الجيش الإسرائيلي يقول إن مخزنا مخفيا للذخائر قد يكون السبب في حريق رفح المميت
الجيش يحقق في ما إذا كان مخزون الأسلحة ومواد أخرى قابلة للاشتعال قد تسببوا في انفجارات ثانوية أدت إلى مقتل العشرات، ويقول إن الغارة الجوية كانت على بعد ميل تقريبا من المنطقة الآمنة المحددة في غزة
قال الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء إن مخزنا مخفيا للأسلحة قد يكون هو السبب الفعلي للحريق القاتل الذي وقع في مدينة رفح بجنوب غزة، وأن الغارة الجوية التي استهدفت منطقة متاخمة استخدمت ذخيرة صغيرة لا يمكنها أن تشعل مثل هذا الحريق من تلقاء نفسها.
ويشتبه الجيش في أن الذخائر أو بعض المواد الأخرى القابلة للاشتعال، والتي لم يكن على علم بوجودها، قد تسببت بانفجار ثانوي وحريق انتشر في مجمع أوى سكانا غزيين نازحين في رفح، مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين الفلسطينيين، في أعقاب غارة جوية استهدف قيادييّن كبيريّن في حركة حماس في المنطقة.
وأثار الهجوم وسقوط القتلى موجة من الإدانات الدولية، ووصفه الفلسطينيون والعديد من الدول العربية بأنه “مجزرة”. وكان من المقرر أن يجتمع مجلس الأمن التابع للأمن المتحدة في جلسة طارئة يوم الثلاثاء بشأن الحادث، الذي وصفه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه “حادث مأساوي”.
وجاء ذلك في الوقت الذي تمضي فيه إسرائيل قدما في هجومها المثير للجدل في رفح والذي يواجه معارضة قوية حتى قبل أن يبدأ، بما في ذلك من الولايات المتحدة، بسبب المخاطر التي يتعرض لها المدنيين الفلسطينيين، حيث لجأ أكثر من مليون شخص إلى المنطقة وسط الحرب الجارية. وفي محاولة لإبعاد المدنيين عن الخطر، أصدر الجيش الإسرائيلي تعليمات لهم بالانتقال إلى مناطق آمنة محددة، حيث يعيش العديد من النازحين بسبب الحرب في خيام.
وفي تحديث لتحقيقاته في الحادث، قال الجيش أنه كان يتعقب قائدي حماس ياسين ربيع وخالد النجار قبل الغارة على المجمع الذي تواجدا فيه ليلة الأحد، في حي تل السلطان غرب رفح. ووفقا لمعلومات استخبارات الجيش الإسرائيلي، تم استخدام المنطقة لأنشطة حماس، حيث تم وضع منصة إطلاق صواريخ على بعد بضع عشرات من الأمتار من المكان الذي قُتل فيه القياديان.
وفقا للجيش، لم يكن الهدف من الغارة إيذاء أي مدنيين، وقد اتخذ خطوات قبل الهجوم لضمان عدم وجود نساء أو أطفال في مجمع حماس.
وقال الجيش إن الطائرات المقاتلة الإسرائيلية استخدمت أيضا ذخيرتين صغيرتين في الهجوم، كل منهما برأس حربي يبلغ وزنه 17 كيلوغراما، في محاولة لمنع وقوع أي إصابات بين المدنيين، نظرا لقرب الموقع من مخيم النازحين الفلسطينيين.
ومع ذلك، وفي أعقاب الغارة، انتشر حريق في المجمع المجاور الذي لجأ إليه المدنيون الفلسطينيون. ووفقا للسلطات الصحية التابعة لحركة حماس في غزة، فقد قُتل 45 شخصا وأصيب العشرات.
“الصاروخان الصغيران غير كافيين لإشعال النار لوحدهما”، بحسب التحقيق الأولي للجيش الإسرائيلي.
