إسرائيل في حالة حرب - اليوم 593

بحث

الجيش الإسرائيلي يقيل ضابطا بعد مقتل 15 من عاملي الإنقاذ في رفح مقرا بحدوث “أخطاء”

التحقيق يجد أن القوات لم تنتهك مدونة الأخلاقيات ولكنها ارتكبت ”أخطاء مهنية“ وخرقت البروتوكول عندما فتحت النار على سيارات الإسعاف وسيارة إطفاء ومركبة تابعة للأمم المتحدة في 23 مارس

لقطة شاشة من مقطع فيديو استُخرج من هاتف أحد المسعفين الذين قُتلوا في غزة، ونشره الهلال الأحمر الفلسطيني في 5 أبريل 2025، تُظهر سيارات إسعاف مع أضواء طوارئ واضحة في رفح. (Palestinian Red Crescent/AFP)
لقطة شاشة من مقطع فيديو استُخرج من هاتف أحد المسعفين الذين قُتلوا في غزة، ونشره الهلال الأحمر الفلسطيني في 5 أبريل 2025، تُظهر سيارات إسعاف مع أضواء طوارئ واضحة في رفح. (Palestinian Red Crescent/AFP)

أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الأحد عن إقالة نائب قائد وحدة الاستطلاع التابعة للواء “غولاني” بسبب حادث وقع في 23 مارس الماضي، حيث فتحت قواته النار على قافلة من سيارات الإسعاف والطوارئ في رفح جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 15 من عاملي الإنقاذ.

وقال الجيش الإسرائيلي أنه تم إعفاء القائد من منصبه بسبب تقريره ”الجزئي وغير الدقيق“ عن الحادث خلال تحقيق أولي.

بالإضافة إلى ذلك، قال الجيش انه تم توجيه التوبيخ رسميا لقائد لواء الاحتياط المدرع الرابع عشر – الوحدة التي قادت العملية في رفح عندما وقع مقتل المسعفين – بسبب ”مسؤوليته الشاملة عن الحادث“، بما في ذلك إدارة مسرح الحادث بعد ذلك.

وجاءت هذه الخطوات، التي قررها قائد القيادة الجنوبية، اللواء يانيف عسور، وصادق عليها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال إيال زمير، في أعقاب تحقيق في الحادث بقيادة اللواء (احتياط) يوآف هار-إيفن، رئيس آلية تقصي الحقائق في هيئة الأركان العامة، وهي هيئة عسكرية مستقلة مسؤولة عن التحقيق في الحوادث غير العادية خلال الحرب.

وخلص التحقيق الذي أجراه هار-إيفن إلى أنه لم تكن هناك أي انتهاكات لقواعد أخلاقيات الجيش الإسرائيلي خلال الحادث، ولكن كانت هناك عدة ”أخطاء مهنية“ وتصرفات من قبل القوات التي انتهكت البروتوكول العسكري، إلى جانب عدم الإبلاغ الكامل عن الحادث.

ووفقا للجدول الزمني للتحقيق، في ليلة 23 مارس، بدأت فرقة غزة التابعة للجيش الإسرائيلي عملية لتطويق حي تل السلطان في رفح. وقد نصبت قوات من وحدة الاستطلاع التابعة للواء غولاني، التي تعمل تحت قيادة اللواء 14 مدرع، كمينا على طريق يؤدي إلى خارج تل السلطان، حوالي الساعة 2:30 فجرا.

مشيعون يتجمعون حول جثامين 8 من مسعفي الهلال الأحمر الذين تم انتشالهم في رفح في قطاع غزة، في 31 مارس، 2025. (AP Photo/ Abdel Kareem Hana)

في الساعة 3:57 فجرا، رصدت القوات سيارة – التي تأكد لاحقا أنها سيارة إسعاف – وحددوها خطأ على أنها سيارة شرطة تابعة لحماس. أطلق الجنود النار على السيارة مما أدى إلى توقفها على جانب الطريق. اقتربت القوات من السيارة وعثرت بداخلها على شخصين قتيلين وشخص ثالث على قيد الحياة، حيث تم اقتياد الأخير للتحقيق معه.

تم التعرف على المشتبه به على أنه ناشط في حماس أثناء التحقيق الأولي. لكن بحلول الصباح، تم إطلاق سراحه بعد أن أجرى الجيش الإسرائيلي فحوصات إضافية وتوصل إلى استنتاج مفاده أنه لم يكن ناشطا في جماعة مسلحة.

ولأن الجنود اعتقدوا أنهم واجهوا في البداية عناصر من حماس، قال التحقيق إن القوات كانت ”تتأهب لاحتمال“ وجود قوات إضافية للعدو.

