الجيش الإسرائيلي يفتح تحقيقا في غارة رفح، ويقول أنه تم اتخاذ خطوات لمنع مقتل المدنيين
مصدر عسكري يقول إن صاروخين برأس حربي "مصغر الحجم" تم استخدامهما في الهجوم؛ كبيرة محامي الجيش الإسرائيلي تشدد على السلطة القانونية القوية للجيش، والمراجعة الذاتية، وترفض إجراء المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل
أعلن الجيش الإسرائيلي بعد ظهر الإثنين أن الغارة الجوية التي شنها في رفح بجنوب غزة في وقت متأخر من يوم الأحد، والتي استهدفت مسؤولين رفيعين في حماس ولكن ورد أنها أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين الفلسطينيين، سيتم التحقيق فيها من قبل آلية تقييم الحقائق رفيعة المستوى في هيئة الأركان العامة.
والآلية هي هيئة عسكرية مستقلة مسؤولة عن التحقيق في الحوادث الاستثنائية وسط الحرب. وقال الجيش الإسرائيلي إن التحقيق سيتم فتحه بأمر من المدعية العامة العسكرية.
استهدفت الغارة الجوية في منطقة تل السلطان غرب رفح وقتلت قائد ما يسمى بمقر الضفة الغربية في حماس – المكلف بتطوير الهجمات ضد إسرائيل في الضفة الغربية ومنها – بالإضافة إلى عضو كبير آخر في الوحدة.
وقالت السلطات الصحية التابعة لحماس إن نحو 45 شخصا قُتلوا في الغارة التي طالت أيضا عدة خيام وملاجئ احتمى فيها آلاف الأشخاص في المنطقة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه إن الغارة نُفذت بناء على “معلومات استخباراتية عن وجود الإرهابيين في المنطقة”، وأنه اتخذ مسبقا “العديد من الخطوات لتقليل احتمالية إيذاء [المدنيين] غير المتورطين، بما في ذلك المراقبة الجوية واستخدام الذخائر الدقيقة والمعلومات الاستخبارية الإضافية”.
وقال الجيش الإسرائيلي: “بناء على [هذه الخطوات]، تشير التقديرات إلى أنه لم يكن متوقعا أن يلحق أي ضرر بالمدنيين غير المتورطين”.
وقال مصدر عسكري إن صاروخين برأس حربي “مصغر الحجم” تم تكييفهما لمثل هذه الأهداف استُخدما في الضربة.
وأضاف الجيش الإسرائيلي أن الغارة لم تتم في “المنطقة الإنسانية” المحددة في منطقة المواصي على الساحل، التي دعا الجيش الفلسطينيين للإخلاء إليها في الأسابيع الأخيرة.
في وقت سابق من يوم الاثنين، وصفت المدعية العامة العسكرية، الميجر جنرال يفعات تومر يروشالمي، الغارة الجوية على رفح بأنها “خطيرة للغاية” و”لا تزال قيد التحقيق”.
وقالت تومر يروشالمي في مؤتمر استضافته نقابة المحامين الإسرائيلية: “إن الجيش الإسرائيلي يأسف لأي ضرر يلحق بغير المقاتلين خلال الحرب”.
وقالت أيضا إن إسرائيل تحقق في مقتل فلسطينيين تم أسرهم خلال حرب غزة، وكذلك في معسكر اعتقال يديره الجيش حيث زعمت منظمة حقوق إنسان حدوث انتهاكات بحق السجناء.
نقلا عن روايات سجناء سابقين وطبيب من قاعدة “سديه تيمان”، قالت منظمة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” الشهر الماضي إن المعتقلين تعرضوا لعنف شديد تسبب في كسور ونزيف داخلي وحتى الموت.
ويتهم الفلسطينيون أيضا الجنود الإسرائيليين بارتكاب أعمال قتل غير قانونية خلال حرب غزة المستمرة منذ سبعة أشهر.
ووصفت تومر يروشالمي الحرب بأنها “غير عادية” في “النطاق غير المسبوق للقضايا القانونية الناشئة”، وفي “الحساسية والتعقيد الكبير للتحدي القانوني الذي نواجهه”، و”السرعة التي تؤثر بها الجبهة القانونية على الحرب على الأرض”.
