إسرائيل في حالة حرب - اليوم 431

بحث

الجيش الإسرائيلي يشن ضربات واسعة النطاق في غزة والقوات البرية تقوم بتقسيم القطاع إلى قسمين

حركة حماس تعلن عن "قصف مكثف" وسط قطع خدمات الاتصالات؛ إسرائيل تقول إن المدنيين ما زالوا قادرين على التوجه جنوبا مع وصول الجنود إلى الساحل وتطويق مدينة غزة

تصاعد النيران والدخان من المباني بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة غزة، الأحد، 5 نوفمبر، 2023. (AP/Abed Khaled)
تصاعد النيران والدخان من المباني بعد الغارات الجوية الإسرائيلية على مدينة غزة، الأحد، 5 نوفمبر، 2023. (AP/Abed Khaled)

نفذ الجيش الإسرائيلي غارات جوية موسعة في غزة مساء الأحد، وأكملت القوات البرية تطويقها لمدينة غزة، مما أدى إلى تقسيم القطاع إلى قسمين، بينما انقطعت خدمات الاتصالات عن القطاع مرة أخرى كما يبدو.

وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيئل هغاري خلال مؤتمر صحفي مسائي إن الجيش ينفذ “ضربات واسعة النطاق على البنية التحتية الإرهابية، تحت الأرض وفوقها”.

وقال مسؤول في حركة حماس الحاكمة لغزة، إنه “منذ أكثر من ساعة، وقع قصف مكثف حول المستشفيات”.

وشهدت محيط مستشفى الشفاء، أكبر مستشفى في القطاع، ضربات عنيفة بشكل خاص، بحسب سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة حماس. وتقول إسرائيل إن المستشفى يستضيف قاعدة العمليات الرئيسية للحركة.

ولم يتسن التحقق من مزاعم حماس بشكل مستقل.

وجاء القصف المتزايد بعد أن كشف الجيش الإسرائيلي عن معلومات استخباراتية جديدة يوم الأحد قال إنها توفر أدلة إضافية على أن حركة حماس تستخدم المنشآت الطبية في قطاع غزة لحماية أنشطتها الإرهابية.

وقال هغاري إن “حماس تضع القوات والأسلحة داخل وتحت وحول المدارس والمساجد والمنازل ومنشآت الأمم المتحدة”، دون أن يؤكد أن إسرائيل تستهدف المناطق المحيطة بالمستشفيات.

وبينما أضاءت الانفجارات والمشاعل سماء الليل، انقطعت الاتصالات مرة أخرى عن سكان غزة، وهي المرة الثالثة التي تنقطع فيها خدمات الهاتف والإنترنت منذ أن شنت إسرائيل غزوها البري لغزة قبل أسبوع ونيف.

فلسطينيون يبحثون عن ناجين بعد غارة إسرائيلية على قطاع غزة، الأحد، 5 نوفمبر، 2023. (AP/Fatima Shbair)

واتهمت شركة الاتصالات الفلسطينية “بالتل” إسرائيل بقطع خطوط الإنترنت والهاتف في قطاع غزة قبل العملية المسائية مباشرة.

وجاء انقطاع الاتصالات، الذي لم تعلق عليه إسرائيل، بعد ساعات من إعلان هغاري أن القوات الإسرائيلية قسمت القطاع الساحلي إلى قسمين بعد تطويق مدينة غزة بالكامل.

وقال هغاري “اليوم هناك شمال غزة وجنوب غزة”، مشيرا إلى أن القوات بقيادة وحدة الاستطلاع التابعة للواء “غولاني”، وهي جزء من الفرقة 36، “وصلت إلى الساحل وتسيطر عليه”.

وجاءت هذه الحملة المكثفة في الوقت الذي يحيي فيه الإسرائيليون ذكرى مرور شهر على الهجوم الوحشي الذي شنته حركة حماس في 7 أكتوبر على البلدات في جنوب إسرائيل، والذي قُتل فيه حوالي 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، على يد مسلحين اقتحموا الحدود. العديد من الضحايا قُتلوا في منازلهم أو في مهرجان موسيقي، وتم اختطاف ما لا يقل عن 240 شخصا من كافة الأعمار وما زالوا رهائن في غزة.