ويجري الجيش تحقيقا إضافيا في السبب الدقيق لإشتعال الحريق. ويشتبه التحقيق الأولي الذي أجراه الجيش الإسرائيلي في أنه تم تخزين ذخيرة أو أسلحة أو بعض المواد الأخرى في منطقة الغارة، مما تسبب في انفجار ثانوي وحريق أدى إلى مقتل المدنيين الفلسطينيين.
وتقوم هيئة عسكرية مستقلة مسؤولة عن التحقيق في الحوادث غير العادية وسط الحرب بالتحقيق في غارة رفح.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي الأميرال دانيئل هغاري، في مؤتمر صحفي باللغة الانجليزية يوم الثلاثاء، إن الجيش لا يزال يحقق في المأساة،بينما يقدم أيضًا أدلة على أن الحريق نتج عن شيء آخر في المنطقة.
وقال هغاري: “يوم الأحد، قمنا بتصفية إرهابييّن بارزيّن من حماس في ضربة مستهدفة، على مجمع تستخدمه حماس في رفح. استندت الضربة إلى معلومات استخباراتية دقيقة تشير إلى أن هذين الإرهابيين، اللذين كانا مسؤوليّن عن تنسيق وتنفيذ هجمات إرهابية ضد الإسرائيليين، اجتمعا داخل هذا المبنى الذي استهدفناه”.
“اتخذنا عددا من الخطوات قبل الضربة لتجنب سقوط ضحايا في صفوف المدنيين. استطلاع جوي، واستخدام ذخيرة محددة لتقليل الأضرار الجانبية، وتأجيل الهجوم لإجراء مزيد من التقييم للوجود المدني المتوقع، ووسائل أخرى”.
وتابع قائلا: “للأسف، في أعقاب الغارة، ولظروف غير متوقعة، اندلع حريق، مما أدى إلى مقتل مدنيين غزيين في مكان قريب. وعلى الرغم من جهودنا لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين أثناء الغارة، إلا أن الحريق الذي اندلع كان غير متوقع وغير مقصود”.
وقال هغاري إن مقتل المدنيين في الغارة كان “حادثا مفجعا لم نتوقعه”.
وأضاف، وهو يعرض صورا من الموقع، إن الجيش الإسرائيلي “استهدف مبنى مغلقا بعيدا عن منطقة الخيام. لا توجد خيام في المنطقة المتاخمة”.
وشدد قائلا: “خلافا للتقارير، قمنا بتنفيذ الضربة خارج المنطقة التي حددناها كمنطقة إنسانية ودعونا المدنيين إلى الإخلاء إليها. غارتنا كانت على بعد أكثر من كيلومتر ونصف (0.9 ميل) من منطقة المواصي الإنسانية، وهي ما نسميها المنطقة الأكثر أمانا”.
وقال هغاري: “تم تنفيذ الغارة باستخدام ذخيرتين برؤوس حربية صغيرة مناسبة لهذه الغارة المستهدفة”، مضيفا أن السلاحين اللذين يبلغ وزنهما 17 كيلوغراما هما “أصغر الذخائر التي يمكن لطائراتنا استخدامها”.
وقال: “بعد هذه الضربة، اندلع حريق كبير لأسباب لا تزال قيد التحقيق. لم يكن من الممكن لذخائرنا وحدها أن تشعل حريقا بهذا الحجم”.
“يسعى تحقيقنا إلى تحديد ما الذي قد يكون سببا في اندلاع مثل هذا الحريق الكبير. إننا نبحث في جميع الاحتمالات، بما في ذلك احتمال أن تكون الأسلحة المخزنة في المجمع المجاور لهدفنا، والتي لم نكن نعلم بها، قد اشتعلت نتيجة الضربة”.
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي يراجع أيضا إلى “اللقطات التي وثقها سكان غزة ليلة الغارة، والتي تم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يبدو أنها تظهر انفجارات ثانوية، مما يشير إلى أنه ربما كانت هناك أسلحة في المنطقة”.
وجاءت أدلة أخرى من محادثات هاتفية بين سكان غزة سُمعوا فيها يؤكدون وجود أسلحة في المنطقة.
