الجيش الإسرائيلي يستبعد نزوح جماعي للسوريين الفارين من هجمات النظام السوري على الحدود
يقول الضابط المسؤول عن برنامج المساعدات الإنسانية لحسن الجوار إن بعض المساعدات تأتي من دول عربية مجهولة، وإسرائيل تواصل تقديم المساعدة حتى مع اشتداد القتال
مراسل الجيش والامن في التايمز أوف إسرائيل

قال رئيس برنامج الجيش لتقديم المساعدة لجنوب سوريا يوم الأحد أنه لا يتوقع أن يحاول عدد كبير من السوريين خرق الحدود والتماس اللجوء إلى إسرائيل، ردا على الهجوم المتجدد لقوات نظام بشار الأسد الذي قتل العشرات وشّرد أكثر من 150,000 سوري.
“لن يسارع السوريون إلى السياج”، قال الكولونيل “أ”، الذي لا يمكن التعرف عليه إلا من خلال رتبته والحرف الأول من اسمه العبري لأسباب أمنية.
مضيفا: “أولا وقبل كل شيء، لن نسمح بذلك. ثانيا، هناك فرق كبير بين الحصول على المساعدة من إسرائيل، والحصول على العلاج في إسرائيل، والقدوم للعيش في إسرائيل”.
وهذا يتناقض مع ادعاءات عدد من المحللين والباحثين، الذين قالوا إن السوريين أخبروهم بأنهم سيكونون مهتمين بالفعل بالبحث عن ملجأ في إسرائيل إذا كان ذلك ممكنا.
وعندما سُئل عن هذه التعليقات، قال الكولونيل إنه “سعيد لسماعها”، لأن ذلك يعني أن الدولة اليهودية ينظر إليها في ضوء أفضل من قبل السوريين، لكنه رفضها على أنها مجرد قصص، مشيرا إلى أن أيا من الأشخاص الذين سمح لهم بالدخول إلى إسرائيل لم يطلبوا اللجوء رسميا.

في الأسبوع الماضي، صرح الجيش الإسرائيلي، وكذلك وزير الدفاع ورئيس الوزراء، بشكل لا لبس فيه أن إسرائيل لن تأخذ اللاجئين السوريين، لكنها ستحاول تقديم المساعدات الإنسانية.
وقال الكولونيل إن الجيش شهد آلاف السوريين يتدفقون نحو الحدود الإسرائيلية خلال الأسبوع ونصف العام الماضيين، منذ بدأ الأسد حملته في محافظة درعا المجاورة بمساعدة من سلاح الجو الروسي والجماعات الشيعية المدعومة من إيران.
A massive increase in Syrian IDP camp in the #Golan due to recent fighting in #Daraa. pic.twitter.com/pccABbwRW1
— HD (@HarelDan) June 30, 2018
“رأينا نازحين [يقيمون] معسكرات بالقرب من الحدود الإسرائيلية. ليس على الحدود، بل في قرى قريبة من الحدود”، قال ضابط الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أن العديد منها يقع على بعد كيلومتر واحد من السياج الحدودي.
منذ عام 2016، قام الكولونيل وجنوده بإدارة عملية حسن الجوار، وهو مشروع مصمم للمساعدة في إرسال المساعدات الإنسانية وغيرها من أشكال المساعدات إلى سوريا. كما قدمت إسرائيل العلاج الطبي وأشكالا أخرى من المساعدة للسوريين المتضررين من الحرب الأهلية، منذ عام 2013 على الأقل، ولكن بطريقة أقل تنظيماً.
وقال الكولونيل للصحفيين في إيجاز عبر الهاتف: “انه شيء أخلاقي بالنسبة لنا نحن اليهود”.

ووفقا للضابط، قامت القوات الإسرائيلية منذ بدء عملية حسن الجوار بـ 700 عملية مساعدة إنسانية. وقال الكزلزنيل إن جنوده لا يدخلون الأراضي السورية، بل يذهبون فقط إلى السياج الحدودي، حيث يسلمون المساعدات أو يلتقطون الجرحى السوريين للعلاج في إسرائيل.
ومنذ أن بدأ هجوم الأسد المتجدد الشهر الماضي، قام الجيش الإسرائيلي بتسليم 30 طنا من الطعام، و30 طنا من الملابس وأطنان من الإمدادات الطبية. حيث سافر عشرات آلاف السوريين إلى الحدود الإسرائيلية للفرار من حملة القصف المكثفة التي يشنها الجيش السوري والروسي.
وعادة ما تفتقر المخيمات المنشأة في المنطقة إلى المياه العذبة والكهرباء والاحتياجات الأساسية الأخرى. وغالبا ما يتم ملئها أكثر من إمكانية إستقبالها للنازحين، مما يجبر الناس على النوم في الخارج.
“جاء الناس بلا شيء”، قال الكولونيل. “لذلك قمنا ببعض العمليات الإنسانية. أحضرنا الخيام حتى يتمكنوا من الجلوس والنوم”.
وقال الضابط إن جزءا من المساعدات الإنسانية التي قدمها الجيش الإسرائيلي إلى جنوب غرب سوريا قد تم توفيرها من قبل الدول العربية، حيث امتنع عن تحديد الدول، وقال إنه سيكون من “التعقيد” بالنسبة لها أن يعرفوا أنها تتعاون مع الدولة اليهودية.
وقال إن بقية المساعدات قدمتها منظمات غير حكومية إسرائيلية وأمريكية.

