الحكومة تدعم مشروع قانون لإلغاء صلاحية رئيس المحكمة العليا في اختيار القضاة للنظر في القضايا
النيابة العامة تقول إن استمرار محاولات الائتلاف لتقييد الجهاز القضائي "يمس بشكل كبير بطابع إسرائيل الديمقراطي"

في ما يبدو استمرارًا لمحاولات الحكومة تقييد صلاحيات السلطة القضائية، صادقت اللجنة الوزارية للتشريع الأحد على مشروع قانون يسعى إلى إلغاء صلاحية رئيس المحكمة العليا في اختيار القضاة الذين ينظرون في كل قضية. وسيتم بدلا من ذلك اختيار تشكيل الهيئات القضائية عبر نظام حوسبة آلي.
وبرر النائب من حزب “الصهيونية الدينية” سيمحا روتمان مشروع القانون في مذكرته التفسيرية، زاعما أن التشريع ضروري لأن رئيس المحكمة قد يحسم نتيجة الطعون أو الالتماسات مسبقا من خلال اختيار القضاة.
ويُعتبر روتمان من أبرز مهندسي خطة “الإصلاح القضائي” المثيرة للجدل التي تروج لها الحكومة.
في ظل النظام الحالي، تُشكّل معظم الهيئات القضائية في المحكمة العليا بصورة عشوائية ومحوسبة عبر سكرتارية المحكمة، إلا أن رئيس المحكمة يمكنه اختيار القضاة في القضايا ذات الأهمية الخاصة، وقد فعل ذلك في الماضي.
وسيعدل مشروع القانون، في حال تمريره، قانون المحاكم لعام 1984، ويُلغي البند الذي يمنح رئيس المحكمة العليا صلاحية تحديد القضاة الذين ينظرون في القضايا.
وبدلا من ذلك، سينص القانون على تحديد تركيبة الهيئات القضائية بـ”طريقة محوسبة دون تدخل بشري”.

وبحسب صحيفة “هآرتس”، فقد عارضت إدارة المحاكم هذا التشريع، محذرة من أنه سيؤدي إلى تراجع في كفاءة عمل الجهاز القضائي.
كما نقلت الصحيفة عن المستشار القانوني لإدارة المحاكم باراك ليزر تحذيره من أن التشريع سيؤدي إلى “الإضرار بمكانة المحكمة العليا ورئيسها، وبثقة الجمهور في الجهاز القضائي”.
كما عارض ممثلو مكتب المستشارة القانونية للحكومة أيضا مشروع القانون في اجتماع اللجنة الوزارية للتشريع يوم الأحد، بحسب ما أفاد به موقع “واينت”.
وقال ممثلو المكتب إن مشروع القانون “ينضم إلى سلسلة من المبادرات التشريعية [الأخرى] التي تضعف الجهاز القضائي وتقوض ثقة الجمهور فيه”، معتبرين أن المشروع يقوض دور رئيس المحكمة “المركزي في إدارة الجهاز القضائي”.
وأضافوا أن “الوزن التراكمي لهذه الخطوات التشريعية يؤدي إلى ضرر بالغ بآليات الضبط والتوازن في السلطات الحكومية، ويؤثر بشكل كبير على الطابع الديمقراطي لدولة إسرائيل”.
وفي رده، قال وزير العدل ياريف ليفين إنه يتم تقويض صلاحياته في لجنة تعيين القضاة، وأضاف أنه “إذا كان من المسموح نزع صلاحيات كانت بيد وزير العدل لعقود، فمن المسموح أيضا نزع صلاحيات من رئيس المحكمة العليا”، بحسب ما نقل “واينت”.
وتم تنصيب رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت في فبراير، رغم معارضة ليفين الشديدة.

وقد عارض ليفين تعيين عميت بشدة على مدار أكثر من عام. وبعد إلزامه مرارا من قبل المحكمة العليا، بصفتها محكمة العدل العليا، بتعيين رئيس جديد، قاطع ليفين جلسة التصويت، وأعلن لاحقاً عزمه مقاطعة عميت كرئيس للمحكمة.
وبحسب غاي لوري، الباحث في القسم القانوني في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، هناك عدد قليل جدا من القضايا سنويا التي يقرر فيها رئيس المحكمة العليا من سيجلس ضمن الهيئة القضائية.
وغالبا ما تتعلق هذه القضايا بمسائل تتسم بأهمية كبيرة للجمهور، ولكن حتى في تلك الحالات، لا يقوم رئيس المحكمة باختيار القضاة، بل يقرر ضم القضاة الأقدم في المحكمة إلى الهيئة القضائية.
وخلال النظر في الالتماسات الأخيرة ضد قرار الحكومة بإقالة رئيس الشاباك رونين بار، اتبع إسحاق عميت هذا المسار، واختار أقدم قضاة في المحكمة – نفسه، ونائب رئيس المحكمة العليا نوعام سولبرغ، والقاضية دافنة باراك-إيرز – للنظر في الالتماسات.

ويملك رئيس المحكمة أيضاً صلاحية تعيين قضاة في قضايا معينة بناءً على عبء العمل الذي يواجهه القضاة المختلفون عند تقديم القضية للمحكمة.
وأشار لوري إلى أن قدرة رئيس المحكمة على ضمّ القضاة الأقدم في القضايا المصيرية، وقدرته على إدارة عبء العمل بين القضاة، تُعد أدوات مهمة في إدارة المحكمة العليا.
وتأتي خطوة الحكومة للمضي قدما بمشروع قانون روتمان بعد أقل من شهرين من إقرار قانون يمنح القوى السياسية نفوذاً أكبر في عملية تعيين القضاة في إسرائيل.
ويغيّر القانون الجديد تركيبة لجنة اختيار القضاة، وقد تم إقراره بأغلبية ساحقة بعد أن قاطعت المعارضة التصويت النهائي.
ومن المقرر أن يدخل القانون حيز التنفيذ فقط في الكنيست المقبل، أي بعد الانتخابات العامة المقررة في أكتوبر 2026.