الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير “حي الضباط” في شمال غزة بالكامل؛ صاروخ أصاب معبرا لإدخال المساعدات
الفلسطينيون يفيدون بسقوط عشرات القتلى في القطاع في اليوم الأخير، بينما يدافع مسؤولون إسرائيليون في الأمم المتحدة عن العملية العسكرية في مستشفى بشمال غزة في الأسبوع الماضي
أعلن الجيش الإسرائيلي يوم السبت إن قواته هدمت في الأيام الأخيرة مجمعا سكنيا بالكامل في شمال غزة، بالقرب من بيت حانون، والذي استخدمه كبار قادة حماس كمخبأ ومركز قيادة.
ويقول الجيش إن “حي الضباط” ضم مبان شاهقة تطل على منطقة سديروت بجنوب إسرائيل، وكان بمثابة “مجمع مركزي للإرهاب” ضم مواقع إطلاق نيران مضادة للدبابات وأفخاخ متفجرة وأنفاق.
ويطل المجمع على كيبوتس نتيف هعسراه الإسرائيلي، ويُعتبر تهديدا لخط السكة الحديدية إلى سديروت، والذي لم يعمل منذ 7 أكتوبر 2023.
وقال الجيش إن المهندسين القتاليين دمروا المجمع بأكمله والبنية التحتية العسكرية فيه في الأسبوع الماضي.
مساء السبت، أصاب صاروخ أُطلق من شمال قطاع غزة معبر “إيرز” الحدودي، حسبما أعلن الجيش.
وتسبب سقوط الصاروخ بوقوع أضرار للمعبر ومنطقة متاخمة لمجمع لشاحنات المساعدات. ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات.
وكان ذلك اليوم التاسع على التوالي الذي تشهد فيه غزة إطلاق صواريخ. وكانت صفارات الإنذار قد انطلقت في كيبوتس نتيف ععسراه المجاور أثناء الهجوم.
ويُستخدم المعبر، الذي سهّل في الماضي حركة الناس بين غزة وإسرائيل، لإدخال المساعدات إلى غزة.
وفي الوقت نفسه، قال مسعفون فلسطينيون إن أكثر من 60 فلسطينيا قُتلوا في غارات في أنحاء غزة خلال اليوم الماضي، بما في ذلك 12 في منزل بمدينة غزة في وقت مبكر من صباح السبت. وقال مسعفون إن العديد من الأطفال من بين القتلى.
تأتي الزيادة الأخيرة في العمليات الإسرائيلية وسط جهود متجددة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب المستمرة منذ 15 شهرا وإعادة الرهائن الإسرائيليين إلى ديارهم قبل تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير.
وتم إرسال وفد إسرائيلي لاستئناف المحادثات في الدوحة، والتي يتوسط فيها وسطاء قطريون ومصريون.
يوم الجمعة، حثت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تساعد في التوسط في المحادثات، حماس على الموافقة على اتفاق. وقالت حماس إنها ملتزمة بالتوصل إلى اتفاق، لكن لم يتضح مدى قرب الجانبين.
يوم الجمعة أيضا، دافع مسؤولون إسرائيليون في الأمم المتحدة عن الهجوم على مستشفى في شمال غزة الأسبوع الماضي.
في الوقت نفسه، وصف المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة هذا التبرير بأنه لا أساس له، وحثت منظمة الصحة العالمية إسرائيل على إطلاق سراح مدير المستشفى من الاعتقال.
ونشر سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة في جنيف دانييل ميرون على وسائل التواصل الاجتماعي رسالة أرسلها يوم الجمعة إلى منظمة الصحة العالمية وفولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة. جاء في الرسالة إن العملية العسكرية ضد مستشفى كمال عدوان قبل أسبوع كانت “نتيجة لأدلة دامغة” على أن مسلحي حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين كانوا يستخدمون المستشفى.
وقال ميرون إن القوات الإسرائيلية اتخذت “تدابير استثنائية لحماية حياة المدنيين أثناء التصرف بناء على معلومات استخباراتية موثوقة”.