مع احتدام الحرب، استمرت حماس وفصائل فلسطينية أخرى بإطلاق الصواريخ على إسرائيل، مما أدى إلى نزوح أكثر من 200 ألف إسرائيلي والتسبب في أضرار واسعة النطاق على الرغم من الغطاء الذي يوفره درع الدفاع الصاروخي الإسرائيلي “القبة الحديدية”.

نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “القبة الحديدية” يطلق النار لاعتراض صاروخ تم إطلاقه من قطاع غزة، في وسط إسرائيل، الأحد، 5 نوفمبر، 2023. (AP Photo/Oded Balilty)

ويبدو أن إسرائيل تنتهج استراتيجية ذات شقين في غزة، حيث تحث المدنيين على التوجه جنوبا بينما تشن غارات جوية مكثفة وهجوما بريا كبيرا على الشمال، حيث تقع مدينة غزة، حيث يعتقد أن حماس لديها شبكة موسعة من شبكات التحصينات تحت الأرض.

يوم الأحد، قال الجيش إنه سهل فتح ممر إنساني على الطريق الرئيسي بين شمال وجنوب قطاع غزة للسماح للمدنيين الفلسطينيين في شمال غزة بالإخلاء إلى الجنوب. ويقول الجيش إنه سيظل يسمح للمدنيين بمغادرة شمال غزة والتوجه جنوبا، ولكن ليس العكس، وحث الفلسطينيين على تجنب التحول إلى دروع بشرية لحكام القطاع.

وسار الحشود على الطريق السريع الرئيسي الذي يربط بين الشمال والجنوب في غزة حاملين معهم معهم أمتعة أو حيوانات أليفة ودافعين كراسي متحركة. بينما قاد آخرون عربات تجرها الحمير.

وقال أحد الرجال إنهم اضطروا إلى السير مسافة 500 متر وأيديهم مرفوعة أثناء مرورهم من أمام القوات الإسرائيلية. ووصف آخر رؤية الجثث على طول الطريق، وقال رجل فلسطيني رفض ذكر اسمه “لقد رأى الأطفال الدبابات للمرة الأولى. الرحمة يا عالم”.

فلسطينيون يفرون إلى جنوب قطاع غزة في شارع صلاح الدين في البريج، الأحد، 5 نوفمبر، 2023. (AP/Hatem Moussa)

وقال العقيد موشيه تيترو في بيان بالفيديو باللغة العربية: “إن شمال قطاع غزة ومدينة غزة منطقة حرب، منطقة خطيرة للغاية. إن منظمة حماس الإرهابية الإجرامية تستخدمكم كدروع بشرية”.

وقد نزح ما يقدر عددهم بنحو 800 فلسطيني إلى الجنوب من مدينة غزة ومناطق شمالية أخرى في أعقاب دعوات إسرائيلية متكررة للإخلاء، لكن مئات الآلاف ما زالوا في الشمال، بما في ذلك العديد ممن غادروا ثم عادوا لاحقا، بسبب النقص الحاد في المأوى وغيره من الضروريات، وحقيقة أن الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت أيضا مدينتي رفح وخان يونس الجنوبيتين في بعض الأحيان.

وقالت الأمم المتحدة إن نحو 1.5 مليون شخص في غزة، أو 70% من السكان، فروا من منازلهم. وقد لجأ الكثيرون إلى المدارس أو المستشفيات هربا من الغارات الجوية.

واتهمت إسرائيل حماس مرارا وتكرارا بمحاولة منع الفلسطينيين من إخلاء شمال غزة، بما في ذلك إطلاق النار عليهم وقصف طرق الإخلاء، بسبب رغبتها في إبقاء المدنيين حول مراكز نشاطها لاستخدامهم كدروع بشرية، أو كمواد مساعدة في حشد الضغط الدولي من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، الذي ازداد مع تزايد عدد الضحايا المدنيين.

وتقول إسرائيل إن هجومها على غزة يهدف إلى تدمير البنية التحتية لحماس، وتعهدت بالقضاء على الحركة بالكامل،  وأنها تستهدف جميع المناطق التي تعمل فيها حماس، بينما تسعى إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين.

