الجيش الإسرائيلي يستهدف 6 مسلحين فلسطينيين كانوا يحرسون شاحنات المساعدات وسط أعمال النهب في غزة
الأمين العام للأمم المتحدة يقول إن الفلسطينيين يدخلون "أقسى مرحلة في الحرب"؛ لقطات على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر حشدا من سكان غزة يتزاحم حول مخبز

أدت غارة إسرائيلية بطائرة مسيرة يوم الجمعة إلى مقتل ستة مسلحين فلسطينيين زعمت حماس أنهم كانوا يحرسون شاحنات المساعدات من النهب، في حين حذر الامين العام للأمم المتحدة من أن ما دخل غزة حتى الآن لا يمثل “سوى القليل” من المساعدات التي سُمح بدخولها إلى القطاع في أعقاب الحصار الإسرائيلي الذي استمر 11 أسبوعا.
وقال الجيش الإسرائيلي إن 83 شاحنة تحمل دقيقا وأغذية وأدوية ومعدات طبية دخلت قطاع غزة من معبر كيرم شالوم يوم الجمعة، ليصل المجموع إلى 388 شاحنة منذ يوم الاثنين، عندما خُفف الحصار.
لكن شبكة تضم منظمات إغاثة فلسطينية قدمت رقما مختلفا، قائلة إن 119 شاحنة مساعدات فقط عبرت معبر كيرم شالوم ودخلت غزة. ويُرجح أن الفرق في الأرقام يعود إلى أن العديد من الشاحنات لم تستلمها منظمات الإغاثة من الجانب الفلسطيني من المعبر لتوزيعها.
بغض النظر عن ذلك، فإن إيصال الإمدادات إلى الأشخاص الذين يعيشون في خيام ومساكن مؤقتة أخرى كان متقطعا، ويقول مسؤولون أمميون إن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 500 إلى 600 شاحنة مساعدات كل يوم.
على الرغم من تخفيف الحصار، أعاقت عمليات النهب التي قامت بها مجموعات من الرجال، بعضهم مسلحون، بالقرب من مدينة خان يونس، عملية التوزيع، وفقا لما ذكرته شبكة تمثل جماعات الإغاثة الفلسطينية.
وقالت الشبكة في بيان أدانت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية على فرق الأمن التي كانت تحمي الشاحنات: ”لقد سرقوا طعاما مخصصا للأطفال والأسر التي تعاني من الجوع الشديد“.

قال مسؤول في حركة حماس إن ستة أفراد من فريق أمني مكلف بحراسة الشحنات قُتلوا في ساعة مبكرة من صباح الجمعة في دير البلح بوسط غزة.
وردا على استفسار من ”تايمز أوف إسرائيل“، قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف المسلحين، وبعضهم من أعضاء حماس، بعد تحديدهم بالقرب من الشاحنات، مضيفا أن ”المساعدات لم تتضرر جراء الضربة“.
لم يُفصّل الجيش كيفية علمه بأن بعض العناصر المسلحة المستهدفة فقط هم أعضاء في حماس.
زعمت حماس أن المسلحين المستهدفين كانوا “أعضاء في فرق أمن وحماية المساعدات… وكانوا يؤدون مهاما إنسانية بحتة”.
ونفى مصدر عسكري ادعاء حماس بأن الأهداف كانت عناصر أمن محليين، قائلا “هذا ادعاء كاذب ولا أساس له من الصحة”.
وأضاف الجيش الإسرائيلي في رده أن “هذا مثال آخر على الاستخدام الساخر من قبل المنظمات الإرهابية في قطاع غزة للمدنيين والبنية التحتية للمساعدات الإنسانية التي تدخل المنطقة. سيسمح جيش الدفاع بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، مع بذل قصارى جهده لضمان عدم وصولها إلى المنظمات الإرهابية”.
بينما يُجادل المنتقدون بضرورة وجود حراس مسلحين لتأمين المساعدات ومنع النهب، نظرا للحاجة الماسة للغذاء في غزة، فقد استهدفت إسرائيل في الماضي مسلحين إلا إذا تم تنسيق عملياتهم. لكن منظمات الإغاثة تقول إن إسرائيل لا تُجيب على العديد من طلباتها لتنسيق نقل الشاحنات.
