الحكومة تمضي قدما في مشروع قانون لنزع صلاحيات المقاضاة الجنائية من المستشارة القضائية للحكومة
التشريع سيقلّص سلطات المستشارة القضائية، ويُنشئ منصب "مدعٍ عام" يتولى جميع ملفات المقاضاة الجنائية، بما في ذلك ضد الساسة، ويُعيَّن من قبل وزير العدل

في إطار أحدث تشريع ضمن مساعيها لإعادة تشكيل الجهاز القضائي في إسرائيل، صادقت الحكومة يوم الأحد على مشروع قانون من شأنه تقليص صلاحيات المستشارة القضائية للحكومة وإنشاء جهاز جديد للمقاضاة الجنائية، تكون الحكومة مسؤولة عن تعيين رئيسه.
وسيقوم مشروع القانون فعليًا بفصل منصب المدعي العام عن صلاحيات المستشارة القضائية، ويمنحه لـ”مدع عام” يتم تعيينه من قبل وزير العدل بمصادقة لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، وهي لجنة يهيمن عليها الائتلاف الحكومي.
وأدانت أحزاب المعارضة التشريع واعتبرته محاولة من الحكومة للتأثير على محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتقويض مؤسسة المقاضاة الجنائية عامة.
وقال مكتب المستشارة القضائية إنه لا يجب تمرير مشروع القانون نظرا لـ”الاشتباه القوي بأنه صُمم لخدمة مصالح شخصية مرتبطة بإجراءات وتحقيقات جنائية جارية”، في إشارة إلى محاكمة رئيس الوزراء ومشاكله القانونية الأخرى.
لكن الائتلاف الحكومي دافع عن مشروع القانون، معتبرًا أنه ضروري لضمان استقلالية المسؤول عن المقاضاة الجنائية في إسرائيل عن الحكومة، من خلال فصل هذا الدور عن منصب المستشار القضائي، الذي بصفته المستشار القانوني للحكومة، يُفترض به أيضًا أن يساعدها في تحقيق أهدافها السياسية.
وقد تم تقديم مشروع القانون من قبل عضو الكنيست حانوخ ميلفيدسكي من حزب الليكود، وصادقت عليه اللجنة الوزارية للتشريع، ما يعني أن الائتلاف سيدعمه عند طرحه للقراءة التمهيدية في الهيئة العامة للكنيست.

وسيتولى المدعي العام المقترح وممثلوه السيطرة الحصرية على ملفات المقاضاة الجنائية، منتزعين هذا الدور من مكتب النيابة العامة، الذي يشرف حاليًا على جهاز المقاضاة الجنائية، ومن المستشارة القضائية، التي تتولى حاليًا رئاسة الجهاز.
وبموجب النظام الحالي، يتم تعيين كل من المستشار القضائي والنائب العام من قبل لجان بحث تضم خبراء ومسؤولين قانونيين، بينما ينص مشروع القانون الجديد على أن يتولى وزير في الحكومة تعيين رئيس جهاز المقاضاة الجنائية.

وسيحظى المدعي العام الجديد بجميع الصلاحيات التي تمتلكها المستشارة القضائية في ما يتعلق بالمقاضاة الجنائية، بما يشمل فتح إجراءات جنائية، وتقديم أو تعديل أو سحب لوائح اتهام، وتأجيل الإجراءات.
وأعرب سياسيون من المعارضة عن قلقهم من نقل هذه الصلاحيات إلى مدعٍ عام يُعيَّن سياسيًا، قائلين إن الخطوة ستساعد نتنياهو، الذي يُحاكم في قضايا فساد، على “الهروب من العدالة”.
كما سيتولى المدعي العام الجديد قرار فتح تحقيقات جنائية بحق مسؤولين منتخبين، مثل الوزراء وأعضاء الكنيست.
ويتيح مشروع القانون أيضًا للمدعي العام الجديد تقديم المشورة القانونية للحكومة بشأن تشريعات تتعلق بالقانون الجنائي.
ولكن القانون لن يؤثر على صلاحيات المستشارة القضائية بصفتها المستشار القانوني للحكومة، المخولة بتفسير القانون، أو على دورها في تمثيل الحكومة أمام المحاكم في دعاوى ضد إجراءاتها وتشريعاتها.

ومن المقرر أن يدخل القانون حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من المصادقة عليه.
وكتب ميلفيدسكي في المذكرة التفسيرية المرافقة لمشروع القانون: “الهدف الرئيسي من هذا القانون هو ضمان الاستقلالية التامة لجهاز المقاضاة الجنائية كمؤسسة شبه قضائية، خالية من الاعتبارات المؤسسية الخارجية”.
وأضاف: “يسعى هذا القانون من خلال ذلك إلى ضمان أقصى قدر من ثقة الجمهور في مؤسسة المقاضاة الجنائية”.
وقال ياريف ليفين، الذي يرأس اللجنة الوزارية، إن التشريع يُطرح من أجل “تحديد الصلاحيات بوضوح بين المستشارة القضائية والمدعي العام، والطريقة التي يُعيَّنان بها”.
وأضاف أن الهدف أيضا هو منع “التطبيق الانتقائي للقانون” من قبل المدعي الرئيسي، في انتقاد غير مباشر للمستشارة القضائية الحالية غالي بهاراف-ميارا، التي يتهمها مرارًا باستهداف شخصيات من اليمين الإسرائيلي بالملاحقة القضائية.
لكن المعارضة نددت بالقانون واعتبرته محاولة سياسية للسيطرة على جهاز المقاضاة.
وكتب رئيس حزب الديمقراطيين يائير غولان على منصة “إكس”، في إشارة إلى نتنياهو، إن “حكومة يقودها شخص غارق في تحقيقات جنائية وأمنية بالغة الخطورة لا تملك أي شرعية لسنّ قوانين تتعلق بتغيير نظام الحكم”، واصفا مشروع القانون بأنه “محاولة من شخص يخضع لتحقيق للهرب من العدالة وإضعاف سلطة الادعاء”.
واتهم رئيس حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس الحكومة بأنها “تقسّم الشعب” من خلال دفعها بتشريعات واسعة النطاق ومثيرة للجدل في وقت حرب، قائلا إنه “لا يُصدَّق” أنه “في وقت يسعون فيه لتجنيد آلاف جنود الاحتياط للقتال، يواصلون تمزيق وحدة الشعب”.
ووصفت الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل، وهي منظمة رقابية ليبرالية، مشروع القانون بأنه “تشريع شخصي” يهدف إلى “استبدال المستشارة القضائية الحالية وخلق مدينة ملاذ لمسؤولين منتخبين فاسدين”.
وأضافت المنظمة أن القانون “سيفكك البنية القانونية التي تضمن تطبيق القانون في إسرائيل وتمنع الفساد الحكومي”.
وقال غاي لوري، الباحث في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، إنه يجب النظر إلى مشروع القانون في سياق أجندة الحكومة لإعادة تشكيل الجهاز القضائي والقانوني، والتي قال إنها “تمسّ باستقلالية القضاء وتجعل من الصعب الحفاظ على سيادة القانون في إسرائيل”.
وأشار إلى أن مشروع القانون يأتي أيضًا في ظل استمرار محاولات الحكومة لإقالة المستشارة القضائية الحالية.
وقال لوري: “علينا أن ننظر إلى مشروع القانون كجزء من خطة لإعادة تشكيل النظام القضائي بهدف تقويض نظام الضوابط والتوازنات الضعيف أصلًا في إسرائيل، ومنح الحكومة مزيدًا من السلطة”.