وقال تورك لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة إن إسرائيل “لم تثبت صحة العديد من هذه الادعاءات، التي غالبا ما تكون مبهمة وواسعة النطاق. وفي بعض الحالات، يبدو أنها تتناقض مع المعلومات المتاحة للجمهور”.
وأضاف أمام المجلس المكون من 15 عضوا: “أدعو إلى إجراء تحقيقات مستقلة وشاملة وشفافة في جميع الهجمات الإسرائيلية على المستشفيات والبنية التحتية للرعاية الصحية والعاملين الطبيين، فضلا عن إساءة استخدام هذه المرافق المزعومة”.
ولقد قاتلت حماس من داخل المستشفيات طوال الحرب وأخفت بشكل دوري بعض الرهائن المختطفين من إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 داخلها. يحظر القانون الدولي عموما استهداف المستشفيات أثناء الحرب، لكن المستشفيات يمكن أن تفقد هذه الحماية إذا تم استخدامها لأغراض عسكرية.
ولقد داهمت إسرائيل مرارا وتكرارا المستشفيات التي تقول إنها استُخدمت كمخابئ ومراكز قيادة من قبل الجماعات المسلحة طوال الحرب، مما أدى إلى اعتقال العشرات وأحيانا المئات من المشتبه بهم خلال مثل هذه العمليات.
وقال نائب السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جوناثان ميلر إن أكثر من “240 إرهابيا تم القبض عليهم” خلال العملية العسكرية الأخيرة، “بما في ذلك 15 شاركوا في هجوم 7 أكتوبر” في جنوب إسرائيل عام 2023، والتي أشعلت فتيل الحرب في قطاع غزة. كما تم اعتقال مدير المستشفى حسام أبو صفية في العملية.
وقال ميلر: “نشتبه في أنه من عناصر حماس، حيث كان مئات من إرهابيي حماس والجهاد الإسلامي يختبئون داخل مستشفى كمال عدوان تحت إدارته. وهو يخضع حاليا للتحقيق من قبل قوات الأمن الإسرائيلية”.
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية ريتشارد بيبركورن إن المنظمة تشعر بقلق بالغ بشأن أبو صفية، مضيفا: “لقد فقدنا الاتصال به منذ ذلك الحين ونطالب بالإفراج الفوري عنه”.
وقالت نائبة السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة لمجلس الأمن دوروثي شيا إن الولايات المتحدة تجمع معلومات عن أبو صفية.
وانهار المبعوث الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور بالبكاء وهو يتذكر كلمات كتبها محمود أبو نجيلة، وهو طبيب من منظمة أطباء بلا حدود، في مستشفى العودة بغزة قبل مقتله في غارة في نوفمبر 2023.
وقال منصور إن أبو نجيلة كتب على السبورة البيضاء المستخدمة للتخطيط للعمليات الجراحية في المستشفى: “من يبقى حتى النهاية، سيروي القصة. لقد فعلنا ما بوسعنا. تذكرونا”.
دوت صفارات الإنذار عدة مرات يوم الجمعة في التجمعات السكنية الإسرائيلية على طول حدود غزة، في اليوم الثامن على التوالي الذي شهد إطلاق صواريخ من الجيب، بينما قال الجيش الإسرائيلي إنه شن غارات جوية على حوالي 40 موقعا لتجمع المسلحين ومراكز قيادة حماس في جميع أنحاء المنطقة.
وفقا لمصادر عسكرية، انطلقت صفارات الإنذار في بئيري ظهر يوم الجمعة بسبب صاروخ أرض-جو أطلق على مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي كانت تحلق فوق غزة. وقالت المصادر إن الصاروخ الذي أطلقه مسلح في منطقة البريج بوسط غزة لم يقترب من إصابة المروحية، وأسقطه نظام الدفاع الجوي “القبة الحديدية” بنجاح.
ولقد أصبح إطلاق الصواريخ من غزة نادرا بشكل عام منذ الأشهر الأولى من الحرب الجارية على جبهات متعددة.
