الخطاب المهمش الذي كشف فيه المبعوث الأمريكي عن ملامح خطة السلام
حق إسرائيل في الضفة الغربية ’واضح’، على حد تعبير السفير ديفيد فريدمان، لكنه أشار أيضا إلى أن الفلسطينيين هم ’سكان أصليون’ في البلاد ولديهم الحق بالإستقلال
واشنطن – كان السفير الأمريكي ديفيد فرديمان أحد ضيوف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخاصين في رحلته يوم الأحد إلى واشنطن لحضور الاحتفال بالكشف عن “صفقة القرن” التي طال انتظارها للإدارة الأمريكية.
فريدمان، الذي فقد والدته مؤخرا وهو يهودي أرثوذكسي، جاء إلى مؤخرة الطائرة مرتين خلال الرحلة، برفقة عدد من كبار مستشاري نتنياهو وبعض الصحافيين المتدينين، لترأس صلاتي العصر والمساء وتلاوة صلاة المعزين “كاديش”.
وهو أحد مهندسي نهج الإدارة الأمريكية تجاه النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني – مع صهر الرئيس الأمريكي ترامب ومستشاره الكبير جاريد كوشنر – لكنه رفض الرد على أي أسئلة عن خطة السلام.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
ويُعتبر السفير الأمريكي ناشطا أكثر من كونه دبلوماسيا ولا يُعرف عنه خجله في إبداء آرائه. في الواقع، في خطاب ألقاه مؤخرا دون أن يلاحظه أحد إلى حد كبير في وقت سابق من هذا الشهر كشف فريدمان عن بعض أفكار الإدارة الأمريكية التي تقف وراء الخطة المرتقبة.
في كلمة ألقاها في احتفال “منتدى كوهيليت للسياسات” بإعلان وزير الخارجية الأمريكي في 18 نوفمبر بشأن قانونية المستوطنات، ألمح فريدمان إلى الخطوط العريضة المحتملة للاقتراح، والذي، وفقا لتقارير مختلفة، سيعترف بحقوق إسرائيل السيادية على القدس كاملة وعلى أجزاء واسعة من الضفة الغربية، لكنه يشمل أيضا الدعوة لإقامة دولة فلسطينية، إذا تم استيفاء العديد من الشروط.
وعلى نحو أكثر تحديدا، يُقال أن الاقتراح يعطي إسرائيل الضوء الأخضر لضم غور الأردني وربما عدد كبير من المستوطنات، إن لم يكن جميعها.
في خطابه، لم يقر فريدمان بأن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في المنطقة، التي يشير إليها باستمرار باسمها التوراتي “يهودا والسامرة”، فحسب. بل أنه، وبشكل قد يدعو للدهشة، أشار إلى هؤلاء الفلسطينيين على أنهم “سكان أصليون”، وبالتالي رفض الاعتراف بنقطة حديث للكثير من الإسرائيليين في اليمين، الذين يعتبرون الوجود الفلسطيني غير شرعي ويريدون تشجيع الفلسطينيين على الهجرة.
في الواقع، من خلال وصف الفلسطينيين بأنهم “سكان أصليون” في هذه الأرض، كان فريدمان يلمح إلى أن هم أيضا لديهم حقوق فيها.
وفي تلميح آخر لمعايير الصفقة، عبر السفير الأمريكي عن رغبته في أن يعيش الفلسطينيون “بكرامة وسلام وفي استقلال وفخر ومع فرص متاحة”. استقلال وليس حكما ذاتيا.
خلال خطابه في الثامن من يناير، الذي ألقاه في “مركز مناحيم بيغين للتراث” تطرق فريدمان إلى “القضايا المعلقة” التي ظلت دون حل منذ حرب “الأيام الستة” في عام 1967: وضع القدس ووضع هضبة الجولان ووضع الضفة الغربية.
وقال: “لقد تعاملنا مع هذه القضايا بترتيب تصاعدي من حيث التعقيد”، ودافع عن قرار الإدارة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان.
ما يلي هو نص ناقش فيه فريدمان إحدى القضايا التي لا تزال على الطاولة – المستوطنات في الضفة الغربية:
“والآن نصل إلى يهودا والسامرة، بالتأكيد أكثر القضايا تعقيدا بسبب العدد الكبير للسكان الأصليين الفلسطينيين. تحقيق التوازن بين الاعتبارات الأمنية وحرية الحركة، والتسوية بين روايات واستحقاقات تاريخية وقانونية متنافسة، ومساعدة الاقتصاد في مواجهة الاتهامات بمحاولة التطبيع – إن المسألة معقدة وصعبة.
