الجيش الإسرائيلي يحقق في انتهاكات مزعومة للوائح والقانون الدولي خلال الحرب ضد حماس
ورد إن الفريق يخطط للنظر في غارة جوية ضد قائد كبير في حماس يُزعم أنها أسفرت عن مقتل عشرات المدنيين، وهدم حرم جامعي، وإطلاق النار على 3 رهائن عن طريق الخطأ
أطلق الجيش الإسرائيلي تحقيقا داخليا في انتهاكات محتملة للقانون الدولي من قبل القوات خلال الحرب ضد حركة حماس في قطاع غزة، حسبما ذكرت صحيفة “هآرتس” يوم الثلاثاء.
وسيقوم فريق تحقيق تم تشكيله خصيصًا بالنظر في حوادث مختلفة، تشمل القتل المزعوم لعشرات المدنيين في غارة استهدفت أحد قادة حماس وإطلاق النار عن طريق الخطأ على ثلاثة رهائن إسرائيليين هاربين تم اختطافهم من إسرائيل خلال هجوم حماس المدمر في 7 أكتوبر الذي أشعل الحرب.
وقام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بتعيين رئيس مديرية العمليات العسكرية السابق يوآف هار إيفين لقيادة الفريق. وسيعمل تحت آلية تقييم تقصي الحقائق في هيئة الأركان العامة للجيش.
وقد أعطت المدعية العامة للجيش الإسرائيلي الجنرال يفعات تومر يروشالمي الفريق الإذن ببدء العمل.
وأكد الجيش هذه التطورات لصحيفة “هآرتس”، وقال في بيان إن التحقيق “سيفحص التقارير والشكاوى المتعلقة بانتهاك القانون الإسرائيلي والدولي أثناء القتال”.
وأضاف أن “الآلية بدأت عملية جمع البيانات والمعلومات حول مختلف الأحداث التي جرت خلال المعارك وهي في مراحل التحقيق الأولية”.

وذكر التقرير إن الفريق اجتمع بالفعل عدة مرات مؤخرا لتحديد قائمة الحوادث التي يعتزم النظر فيها. وسيقدم الفريق النتائج التي يتوصل إليها إلى المدعية العسكرية، التي ستقرر ما إذا كان سيتم فتح تحقيق للشرطة العسكرية في أي من الحالات.
ووفقا لصحيفة “هآرتس”، تشمل معظم الحالات المدرجة في القائمة العديد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين أو أضرار كبيرة لمواقع مثل المستشفيات والمعاهد التعليمية والمباني الإدارية.
وإحدى الحوادث التي سيتم بحثها هي الغارة التي استهدفت إبراهيم بياري، قائد كتيبة جباليا المركزية التابعة لحماس، والتي قيل إن عشرات المدنيين قُتلوا خلالها.
وسيقوم الفريق أيضا بالتحقيق في قصف مقر الهلال الأحمر في خان يونس جنوب قطاع غزة الشهر الماضي. وقُتل بحسب الهلال الأحمر خمسة أشخاص وأصيب ثلاثة آخرون في الغارة. وأضاف أن ما لا يقل عن 14 ألف نازح كانوا قد لجأوا إلى المبنى ومستشفى قريب.
ومن المتوقع أن تشمل القائمة هدم حرم جامعة الإسراء الشهر الماضي. ويتطلب تدمير المواقع التعليمية موافقة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورأي قانوني يدعم الحاجة العسكرية لتدمير الموقع.
وقام قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي اللواء يارون فينكلمان بالتحقيق في الحادث وقد قدم النتائج إلى هاليفي. ووجد التحقيق أن عملية الهدم لم تحصل على الموافقة المناسبة. وذكرت صحيفة “هآرتس” أن هاليفي أمر باتخاذ إجراءات تأديبية شديدة ضد قوات الهندسة المتورطة في الحادث.
وقال الجيش في ذلك الوقت إن حماس استخدمت الحرم الجامعي والمناطق المحيطة به لمهاجمة القوات الإسرائيلية، لكنه اعترف بأن هدم المبنى لم يحصل على الموافقة المطلوبة.