وقالت إن أعداء إسرائيل “يستغلون بشكل ساخر القانون، بينما يقومون بشكل وحشي باستخدام السكان المدنيين كدروع بشرية”.
إسرائيل “في حرب لم تختر” أن تكون فيها ضد “عدو يستغل ويؤذي حتى شعبه”.
اندلعت الحرب في غزة بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر، والذي شهد اقتحام حوالي 3000 مسلح عبر الحدود إسرائيل عن طريق البر والجو والبحر، مما أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص واحتجاز 252 رهينة.
وردت إسرائيل بحملة عسكرية لتدمير حماس، والإطاحة بنظام الحركة في غزة، وتحرير الرهائن.
وناقشت تومر يروشالمي أيضا التطورات في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، حيث تم رفع قضايا ضد إسرائيل بشأن الحرب المستمرة.
في محكمة العدل الدولية، اتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية، بينما قال المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية الأسبوع الماضي إنه يسعى لإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، إلى جانب ثلاثة من كبار قادة حماس. وقد قوبل طلب إصدار مذكرات الاعتقال بإدانة من قبل معظم حلفاء إسرائيل الدوليين.
ووصفت تومر يروشالمي اتهامات جنوب أفريقيا بالإبادة الجماعية بأنها “مثيرة للاشمئزاز” وقالت إن الادعاء بأن إسرائيل تقتل المدنيين عمدا وتدمر ممتلكاتهم “ليس له أي أساس في الواقع”.
بالإضافة إلى ذلك، من “المشين” أن تعلن المحكمة الجنائية الدولية عن طلبات مذكرات الاعتقال مع خطوة مماثلة ضد ثلاثة من قادة حماس، على حد قولها.
واتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان نتنياهو وغالانت، من بين أمور أخرى، باستخدام التجويع كسلاح ضد سكان غزة.
وقالن تومر يروشالمي إن هذا الادعاء “سخيف” بالنظر إلى جهود الجيش الإسرائيلي لجلب الغذاء والدواء والموارد الإنسانية إلى غزة.
وقال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في دفاعه عن خطوته، إن قراره يرجع جزئيا إلى عدم رؤيته أن إسرائيل تتخذ إي إجراءات للتحقيق في الاتهامات بارتكاب قواتها في غزة انتهاكات.
لكن تومر يروشالمي قالت إن آليات المراجعة والتحقيق في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الشرطة العسكرية، “مهنية ومستقلة”.
وأشارت إلى أن “مهنية وقدرات هذه الهيئات حظيت باعتراف في الماضي من قبل الهيئات الدولية أيضا، بما في ذلك المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية”.
وقالت: “لا توجد دولة أخرى في العالم يمكنها أن تفخر بالتزامها بفحص الامتثال لسيادة القانون، في خضم حرب وجودية”.
تُعتبر عملية رفح التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي إحدى المراحل الأخيرة من حربه مع حماس. وفي الأسبوع الماضي، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بوقف العمليات في رفح التي قد تهدد بتدمير السكان المدنيين الذين يحتمون هناك. وقال مسؤولون إسرائيليون إن الأمر المبهم لا يزال يترك المجال أمام إسرائيل لمواصلة هجومها على المدينة الواقعة في جنوب القطاع.
وبينما أقرت باحتمال حدوث انتهاكات للقانون من قبل القوات، قالت تومر يروشالمي إن “هذه استثناءات لا تشير إلى القاعدة” ولا تشير إلى سياسة متعمدة للخروج عن قوانين الحرب.
وأكدت تومر يروشالمي على أن التزام الجيش الإسرائيلي بالعدل “لا ينبع من الخوف الذي تشكله الساحة الدولية. إنه ينبع، أولا وقبل كل شيء، من حقيقة أن دولة إسرائيل هي دولة قوانين. سيادة القانون، وطهارة السلاح، هي قيم منسوجة في ميثاق قيم جيش الدفاع من يوم تأسيسه”.
ساهم في هذا التقرير طاقم تايمز أوف إسرائيل ووكالات