الرئيس الإيراني: الضربات في لبنان هي “فخ” إسرائيلي لجر طهران إلى الحرب
وزير الخارجية الإيراني يتعهد بأن بلاده "لن تبقى غير مبالية" في الوقت الذي تشن فيه إسرائيل، تحت نيران الصواريخ المستمرة، ضربات قاسية على مواقع لحزب الله في جميع أنحاء لبنان

اتهم الرئيس الإيراني إسرائيل يوم الاثنين بالسعي إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط ونصب “فخاخ” لجر بلاده إلى صراع أوسع.
وقال مسعود بزشكيان لنحو عشرين صحفيا إن إيران لا ترغب في توسع الحرب الحالية في غزة والغارات الجوية الإسرائيلية في لبنان، وأكد على أنه في حين تصر إسرائيل على أنها لا تريد حربا أوسع، فإنها تتخذ إجراءات تظهر عكس ذلك.
وأشار بزشكيان إلى الانفجارات القاتلة لأجهزة الاتصالات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية في لبنان الأسبوع الماضي، والتي ألقى باللوم فيها على إسرائيل، واغتيال الزعيم السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران عشية تنصيبه.
وقال الزعيم الإيراني عن إسرائيل: “إنهم يجروننا إلى نقطة لا نرغب في الوصول إليها. لا يوجد رابح في الحرب. نحن نخدع أنفسنا فقط” إذا اعتقدنا ذلك.
منذ الثامن من اكتوبر 2023، تهاجم قوات بقيادة حزب الله بلدات ومواقع عسكرية إسرائيلية على طول الحدود بشكل شبه يومي، وترد إسرائيل بغارات جوية.
وقالت بيروت إن الغارات الجوية الإسرائيلية الواسعة التي استهدفت حزب الله في جنوب لبنان أسفرت عن مقتل 492 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 1645 آخرين يوم الاثنين، في حين حذرت إسرائيل من أن الضربات ضد الجماعة ستتوسع وتم تحذير المدنيين اللبنانيين من الفرار من المناطق التي يُعتقد أن الحزب المدعوم من إيران يخفي أسلحة فيها.
وفي غضون ذلك، أطلق حزب الله وابلا تلو الآخر من الصواريخ على إسرائيل، مما أدى إلى انطلاق صفارات الإنذار في عمق شمال إسرائيل وحتى بعض مستوطنات الضفة الغربية القريبة من تل أبيب. وفي اليوم السابق، استهدفت الحركة البلدات الشمالية بما لا يقل عن 150 صاروخا في واحدة من أعنف الهجمات منذ اندلاع القتال في الثامن من أكتوبر من العام الماضي.

وفي حديثه للصحافيين في نيويورك، أشار بزشكيان إلى مناشدات الغرب لإيران يتجنب الرد حتى لا تعرض للخطر جهود الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار في حرب إسرائيل ضد حماس في قطاع غزة، والتي اندلعت في أعقاب هجوم حركة حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واحتجاز 251 رهينة.
وقال بزشكيان: “حاولنا عدم الرد. لقد ظلوا يقولون لنا إن السلام في متناول اليد، ربما في غضون أسبوع أو أسبوعين. لكننا لم نحقق أبدا هذا السلام البعيد المنال. ففي كل يوم، ترتكب إسرائيل فظائع جديدة وتقتل مزيدا من الناس – كبار في السن وشباب ورجال ونساء وأطفال- (وتضرب) ومستشفيات وغيرها من البنى التحتية”.
وتقول إسرائيل إنها تسعى إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وتؤكد أن حماس تستخدم المدنيين في غزة كدروع بشرية، وتقاتل من مناطق مدنية بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد.
ولم يجب بزشكيان بوضوح على سؤال عما إذا كانت إيران سترد الآن بصورة مباشرة أكثر على إسرائيل.
وقال “نسمع دائما أن حزب الله أطلق صاروخا”. وتابع “إذا لم يفعل حزب الله حتى هذا الحد الأدنى، فمن سيدافع عنه؟ من الغريب أننا نُعتبر دائما مصدر انعدام الأمن، لكن انظروا إلى الوضع كما هو”.
وفي أبريل، شنت إيران هجوما غير مسبوق بالصواريخ والطائرات المسيّرة ضد إسرائيل بعد اغتيال عدد من الجنرالات الإيرانيين في سوريا. وأطلقت الجمهورية الإسلامية نحو 300 قذيفة من إيران، تم اعتراضها كلها تقريبا. ولكن باستثناء هذا الهجوم المباشر، فضلت طهران حتى الآن استهداف إسرائيل عبر وكلائها في أنحاء المنطقة.
ودان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني “بشدة الهجمات الجوية الواسعة النطاق” التي شنتها اسرائيل على جنوب لبنان محذرا من “التداعيات الخطيرة للمغامرة الجديدة للصهاينة”.
ونشر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي صورا على موقع إكس تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي وقيل إنها من لبنان، تظهر ما يبدو أنه سيارة إسعاف تحترق، وامرأة مسنة مصابة.

