إسرائيل في حالة حرب - اليوم 560

بحث

الجيش الإسرائيلي ينشر تفاصيل أولية من التحقيق في قضية إطلاق النار على سيارات الإسعاف في غزة، ويقول إن القوات أبلغت الأمم المتحدة بموقع الدفن

الجيش يقول إنه يبحث في التناقض بين رواية الجنود ومقطع الفيديو من هاتف المسعف، لكنه يؤكد أن القوات لم تحاول إخفاء الحادث، وينفي وقوع أي إعدامات

مشيعون يتجمعون حول جثامين 8 من مسعفي الهلال الأحمر الذين تم انتشالهم في رفح في قطاع غزة، في 31 مارس، 2025. (AP Photo/ Abdel Kareem Hana)
مشيعون يتجمعون حول جثامين 8 من مسعفي الهلال الأحمر الذين تم انتشالهم في رفح في قطاع غزة، في 31 مارس، 2025. (AP Photo/ Abdel Kareem Hana)

أقر الجيش الإسرائيلي مساء السبت بأنه كان مخطئا في روايته الأولية للحادث الذي وقع في رفح جنوب قطاع غزة الشهر الماضي، حيث أطلقت القوات النار على سيارات إسعاف فلسطينية، ما أسفر عن مقتل 14 أو 15 مسعفا تم انتشال جثثهم لاحقا من مقبرة جماعية.

يوم السبت، قدم الجيش تفاصيل النتائج الأولية للتحقيق الذي أجراه في الحادث، والذي قال إنه لا يزال جاريا. وأكد الجيش أن ستة على الأقل من القتلى تم التعرف عليهم بعد مقتلهم على أنهم عناصر من حماس، ونفى أن يكون أي من القتلى قد أعدموا، وقال إن القوات لم تحاول إخفاء الحادث بل أبلغت الأمم المتحدة بموقع المقبرة.

بعد الكشف عن الحادثة، قال الجيش، الذي يتهم حماس بالتغلغل في البنى التحتية المدنية، في البداية إن المركبات كانت بدون مصابيح أمامية أو أضواء طوارئ مشتعلة، ولم تكن منسقة ووصلت إلى المكان بعد وقت قصير من وصول مجموعة من المقاتلين. على هذا النحو، قال الجيش الإسرائيلي إن الجنود اعتبروا المركبات ”مشبوهة“ وأطلقوا النار.

إلا أن صحيفة “نيويورك تايمز” نشرت يوم السبت مقطع فيديو يُظهر أن سيارات الإسعاف كانت تحمل علامات واضحة وأن أضواء الطوارئ كانت مضاءة عندما فتح الجيش الإسرائيلي النار.

وقال مسؤولو الأمم المتحدة إن 15 مسعفا قُتلوا بالنيران الإسرائيلية، بينما قال الجيش إن 14 قُتلوا ونجا واحد.

واتهم الفلسطينيون القوات الإسرائيلية بمحاولة التستر على الحادث من خلال دفن الجثث في مقبرة جماعية. كما ظهرت ادعاءات بأن بعض الجثث كانت أيديها مقيدة وبدا أنها قُتلت بالرصاص من مسافة قريبة.

بعد ظهور الفيديو يوم السبت، قال الجيش أن قائد القيادة الجنوبية اللواء يانيف عسور سيعيد التحقيق في الحادث. وسيتم تقديم النتائج الكاملة إلى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال إيال زمير يوم الأحد.

النتائج سيتم تسليمها لرئيس الأركان الإسرائيلي

ووفقًا للنتائج التي توصل إليها الجيش، فقد بدأ الحادث في 23 مارس وسط استئناف القتال في غزة وهجوم جديد في حي تل السلطان في رفح.

وكان جنود اللواء “غولاني” الذين كانوا يعملون تحت قيادة اللواء 14 مدرع قد نصبوا كمينًا على طريق في تل السلطان حوالي الساعة الرابعة فجرًا، وقال الجيش إنه في ذلك الوقت مرت عدة سيارات إسعاف ومدنيين دون وقوع حوادث.

في حوالي الساعة 4:30 فجرا، مرت سيارة شرطة تابعة لحماس في المنطقة، وتبادل جنود غولاني إطلاق النار مع العناصر التي كانت بداخلها، فقتلت أحدهم واعتقلت اثنين آخرين. وبقيت سيارة حماس على جانب الطريق، بحسب رواية الجيش.

وفي حوالي الساعة السادسة صباحًا، وصلت قافلة من سيارات الإسعاف إلى المنطقة، وأطلق جنود الجيش الإسرائيلي النار عليها بعد أن اعتبروا أنها تشكل تهديدًا. وكان مشغلو طائرة مسيّرة حلقت في سماء المنطقة قد أبلغوا جنود غولاني بأن المركبات تتحرك نحوهم بطريقة مشبوهة.

تظهر هذه الصورة المأخوذة من مقطع فيديو قال تقرير إنه مأخوذة من الهاتف المحمول لعامل إغاثة قُتل في غزة إلى جانب عمال إنقاذ آخرين ونشرته جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في 5 أبريل 2025، سيارات إسعاف مع أضواء الطوارئ الخاصة بها مشتعلة وأحد عمال الإنقاذ بالقرب من إحدى السيارات في رفح جنوب قطاع غزة، وفقًا لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. (Palestinian Red Crescent/AFP)

وادّعى التحقيق الأولي أن الجنود فوجئوا بتوقف القافلة على الطريق، بجوار سيارة حماس المهجورة، وبخروج عدد من ”المشتبه بهم“ من القافلة وقيامهم بالركض، وزعم أن الجنود لم يكونوا على علم بأن المشتبه بهم كانوا في الواقع مسعفين غير مسلحين.