وبعد وقت قصير من الحادث، مرت عدة مركبات، بما في ذلك سيارة إسعاف وسيارة إطفاء، من نفس الطريق ولم تتعرض لإطلاق النار من القوات التي كانت تنتظر في الكمين، وفقاً للتحقيق. بالإضافة إلى ذلك، في الساعة 4:47 صباحا، شوهد أب وابنه يسيران على الطريق، ومرة أخرى، لم تطلق القوات النار وبدلا من ذلك، تم اعتقالهما وإطلاق سراحهما في الصباح.

في الساعة 5:06 صباحا، تم تنبيه جنود غولاني من قبل مشغلي المسيّرات بأن قافلة من السيارات المشبوهة تقترب منهم. وقال التحقيق إن مشغلي المسيّرات لم يتمكنوا من تحديد ما إذا كانت المركبات سيارات إسعاف.

توقفت المركبات – سيارات الإسعاف وسيارة إطفاء – على بعد حوالي 20 مترا من بعض القوات التي كانت تنتظر في الكمين، وهرول عدد من المشتبه بهم، الذين تأكد لاحقا أنهم مسعفون وعمال إنقاذ، على ما يبدو لعلاج من كانوا في المركبة الأولى التي تعرضت لإطلاق النار.

مشيعون يحملون جثامين 8 من مسعفي الهلال الأحمر، الذين تم انتشالهم في رفح بعد أسبوع من مقتلهم برصاص القوات الإسرائيلية، خلال جنازتهم في دير البلح بقطاع غزة، يوم الاثنين، 31 مارس، 2025. (AP Photo/Abdel Kareem Hana)

وقال التحقيق إن قائد الكمين – نائب قائد وحدة الاستطلاع في لواء غولاني – كان متمركزا بطريقة لم يتمكن من خلالها من رؤية سيارات الإسعاف، بل فقط سيارة الإطفاء التي أخطأ في تحديدها على أنها شاحنة عادية.

كما أنه لم يتمكن من رؤية أضواء سيارة الإطفاء بالكامل، وفقا للتحقيق. ادعى البيان الأولي للجيش الإسرائيلي حول الحادث بشكل خاطئ أن أضواء سيارات الإنقاذ لم تكن مشتعلة، استنادا إلى شهادة غير دقيقة من الجنود. وقد أظهرت اللقطات المصورة أن الأضواء كانت مرئية.

فتح القائد النار أولا ظنا منه أن غطاء الكمين قد انكشف وأن عناصر حماس يستعدون للهجوم عليهم.

اندفع الجنود نحو السيارات وأطلقوا النار على المشتبه بهم لمدة ثلاث دقائق تقريبا. توقف الجنود عن إطلاق النار عندما وصلوا إلى الطريق التي توقفت فيها سيارات الإسعاف، وعندما وصلوا إلى السيارات أدركوا أنهم كانوا يطلقون النار على أشخاص غير مسلحين.

أمضى الجنود نحو أربع دقائق في المكان قبل أن يعودوا إلى موقع الكمين. وخلص التحقيق إلى عدم وجود أي دليل يشير إلى أن القوات قيدت أيدي أي من عمال الإنقاذ قبل أو بعد مقتلهم، كما لم يثبت أنهم أعدموا أيا منهم.

ونجا أحد المسعفين من الحادث، وفي الصباح، تم اكتشافه من قبل القوات واقتياده للاستجواب. وحتى يوم الأحد كان لا يزال محتجزا لدى الجيش.

قوات الجيش الإسرائيلي تعمل في حي تل السلطان في رفح جنوب قطاع غزة في 2 أبريل، 2025. (Israel Defense Force)

وجاء في التحقيق العسكري أن حقيقة مرور عدة سيارات إسعاف على الطريق خلال الليل دون وقوع حوادث، واحتجاز عدد من المدنيين، تدل على أن القوات لم تطلق النار عشوائيا على سيارات الإسعاف، بل إن الجنود كانوا يتوقعون وجود تهديد، بعد أن تتبعوا السيارة الأولى التي تم تحديدها بشكل خاطئ على أنها سيارة شرطة تابعة لحماس.

وفي الساعة 5:18 صباحا، وصلت إلى المنطقة شاحنة صغيرة تحمل علامة واضحة للأمم المتحدة. وحدد الجنود أنها سيارة تابعة للأمم المتحدة، وخلافا للبروتوكول، أطلقوا النار عليها. وقال التحقيق إن الجنود كانوا يحاولون دفع السيارة لمغادرة المنطقة، لكنهم في أثناء ذلك أطلقوا النار عليها مباشرة، مما أدى إلى مقتل أحد موظفي الأونروا.