ولكن على مر السنين، قبل وصولنا إلى الحكم، أصبحت هذه القضية أكثر تعقيدا وأكثر صعوبة. لقد تحركت قائمتي المرمى على حد المثل الشائع – إلى درجة لم يعد بالإمكان فيها رؤية الملعب.
إن يهودا والسامرة – الاسم يهودا يروى كل القصة – هي أرض كان فيها تاريخيا وجود يهودي مهم. وكما يقولون، إنها القلب التوراتي لإسرائيل.
تشمل (يهودا والسامرة) الخليل، حيث قام إبراهيم بشراء الكهف لدفن زوجته سارة؛ شيلو، حيث كان المعبد لمدة 369 عاما قبل أن يقوم الملك سليمان ببناء الهيكل في القدس؛ بيت إيل، حيث حلم يعقوب بالسلم إلى السماء؛ قصر اليهود، حيث قاد يشوع بني إسرائيل إلى الأرض الموعودة وقام يوحنا المعمدان بتعميد يسوع المسيح، والكثير من المواقع الشهيرة الأخرى.
بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية، أصبحت يهودا والسامرة، وكذلك بقية ما كان يشار إليه حينذاك بالاسم فلسطين، خاضعة للوصاية البريطانية، التي كانت خاضعة لوعد بلفور وشروط مؤتمر سان ريمو وتفويض عصبة الأمم. بعبارات بسيطة، كان البريطانيون ملزمين بتسهيل استيطان الشعب اليهودي في هذه الأرض. هذا لا يعني أن الاستيطان اليهودي كان حصريا، ولكن لم يكن لأحد آخر الحق بالعيش هنا، ولكن لليهود كان هذا الحق بكل تأكيد.
نتقدم بسرعة بعد ذلك إلى حرب الأيام الستة. بعد تعرضها للهجوم، استعادت إسرائيل يهودا والسامرة من الأردن. لقد احتل الأردن يهودا والسامرة لـ 19 عاما فقط، ولم يعترف أحد تقريبا بحقوقه على الأرض.
ولذلك، وبشكل بديهي، من كان لديه حق بالمطالبة بالأرض؟ إسرائيل، التي تم الاعتراف بحقوقها التاريخية والقانونية من قبل عصبة الأمم؛ الأردن، الذي كان هناك ل19 عاما فقط دون أي شرعية تقريبا، والذي تخلى على أي حال عن مطالبته بالأرض غرب نهر الأردن في عام 1995، أو العثمانيون الذين غسلوا أيديهم من فلسطين بعد الحرب العالمية الثانية. تبدو الإجابة واضحة، مع كل الاحترام لجميع الباحثين.
ولأن هذا كان واضحا جدا، بدأت قائمتا المرمى بالتحرك. أصبح خط الهدنة لعام 1949 – وهو خط وافق أعداء إسرائيل على احترامه حتى يقومون بإعادة التسلح ويسعون مجددا إلى تدمير إسرائيل (كما فعلوا في عام 1973) – فجأة “الخط الأخضر” المحظور، والحق الأقصى من حقوق إسرائيل على الأراضي.
أصبحت المستوطنات في حد ذاتها غير قانونية بموجب مفاهيم غير متبلورة في القانون الدولي مفادها أنه لا يمكن لأحد القبول بجدية بسان ريمو أو ولاية عصبة الأمم.
وأصبح قرار 242 [لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة] تفويضا بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي التي تم الإستيلاء عليها، على الرغم من أن القرار صيغ بطريقة تهدف إلى تجنب مثل هذا التفسير، وعلى الرغم من أن الممثل الأمريكي الذي فاوض على 242، عميد كلية الحقوق في جامعة ييل، يوجين روستو، قال إن لإسرائيل الحق الراسخ في توطين يهودا والسامرة.
عقيدة بومبيو لا تحل النزاع على يهودا والسامرة، لكنها تعيد قائمتي المرمى إلى الملعب.
إنها لا تحجب القضية الحقيقية للغاية المتمثلة في وجود مليوني فلسطيني أو أكثر في يهودا والسامرة، ونتمنى أن يعيش جميعهم بكرامة وسلام وفي استقلال وفخر ومع فرص متاحة. نحن ملتزمون بإيجاد طريقة لتحقيق ذلك.
تقول عقيدة بومبيو بوضوح إن للإسرائيليين الحق في العيش في يهودا والسامرة، لكنها لا تقول أنه لا حق للفلسطينيين في ذلك، وإنما تدعو إلى حل عملي تفاوضي للنزاع يحسن حياة الناس على كلا الجانبين.”