إسرائيل في حالة حرب - اليوم 587

بحث

الجيش الإسرائيلي يخطط لتغيير جذري في آلية إيصال المساعدات إلى غزة بهدف منع استيلاء حماس عليها

الجيش يوصي بالسماح مجددًا بإدخال المساعدات لتفادي المجاعة المحتملة، لكن مسؤول عربي أُبلغ بالخطة يُعرب عن قلقه حيال فرص نجاحها وتبعاتها الإنسانية

شاحنات تحمل مساعدات إنسانية تدخل قطاع غزة من مصر في مدينة رفح جنوب غزة، 12 فبراير، 2025. (AP Photo/Abdel Kareem Hana)
شاحنات تحمل مساعدات إنسانية تدخل قطاع غزة من مصر في مدينة رفح جنوب غزة، 12 فبراير، 2025. (AP Photo/Abdel Kareem Hana)

تعتزم إسرائيل تغيير طريقة توزيع المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بشكل جذري عندما تبدأ السماح بدخول المساعدات مجددًا خلال الأسابيع المقبلة، بعد تجميد دام قرابة شهرين ونصف، وفقًا لمسؤولين إسرائيلي وعربي مطلعين تحدثا إلى “تايمز أوف إسرائيل” هذا الأسبوع.

وتقضي الخطة بالابتعاد عن نموذج التوزيع بالجملة والتخزين المركزي، واللجوء بدلا من ذلك إلى قيام منظمات دولية ومتعاقدين أمنيين خاصين بتسليم صناديق غذاء مباشرة إلى العائلات في غزة، بحسب ما أفاد به المسؤولان.

وسيكون لكل عائلة ممثل مكلّف بالوصول إلى منطقة أمنية تابعة للجيش الإسرائيلي في جنوب غزة، حيث سيستلم المساعدات بعد المرور بعدة مراحل تفتيش. وسيحتوي كل صندوق على كمية من الغذاء تكفي عدة أيام، إلى أن يُسمح لممثل العائلة بالعودة مجددا لتسلُّم حزمة جديدة، بحسب المسؤولين الذين أضافوا أن إسرائيل تعتقد أن هذه الآلية ستُصعّب على حماس الاستيلاء على المساعدات لصالح مقاتليها.

ولن يشارك الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر في عملية التوزيع، في ظل اعتراض رئيس الأركان الفريق إيال زمير؛ لكن الجنود سيتولون تأمين الحماية الخارجية للمتعاقدين الخاصين والمنظمات الدولية المكلفين بتوزيع المساعدات، وفقا للمسؤولين.

وتشمل إحدى الشركات الرئيسية المرشحة للمشاركة في تنفيذ الخطة شركة فرعية تابعة لشركة استشارات أمن قومي أمريكية تُدعى “أوربس”، والتي يرتبط مسؤولوها بعلاقات مع وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، بحسب المسؤول الإسرائيلي. ولم يتمكن الوصول إلى الشركة للحصول على تعليق.

ولا يوجد جدول زمني دقيق لتنفيذ النظام الجديد، لكن الجيش يعتقد أن أمامه بضعة أسابيع فقط قبل حدوث أزمة إنسانية كبرى، وفقا للمسؤول الإسرائيلي.

عناصر من حماس أثناء وصول شاحنات المساعدات إلى رفح، جنوب قطاع غزة، 21 يناير 2025. (Jehad Alshrafi/AP)

وأوقفت إسرائيل إدخال المساعدات إلى غزة في 2 مارس بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار والرهائن. وقالت الحكومة إن حماس استولت على جزء كبير من المساعدات التي دخلت خلال الهدنة التي استمرت 6 أسابيع، لكنها أشارت إلى أن 650 شاحنة يوميا كانت كافية لإطعام السكان لفترة طويلة.

وتخوض إسرائيل مفاوضات لتمديد وقف إطلاق النار تسمح خلاله باستئناف إدخال المساعدات مقابل الإفراج عن الرهائن، لكن تلك المفاوضات لم تُثمر بعد عن اختراق.

ولم تُقر الحكومة الإسرائيلية بعد الخطة الجديدة لتوزيع المساعدات، لكنها تحظى بدعم جزء كبير من المؤسسة الأمنية وعدد من الشخصيات الأساسية في الدائرة المقربة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بحسب المسؤول الإسرائيلي.

لكن المسؤول العربي الذي اطّلع على الخطة شكك في قدرتها على منع حماس من التدخل في عملية توزيع المساعدات، مشيرًا إلى أن الممثلين المكلفين بتسلُّم صناديق الغذاء لعائلاتهم سيواجهون طريقًا طويلًا وخطرا من خيامهم في المناطق الإنسانية للوصول إلى نقاط التسليم.

وحذر المسؤول العربي من أنهم “سيكونون أهدافا مكشوفة”.

وأضاف أن الخطة على ما يبدو تقيد كمية الطعام التي ستحصل عليها كل عائلة إلى الحد الأدنى المطلوب للبقاء على قيد الحياة. وقال: “إنهم يحتسبون السعرات الحرارية لشعب تم تجويعه بالفعل لأشهر”.

فلسطينيون يتسلّمون أكياس دقيق ومساعدات إنسانية أخرى توزعها الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، في جباليا، قطاع غزة، 1 أبريل 2025. (AP Photo/Jehad Alshrafi)

كما عبّر المسؤول العربي عن شكوكه في إمكانية تطبيق الخطة على نطاق واسع لتشمل جميع سكان غزة، رغم استمرار حصرهم في مناطق أصغر وأشد اكتظاظًا في القطاع المدمر.

