الجيش الإسرائيلي يأمر المدنيين بمغادرة شمال غزة؛ رشقات صاروخية مكثفة على أشكلون، دون وقوع إصابات
حماس تحث السكان على عدم اتباع الأوامر "الدعائية"، في حين تقدم الولايات المتحدة دعما حذرا؛ الأمم المتحدة تدين الأمر باعتبار أن تنفيذه مستحيل، والسفير الإسرائيلي يقول إن الأمم المتحدة "غضت الطرف" عن تسليح حماس
أمر الجيش الإسرائيلي يوم الجمعة المدنيين في شمال قطاع غزة يإخلاء منازلهم، حيث يبدو أنه يستعد لتكثيف هجماته على أهداف تابعة لحركة حماس في منطقة مدينة غزة وربما شن غزو بري ردا على هجوم الحركة القاتل ضد التجمعات السكنية في جنوب إسرائيل.
وجاء الأمر مع بزوغ فجر اليوم السابع من الحرب بين إسرائيل وغزة، مع قيام الجيش بشن هجوم جوي واسع وفرض حصار كامل على القطاع، الأمر الذي جعل من المنطقة، وفقا لمنظمات الإغاثة الدولية، على شفا كارثة إنسانية.
في غضون ذلك، قصفت حماس مدينة اشكلون بجنوب البلاد بالصواريخ يوم الجمعة، مع سماع دوي صفارات الإنذار بشكل متواصل في المدينة بعد أن أعلنت الحركة أنها أطلقت أكثر من 150 صاروخا تجاهها. وعلى الرغم من أن صواريخ “القبة الحديدية” الاعتراضية دمرت العديد من الصواريخ القادمة، إلا أن العديد منها نجح في اختراقها. وسقط صاروخ على منزل واصطدم آخر بسيارات في أحد الشوارع. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات، فيما ظل السكان مختبئين في الملاجئ.
وتعهدت حماس بإطلاق “المزيد” من الصواريخ خلال الساعات المقبلة.
وأبدى البيت الأبيض دعما حذرا للأمر الإسرائيلي بالإخلاء، ووصفه بأنها “مهمة صعبة”، لكنه أشار إلى أن الولايات المتحدة تدرك أن إسرائيل تحاول إعطاء المدنيين في غزة “تحذيرا عادلا”.
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي لشبكة CNN “نحن نفهم ما يحاولون القيام به. هذا أمر صعب. الحديث يدور عن مليون شخص، وفي بيئة حضرية ومكتظة للغاية. إنها منطقة قتال بالفعل. لذا أنا لا أعتقد أن هناك من يقلل من شأن التحدي هنا المتمثل في تنفيذ عملية الإخلاء هذه”.
وفقا للأمم المتحدة، تم نزوح 340 ألف شخص من سكان غزة منذ أن بدأت إسرائيل حملتها العسكرية، بعد اجتياح مسلحين بقيادة حماس للمجتمعات السكنية الإسرائيلية الجنوبية في مذبحة خلفت أكثر من 1300 قتيل إسرائيلي، واختطاف ما بين 150 إلى 200 آخرين إلى القطاع.
قلص المسلحون في غزة إطلاق الصواريخ خلال الليل، وقالت قيادة الجبهة الداخلية للجيش إن المعدل البطيء نسبيا للهجمات الصاروخية من القطاع يشير إلى أن حماس تستعد لمعركة طويلة.
في الوقت نفسه، دعت الحركة إلى “يوم غضب” في الضفة الغربية وكذلك في جميع أنحاء العالم من قبل مؤيديها، وكانت هناك مخاوف كبيرة من محاولات تنفيذ هجمات ضد اليهود والإسرائيليين.
الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال غزة
وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه يوم الجمعة إنه “يدعو إلى إخلاء جميع المدنيين في مدينة غزة من منازلهم باتجاه الجنوب حفاظا على سلامتهم وحمايتهم، والانتقال إلى المنطقة الواقعة جنوب وادي غزة، كما هو موضح على الخريطة”.
