الحكومة ترفض لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر، وتعتزم تشريع لجنة “خاصة” بديلة
المستشارة القضائية تؤكد أن اللجنة الرسمية هي الخيار الأفضل وتُشدّد على ضرورة استقلالية التحقيق سياسيًا؛ المعارضة تتهم الائتلاف بمواصلة التهرّب من المسؤولية

أعلنت الحكومة يوم الإثنين أنها ستسعى إلى إنشاء لجنة “خاصة” للتحقيق في اجتياح حماس المدمر في 7 أكتوبر 2023، لكنها رفضت دعوة المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا لتشكيل لجنة تحقيق رسمية التي تملك أوسع صلاحيات التحقيق.
في رسالة إلى الحكومة، قالت بهراف-ميارا إن على الحكومة أن تقرر كيفية التحقيق في الإخفاقات قبل، وخلال، وبعد، الاجتياح الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واختطاف 251 شخصًا كرهائن إلى غزة، وتسبب في اندلاع الحرب الجارية. واعتبرت أن لجنة تحقيق رسمية هي الهيئة الأنسب للتعامل مع التحقيق، وأن تأخير القرار بشأن المسألة يلحق الضرر.
لاحقًا يوم الإثنين، وبعد جلسة حول الموضوع، قررت الحكومة عدم إنشاء لجنة رسمية، مبررة ذلك بأنها وافقت في اليوم السابق على توسيع الحملة العسكرية ضد حماس في قطاع غزة، وأن “الوقت غير مناسب” لتحقيق كهذا، وفقًا لتقارير عبرية.
وبدلًا من ذلك، قررت الحكومة الدفع بتشريع لإنشاء لجنة تحقيق “خاصة”، والتي زعمت أنها ستحظى بـ”ثقة عامة واسعة”.
وقد رفض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مرارًا فتح تحقيق في أحداث 7 أكتوبر قبل انتهاء الحرب، ورفض قطعًا تشكيل لجنة تحقيق رسمية، مدعيًا أن نصف الجمهور لن يثق بنتائجها.
وقد اتُهم بالسعي إلى إنشاء لجنة تحظى بصلاحيات محدودة، وتضم أعضاء يختارهم بنفسه، لأنه يخشى أن لجنة التحقيق الرسمية، والتي عادة ما يرأسها قاضٍ متقاعد من المحكمة العليا يُعيّنه رئيس المحكمة العليا الحالي، ستُحمله مسؤولية الكارثة. اللجنة الرسمية هي الهيئة التي تتمتع بالصلاحيات الأوسع بموجب القانون الإسرائيلي.

ويمكن تشكيل لجان عامة أخرى، مثل لجنة تحقيق حكومية، لكنها تملك صلاحيات محدودة أكثر وتُعتبر سياسية أكثر بطابعها، لأن الحكومة هي من تُعيّن أعضائها.
وقد تم عقد جلسة الحكومة استجابةً لأمر من المحكمة العليا في وقت سابق من هذا العام، يلزم الحكومة بتحديد كيفية نيتها التحقيق في الهجوم الكارثي.
وأمرت المحكمة الحكومة في فبراير بتقديم تحديث بحلول 11 مايو، في إطار التماسات تطالب المحكمة بإلزام الحكومة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في الهجوم، وهو ما قاومته الحكومة بشدة.
وفي رسالة سابقة إلى رئيس الوزراء والحكومة، أوضحت بهراف-ميارا أنها تعتبر أن اللجنة الرسمية هي الإطار الأفضل لمثل هذا التحقيق، نظرًا لما تتمتع به من صلاحيات في جمع المعلومات، وطبيعتها الشفافة.
وقالت: “الآليات الأخرى لا تتلاءم مع طبيعة الأحداث قيد التحقيق، من بين أمور أخرى، بسبب تبعيتها للمستوى السياسي، الذي دوره في الأحداث أيضًا يتطلب الفحص”.
وشددت بهراف-ميارا على أنه لا يوجد خلاف على وجوب التحقيق في أحداث 7 أكتوبر، بل الخلاف يكمن فقط في الشكل الذي سيتخذه التحقيق وتوقيته.
وأضافت أن من الضروري أن يكون التحقيق “منفصلًا” عن المستوى السياسي “في كل ما يتعلق بالقدرة على الوصول إلى الحقيقة”، ومن أجل ضمان الثقة بنتائج التحقيق.
وتابعت: “على الحكومة اتخاذ قرار معلل… ويجب عليها تقديم تبريرها ضمن إطار الإشعار الذي ستقدمه للمحكمة في هذا الشأن”.
وحذرت من أن امتناع الحكومة عن اتخاذ قرار “يُلحق الضرر ويعيق الوصول إلى الحقيقة”.
عقب جلسة الحكومة، قال زعيم المعارضة يائير لبيد إن عدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية يعني أن “كارثة 7 أكتوبر ستتكرر مرة تلو الأخرى”، وأضاف: “إذا لم نحقق في أسباب الكارثة فلن نتمكن من استخلاص الدروس وضمان عدم تكرارها”.
من جهته، قال زعيم حزب “الوحدة الوطنية” المعارض، عضو الكنيست بيني غانتس، إن “الوقت المناسب لتشكيل لجنة تحقيق رسمية كان قبل أكثر من عام”، وأن “كل لحظة من التأخير تضر بأمن الدولة”.
وأضاف: “الجمهور ليس غبيًا. السبب الوحيد لعدم تشكيل لجنة تحقيق رسمية هو محاولة التهرّب من المسؤولية”.
وقال رئيس حزب “يسرائيل بيتينو” المعارض المتشدد، عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان، إن نتنياهو “يخاف من لجنة تحقيق رسمية. الحقيقة ستنكشف، سواء مع أو من دونه”.
وبحسب تقارير عبرية غير لم تشر لمصادر، فقد عبّر وزراء خلال الجلسة عن غضبهم من بهراف-ميارا والمحكمة العليا، معربين عن انعدام الثقة في كليهما، وخاصة في حياد المحكمة في اختيار أعضاء اللجنة.
وقال وزير الاتصالات شلومو كرعي إنه يجب التحقيق مع المحكمة العليا نفسها، وفقًا لما نقلته عنه هيئة البث العام “كان”.
وقالت وزيرة الاستيطان والمهام الوطنية اليمينية الكتطرفة أوريت ستروك إنه “من المهم أن تُنشئ الحكومة لجنة تحقيق وتحدد صلاحياتها”، بحسب ما أوردته وسائل إعلام دون الاستناد إلى مصادر.