فرضت إسرائيل الحصار في أوائل مارس مع انهيار محادثات وقف إطلاق النار مقابل إطلاق سراح الرهائن، متهمة حماس بسرقة مساعدات مخصصة للمدنيين.
وقال مسؤول في الجيش الإسرائيلي لوكالة “رويترز”: “حماس تطلق باستمرار على اللصوص لقب ’حراس’ أو ’حماة’ لإخفاء حقيقة أنهم يعرقلون عملية المساعدات”.

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن 15 شاحنة تحمل دقيقا إلى مخابز يدعمها البرنامج تعرضت للنهب منذ يوم الاثنين، مما يعكس كما قال الظروف الصعبة التي يواجهها سكان غزة.
وجاء في بيان للبرنامج: ”إن الجوع واليأس والقلق بشأن وصول المزيد من المساعدات الغذائية يساهم في تزايد انعدام الأمن“.
“اليأس”
مع اكتظاظ معظم سكان غزة البالغ عددهم 2 مليون نسمة في منطقة ضيقة على الساحل وفي المنطقة المحيطة بمدينة خان يونس جنوب القطاع بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية، ازدادت الضغوط الدولية من أجل إيصال المساعدات بسرعة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: ”بدون وصول المساعدات بسرعة وبشكل موثوق وآمن ومستمر، سيموت المزيد من الناس – وستكون العواقب طويلة الأمد على السكان بأكملهم عميقة“، مضيفا أن ”الفلسطينيين في غزة يعانون مما قد يكون أقسى مرحلة في هذا الصراع القاسي“.
وأشار غوتيريش إلى بطء وصول المساعدات.
وأضاف في بيان “على أي حال، فإن جميع المساعدات المُصرّح بها حتى الآن لا تُمثّل سوى القليل من المساعدة في وقت يتطلب فيه الأمر سيلا من المساعدات”، وتابع “في الوقت نفسه، يتصاعد الهجوم العسكري الإسرائيلي مع مستويات مروعة من الموت والدمار”.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المساعدات “ضئيلة للغاية، ومتأخرة جدا، وبطيئة جدا”، مُضيفا أنه لا بد من زيادة تسليم الإمدادات بشكل كبير.
وكانت إسرائيل قد أعلنت أن نظاما جديدا، برعاية الولايات المتحدة وتديره شركات خاصة، سيبدأ قريبا عمله من أربعة مراكز توزيع في جنوب غزة، لكن العديد من تفاصيل كيفية عمل هذا النظام لا تزال غير واضحة.
وقد أعلنت الأمم المتحدة بالفعل أنها لن تعمل مع النظام الجديد، الذي تقول إنه سيجعل توزيع المساعدات مشروطا بأهداف إسرائيل السياسية والعسكرية.
وتقول إسرائيل إن عمل قواتها سيقتصر على توفير الأمن للمراكز ولن تقوم بتوزيع المساعدات بنفسها.
وناشد الفلسطيني صبحي غطاس الذي نزح إلى مدينة غزة ويحتمي في مينائها في حديث مع وكالة “فرانس برس” “أصحاب الضمير إرسال مياه وأغذية”. وتابع “ابنتي تطلب الخبز منذ الصباح، وليس لدينا أي خبز نعطيها”.
وكتب المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني في منشور على اكس أن الامم المتحدة أدخلت ما بين 500 و600 شاحنة مساعدات إنسانية يوميا خلال وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع حتى مارس، أي حوالي خمسة أضعاف المعدلات الحالية.
وكتب على منصة X: “لا ينبغي لأحد أن يفاجأ او ان يصدم بمشاهد المساعدات الثمينة المنهوبة أو المسروقة أو المفقودة”، مؤكدا أن “شعب غزة تم تجويعه” لأكثر من 11 أسبوعا.
No one should be surprised let alone shocked at scenes of precious aid looted, stolen or “lost”.
The people of #Gaza have been starved + deprived of the basics including water & medicines for more than 11 weeks.
Mothers and fathers have run out of food for their children.…— Philippe Lazzarini (@UNLazzarini) May 23, 2025
وأظهرت لقطات نشرتها وسائل إعلام عربية يوم الجمعة مئات الفلسطينيين يتزاحمون حول مخبز في مخيم النصيرات بوسط غزة أثناء توزيع الخبز لأول مرة منذ أسابيع.
