الدول العربية لن ترسل قوة عسكرية إلى غزة دون مفاوضات لإنهاء الصراع
بحسب تقارير مختلفة، تم تحقيق تقدم في واشنطن فيما يتعلق بإدخال قوة عربية-دولية إلى غزة ستكون مهمتها تأمين قوافل المساعدات وتوزيع الغذاء والدواء بدلا من الجيش الإسرائيلي؛ لكن دول المنطقة وضحت أنها لن تكون على استعداد لحل المشاكل التكتيكية دون أن تقدم إسرائيل خطة سياسية للمنطقة تتضمن تحقيق تقدم نحو حل الدولتين
لدى عودة وزير الدفاع من واشنطن، نُشر يوم السبت في عدد من وسائل الإعلام أن يوآف غالانت أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه تم تحقيق تقدم في مسألة إدخال قوة دولية إلى غزة، تكون مركبة من ثلاث دول عربية. من المفترض أن تتولى القوة العربية الدولية، بحسب ما نُشر، مهمة تأمين قوافل المساعدات والمساعدة في توزيع الغذاء والدواء.
قبل عشرة أيام بدأت الولايات المتحدة بناء رصيف عائم لاستيعاب إمدادات الغذاء إلى غزة. هناك ثماني سفن لوجستية وألف جندي في المحيط الأطلسي في طريقهم إلى المنطقة، مع اقتراب “بيسون”، أولى هذه السفن، بالفعل من شواطئ البرتغال/إسبانيا.
ولكن، بحسب قرار القيادة الأمريكية، لن تطأ قدم أي جندي أمريكي أراضي غزة. وبعد بناء الرصيف ونقل البضائع إلى الأرض، ستواجه جميع الأطراف مشكلة لوجستية – من سيقوم بتفريغ البضائع ومن سيقوم بتوزيعها على حوالي 60 نقطة في أنحاء غزة؟
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
ذكرت تقارير سابقة أن البنتاغون يعتزم الاستعانة بمقاولين من الباطن، مثل جمعية Fogbow التي يرأسها ضابطان أمريكيان متقاعدان – وكذلك الاستعانة بـ 60 نقطة توزيع لمنظمة “المطبخ المركزي العالمي” (World Central Kitchen)، التي تعمل بالفعل في توزيع المواد الغذائية في غزة.
خرجت سفينة ثانية تابعة لـ”المطبخ المركزي العالمي” بعد ظهر يوم السبت من لارنكا متجهة إلى غزة. على عكس العملية الأمريكية، سترسو سفية المساعدات هذه (التي تديرها جمعية Open Arms) قبالة سواحل غزة.
ومع ذلك، لا يزال التحدي المتمثل في توزيع المساعدات قائما. من سيؤمن تفريغ السفن/الرصيف العائم؟ من سيضمن إلا ينقض عشرات الآلاف من الأشخاص على المنتجات الغذائية؟ من سيحمي مواطني غزة من الغرق و/أو من تعرضهم للقتل في طريقهم للحصول على الغذاء؟ من وجهة نظر الأمريكيين، فإن القوة التي ستؤمن المشروع هي الجيش الإسرائيلي.
ومع ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي ليس متحمسا لإدارة هذا المشروع الخطير. يبدو هذا المشروع مشروعا مؤقتا، ولكن مع تزايد تعقيد الوضع في غزة، فإن توزيع الغذاء وبدء العملية قد يجعل المشروع المؤقت دائما. ومن يدري كيف سيتعين توزيع المساعدات لأسابيع أو أشهر أو سنوات عديدة، وقد يصبح الرصيف المؤقت في المستقبل ميناء دائما.
لهذا السبب بالتحديد يأمل وزير الدفاع غالانت أن تدخل قوات ثلاث دول عربية إلى داخل القطاع للمشاركة في المشروع. ولكن الدول المحتملة – مصر والأردن والإمارات العربية المتحدة – بعثت برسائل دبلوماسية حازمة في الأشهر الأخيرة: لقد توقفت هذه الدول عن حل مشاكل إسرائيل التكتيكية.
هذه الدول على استعداد للمشاركة في مشروع إعادة إعمار قطاع غزة – وكذلك في المساعدة في تثبيت استقرار السلطة الفلسطينية – ولكن فقط في إطار شامل يسعى إلى التوصل إلى حل للصراع بالاستناد إلى مبدأ الدولتين.
ويمكن رؤية تعبير عن ذلك في الأشهر القليلة الماضية: أرادت إسرائيل التوصل إلى اتفاقات مع المصريين في موضوع الاستيلاء على محور فيلادلفيا من الداخل، أي من قطاع غزة. رد المصريون بلغة دبلوماسية: هل تريدون إبرام تفاهم بشأن المنطقة؟ اذهبوا وتحدثوا إلى صاحب السيادة المستقبلي في المكان – السلطة الفلسطينية. المنطقة ليست منطقتنا ولا نوافق على العمل فيها.
وذكر دبلوماسيون الذين تحدثوا إلى “زمان يسرائيل”، الموقع الشقيق لـ”تايمز أوف إسرائيل” باللغة العبرية، حول هذه القضية المحددة أن المصريين لم يعودوا معنيين بحل القضايا التكتيكية لإسرائيل، دون أن تمضي إسرائيل قدما في خطة شاملة للمنطقة. إذا لم يكن هناك سيادة محددة لغزة في اليوم التالي لحماس، فإن المصريين لن يكونوا الطرف الذي يحل مشاكل إسرائيل.
مثال آخر: ناشد نتنياهو رئيس دولة الإمارات المساعدة في دفع تعويضات نهاية الخدمة لعشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية الذين لا يستطيعون دخول إسرائيل والعمل في مجال البناء.
سخر محمد بن زايد من نتنياهو في وجهه وقال له: “اذهب واطلب أموالا من زيلينسكي”. وبعد المكالمة، تم نقل مضمونها للصحفيين. معنى ذلك أن الإمارات لن تحل القضايا التكتيكية لدولة إسرائيل، دون أن يكون هناك تقدم جدي في الجوانب السياسية في اليوم التالي للحرب في غزة.
أصبح واضحا يوم السبت أنه خلافا للاتجاه الذي أعطاه وزير الدفاع غالانت (فور عودته من واشنطن)، فإن القوات العربية الدولية لن تدخل غزة أو أي مكان آخر، ما لم تكن هناك تسوية شاملة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية – ودون إحراز تقدم في المفاوضات.