وعقب انطلاق صفارات الإنذار في بئيري، أصدر الجيش الإسرائيلي تحذيرا بإخلاء المدنيين الفلسطينيين في منطقة البريج وسط قطاع غزة. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة X “تطلق المنظمات الإرهابية القذائف الصاروخية مرة اخرى من هذه المنطقة التي تم تحذيرها عدة مرات في الماضي”، مرفقا المنشور بخريطة للمناطق التي يأمر الجيش بإخلائها.
وتم حث المدنيين على التوجه إلى المنطقة الإنسانية التي حددتها إسرائيل في جنوب غزة قبل أن يشن الجيش الإسرائيلي غارات على المنطقة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أيضا يوم الجمعة أنه شن غارات جوية ضد حوالي 40 هدفا في أنحاء قطاع غزة خلال اليوم الأخير، بما في ذلك نقاط انطلاق لناشطين فلسطينيين وكذلك مراكز قيادة لحماس.
وشن سلاح الجو الإسرائيلي الغارات في عملية مشتركة مع القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي، مستخدما معلومات استخباراتية زودتها شعبة المخابرات العسكرية وجهاز الأمن العام (الشاباك).
وقال الجيش الإسرائيلي إن العشرات من مقاتلي حماس تجمعوا في المواقع المستهدفة، حيث خططوا وشنوا منها هجمات ضد القوات في غزة وضد إسرائيل.
وتم وضع بعض المواقع في مدارس سابقة، التي استُخدمت أيضا كملاجئ للنازحين الفلسطينيين.
وقال الجيش الإسرائيلي إن هذا “مثال آخر على استخدام حماس الساخر والممنهج للمدنيين والبنية التحتية المدنية في قطاع غزة لأغراض إرهابية”. كما قال الجيش إنه اتخذ خطوات للتخفيف من الأضرار التي قد تلحق بالمدنيين في الضربات، بما في ذلك استخدام “الذخائر الدقيقة والاستطلاع الجوي وغيرها من المعلومات الاستخبارية”.
يوم الجمعة أيضا، نشر الجيش لقطات فيديو من مدرسة سابقة في جباليا بشمال غزة حيوم الجمعة أيضا، نشر الجيش لقطات صورتها مسيّرة من مدرسة سابقة في جباليا شمال قطاع غزة، حيث تحصن مقاتلون من حماس. وأظهر الفيديو عدة بنادق هجومية داخل مبنى المدرسة المتضرر.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فقد قامت قوات من لواء “غفعاتي” بتفتيش المدرسة، وعثرت على أسلحة عديدة. وقال الجيش إنه في مبنى سكني مجاور، عثرت القوات على قذائف آر بي جي في غرفة نوم طفل.
في غضون ذلك، قالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، الهيئة في وزارة الدفاع المسؤولة عن الإشراف على إيصال المساعدات الانسانية إلى غزة، إنه تم تسليم 1200 وحدة دم و3000 و حدة من سائل البلازما يوم الخميس إلى مستشفى “ناصر” في خان يونس جنوب غزة عبر معبر كيرم شالوم (كرم أبو سالم).
وقالت الوحدة إنه تم تسليم الدم وسائل البلازما “من أجل تقديم العلاجات الروتينية والحفاظ على المنظومات الحيوية للمستشفى”، مضيقة أن العملية نُفذت بالتنسيق مع المنظمات الدولية وأن عملية النقل خضعت “لعمليات تفتيش أمنية صارمة”.
ووفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة، قُتل أكثر من 45 ألف فلسطيني في القطاع، على الرغم من أنه لا يمكن التحقق من العدد وهو لا يفرق بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 18 ألف مقاتل في المعارك حتى نوفمبر، و1000 مسلح آخر داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
وتقول إسرائيل إنها تسعى إلى تقليل عدد القتلى في صفوف المدنيين إلى الحد الأدنى، وتشدد على أن حماس تستخدم المدنيين في غزة كدروع بشرية، وتقاتل من المناطق المدنية بما في ذلك من المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد.
وبلغت حصيلة قتلى إسرائيل في الهجوم البري ضد حماس في غزة وفي العمليات العسكرية على طول الحدود مع القطاع 395 قتيلا. وتشمل هذه الحصيلة ضابط شرطة قُتل في مهمة إنقاذ رهائن ومقاول مدني بوزارة الدفاع.