قوات الجيش الإسرائيلي من الفرقة 36 تعمل في قطاع غزة، في صورة صدرت في 5 نوفمبر، 2023. (Israel Defense Forces)

وتقول السلطات الصحية في غزة، التي تسيطر عليها حماس، إن أكثر من 9700 شخص، بينهم نساء وأطفال، قُتلوا في منذ بدء القتال. لا يمكن التحقق من الأرقام التي أصدرتها الحركة بشكل مستقل، ويعتقد أنها تشمل مسلحي الحركة، الذين قُتلوا في إسرائيل وفي غزة، وضحايا انفجار وقع في مستشفى في مدينة غزة في 17 أكتوبر بسبب صاروخ خاطئ أطلقته حركة الجهاد الإسلامي، الذي ألقت حماس باللوم فيه على إسرائيل، والقتلى الذين قُتلوا جراء مئات الصواريخ التي أطلقتها الفصائل الفلسطينية وسقطت داخل القطاع.

وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 1000 من مسلحي حماس داخل إسرائيل في 7 أكتوبر وبعده، واعتقلت حوالي 200 منهم على قيد الحياة. وتعتقد أن العديد من جثث المسلحين لم يتم انتشالها أو إحصاءها بعد.

تحركات بطيئة وحذرة

ومع محاصرة مدينة غزة، بدأت القوات بتنفيذ عمليات على مشارف المدينة، وهي بيئة حضرية كثيفة من المتوقع أن تشكل تحديا كبيرا للجيش الإسرائيلي.

ويقول الجيش إنه منذ بدء الهجوم البري على قطاع غزة قبل أسبوع، ضرب الجيش الإسرائيلي أكثر من 2500 هدف برا وجو وبحر.

وقال الجيش في وقت سابق إن الفرقة 36 – المكونة من قوات مشاة، دبابات، مدفعية ومهندسين قتاليين – ضربت حوالي 1600 هدف لحماس وحدها، بما في ذلك البنية التحتية التي تستخدمها الحركة، ومستودعات أسلحة، ومواقع صواريخ مضادة للدبابات ونقاط مراقبة، حيث تحاصر القوات المدينة في الأسبوع الأخير، قادمة من الشمال والشرق.

صورة تم تنشرها تظهر جنودا إسرائيليين يعملون في قطاع غزة، في صور تم توزيعها في 4 نوفمبر، 2023. (Israel Defense Forces)

وقد تم دعم الهجوم البري بقصف مدفعي ثقيل،الذي يتم تنفيذه في كثير من الأحيان على بعد بضع مئات من الأمتار فقط من القوات الإسرائيلية لصد أي نشطاء من حماس يسعون إلى استهداف القوات.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الفرقة قتلت أيضا أكثر من 300 من مسلحي حماس خلال القتال.

كما قال أنه مساء الأحد فقط، تم قصف حوالي 50 موقعا لحماس وقتل عدد من المسلحين في قتال عن قرب.

الفرقة تتحرك بوتيرة بطيئة لتطهير المناطق من التهديدات المحتملة بشكل صحيح، بما في ذلك الأنفاق التي يتم تدميرها لاحقا، وفقا للجيش الإسرائيلي. وتعرضت القوات الإسرائيلية لإطلاق نار متكرر، بما في ذلك من مقاتلين خرجوا من الأنفاق لإطلاق قذائف صاروخية، كما أنها تعرضت لكمائن عدة مرات.

وعلم “تايمز أوف إسرائيل” أن إسرائيل اضطرت أيضا إلى إجراء تعديلات لمواجهة استخدام حماس للطائرات المسيرة لإسقاط متفجرات على القوات في قطاع غزة.

تظهر هذه الصور المنشورة طائرة مسيرة تابعة لحماس ومتفجرات عثر عليها الجيش الإسرائيلي في منزل في بيت حانون شمال غزة، 5 نوفمبر، 2023. (Israel Defense Forces)

ويقول الجيش إن 29 جنديا قُتلوا منذ بدء الهجوم البري في 27 أكتوبر.