ونقل مواقع “واينتالإخباري ” عن الوزير دافيد أمسالم قوله إن المحكمة “جزء من المشكلة”، بينما نُقل عن وزير شؤون الشتات عَميخاي شيكلي قوله إنه “لا يوجد ثقة” في المستشارة القضائية.
وقال وزير الاقتصاد نير بركات من حزب الليكود الحاكم إن ثلثي أعضاء اللجنة يجب أن يكونوا من أعضاء الكنيست “وأن تتمتع بصلاحيات واسعة”، وفق ما أوردته التقارير. وورد أن الوزراء اقترحوا ألا تُشكّل اللجنة إلا بعد اختيار رئيس لها يحظى بتأييد 80 من أصل 120 عضو كنيست، وهو ما يمنح كلاً من الائتلاف والمعارضة حق النقض.
بعد نحو 19 شهرًا على الهجوم، لم تُحدد الحكومة بعد شكل التحقيق الذي تدعمه، ولم تتخذ أي خطوات لتشكيل لجنة.

وكانت بهراف-ميارا قد قالت في الماضي إن إثبات التزام إسرائيل بالتحقيق في الحرب يمكن أن يمنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات توقيف ضد نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت. ورغم أنه ليس من الواضح ما الضمانات التي قدمتها إسرائيل للمحكمة، إلا أن المحكمة أصدرت في نهاية المطاف مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت.
وجاءت رسالة بهراف-ميارا في وقت تسعى فيه الحكومة إلى عزلها من منصبها. وصوّت الوزراء بالإجماع في مارس على مذكرة لحجب الثقة عنها، في خطوة تهدف لتسريع إقالتها، متذرعين بخلافات متكررة معها أعاقت، على حد قولهم، التعاون الفعال.
وفي فبراير، كشف عضو الكنيست من الليكود أريئيل كالنر عن ما يبدو أنه تصور الحزب لتحقيق بديل في أحداث 7 أكتوبر.
وبحسب خطة كالنر، فلن يتم اختيار أعضاء هيئة التحقيق الجديدة من قبل رئيس المحكمة العليا — كما هو الحال في لجان التحقيق الرسمية — بل سيقوم الكنيست بتعيينهم.
وقد شُكّلت لجان تحقيق رسمية في السابق للتحقيق في إخفاقات عسكرية أخرى، بما في ذلك أحداث حرب يوم الغفران عام 1973، ومجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982.
كما تم تشكيل لجنة تحقيق حكومية، والتي عيّنت الحكومة أعضاءها، للتحقيق في إخفاقات حرب لبنان الثانية عام 2006، ولكنها مُنحت بعض الصلاحيات الخاصة باللجان الرسمية الأوسع والأكثر استقلالية، بما في ذلك صلاحية استدعاء الشهود.