ولم يتم الإبلاغ عن هذا الحادث إلا جزئيا من قبل القوات أثناء التحقيق الأولي.

وقُتل 15 فلسطينيا في الحادث، إلا أن الجيش الإسرائيلي حدد ستة منهم بعد مقتلهم على أنهم ناشطون من حماس، حسبما قال الجيش.

في الصباح، قررت القوات جمع الجثث في مكان واحد وتغطيتها بالرمال لمنع الكلاب البرية والحيوانات الأخرى من أكل الجثث. كما قام الجنود بوضع علامة على مكان الدفن وأبلغوا الأمم المتحدة للحضور لاستلام الجثث.

بالإضافة إلى ذلك، قامت جرافة مدرعة من طراز D9 بدفع سيارات الإسعاف والمركبات الأخرى عن الطريق لفتحه وقامت بسحقها أثناء العملية.

وأشار التحقيق إلى أن تغطية الجثث بالرمل ووضع علامات على مكان الدفن كانت ممارسة معتمدة، لكن سحق سيارات الإسعاف كان خطأ ما كان ينبغي ارتكابه.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه لم تكن هناك أي محاولة لإخفاء الحادث، وقد تمت مناقشة الأمر بعد فترة وجيزة مع الأمم المتحدة لتنسيق عملية انتشال الجثث.

وجاء في التحقيق أن الحادثتين الأوليين لإطلاق النار، ضد سيارتي الإسعاف وسيارة الإطفاء، تم تنفيذهما بسبب شعور القوات بالخطر. أما الحادثة الثالثة، ضد مركبة الأمم المتحدة، فكانت مخالفة للبروتوكول.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه ”يعرب عن أسفه لإلحاق الأذى بـ [المدنيين] غير المتورطين“، وأن التحقيق يهدف إلى منع تكرار مثل هذه الحوادث.

وأضاف الجيش أنه ”تم تشديد وتوضيح المبادئ التوجيهية القائمة بشأن الحذر الخاص المطلوب فيما يتعلق بقوات الإنقاذ والعاملين في المجال الطبي، حتى في مناطق القتال العنيف“.

كما تم تسليم تحقيق هار-إيفن إلى المدعية العامة العسكرية، الذي من المقرر أن يقوم بتقييم النتائج وربما اتخاذ قرار بشأن اتخاذ إجراءات أخرى ضد المتورطين.

وقد رفض الهلال الأحمر الفلسطيني نتائج التحقيق العسكري وندد به ووصفه بأنه ”مليء بالأكاذيب“.

وقالت المتحدثة باسم الهلال الأحمر نبال فرسخ لوكالة “فرانس برس” إن التقرير “باطل وغير مقبول لأنه يحتوي على تبرير للقتل وتحميل المسؤولية عن الموضوع لخطأ شخصي في قيادة الميدان والحقيقة غير ذلك”.

قوات الجيش الإسرائيلي تعمل في حي تل السلطان في رفح، جنوب قطاع غزة، في 23 مارس 2025. (Israel Defense Forces)

وأقر الجيش الإسرائيلي لأول مرة بأنه أطلق النار على سيارات الإسعاف وسيارة الإطفاء في 28 مارس، أي بعد خمسة أيام من وقوع الحادث. وتم انتشال جثث المسعفين، الذين كانوا يعملون في الهلال الأحمر والأمم المتحدة والدفاع المدني الفلسطيني المرتبط بحماس، من المقبرة الجماعية في 1 أبريل.

وقال الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر إن الحادث كان أكثر الهجمات دموية على العاملين في الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر في أي مكان منذ عام 2017.

ووفقا للأمم المتحدة، فقد قُتل ما لا يقل عن 1060 من العاملين في مجال الرعاية الصحية خلال الـ18 شهرا منذ أن بدأت إسرائيل هجومها على غزة ردا على هجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي قتل خلاله المسلحون نحو 1200 واحتجزوا 251 آخرين كرهائن.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن ناشطي حماس يعملون بانتظام من داخل المنشآت الطبية.

وجاء الحادث الذي وقع في حي تل السلطان بعد خمسة أيام من استئناف إسرائيل قصفها المكثف على غزة في 18 مارس ثم قيامها بشن هجوم بري جديد، منهية بذلك وقف إطلاق النار الذي استمر نحو شهرين في الحرب مع حماس.

ساهمت وكالة فرانس برس في هذا التقرير

اقرأ المزيد عن