ولكن في إشارة إلى إحراز تقدم، توقف إطلاق الصواريخ من المناطق التي سيطرت عليها القوات الإسرائيلية تماما، وفقا للجيش.

بحسب الجيش الإسرائيلي، واجهت حماس في الآونة الأخيرة صعوبة في تنفيذ هجمات منظمة واسعة على القوات، وقد نسب الفضل للغارات الجوية الإسرائيلية على القادة الميدانيين لحماس، على الرغم من أن الجيش فشل إلى حد كبير في الوصول إلى قيادة الحركة، الذين يُعتقد أنهم مختبئون تحت الأرض.

وعلى الرغم من تحفظه بشأن إرسال قوات إلى الأنفاق وسط القتال، يدعي الجيش مع ذلك أن لديه طرق لاستهداف نشطاء حماس المختبئين داخل الأنفاق، دون تقديم تفاصيل.

ومع بدء الهجوم الإسرائيلي المكثف ليلة الأحد، دوت صفارات الإنذار في تل أبيب وبلدات أخرى في وسط إسرائيل. وتعرضت المدن الشمالية هي أيضا لهجوم صاروخي من لبنان، حيث تسببت عدة قذائف في أضرار جسيمة في كريات شمونة، حسبما أعلنت المدينة.

سيارة متضررة بعد سقوط صاروخ أطلق من لبنان على بلدة كريات شمونة الشمالية، 5 نوفمبر، 2023. (Erez Ben Simon/Flash90)

يعتقد الجيش الإسرائيلي أن المرحلة الحالية من الهجوم البري ستستمر عدة أشهر لتحقيق هدفه المتمثل في القضاء على معقل حماس في مدينة غزة بأقل عدد من الخسائر في صفوف القوات الإسرائيلية.

وتسعى إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، رغم أنها تظل الداعم الأقوى للرد العسكري الإسرائيلي على هجمات حماس، بشكل متزايد إلى استخدام نفوذها لدى إسرائيل لمحاولة التخفيف من تأثير الهجمات الجوية والبرية والبحرية المستمرة على مدار الساعة في غزة، وهي موطن لـ 2.3 مليون نسمة. ورفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعوات الأمريكية لـ”هدنة إنسانية” في القتال ما لم تحصل إسرائيل على الرهائن في المقابل.

من المتوقع أن يصل مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بيل بيرنز إلى إسرائيل هذا الأسبوع لمناقشة العملية الجارية، حسبما قال مسؤول مطلع على الأمر لتايمز أوف إسرائيل يوم الأحد. وستكون هذه أول زيارة يقوم بها بيرنز إلى إسرائيل منذ اندلاع الحرب.

ومن المقرر أن تكون لبيرنز أيضا محطات في قطر والإمارات العربية المتحدة ومصر خلال الجولة الإقليمية، التي ستتضمن التركيز بشكل خاص على الجهود الرامية إلى تأمين إطلاق سراح حوالي 240 رهينة محتجزين حاليا في غزة، بما في ذلك العديد من الأمريكيين.

أشخاص يتجمعون ويضيئون الشموع لإحياء ذكرى الضحايا الذين قُتلوا على يد مسلحي حماس واختطفوا إلى غزة، في القدس، 5 نوفمبر، 2023. (Chaim Goldberg/Flash90)

يوم الأحد أيضا، التقى وزير الدفاع يوآف غالانت مع عائلات الإسرائيليين المحتجزين كرهائن في غزة، وشرح الجهود المبذولة لتحديد مكان أحبائهم.

وقال غالانت للعائلات، بحسب بيان صادر عن مكتبه، إن “حماس تتلقى ضربات قاسية في ساحة المعركة وستحاول إيذاءنا بحرب نفسية في الأماكن الأكثر حساسية وألما”.

وأضاف أن “ضغط الجيش على [حماس] يخدم أيضا الجهود المبذولة لإعادة الرهائن”.

في رسالة إلى المجتمع الدولي، أكد غالانت أيضا أنه “لن يكون هناك توقف للقتال حتى عودة الرهائن”.

ساهمت في هذا التقرير وكالات.

اقرأ المزيد عن