الجيش الإسرائيلي يصعّد قتاله ضد حماس في جنوب غزة؛ الأمم المتحدة: 80% من سكان القطاع نازحين
ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي في العملية البرية إلى 83؛ الولايات المتحدة تتوقع انتهاء القتال العنيف في يناير والانتقال إلى مرحلة أقل شدة من الحرب
دارت معارك عنيفة بين القوات الإسرائيلية وعناصر حماس في قطاع غزة طوال ليلة الثلاثاء وحتى صباح الأربعاء، بينما سعت لتقليل الأضرار للمدنيين والبنية التحتية المدنية في الجزء الجنوبي المكتظ بالسكان من القطاع الساحلي.
وقال الجيش الإسرائيلي صباح الأربعاء إنه بينما كانت القوات البرية تخوض معارك ضارية مع حماس، نفذت القوات الجوية غارات ضد أكثر من 250 هدفا خلال اليوم الأخير.
وقال الجيش في بيان إن اللواء المدرع السابع استدعت غارات جوية على منصتي إطلاق صواريخ استخدمتا لإطلاق الصواريخ على وسط إسرائيل يوم الثلاثاء، وأضاف أنه تم قصف عددا من عناصر حماس والجهاد الإسلامي والبنية التحتية العسكرية.
وفي شمال غزة، حيث بدأ لواء المشاة “كفير” العمل لأول مرة منذ انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005، قتلت القوات مجموعة من عناصر حماس بالقرب من مدرسة، حسبما قال الجيش الإسرائيلي، مضيفًا أنه تم اكتشاف فتحة نفق تم تدميرها وأسلحة في وقت لاحق في المنطقة. كما عثرت القوات على أسلحة في مدرسة في موقع آخر في شمال القطاع.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي صباح الأربعاء عن مقتل جنديين من جنود الاحتياط.
وهما الرقيب من الدرجة الأولى (احتياط) يهوناتان مالكا (23 عامًا) من بئر السبع، وهو عضو في الكتيبة 82 التابعة للواء المدرع السابع، والذي قُتل في المعارك في غزة، مما يرفع عدد القتلى في العملية البرية إلى 83.
والثاني هو المقدم (احتياط) يوحاي غور هيرشبيرغ (52 عامًا)، من “حافات فيليب”، وهو قائد وحدة في الفرقة 98 المكلفة بتحديد أماكن المفقودين. وقُتل في حادث سيارة مرتبط بالجيش في جنوب إسرائيل.
وأشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانييل هغاري مساء الثلاثاء إلى القتال في خان يونس كدليل على أن إسرائيل تعمل ضمن حدود القانون الدولي في جهودها لحماية العدد الكبير من المدنيين في جنوب غزة.
وقال: “نحن نثبت أن قواتنا تطوق مركز خان يونس مع احترام القانون الدولي… نظهر للعالم أننا نستطيع القيام بذلك، بالتزامن مع الجهود الإنسانية”.
“هذا سيسمح لنا بإدارة القتال مع مرور الوقت. من أجل ضرب جماعة إرهابية تستخدم المدنيين كدروع بشرية، وتختبئ تحت الأرض، نحتاج إلى وقت”.
ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن الكثير من قادة حماس يختبئون في خان يونس بعد فرارهم من شمال غزة في وقت سابق من الحرب، وأن العديد من الرهائن الذين احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر محتجزون هناك أيضًا.
IDF footage shows recent airstrikes in against Hamas operatives and sites in the Gaza Strip pic.twitter.com/xxGD8xhHpl
— Emanuel (Mannie) Fabian (@manniefabian) December 6, 2023
وقد ارتفع عدد الرهائن الذين يعتقد أنهم ما زالوا محتجزين في غزة من 137 إلى 138 شخصا بعد أن خلصت المخابرات العسكرية إلى أن أحد الأشخاص الذين أعتبروا في عداد المفقودين منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر هو بين الرهائن. ويشمل العدد مدنيين إسرائيليين دخلا القطاع الساحلي بمحض إرادتهما في عامي 2014 و2015، على التوالي – أفيرا منغيستو، وهو يهودي من أصل إثيوبي، وهشام السيد، وهو بدوي مسلم – بالإضافة إلى رفات جنديين قُتلا في عام 2014، أورون شاؤول وهدار غولدين.