وقال: “يبدو أن هذه الخطة جزء من زحف بطيء نحو احتلال إسرائيلي دائم لغزة، حيث ينتهي الأمر بالجيش الإسرائيلي ليكون الجهة المسؤولة مباشرة عن توزيع المساعدات”.

وأضاف المسؤول العربي أن البديل الأفضل لتوزيع المساعدات يتمثل في الاستعانة بعناصر مرتبطين بالسلطة الفلسطينية — وهي فكرة رفضتها إسرائيل، لأن السلطة ربطت تعاونها بتمهيد الطريق أمام أفق سياسي لرام الله.

وأشار إلى أن منح السلطة موطئ قدم في غزة سيفتح الباب أمام دعم إضافي من دول عربية أبدت استعدادا للعب دور في إدارة القطاع ما بعد الحرب، بطريقة تعزل حماس.

وقد أوصى الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة بأن تصادق الحكومة على استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بغض النظر عن التوصل إلى اتفاق رهائن مع حماس، في محاولة لتفادي المجاعة بين المدنيين الفلسطينيين، بحسب مسؤولين عسكريين أطلعوا الصحافيين في وقت سابق هذا الأسبوع.

وأوضح الجيش للقيادة السياسية أن استئناف إدخال المساعدات سيكون ضروريا قريبا لتجنب خرق القانون الدولي ومشاكل قانونية مستقبلية للقادة العسكريين المشاركين في العمليات.

رئيس أركان الجييش الإسرائيلي الفريق إيال زمير (وسط) في حي الشجاعية بمدينة غزة، 15 أبريل 2025. (Israel Defense Forces)

وقال مسؤول عسكري خلال الإحاطة: “توصية الجيش هي إنشاء مناطق مخصصة لتوزيع المساعدات، باستخدام منظمات دولية وشركات خاصة، وتأمينها خلال التوزيع، مع منع وصول المساعدات إلى حماس”.

مع ذلك، أشار المسؤول العسكري إلى أن الجيش “سيتصرف وفقا لتوجيهات المستوى السياسي فيما يتعلق بتوزيع المساعدات”.

وكان وقف إدخال المساعدات جزءًا من استراتيجية إسرائيلية للضغط على حماس للعودة إلى صفقة رهائن. وفي الوقت ذاته، استأنف الجيش هجومه على غزة، وسيطر على مساحات واسعة من أراضي القطاع وقتل ما يُقدّر بنحو 400 من عناصر الجماعات المسلحة، من بينهم عشرات من كبار مسؤولي المكتب السياسي والجناح العسكري لحماس.

واعترف المسؤول العسكري بأن “رغم الضغط العسكري، لا تزال منظمة حماس الإرهابية غير مستعدة [للتوصل إلى اتفاق]”.

ولذلك، قال المسؤول إن الجيش يستعد لاستدعاء عدد كبير من جنود الاحتياط خلال الفترة المقبلة لتوسيع الهجوم في غزة “بشكل كبير” من خلال تنفيذ عمليات في مناطق جديدة من القطاع.

قوات الجيش الإسرائيلي في محور موراغ جنوب قطاع غزة، 21 أبريل 2025. (Emanuel Fabian/Times of Israel)

وأوضح الجيش أن استدعاء قوات الاحتياط يتم فقط “بدافع اعتبارات موضوعية وعملياتية بحتة”، في ظل تزايد عدد الرسائل الموقّعة من قِبل قدامى المحاربين والتي تدعو إلى التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن، حتى لو تطلّب الأمر إنهاء الحرب.

وقال المسؤول العسكري إن أهم مهام الجيش تبقى إعادة الأسرى الـ59 الذين لا يزالون محتجزين لدى حماس في غزة، ويُعتقد أن نحو 24 منهم على قيد الحياة، بينما تأتي مهمة إسقاط حكم حماس في المرتبة الثانية، بخلاف موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي قال يوم الخميس إن “الانتصار” على حماس هو الهدف الأسمى للحرب في غزة، وليس إعادة الرهائن.

وقال المسؤول: “المهمة العليا التي يتعامل معها الجيش الإسرائيلي هي واجبنا الأخلاقي في إعادة الرهائن. المهمة الثانية هي هزيمة حماس. نحن نعمل لتحقيق كلا الهدفين، مع وضع إعادة الرهائن على رأس [الأولويات]”.

وقد قُتل أكثر من 2300 فلسطيني في غزة منذ استئناف الأعمال القتالية في 18 مارس، من بين أكثر من 52,400 قُتلوا منذ اندلاع الحرب بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، بحسب وزارة الصحة في غزة.

ولا يمكن التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل، كما أنها لا تميّز بين مدنيين ومقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت نحو 20 ألف مقاتل في المعارك حتى يناير، بالإضافة إلى 1600 مسلح داخل إسرائيل خلال هجوم حماس.

وشهد الهجوم الذي قادته حماس اجتياح آلاف المسلحين لجنوب إسرائيل، ما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص وأسر 251. ولا يزال 59 رهينة في غزة، بينهم رفات جندي قُتل في حرب 2014.

وبلغت حصيلة قتلى إسرائيل في الحملة البرية ضد حماس في غزة وفي العمليات العسكرية على الحدود مع القطاع 414، من بينهم شرطيان ومتعاقدان مدنيان تابعان لوزارة الدفاع.

اقرأ المزيد عن