطفين قالوا لأندريه “والدتك في عطلة في اليونان. والدتك لا تعرف شيئا عنك على الإطلاق – ولا تريد أن تعرف”.
وقالت والدة أندريه كوزلوف لصحيفة التلغراف البريطانية إن الخاطفين أقنعوه والرهائن الآخرين بأن صديقاتهم يواعدن رجالا آخرين.
وقالت: “قال إنه تعرض لغسيل دماغ… أخبروهم أن لا أحد يريدهم، وأن لا أحد يقاتل من أجلهم”، مضيفة “قالوا إن الجيش الإسرائيلي يريد قتلهم وأن هذا سيكون الحل للحرب. لذلك، في اللحظة التي جاء فيها الجيش الإسرائيلي، اعتقد أندريه أنهم جاءوا لقتلهم”.
“استغرق الأمر بعض الوقت بالنسبة له لفهم أن الجيش جاء لإعادتهم إلى إسرائيل. لم يصدق إلا بعد أن قال لهم جندي إنهم يحبونهم وأنهم سيكونون بخير وسيكونون بأمان. لم يصدق إلا بعد هذه الكلمات”، مضيفة أنه نظر إلى الجنود عندئذ على أنهم “أبطال خارقون”.
وقال الأب ميخائيل لهيئة البث الإسرائيلية إن أندريه وصف أحد الحراس بأنه قاسٍ للغاية ومضطرب عقليا، حيث كان يسيء معاملته في يوم وفي اليوم التالي كان يقول له: “أنا أحبك”.
وأضاف: “كان هذا إرهابا نفسيا كان يهدف إلى جعل الرهائن يشعرون بأكبر قدر من الانزعاج، وتحطيمهم نفسيا”.
وروت إيفجينيا، عبر المترجم أيضا، لهيئة البث إن أندريه كان مقيدا خلال الشهرين الأولين. في البداية، كانت يداه مقيدتين خلف ظهره. وقالت إن أندريه كان قادرا على المزاح معها حول “الهدية” التي حصل عليها عندما قاموا في النهاية بتقييد ذراعيه أمامه بدلا من ذلك.
“لم أتخل عنه”
عندما سُئلت عما إذا كانت تدعم الضغط العسكري لتحرير الرهائن أو التوصل إلى اتفاق مع حماس، ردت ماستر نيابة عن العائلة قائلة “إنهم يعتقدون أنه يجب أن تكون هناك صفقة رهائن تعيد جميع المخطوفين إلى الوطن”.
وناشدت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والحكومة، وحثتهم على “اتخاذ القرارات الصحيحة، وبسرعة. يؤلم أندريه كثيرا التفكير في يمر به الرهائن [في غزة] في كل يوم وقد يكونون يعتقدون أن هذا هو يومهم الأخير”.
وقالت ماستر لأخبار قناة 12 إنها بدأت بمواعدة أندريه قبل وقت قصير من اختطافه.
وذكرت أن أندريه “في حالة حساسة للغاية وهشة للغاية” وهو يستوعب ما حدث.
كانا على علاقة لمدة ثلاثة أشهر فقط قبل السابع من أكتوبر، ولكن على مدار الأشهر الثمانية التالية، كانت ماستر من أشد المناضلين من أجل إطلاق سراحه، بما في ذلك إجراء مقابلات إمع وسائل الاعلام.
وقالت: “لم أتخل عنه، كان لدي إيمان كل يوم بأنه على قيد الحياة وأنه سيعود حيا”.
وقالت إن أندريه احتفظ بمذكرات يومية، وكتب كل يوم “يوم آخر، يوم آخر”، و”وعد نفسه بالعودة حيا”. المذكرات تُركت في غزة.
وقالت ماستر إن جنسيته الروسية لم تؤثر في خاطفيه، بل على العكس، كانوا يسألونه لماذا جاء ليعيش في بلد “احتلال”.
وأضافت أن ابتعاد اندريه عن عائلته كان أصعب ما عانى منه. خاطفوه أجبروه على رسم صورة لوالدته “وهو لم يكن يريد ذلك. كان ذلك صعبا للغاية بالنسبة له، لم يكن يريد رسمها”.
وأوضحت أن والدته “هي نقطة ضعفه. ففي كل مرة كان يفكر فيها [أثناء وجوده في الأسر] كان ينهار” بسبب “الكابوس” الذي كان يسببه لوالديه.
“إنه يلوم نفسه على تعرضه للاختطاف”، مضيفة “لقد عاد شخصا مختلفا. لقد عاد شخصا هشا ومختلفا”.
وبينما تنفي حماس إساءة معاملة الرهائن، فقد أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم الأربعاء قائمة بالانتهاكات الجسدية والنفسية المتكررة التي تعرض لها الرهائن خلال الأشهر الثمانية في غزة، مستشهدة بأقارب المختطفين وكذلك المسؤولين الأمنيين والطبيين الإسرائيليين.
وبحسب الصحيفة، فقد احتُجز جان وزيف وكوزلوف في غرفة مظلمة واحدة لمدة ستة أشهر ولم يكن لهم أي اتصال بالعالم الخارجي باستثناء تفاعلاتهم مع خاطفيهم.
وذكرت الصحيفة أن العقوبات التي فرضت على الرهائن بسبب عدم امتثالهم لأوامر خاطفيهم الصارمة شملت حبسهم في الحمام، ووضعهم تحت البطانيات في الحر الشديد. كما أساء الحراس معاملة الرهائن نفسيا، وهددوهم مرارا وتكرارا بقتلهم وأخبروهم أنه لن يأتي أحد إليهم أو حتى يهتم بهم.
في وقت سابق من الأسبوع، قال طبيب إسرائيلي عالج الرهائن المحررين الأربعة بعد إعادتهم إلى البلاد إنهم تعرضوا للضرب والإساءة “كل يوم تقريبا” أثناء وجودهم في الأسر.
وقال دكتور إيتاي بيساح، من مركز “شيبا” الطبي في ضواحي تل أبيب، لشبكة CNN إن الرهائن عانوا من “تجربة قاسية للغاية”.
بالإضافة إلى الاعتداء الجسدي، كانوا يعانون من سوء التغذية بسبب عدم تلقيهم الطعام الكافي خلال الأشهر الثمانية في الأسر، وهو ما “ترك علامة كبيرة على صحتهم”.
صباح السبت، قام عناصر من وحدة النخبة لمكافحة الإرهاب “يمام” التابعة للشرطة إلى جانب عملاء من جهاز الأمن العام (الشاباك) بمداهمة مبنيين متعددي الطوابق في قلب النصيرات بالتزامن، حيث احتُجز الرهائن الأربعة لدى عائلات مرتبطة بحماس وحراس من الحركة، بحسب الجيش.
وزعم المكتب الإعلامي الحكومي لحماس أن 274 شخصا على الأقل قُتلوا في خضم العملية، وهو رقم غير مؤكد ولا يميز أيضا بين المقاتلين والمدنيين.
وأقر الجيش الإسرائيلي بقتل مدنيين فلسطينيين خلال القتال، لكنه ألقى باللائمة في ذلك على حماس لقيامها باحتجاز الرهائن والقتال في بيئة مدنية مكتظة، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيئل هغاري “نحن نعلم عن أقل من 100 قتيل [فلسطيني]. لا أعرف كم عدد الإرهابيين بينهم”.
ساهمت في هذا التقرير وكالة رويترز