الجيش الإسرائيلي يشن سلسلة من الغارات الجوية في لبنان بعد هجوم بقذائف الهاون من حزب الله
الجماعة تقول إن أول إطلاق نار منذ بدء الهدنة هو "تحذير أولي" لإسرائيل بسبب "الانتهاك المستمر للمجال الجوي اللبناني"؛ الولايات المتحدة تقول إن وقف إطلاق النار صامد رغم الحوادث
شن الجيش الإسرائيلي مساء الاثنين موجة من الغارات الجوية في لبنان بعد أن أطلق حزب الله قذيفتي هاون على منطقة جبل دوف لأول مرة منذ سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل والجماعة المدعومة من إيران الأسبوع الماضي.
في بيان، قال الجيش الإسرائيلي إن طائرات مقاتلة ضربت مقاتلين لحزب الله وعشرات منصات إطلاق الصواريخ والمنشآت التابعة للجماعة في أنحاء لبنان.
وادعى حزب الله في وقت سابق يوم الإثنين إنه أطلق قذيفتي الهاون ردا على “الانتهاكات المتكررة” من جانب إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، وقال إن الهجوم كان بمثابة “تحذير أولي” بشأن ضربات الجيش الإسرائيلي على لبنان أثناء الهدنة و”الانتهاك المستمر للمجال الجوي اللبناني من قبل الطائرات الإسرائيلية المعادية”.
وجاءت الواقعة – وهي أول إطلاق نار من لبنان منذ بدء الهدنة – بعد أن حذرت الولايات المتحدة وفرنسا بحسب تقارير إسرائيل من انتهاكها لأجزاء من الاتفاق، وهو ما نفته إسرائيل.
وقال الجيش الإسرائيلي إن القذيفتين وقعتا في مناطق مفتوحة ولم تتسبب بوقع أي إصابات.
وسارع كبار المسؤولين الإسرائيليين إلى إدانة هجوم حزب الله، وتعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برد حازم.
وقال في بيان إن “إطلاق حزب الله النار على جبل دوف يشكل انتهاكا خطيرا لوقف إطلاق النار، وسترد إسرائيل بقوة. نحن عازمون على مواصلة فرض وقف إطلاق النار، والرد على أي انتهاك من جانب حزب الله – سيتم التعامل مع أي انتهاك بسيط على أنه انتهاك كبير”.
كما حذر وزير الدفاع يسرائيل كاتس من “رد قاس”، وكتب على منصة (اكس) أن إسرائيل “تعهدت بالعمل ضد أي انتهاك لوقف إطلاق النار من قبل حزب الله، وهذا بالضبط ما سنفعله”.
بالإضافة إلى عناصر حزب الله ومنصات إطلاق الصواريخ والمنشآت التي استهدفتها الطائرات المقاتلة، قال الجيش الإسرائيلي أنه ضرب منصة إطلاق الصواريخ التي استُخدمت لإطلاق قذيفتي الهاون على جبل دوف. وذكر الجيش أن الموقع أصيب بعد وقت قصير من الهجوم.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان “إن عمليات إطلاق النار من قبل حزب الله الليلة تشكل انتهاكا لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان”.
وأضاف الجيش أن “دولة إسرائيل تطالب الأطراف المعنية في لبنان بتحمل مسؤولياتها ومنع نشاط حزب الله العدائي من داخل الأراضي اللبنانية. وتظل دولة إسرائيل ملزمة بتنفيذ شروط اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان”.
وفي وقت لاحق، قالت وزارة الصحة اللبنانية إن تسعة أشخاص على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية على قريتين في جنوب البلاد.
وأضافت “أن غارة العدو الإسرائيلي على قرية حاريص أدت إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة اثنين، في حصيلة أولية”، مضيفة أن هجوما آخر مشابها على طلوسة “أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة شخص واحد”.
في هذه الأثناء، ذكرت إذاعة “شام FM” السورية أن سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت، مساء الاثنين، معابر حدودية بين لبنان وسوريا في منطقة القصير.
وكان الجيش الإسرائيلي قد قصف المعابر في وقت سابق بدعوى أن حزب الله يستخدمها لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى داخل لبنان.