ومن بين الرهائن الـ240 الذين احتجزتهم حماس خلال مذبحتها، تم إطلاق سراح 110 خلال هدنة مؤقتة استمرت لمدة سبعة أيام الأسبوع الماضي قبل أن تنتهكها حماس يوم الجمعة واستئناف القتال.
وواصفا رهائن حماس بـ”الأبطال”، قال هغاري مساء الثلاثاء إنهم “تصرفوا بشجاعة، قبل وبعد [إطلاق سراحهم]. لقد حاربوا الإرهابيين الجبناء والخسيسين الذين أخذوا الأطفال والنساء كرهائن في غزة”.
وبينما حذر هغاري من أن الجيش يتوقع “حربًا طويلة” في غزة، أفادت تقارير أن الولايات المتحدة تعتقد أنه ينكن لإسرائيل إنهاء عملياتها العسكرية واسعة النطاق في جنوب قطاع غزة بحلول شهر يناير، وأن تنتقل بعد ذلك إلى هجمات أكثر دقة ضد عناصر وقادة حماس.
وقالت شبكة CNN ليلة الثلاثاء، نقلا عن العديد من كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية، إن لدى البيت الأبيض مخاوف بشأن تطور عملية الجيش الإسرائيلي في الأسابيع المقبلة وحذر إسرائيل من ضرورة الحد من الأضرار والخسائر في صفوف المدنيين.
وقال مسؤول كبير بحسب التقرير إنه لا يمكن وصف رد إسرائيل على المشورة الأمريكية بـ”المتقبل” .
وقال مسؤول كبير في الإدارة أيضًا إنه من المستبعد أن تحقق إسرائيل هدفها المتمثل في منع حماس من تنفيذ هجوم آخر مثل هجوم 7 أكتوبر بحلول نهاية العام، وأن القوات ستواصل بدلاً من ذلك السعي لتحقيق هذا الهدف ضمن “حملة طويلة المدى” بعد انتقال القتال إلى مرحلة جديدة.
وقال مسؤول إسرائيلي لقناة CNN، مؤكداً التحول المتوقع في القتال: “نحن نخوض عملية مكثفة للغاية في الأسابيع المقبلة، ثم من المحتمل أن ننتقل إلى وضع منخفض الشدة”.
وفي الأسبوع الماضي، حذر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حكومة الحرب الإسرائيلية من أنه على الأرجح ألا يكون لديها أشهر لمحاربة حماس، مع تصاعد الضغوط المحلية والدولية على إدارة الرئيس جو بايدن لإنهاء الحرب.
ومساء الثلاثاء، ألمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الضغوط الأمريكية المتوقعة لإنهاء القتال في المستقبل القريب.
وقال نتنياهو، مخاطبا “أصدقائنا في العالم الذين يضغطون من أجل نهاية سريعة للحرب”، إن “الطريقة الوحيدة أمامنا لإنهاء الحرب، وإنهائها بسرعة، هي استخدام القوة الساحقة ضد حماس – القوة الساحقة من أجل القضاء عليها”.
كما أشاد بإنجازات الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، وادعى أن إسرائيل قتلت “حوالي نصف قادة كتائب حماس”.
ويعتقد أن لدى الحركة حوالي 24 كتيبة تقاتل في غزة.
وأضاف نتنياهو: “نحن نصفي حساباتنا مع كل من خطفوا وشاركوا وقتلوا وذبحوا واغتصبوا وأحرقوا بنات شعبنا. لن ننسى ولن نغفر”.
وأضاف أنه مع استمرار العملية البرية في الأيام الماضية، “اهتزت الأرض” في خان يونس وجباليا – “لقد حاصرنا كليهما… ولا يوجد مكان لا نصل إليه”.
وكشف الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام الشاباك مساء الثلاثاء عن صور لم تُعرض من قبل تظهر كبار قادة حماس داخل أنفاق الحركة في الجزء الشمالي من قطاع غزة.
وتظهر الصورة القيادة العليا لكتيبة شمال غزة التابعة لحماس، وهم جالسون في غرفة ضيقة حول طاولة طعام، وقيل إنها التقطت قبل عدة أشهر. ورغم البلاط على أرضية الغرفة، إلا أنه يمكن رؤية قوس في الخلف يشير إلى أنها جزء من شبكة الأنفاق الواسعة التابعة لحماس.