كانت التفاصيل على المواد الغذائية والبضائع الأخرى باللغة العبرية، مما يجعل من الواضح ماهية بلد المنشأ، حسبما أضاف الكولونيل.
وشدد الضابط على أن برنامج حسن الجوار، الذي بدأ في عام 2016 والذي تم الكشف عنه علانية في عام 2017، لم يشارك إلا في تقديم المساعدات الإنسانية والمساعدة في إجلاء الجرحى السوريين إلى المستشفيات والعيادات الإسرائيلية.
“نحن لا نتعامل مع المساعدات العسكرية، ولكن فقط مع المساعدات الإنسانية”، قال الكولونيل.
وعندما سئل عما إذا كان المسؤولون السوريون المحليون يدركون أن إسرائيل لن تقدم الدعم العسكري، قال إنه يعتقد ذلك، “أعتقد أنهم يعرفون ذلك. إننا نتحدث إليهم دائما ونقول لهم إننا نساعدهم والمواطنين، ونقدم لهم المساعدات الإنسانية، لكننا لن نتدخل. نحن لا نتدخل. نحن لا نساعد هذا الجانب أو ذلك الجانب”، قال مكررا بذلك سياسة عدم التدخل الإسرائيلية الطويلة تجاه سوريا.
ومع ذلك، أشار إلى أن المنطقة المحيطة بالحدود مع إسرائيل كانت أكثر هدوءا من الأجزاء الأخرى في محافظتي درعا والقنيطرة في سوريا.
يوم الأحد، أعلن الجيش أنه أرسل تعزيزات إلى مرتفعات الجولان، مع اقتراب القتال في سوريا، ومن المتوقع فقط أن يتصاعد.
“لا أستطيع أن أقول إن هذه منطقة عازلة. أستطيع فقط أن أقول إنه في العام الماضي، كان عدد الهجمات في هذه القرى أقل من عدد المناطق الأخرى”، قال.

يوم الجمعة، كجزء من برامج المساعدات الإنسانية، ساعد جنود من فرقة “باشان 210” على إحضار ستة سوريين مصابين بجروح بالغة إلى إسرائيل لتلقي العلاج، بما في ذلك أربعة أطفال فقدوا ذويهم في حملة القصف الجوي التي يقوم بها الأسد وروسيا.
بعد تقديم الإسعافات الأولية عند المعبر، تم نقل الجرحى السوريين إلى مركز الجليل الطبي في نهاريا لتلقي العلاج.

كان الشابين اللذين تم إحضارهما من ما يمسى “جيل القتال”، أحدهما في التاسعة عشرة من عمره، والآخر عمره 25 سنة.
وفقا للكولونيل، لم يتساءل الجيش عما إذا كانوا متورطين في المعارك أم لا.
“لن أسأله، هل أنت مقاتل أم لا؟ إنه مجرد إنسان مصاب بجروح خطيرة وسأساعده”، قال الضابط.

وشدد الكولونيل على الاعتبارات الأخلاقية التي تدفع برامج المساعدات الإنسانية الإسرائيلية لجنوب سوريا، قائلا إن تقديم المساعدة إلى هؤلاء المدنيين الذين يواجهون هجوما لا يرحم هو “الشيء الأكثر إثارة للإعجاب الذي يمكن أن يفعله إنسان.”
ومع ذلك، فقد أقر بأن الدافع الثانوي لعملية حسن الجوار هو الرغبة في كسب قلوب وعقول السوريين الذين تعلموا منذ فترة طويلة أن إسرائيل هي “وحش”.
مضيفا أنه يعتقد أن الآلاف من السوريين سيحتفظون ببعض المواقف الإيجابية تجاه إسرائيل، بغض النظر عن نتائج حملة الأسد.

“لا أحد يستطيع أن يمحو ما فعلناه في السنوات الست الماضية”، قال. “لا أعتقد أن الأطفال الذين جاءوا لإجراء عملية في القلب وأنقذنا حياتهم أو الآلاف من الناس الذين تناولوا الطعام الإسرائيلي، سينسوا إسرائيل بهذه السرعة”.
منذ عام 2013، قدمت إسرائيل العلاج الطبي لنحو 4800 سوري، إما في المستشفيات الميدانية على الحدود أو في المستشفيات العامة، ومعظمهم في شمال إسرائيل.
ووفقا للجيش، كان نصف الذين تم علاجهم تقريبا من الأطفال وكان ثلثهم من الرجال، وكانت النسبة المتبقية 17% من النساء.

بالإضافة إلى ذلك، عملت إسرائيل أيضا مع منظمات الإغاثة الدولية لفتح عيادة على طول الحدود في عام 2017 كجزء من عملية حسن الجوار. منذ افتتاحها في العام الماضي، عالجت العيادة حوالي 6000 مريض سوري.
كما تم إرسال مئات الأطنان من الأغذية والمعدات الطبية والملابس ووقود الديزل عبر الحدود.
كما سهّل الجيش الإسرائيلي بناء عيادتين داخل سوريا، يديرهما محليون وعاملون في المنظمات غير الحكومية. وقال الجيش إن هذا يشمل التنسيق اللوجستي وإرسال مواد البناء والمعدات الطبية.
تعليقات على هذا المقال