وقال: “الإشارات الاستخباراتية اعترضت بعض المكالمات الهاتفية التي تعزز هذه المخاوف، مما يزيد من احتمال أن تكون النيران اشتعلت في أسلحة مخزنة في مجمع مجاور”، قبل أن يقوم بنشر إحدى هذه المكالمات التي ناقش فيها سكان من غزة الانفجار و”الذخيرة التي بدأت تنفجر”.
وبإمكان سماع أحد الفلسطينيين في المكالمة يقول “نعم، مستودع سلاح. أقول لك أنها انفجرت. قصف اليهود لم يكن قويا، بل كان صاروخا صغيرا، لأنه لم يحدث حفرة كبيرة. وبعد ذلك الكثير من الانفجارات الثانوية”.
وقال هغاري: “إننا نعمل على التحقق من سبب الحريق. لا يزال من السابق لأوانه تحديد ذلك. حتى عندما نجد سبب الحريق الذي اندلع، فإن ذلك لن يجعل الوضع أقل مأساوية”، وتعهد بأن يكون التحقيق “سريعا وشاملا وشفافا”.
وأشار هغاري إلى أن حماس تعمل في المنطقة منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر وعرض صورة تظهر منصات إطلاق الصواريخ التابعة للحركة على بعد 43 مترا من الموقع المستهدف.
وقال: “أطلقت حماس صواريخ من هذه المنصات على إسرائيل خلال مجزرة 7 أكتوبر”.
يوم الثلاثاء، قالت حماس أن 21 فلسطينيا آخرين على الأقل قُتلوا في غارة منفصلة على المنطقة الآمنة في المواصي.
وقال مسؤول الدفاع المدني في القطاع الذي تديره حركة حماس، محمد المغير، إن القتلى قُتلوا في “قصف للاحتلال استهدف خيام النازحين غرب رفح”. وقالت حماس إن غارة إسرائيلية تسببت في سقوط “عشرات الشهداء والجرحى” في المنطقة.
وأصدر الجيش الإسرائيلي نفيا قائلا في بيان: “خلافا للتقارير الواردة في الساعات القليلة الماضية، لم يقصف جيش الدفاع المنطقة الإنسانية في المواصي”.
بدأت الحرب في غزة بالهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 252 آخرين كرهائن. وتعهدت إسرائيل بإسقاط نظام الحركة في غزة وتأمين إطلاق سراح الرهائن.
تسببت ثمانية أشهر من القتال في أضرار جسيمة للبنية التحتية في غزة وأدت إلى أزمة إنسانية تقول منظمات الإغاثة والأمم المتحدة إنها تغرق مناطق القطاع الساحلي في مجاعة.
وفي انتكاسة أخرى، انهار جزء من الرصيف العائم الذي قام الجيش الأمريكي بتركيبه قبالة غزة، مما جعله غير صالح للعمل بشكل مؤقت، حسبما قال مسؤولان أمريكيان، في أحدث ضربة لجهود إيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان غزة.
وقال المسؤولان الأمريكيان، اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، أنه من المعتقد أن سوء الأحوال الجوية هو السبب في انهيار الجزء. ولم يذكرا حجم الجزء أو يتكهنا بالوقت الذي قد يستغرقه إصلاح الرصيف العائم قبل استئناف العمليات فيه.
وجاء ذلك بعد أن انجرفت أربع سفن شاركت في تشغيل الرصيف العام خلال نهاية الأسبوع ووصلت إلى الشواطئ الإسرائيلية.
وأعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الرصيف العائم في مارس الماضي، وقام الجيش الأمريكي بتجميع الهيكل العائم قبالة ساحل غزة. وتشير التقديرات إلى أن تكلفة المشروع بلغت 320 مليون دولار خلال التسعين يوما الأولى، وشارك في بناء الرصيف العائم حوالي 1000 جندي أمريكي، وقد بدأ تشغيله قبل أسبوعين.
وقال متحدث باسم برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنه منذ بدء تشغيل الرصيف العائم، قامت الأمم المتحدة بنقل 137 شاحنة مساعدات من الرصيف – أي ما يعادل 900 طن متري.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل ووكالات