وقال الجيش الإسرائيلي أن خمسة من الحاضرين في الصورة قد قُتلوا في غارات جوية إسرائيلية منذ بدء الحرب، بما في ذلك وائل رجب، نائب قائد لواء شمال غزة التابع لحماس.
وأظهر مقطع فيديو آخر رجب وهو يسير عبر نفق في القطاع.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم الحصول على اللقطات بعد أن عثرت عليها القوات في قطاع غزة، وحللتها مديرية المخابرات العسكرية.
وفي غضون ذلك، أدى الهجوم الجوي والبري الموسع في جنوب غزة إلى نزوح عشرات الآلاف من الفلسطينيين الإضافيين وتفاقم الظروف الإنسانية الصعبة في القطاع، حيث ذكرت الأمم المتحدة أن 1.87 مليون شخص – أكثر من 80٪ من سكان غزة – قد نظحوا من منازلهم منذ 7 أكتوبر.
وحذرت الأمم المتحدة ليلة الثلاثاء من أن المساعدات الإنسانية التي تصل منطقة رفح في جنوب غزة محدودة للغاية بسبب الأعمال العدائية المكثفة، وأن جميع خدمات الاتصالات قد توقفت بسبب انقطاع الخطوط الرئيسية.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن 100 شاحنة مساعدات محملة بالإمدادات الإنسانية و69 ألف لتر من الوقود فقط دخلت غزة من مصر يوم الاثنين، وهي نفس الكمية التي دخلت يوم الأحد تقريبًا.
وأضاف أن هذا أقل بكثير من المتوسط اليومي البالغ 170 شاحنة و110 آلاف لتر من الوقود التي دخلت غزة خلال الهدنة الإنسانية في الفترة من 24 إلى 30 نوفمبر.
ونقل دوجاريك عن لين هاستينغز، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، قولها إن “الملاجئ وصلت أقصى سعتها، والنظام الصحي ينهار، وهناك نقص في مياه الشرب النظيفة، وفي الصرف الصحي المناسب وسوء التغذية”.
ورد منسق أعمال الحكومة في المناطق (كوغات)، وهي الهيئة الإسرائيلية التي تنسق عمليات تسليم المساعدات، على ادعاء هاستينغز بأن شروط تسليم المساعدات غير متوفرة، ونشر صورة على منصة X تظهر صفًا من عشرات الشاحنات خارج القطاع.
“الشروط المطلوبة لتوصيل المساعدات لشعب غزة موجودة. لقد أكملنا جميع الإجراءات اللوجستية اللازمة لتحقيق ذلك. الآن، يتعين على الأمم المتحدة أن تواكبنا”، كتب.
وقال دوجاريك إنه لا توجد أماكن آمنة في غزة وأن “الأماكن التي ترفع علم الأمم المتحدة ليست آمنة أيضًا”. وأشار إلى أن شركة الاتصالات الرئيسية في غزة أعلنت وقف كافة خدمات الاتصالات مساء الاثنين.
واندلعت الحرب بين إسرائيل وحماس بعد مذبحة الحركة في 7 أكتوبر، عندما تدفق آلاف المسلحين الذين تقودهم حماس إلى جنوب إسرائيل من البر والجو والبحر، واجتاحوا أكثر من 20 بلدة، حيث قتثلوا أكثر من 1200 شخص، بما في ذلك حوالي 360 شخصًا في مهرجان موسيقي في الهواء الطلق، واحتجزوا حوالي 240 رهينة.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس في قطاع غزة، الذي تحكمه منذ عام 2007، وشنت حملة جوية وهجوم بري لاحق لتحقيق ذلك.
وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس في قطاع غزة إن إسرائيل قتلت أكثر من 16 ألف شخص حتى الآن، معظمهم من النساء والأطفال. ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، ويعتقد أنها تشمل كلا من مسلحي حماس والمدنيين، والأشخاص الذين قُتلوا نتيجة سقوط صواريخ طائشة أطلقتها الجماعات المسلحة في غزة.
ووفقاً لتقديرات الجيش، قُتل حوالي 5000 من عناصر حماس في قطاع غزة، بالإضافة إلى أكثر من 1000 مسلح قُتلوا في إسرائيل أثناء هجوم 7 أكتوبر وبعده مباشرة.
ساهمت وكالات في إعداد هذا التقرير.