وفي وقت سابق من اليوم، تعهد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي خلال زيارة إلى جنوب لبنان بأن الجيش “سيهاجم بقوة في مواجهة انتهاكات حزب الله الجسيمة، وسنستمر في القيام بذلك”.
وأضاف “لدينا خطط وأهداف جاهزة للتفعيل في أي لحظة”.
ورغم الحوادث التي وقعت يوم الاثنين، قال مسؤولون أميركيون إن وقف إطلاق النار لا يزال صامدا.
متحدثا للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية، أقر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي بوقوع “بعض الضربات المتقطعة” خلال الأيام القليلة الماضية، لكنه زعم أن “هذا كان متوقعا” ولا يزال يشكل انخفاضا كبيرا عن مئات الهجمات الصاروخية لحزب الله والضربات المضادة الإسرائيلية التي كانت تجري قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وأشار كيربي إلى أن وقف إطلاق النار تضمن تعزيز آلية التنفيذ التي بدأت بالفعل في الاستجابة للأحداث على الأرض. وقال كيربي إن الآلية تشمل الآن جنرالا من الجيش الأميركي تم إرساله إلى السفارة الأميركية في بيروت وسيعمل مع الممثل المدني الأميركي عاموس هوكستين للرد على الانتهاكات المبلغ عنها في الوقت الحقيقي.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض إن إسرائيل ولبنان لا يزالان ملتزمين بوقف إطلاق النار، لكنه أقر بأنه لم يمض على وقف إطلاق النار سوى أسبوع واحد، وهناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به لضمان تعزيز آلية التنفيذ.
وعندما سُئل عن هذا الموضوع خلال إحاطة لاحقة، رد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر بنفس الطريقة، مؤكدا أن وقف إطلاق النار لم ينهار.
وقال إن آلية التنفيذ التي تقودها الولايات المتحدة لا تزال تفصل في مزاعم الجانبين بشأن انتهاكات وقف إطلاق النار، وأضاف “هذا ما سنفعله خلال الأيام والأشهر المقبلة”.
وتابع ميلر: “إذا رأينا انتهاكات لوقف إطلاق النار، فسنذهب إلى الطرفين ونطلب منهما التوقف عن ذلك”.
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية التعليق على التقارير التي تفيد بأن هوكستين تواصل مع إسرائيل للتعبير عن قلقه من أن إسرائيل تفرض وقف إطلاق النار “بشكل عدواني للغاية”.
وقال المتحدث باسم البنتاغون اللواء باتريك رايدر للصحفيين “بشكل عام، فإن تقييمنا هو أنه على الرغم من بعض هذه الحوادث التي نشهدها، فإن وقف إطلاق النار صامد”.
ورفضت إسرائيل الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار وقالت إن ضرباتها في الأيام الأخيرة استهدفت انتهاكات حزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي يوم الاثنين أنه نفذ عدة ضربات في لبنان في اليوم الأخير، في أعقاب أنشطة لحزب الله “شكلت تهديدا لدولة إسرائيل وانتهكت التفاهمات بين إسرائيل ولبنان”.
وقال إنه ضرب عدة مركبات عسكرية تعمل في منشأة لتصنيع الصواريخ لحزب الله في وادي البقاع، ومركبات إضافية في عدة مواقع على الحدود اللبنانية السورية في منطقة الهرمل، والتي استخدمها حزب الله لنقل الأسلحة.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه إن “قواته منتشرة في جنوب لبنان وتعمل ضد أي تهديد يهدد دولة إسرائيل”.
في إحدى هذه الحوادث، قال الجيش اللبناني إن غارة إسرائيلية استهدفت جرافة عسكرية أثناء قيامها بأعمال تحصين داخل قاعدة العبارة العسكرية بالقرب من الحدود مع سوريا، ما أدى إلى إصابة جندي.
وقال الجيش الإسرائيلي أنه يحقق في الحادثة.
وفي حين تصر إسرائيل على أن ضرباتها مشروعة، لأنها تستهدف عناصر وبنية تحتية تابعة لحزب الله، أفادت تقارير أن الولايات المتحدة حذرت يوم الاثنين إسرائيل من أن أفعالها تنتهك شروط اتفاق وقف إطلاق النار.