وسيقوم الفريق أيضا بالتحقيق في مقتل ثلاثة رهائن إسرائيليين أطلقت القوات النار عليهم بعد أن هربوا من الأسر وحاولوا الوصول للجنود وهم يلوحون براية بيضاء ويرفعون أيديهم. ولكن أطلق الجنود النار على يوتام حاييم وسامر الطلالقة وألون لولو شامريز، مما أسفر عن مقتل الثلاثة.
وعلى الرغم من إجراء تحقيق بالفعل في الحادث، والذي عرضت نتائجه على عائلات الرهائن والمدعية العسكرية، إلا أن الأخيرة طلبت من فريق التحقيق الجديد تقديم مواد تحقيقية إضافية. وبناء على النتائج النهائية، سيتم اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيتم فتح تحقيق للشرطة العسكرية في الوحدة التي أطلقت النار على الرهائن، وما إذا كان سيتم تقديم لوائح اتهام أم لا.
ويحقق المحققون العسكريون بالفعل في المزاعم حول إشعال الجنود النار في مئات المباني في غزة. كما تحدث هاليفي إلى القادة حول هذه الظاهرة، وأكد لهم أنها محظورة وغير قانونية.
وقالت مصادر لصحيفة “هآرتس” إن تحذيرات هاليفي لم تحد كثيرا من إشعال الحرائق. وفي حين ورد أن القادة أمروا في بعض الحالات بإحراق المباني التي تستخدمها حماس لنقص متفجرات الهدم لتدمير المباني، فقد أصبحت هذه الممارسة أكثر شيوعاً، مع إشعال الجنود الحرائق دون أي تصريح.
وسينظر التحقيق أيضًا في مقتل 21 جنديا احتياطيا خلال عملية هدم لمبنى فشلت عندما هاجم مقاتلو حماس القوة، مما تسبب في انفجار العبوات الناسفة قبل الأوان.

ولكن لن ينظر التحقيق في الوقت الحالي في مقتل ثلاثة رهائن في نفق مجاور للموقع الذي قُتل فيه قائد لواء شمال غزة التابع لحماس أحمد غندور في غارة إسرائيلية أثناء اختبائه في نفق.
وتم انتشال جثث الرقيب رون شيرمان (19 عاما)، والعريف نيك بيزر، والمدني إيليا توليدانو (28 عاما)، الذين تم اختطافهم في 7 أكتوبر، من نفق تابع لحماس في جباليا في 14 ديسمبر.
وأظهر مقطع فيديو دعائي لحماس شيرمان وبيزر وتوليدانو تم نشره بعد أسبوع من العثور عليهم، وادعى أنهم قتلوا في غارة جوية إسرائيلية.
وتوصل تحقيق أولي للجيش الإسرائيلي إلى أن الإسرائيليين الثلاثة لم يقتلوا في الغارة.
واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عندما قادت حماس هجوما عبر الحدود من غزة أدى إلى مقتل 1200 شخص. كما اختطف آلاف المسلحين الذين اجتاحوا المناطق الجنوبية 253 شخصا، ولا يزال أكثر من نصفهم محتجزين في غزة.
وردت إسرائيل على الهجوم بعملية جوية وبحرية وبرية بهدف القضاء على حماس، وإزاحتها عن السلطة في غزة، واعادة الرهائن.
وكان هاليفي قد قام في السابق بتعيين هار-إيفين لرئاسة فريق التحقيق في الإخفاقات العسكرية والاستخباراتية التي مكنت من تنفيذ هجوم حماس، لكنه أوقف عمله في وقت لاحق بسبب الانتقادات السياسية.
وأفاد تقرير صحيفة “هآرتس” إن كبار المسؤولين العسكريين يقبلون الحاجة إلى التحقيق الحالي حتى لو أدى إلى محاكمة الجنود، معتبرين أنه ضروري لاستمرار الهجوم في غزة.
وذكر التقرير إن هاليفي وغيره من كبار الضباط أبلغوا مرارا القادة في الميدان بضرورة الالتزام باللوائح والالتزام بالقانون الدولي.
لكن القادة ردوا قائلين إنهم لا يستطيعون مراقبة كل ضابط أو جندي يقرر التصرف من تلقاء نفسه.
وورد إن هاليفي كان يعارض أي تحقيقات عسكرية في المراحل الأولى من الحرب، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى تشتيت انتباه القادة في وقت تشارك فيه أعداد كبيرة من القوات في القتال. ولكن مع تراجع حدة الصراع، يرى الجيش فرصة لبدء التحقيق في الانتهاكات المزعومة التي ستتطلب استجواب القادة وأخذ شهادات من الجنود.
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي تستعد فيه إسرائيل للدفاع عن نفسها في محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث رفعت جنوب أفريقيا قضية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة.
وأحد الادعاءات الرئيسية التي تقدمها إسرائيل لمواجهة مزاعم جرائم الحرب هو أن القوات تلقت أوامر بالالتزام بالقانون الدولي، وأنه يتم التعامل مع أي انتهاكات من خلال أنظمة القضاء العسكرية والمدنية القوية في إسرائيل.
وقتل ما لا يقل عن 27,365 فلسطينيا في غزة، وفقا لوزارة الصحة في القطاع الذي تسيطر عليه حماس. ولا يمكن التحقق من هذا الرقم بشكل مستقل ويعتقد انه لا يميز بين المدنيين والمقاتلين. ويقول الجيش إنه قتل أكثر من 10 آلاف مسلح في غزة، إضافة إلى ألف قُتلوا في إسرائيل خلال أحداث 7 أكتوبر.