وكتب إن “جرائم إسرائيل، التي تمكّن الولايات المتحدة من ارتكابها، واضحة للعيان. لا تغضوا النظر. لا يمكن السماح باستمرار هذا الاستهتار الوحشي والإجرامي بالحياة البشرية. لن تظل إيران غير مبالية. نحن نقف إلى جانب شعبي لبنان وفلسطين”.
وفي مقطع فيديو نشر على الإنترنت، حث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الشعب اللبناني على أخذ تحذيرات الإخلاء الإسرائيلية على محمل الجد، وقال إنهم سيكونون قادرين على العودة إلى ديارهم بعد انتهاء القتال.
وقال عماد كريدية رئيس شركة الاتصالات اللبنانية أوجيرو لرويترز اليوم الاثنين إن الشبكة رصدت أكثر من 80 ألف مكالمة تطلب من الناس إخلاء مناطقهم، دون أن يتم الرد على جميع هذه المكالمات.
وقال وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري إن الوزارة تلقت مكالمة مماثلة لإخلاء المبنى، لكنه أشار إلى أن الوزارة لن تفعل. وقال لرويترز “هذه حرب نفسية”.
وفي غضون ذلك، طالبت وزارة الخارجية المصرية الاثنين “القوى الدولية ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتدخل الفوري لوقف التصعيد الإسرائيلي” في لبنان.
وتؤدي القاهرة دور وساطة بين إسرائيل وحماس، وحذّرت مرارا من التصعيد الإسرائيلي، والذي قالت يوم الاثنين إنه “يهدد بجر المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة”. وأعربت مصر مجددا عن “تضامنها” مع لبنان وأكّدت “رفضها التام لأية انتهاكات لسيادة لبنان وأراضيه”.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إن “هجمات إسرائيل على لبنان تشكل مرحلة جديدة في جهودها لجر المنطقة بكاملها إلى الفوضى”، وحثت المجتمع الدولي على التدخل.
واضافت الوزارة “من الضروري أن تتخذ جميع المؤسسات المسؤولة عن الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، وخصوصا مجلس الأمن الدولي، وكذلك المجتمع الدولي، التدابير اللازمة من دون تأخير”.
وصباح الاثنين، أعلن حزب الله أسماء 502 من أعضائه الذين قتلتهم إسرائيل خلال القتال، معظمهم في لبنان ولكن بعضهم أيضا في سوريا. كما قُتل 79 عنصرا آخر من فصائل مسلحة أخرى وجندي لبناني وعشرات المدنيين.
وأسفرت المواجهات والإضطرابات بين إسرائيل وحزب الله حتى الآن عن مقتل 26 مدنيا على الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى مقتل 22 جنديا إسرائيليا. كما وقعت عدة هجمات من سوريا دون وقوع إصابات.
ساهم إيمانويل فابيان ولازار بيرمان في إعداد هذا التقرير