الحكومة تسعى في اللحظة الأخيرة إلى الحصول على تمديد للموعد النهائي من المحكمة العليا لتجنب التجنيد الإجباري للحريديم
الدولة تطلب 12 ساعة إضافية للرد على الالتماسات، بعد دقائق من إصدار المستشارة القضائية للحكومة إشعارا مفاجئا مفاده أن السلطات ستكون ملزمة في غضون أيام بتجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية
في تحول مفاجئ في اللحظة الأخيرة في وقت متأخر من ليلة الأربعاء، طلبت الحكومة تمديد الموعد النهائي الذي حددته المحكمة العليا لمدة نصف يوم لتقديم رد على الالتماسات التي تطالبها بالبدء على الفور في تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية.
جاء طلب الدولة بعد عدة دقائق فقط من إصدار مكتب المستشارة القضائية للحكومة مسودة رد مفاجئة أبلغت فيها المحكمة العليا أنه بحلول صباح الاثنين، الأول من أبريل، ستكون الدولة ملزمة بالبدء في تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية لأنه لم يعد هناك أي إطار قانوني لتجنب مثل هذه الخطوة.
تطور هذا التسلسل المحموم للأحداث بسبب فشل الحكومة في صياغة اقتراح مفصل وجوهري لزيادة تجنيد اليهود الحريديم في الخدمة العسكرية بحلول يوم الأربعاء، كما وعدت أن تفعل أمام المحكمة العليا ردا على الالتماسات التي تطالب بالتجنيد الفوري من أجل الامتثال لقوانين المساواة.
طلبت الدولة موعدا نهائيا جديدا هو الساعة الثانية بعد الظهر من يوم الخميس لتقديم ردها النهائي. وبما أنها قدمت الطلب قبل عدة دقائق فقط من منتصف الليل، لم تتح للمحكمة بعد فرصة للرد.
وقالت الدولة للمحكمة في وقت متأخر من ليلة الأربعاء أنه “مع الأخذ في الاعتبار حساسية الأمور والحاجة إلى العديد من المسؤولين [للمساهمة في] المسودة، بما في ذلك كبار المسؤولين، يلزم تمديد قصير ليوم واحد لتقديم الرد”.

وكان مكتب المستشارة القضائية للحكومة قد وزع قبل دقائق فقط على الإدارات الحكومية مسودة رد على التماسات المحكمة العليا، والتي أكدت أن الدولة ستكون ملزمة ببدء التجنيد الإجباري لطلاب المدارس الدينية الحريدية في الأول من أبريل.
كان موقف الدولة – كما حدده مكتب المستشارة القضائية بهاراف ميارا – هو أنه بما أن قرار الحكومة بتأخير بدء عمليات التجنيد سينتهي عند منتصف ليل 31 مارس، فلن يكون هناك إطار قانوني لتجنب تجنيد الشبان الحريديم الذين يتمتعون منذ فترة طويلة بإعفاءات شاملة للسماح لهم بدراسة التوراة.
وكان من المفترض أن تقوم الحكومة بصياغة مقترح أولي لقانون من شأنه أن يؤدي إلى زيادة تجنيد اليهود الحريديم وتمريره كقرار حكومي بحلول يوم الأربعاء ردا على الالتماسات.
ولكن فشل الائتلاف في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه القضية المتفجرة بسبب المعارضة الشديدة للأحزاب الحريدية لإدراج حصص التجنيد في التشريع المقرر نفسه.
يبدو أن طلب الدولة بتمديد قصير يشير إلى أنه ستكون هناك محاولة أخيرة لصياغة اقتراح واقعي من نوع ما لعرضه على المحكمة بحلول ذلك الوقت.
وفي رسالة شديدة اللهجة، قال نائب المستشارة القضائية غيل ليمون لسكرتير الحكومة يوسي فوكس إن المقترحات التي قدمتها الحكومة واهية، وتفتقر إلى المدخلات المهنية، ولم تتضمن “أي رأي قانوني أو وثائق يمكن أن توضح كيف تنوي الحكومة صياغة ترتيب” سيؤدي إلى زيادة في التقاسم المتساوي لعبء الخدمة العسكرية.

وأضاف ليمون: “هذا مهم بشكل خاص عندما تعمل الحكومة على زيادة العبء على الجمهور الذي يؤدي الخدمة [العسكرية] – سواء المجندين أو جنود الاحتياط – وفي الوقت نفسه تسعى إلى مزيد من تأخير تجنيد طلاب المدارس الدينية”، في إشارة إلى مقترحات الحكومة لزيادة مدة الخدمة العسكرية للمجندين وجنود الاحتياط.
ولأن الحكومة فشلت في صياغة اقتراح موضوعي، أشارت مسودة الرد الأولي التي قدمتها المستشارة القضائية إلى المحكمة إلى أن قرار مجلس الوزراء رقم 682 الذي يسمح للدولة بعدم تجنيد الرجال الحريديم ليس على وشك الانتهاء فحسب، بل أن الحكومة لم تفي بالتزامها بتقديم مقترحات موضوعية للمحكمة لمعالجة هذه القضية.
وكتب مكتب المستشارة القضائية في مسودة الرد للمحكمة “من البداية، استند قرار الحكومة 682 إلى فرضية الدفعه بتشريع. وبالتالي، مع انتهاء صلاحية القرار وفي غياب إطار بديل، اعتبارا من الأول من أبريل، 2024، لن يكون هناك مصدر سلطة يسمح بمواصلة التجنب الشامل لتجنيد طلاب المدارس الدينية”.
“في مثل هذه الظروف، سيكون جميع مسؤولي الدولة المعتمدين ملزمين قانونا بالعمل على إجراءات التجنيد لطلاب المدارس الدينية بدءا من 1 أبريل 2024”.
أدى طلب التمديد لمدة نصف يوم الذي جاء عقب صدور مسودة الرد إلى إبطال هذا الرد من الناحية التقنية، لكنه أظهر أن المستشارة القضائية تبدو غير راغبة تماما في السماح للحكومة بالإفلات من الوفاء بالتزامها وتقديم اقتراح غير جوهري للمحكمة فقط حتى تتمكن من الحصول على تمديد آخر لمدة ثلاثة أشهر.
ترجع موجة النشاط الحالية حول تجنيد اليهود الحريديم إلى الالتماسات المقدمة إلى المحكمة العليا في العام الماضي للطعن في شرعية قرار مجلس الوزراء الصادر في 25 يونيو 2023، والذي أصدرت فيه الحكومة تعليمات إلى سلطات التجنيد في الجيش الإسرائيلي بـ “ألا يتم اتخاذ إجراءات لتجنيد طلاب المدارس الدينية” حتى 31 مارس.