وأقر الجيش الإسرائيلي أنه استنادًا إلى الفيديو، فإن بيانه الأولي الذي أكد أن سيارات الإسعاف كانت مطفأة الأنوار يبدو غير صحيح، مشيرًا إلى أنه استند إلى شهادة الجنود المشاركين في الحادث.

ويفحص التحقيق الجديد الذي يجريه الجيش الإسرائيلي هذا التناقض.

وقال الجيش أيضًا أن ستة على الأقل من الجثث تم التعرف عليهم من قبل مسؤولي الاستخبارات على أنهم عناصر من حماس. وكان من المتوقع أن يفصح الجيش عن أسماء الناشطين الستة بمجرد الانتهاء من التحقيق.

أقارب الضحايا أثناء تشييع جنازة أعضاء الهلال الأحمر الفلسطيني وخدمات الطوارئ الأخرى الذين قُتلوا قبل أسبوع كما يُزعم على يد القوات الإسرائيلية، في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة في 31 مارس، 2025. (Eyad Baba/AFP)

ورفضت النتائج الأولية الادعاءات بأن الجنود استهدفوا المسعفين عمدًا من مسافة قريبة أو نفذوا عمليات إعدام أو قيدوا أيدي أي من المسعفين.

إبلاغ الأمم المتحدة

كما رفض الجيش الإسرائيلي التأكيد على أن القوات الإسرائيلية قد دفنت الجثث في مقبرة جماعية غير معلومة دون إبلاغ أحد.

وكان رئيس الهلال الأحمر الفلسطيني، الدكتور يونس الخطيب، قد قال يوم الجمعة إن عمال الإغاثة ”استُهدفوا من مسافة قريبة جدًا“ وأن إسرائيل ”أبقتنا لمدة ثمانية أيام دون إطلاعنا على أي معلومات“ بشأن مكان الجثث.

ووفقًا للتحقيق الأولي الذي أجراه الجيش، قام نائب قائد كتيبة في غولاني وقواته بتجميع الجثث في مكان واحد وتغطيتها بالرمال ووضع علامة على مكان الدفن.

وقال الجيش إن دفن الجثث بهذه الطريقة كان ممارسة معتمدة ومنتظمة أثناء القتال في غزة، لمنع الكلاب البرية والحيوانات الأخرى من أكل الجثث.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم إبلاغ الأمم المتحدة على الفور بمكان الدفن، وطُلب منه الحضور لجمع الجثث. لكن في اليوم التالي، لم تتمكن الأمم المتحدة من العثور على الموقع، ولم تكن القوات متاحة للمساعدة لانشغالها بمهمة أخرى.

ثم طُلب من الأمم المتحدة العودة بعد عدة أيام لاستلام الجثث، وتم انتشال الجثث في نهاية المطاف بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، حسبما تبين من التحقيق العسكري الأولي.

وقالت الأمم المتحدة إنه تم العثور على سيارات الإسعاف المدمرة مدفونة إلى جانب الجثث. ووفقًا للتحقيق الذي أجراه الجيش الإسرائيلي، فقد قامت جرافة مدرعة من طراز D9 بإبعاد سيارات الإسعاف عن الطريق لفتحه، مما أدى إلى سحق المركبات خلال العملية.

وقال مسؤولون من الهلال الأحمر الفلسطيني إنهم سيقدمون فيديو الهجوم، الذي تم تصويره بهاتف أحد المسعفين القتلى، إلى مجلس الأمن الدولي.

واعترف الجيش الإسرائيلي لأول مرة بأنه أطلق النار على سيارات الإسعاف وسيارة الإطفاء في 28 مارس، أي بعد خمسة أيام من وقوع الحادث.

وتم انتشال جثث المسعفين، الذين كانوا يعملون في الهلال الأحمر والأمم المتحدة والدفاع المدني الفلسطيني المرتبط بحماس، من المقبرة الجماعية في 1 أبريل.

أفراد من الهلال الأحمر الفلسطيني وخدمات طوارئ أخرى يحملون جثامين زملائهم الذين يُزعم أنهم قُتلوا قبل أسبوع على يد القوات الإسرائيلية، خلال موكب تشييع في مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة في 31 مارس، 2025. (Eyad BABA / AFP)

وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إن الحادث كان واحدا من أكثر الهجمات دموية على العاملين في الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر في أي مكان منذ عام 2017.

ووفقًا للأمم المتحدة، قُتل ما لا يقل عن 1060 من العاملين في مجال الرعاية الصحية في الأشهر الـ18 منذ أن شنت إسرائيل هجومها على غزة ردا على هجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي قتل المسلحون خلاله نحو 1200 شخص، واحتجزوا حوالي 250 آخرين كرهائن.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن عناصر حماس تعمل باستمرار من داخل المنشآت الطبية.

وجاء هذا الحادث بعد خمسة أيام من استئناف إسرائيل القصف المكثف على غزة في 18 مارس، ثم قيامها بشن هجوم بري جديد، منهيةً بذلك وقفًا لإطلاق النار استمر قرابة شهرين في الحرب مع حماس.

ووفقا لشروط اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في 19 يناير، كان من المقرر أن يبدأ الطرفان مفاوضات حول المرحلة الثانية بعد بضعة أسابيع من المرحلة الأولى، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض ذلك، مصرًا على أن الحرب لن تنتهي قبل تدمير قدرات حماس الحاكمة والعسكرية. وفي الوقت نفسه، رفضت حماس سلسلة من العروض لتمديد المرحلة الأولى مع الاستمرار في تحرير الرهائن تدريجيًا.

ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل في التقرير

اقرأ المزيد عن