الولايات المتحدة وفرنسا تدعوان إسرائيل إلى الالتزام بوقف إطلاق النار
بحسب تقارير إعلامية عبرية، أرسل المبعوث الأمريكي الخاص عاموس هوكستين رسالة حث فيها إسرائيل على الالتزام بالاتفاق. وأشار على وجه الخصوص إلى تحليق طائرات مسيّرة إسرائيلية فوق بيروت.
ورفض مكتب رئيس الوزراء التعليق على التقرير، لكن نتنياهو قال يوم الأحد إن إسرائيل “تطبق اتفاق وقف إطلاق النار بحزم شديد، وكل انتهاك يقابل على الفور برد فعل شديد من قبل جيش الدفاع”.
جاءت الرسالة المذكورة من هوكستين بعد يوم من قول مصادر دبلوماسية فرنسية لوسائل إعلام عبرية إن فرنسا اتهمت إسرائيل بارتكاب 52 انتهاكا منفصلا لوقف إطلاق النار.
وزعمت المصادر أنه على الرغم من أن إسرائيل كانت تتحرك ضد انتهاكات حزب الله، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يسلك القنوات المناسبة للإبلاغ عن تجاوزات الجماعة اللبنانية إلى هيئة الرقابة الدولية التي تقودها الولايات المتحدة، والتي تعد فرنسا عضوا فيها، كما هو مطلوب بموجب شروط الاتفاق.
ورغم أن فرنسا لم تؤكد التقرير علنا، إلا أن وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو أبلغ نظيره الإسرائيلي غدعون ساعر في مكالمة هاتفية صباح الاثنين أن هناك “حاجة إلى أن تحترم جميع الأطراف وقف إطلاق النار في لبنان”.
ورد ساعر على بارو بالقول إن إسرائيل لم تنتهك شروط الهدنة، بل إنها “تنفذها في مواجهة انتهاكات حزب الله التي تتطلب ردا فوريا في الوقت الحقيقي”.
ووفقا لمكتب ساعر، فقد أشار الوزير إلى أمثلة لعناصر حزب الله يتجولون مسلحين جنوب نهر الليطاني، أو يقومون بنقل أسلحة.
وقال ساعر، وفقا للبيان الإسرائيلي “إن مجرد وجودهم جنوب الليطاني هو الانتهاك الأكثر جوهرية. يجب أن يتحركوا شمالا!”.
كما دعا الحكومة اللبنانية إلى “السماح بشكل واضح للجيش اللبناني بتنفيذ الإجراءات المطلوبة منه بموجب الاتفاق”.
وقال ساعر إن إسرائيل لن تقبل بالعودة إلى الوضع الذي سبق الحرب في لبنان.
وكان وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء يهدف إلى إنهاء ما يقرب من 14 شهرا من القتال الذي بدأه حزب الله.
وينص الاتفاق على فترة انتقالية مدتها 60 يوما، يسحب خلالها الجيش الإسرائيلي قواته من جنوب لبنان بينما يتولى الجيش اللبناني المسؤولية تدريجيا عن المنطقة، وسيتم إنشاء لجنة بقيادة أميركية للبت في الشكاوى المتعلقة بانتهاكات وقف إطلاق النار المحتملة، وفقا للجيش.
وفقا للاتفاق، ستنسحب قوات حزب الله جنوب لبنان، وسيتم تفكيك بنيته التحتية العسكرية. كما ورد أن الولايات المتحدة قدمت خطابا جانبيا يحدد حقوق إسرائيل في الرد على أي انتهاكات لوقف إطلاق النار.
بدأ حزب الله في إطلاق النار على إسرائيل بعد يوم واحد من هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023 في جنوب إسرائيل، دعما للحركة الفلسطينية، مما أدى إلى ضربات مضادة إسرائيلية ونزوح حوالي 60 ألف من سكان شمال إسرائيل.
اشتد القتال في أواخر سبتمبر، حيث قتلت إسرائيل معظم قادة حزب الله وبدأت توغلا بريا محدودا في الأول من أكتوبر شهد قيام الجنود بتفتيش القرى بحثا عن الصواريخ والأسلحة الأخرى التي تحتفظ بها الجماعة، والتعامل مع أنفاقها والبنية التحتية الأخرى.
ساهمت وكالات في هذا التقرير