مررت الحكومة هذا القرار لأن القانون الذي يسمح بإعفاءات شاملة من الخدمة العسكرية – تأجيل سنوي تقنيا حتى سن الإعفاء – لطلاب المدارس الدينية الحريدية كان على وشك الانتهاء.
بحلول 31 مارس، كان من المفترض أن تكون الحكومة قد وجدت طريقة للامتثال لحكم المحكمة الصادر في عام 2017، والذي اعتبر أن الإعفاءات الشاملة من الخدمة العسكرية لطلاب المدارس الدينية الحريدية تمييزية وغير قانونية. لكنها أبلغت المحكمة في فبراير أنها لم تتمكن من القيام بذلك بسبب الفظائع التي وقعت في 7 أكتوبر واندلاع الحرب مع حركة حماس في غزة ومنظمة حزب الله في لبنان.
وقالت الدولة حينها إنها بحاجة لمزيد من الوقت لتشريع مثل هذا القانون نتيجة الحرب، وإنها ستحدد ما سيتضمنه مشروع القانون بحلول نهاية مارس، ثم طلبت تمديدا آخر حتى نهاية يونيو لتمرير التشريع.
ومع ذلك، يبدو أنها فشلت مرة أخرى في الالتزام بجدولها الزمني، ومن غير الواضح كيف ستتمكن من وضع مخطط شامل يرضي مكتب المستشارة القضائية في غضون 12 ساعة.
يُطلب من معظم الرجال اليهود الإسرائيليين الخدمة لمدة ثلاث سنوات تقريبا تليها سنوات من الخدمة الاحتياطية السنوية. العديد من النساء اليهوديات يخدمن لمدة عامين. لكن الحريديم الذي يتمتعون بنفوذ سياسي قوي، ويشكلون ما يقارب من 13% من المجتمع الإسرائيلي، يحصلون تقليديا على إعفاءات إذا كانوا يدرسون بدوام كامل في يشيفا أو مدرسة دينية. وقد أثارت الإعفاءات – والرواتب التي يتلقاها العديد من طلاب المدارس الدينية من الحكومة حتى سن 26 عاما – غضب الجمهور العام على نطاق أوسع.
وقد بلغ هذا الإحباط ذروته منذ الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر والحرب التي تلت ذلك حيث يفقد أفراد القطاعات الأخرى في المجتمع الإسرائيلي حياتهم في الجيش الإسرائيلي ويُطلب منهم أيضا زيادة فترة خدمتهم الاحتياطية، مع تزايد التهديدات التي تواجهها إسرائيل.

ويقول وزير الدفاع يوآف غالانت والوزير بيني غانتس – العضوان مع نتنياهو في كابينت الحرب – إن القانون الذي اقترحه رئيس الوزراء لا يذهب إلى حد كاف نحو زيادة عدد الشباب الحريديم الذين سينضمون إلى الجيش. ويقول المنتقدون إن بعض الجوانب المقترحة، مثل رفع سن الإعفاء الدائم – الذي يبدو أنه انخفض الآن – يمكن حتى أن تؤدي إلى خفض الأعداد.
وتتكون الحكومة من أحزاب حريدية وأحزاب متدينة متطرفة التي انضم إليها في الأيام الأولى للحرب حزب “الوحدة الوطنية” الوسطي بزعامة غانتس كإستعراض للوحدة في أعقاب 7 أكتوبر.
بين الأغلبية اليهودية، يُنظر إلى الخدمة العسكرية الإلزامية إلى حد كبير على أنها بوتقة انصهار وطقوس عبور. ويقول الحريديم إن الاندماج في الجيش سيهدد أسلوب حياتهم المستمر منذ أجيال، وأن تفانيهم في دراسة التوراة يحمي إسرائيل بقدر ما يحميها جيش قوي.
ويقول الاقتصاديون إن النظام الحالي غير مستدام. مع ارتفاع معدل الولادات، يعد المجتمع الحريدي الشريحة الأسرع نموا بين السكان، بحوالي 4٪ سنويا. في كل عام، يصل ما يقرب من 13 ألف من الذكور الحريديم إلى سن التجنيد (18 عاما)، لكن أقل من 10% منهم يلتحقون بالخدمة العسكرية، وفقا للجنة مراقبة الدولة في الكنيست، التي عقدت مؤخرا جلسة لمناقشة هذه المسألة.
بحسب مديرية القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي، حصل حوالي 66 ألف شاب حريدي على إعفاء من الخدمة العسكرية خلال العام الماضي، وهو رقم قياسي.
ساهمت وكالات في هذا التقرير