توزيع الخبز في غزة pic.twitter.com/OpuB4HOTu0
— ????????????????منير الجاغوب ???????????????? (@MonirAljaghoub) May 23, 2025
مع بدء وصول المساعدات، واصل الجيش الإسرائيلي العمليات البرية والجوية المكثفة التي بدأها الأسبوع الماضي، والتي قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنها ستنتهي بسيطرة إسرائيل الكاملة على قطاع غزة.
وقال الجيش يوم الجمعة إنه ضرب أكثر من 75 هدفا في غزة خلال الـ 24 ساعة الماضية، بما في ذلك عناصر مسلحة وقاذفات صواريخ ومبان تستخدمها الجماعات المسلحة ومستودعات أسلحة وبنية تحتية أخرى.
واستهدفت إحدى الضربات التي وقعت ليلة الخميس في مدينة غزة مكاتب شركة لتحويل العملات، قال الجيش الإسرائيلي إنها تمول الأجنحة العسكرية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وكانت ”القاهرة“ قد غيرت اسمها من “دبي” في عام 2022، بعد أن أعلن وزير الدفاع أن الشركة ”تساعد منظمات إرهابية بسبب تورطها في تحويل أموال إلى هذه الجماعات“، حسبما أفاد الجيش.
وقال الجيش الإسرائيلي إن المكاتب استُخدمت في السنوات الأخيرة لتحويل ملايين الدولارات إلى حماس والجهاد الإسلامي من أجل الأنشطة العسكرية للجماعتين.
وأضاف الجيش: ”طوال الحرب، واصل عاملو مكتب الصرافة مساعدة وتمويل أنشطة إرهابيي حماس وحولوا ملايين الدولارات إلى عناصر الجناح العسكري لحماس لأغراض عسكرية، مما مكن حماس من مواصلة أنشطتها الإرهابية“.
في أغسطس 2024، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل أحد موظفي الشركة، ويُدعى تحسين النديّة، بسبب تورطه في تمويل حماس.
يوم الجمعة، قالت الخدمات الطبية الفلسطينية التي تديرها حماس إن ما لا يقل عن 25 شخصا قتلوا في الغارات. وقال مسؤول آخر في حماس لوكالة فرانس برس إن ما لا يقل عن 71 شخصًا قُتلوا. ولم يتسن التحقق من هذين الرقمين من مصدر مستقل.
في شمال غزة، أفاد مستشفى العودة يوم الجمعة أن ثلاثة من موظفيه أصيبوا ”بعد أن ألقت طائرات إسرائيلية مسيرة قنابل“ على المرفق.
وأعلن جهاز الدفاع المدني التابع لحماس لاحقا بأنه نجح في احتواء حريق اندلع في المستشفى.
في غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة أن قوات برية قتلت عدة عناصر في أنحاء غزة ودمرت مواقع أخرى تابعة لحماس.
وأطلقت صفارات الإنذار في كيبوتس نير عام على حدود غزة بعد ظهر يوم الجمعة، وأفاد الجيش الإسرائيلي أن صاروخا أطلق من القطاع تم اعتراضه.
استأنفت إسرائيل عملياتها في غزة في 18 مارس، منهية بذلك وقف إطلاق النار الذي بدأ في 19 يناير.
اندلعت الحرب في 7 أكتوبر 2023، عندما أقتحم مسلحون بقيادة حماس إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واختطاف 251 آخرين.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 53 ألف فلسطيني في القطاع قُتلوا حتى الآن، إلا أنه لا يمكن التحقق من عدد القتلى وهو لا يميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 20 ألف مقاتل في القتال حتى يناير، و1600 مسلح آخر داخل إسرائيل في 7 أكتوبر.
وصرحت إسرائيل بأنها تسعى إلى تقليل الخسائر في صفوف المدنيين، وأكدت أن حماس تستخدم المدنيين في غزة كدروع بشرية، وتقاتل من مناطق مدنية، بما في ذلك من المنازل والمستشفيات والمدارس والمساجد.
وتحتجز الجماعات المسلحة في قطاع غزة 58 رهينة، من بينهم 57 من أصل 251 شخصا اختطفهم المسلحون بقيادة حماس في 7 أكتوبر 2023.