????عاجل"
بدأت المرحلة الأولى من تهجير غزة طرد كل من يسكن شمال الخط الأحمر حسب بيان الجيش الإسرائيلي يجب على ما يزيد عن مليون غزاوي مغادرة شمال غزة خلال ال 24 ساعة القادمة pic.twitter.com/UEZfSBLez4
— اوبزيرفر | (@B667i) October 13, 2023
وجاء في البيان “شنت منظمة حماس الإرهابية حربا ضد دولة إسرائيل، ومدينة غزة هي منطقة تجري فيها العمليات العسكرية. هذا الإخلاء من أجل سلامتكم. لن تتمكنوا من العودة إلى مدينة غزة إلا عندما يتم إصدار إعلان آخر يسمح بذلك. لا تقتربوا من منطقة السياج الأمني مع دولة إسرائيل”.
وأضاف البيان أن “إرهابيي حماس يختبئون في مدينة غزة داخل أنفاق تحت المنازل وداخل المباني المأهولة بالمدنيين الأبرياء في غزة”، وحث الجيش السكان على الابتعاد عن المسلحين “الذين يستخدمونكم كدروع بشرية”.
ردا على ذلك، طلبت حماس من السكان البقاء في منازلهم: “لا تتبعوا تعليمات الإخلاء الدعائية”. ويُعرف أن الحركة تحاول إجبار السكان على تجاهل مثل هذه الإخطارات التي يرسلها الجيش.
في غضون ذلك، دعت الأمم المتحدة إلى سحب الأمر، مؤكدة أن الجيش الإسرائيلي أعطى مهلة 24 ساعة للإخلاء، معتبرة أن إجلاء 1.1 مليون شخص سيكون مستحيلا.
وقالت في بيان إن “الأمم المتحدة ترى أنه من المستحيل أن تتم مثل هذه الحركة دون عواقب إنسانية مدمرة”، مضيفة “تدعو الأمم المتحدة بشدة إلى إلغاء أي أمر من هذا القبيل، إذا تم تأكيده، لتجنب ما يمكن أن يتحول ما هو بالفعل مأساة إلى وضع كارثي”.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيئل هغاري إن الجيش يدرك أن عملية الإخلاء قد تستغرق عدة أيام وشدد على أن إسرائيل تستهدف حماس ولا تريد إيذاء المدنيين الفلسطينيين.
وقال إن الأمر يهدف إلى تمكين “حرية العمل وتعميق الضرر” ضد حماس. وأضاف أن حماس مسؤولة عن أي ضرر يلحق بالمدنيين الذين لا يتم إجلاؤهم.
ووصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة غلعاد إردان بيان الأمم المتحدة بأنه “وصمة عار”.
وقال “لسنوات ظلت الأمم المتحدة ’تغض الطرف’ عن تسليح حماس واستخدام مدنييها لإخفاء أدواتها القاتلة. والآن، بدلا من الوقوف مع إسرائيل بعد المجزرة التي ارتكبتها حماس، يتجرؤون على وعظنا عندما تحاول إسرائيل تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين”.
وأضاف “في الوقت الحالي، الأمر الوحيد الذي ينبغي على الأمم المتحدة التركيز عليه هو إعادة الرهائن إلى إسرائيل. هذه هي الأزمة الانسانية الأكثر إلحاحا”.
وفي خضم الهجوم البري الوشيك، بدأت الحكومة أيضا في إجلاء سكان مدينة سديروت بجنوب البلاد.
الجيش الإسرائيلي يواصل هجومه الجوي ويؤكد اختطاف 120 إسرائيليا على الأقل
وقال هغاري إنه في اليوم الماضي، كان هناك عدد من الاشتباكات بين القوات ومسلحين على طول السياج الحدودي لغزة، ولكن وقعت حوادث قليلة في الأراضي الإسرائيلية.
IDF says it carried out airstrikes against 750 targets belonging to Hamas and other terror groups in the Gaza Strip overnight pic.twitter.com/WOiUCmgOsL
— Emanuel (Mannie) Fabian (@manniefabian) October 13, 2023
ويعتقد الجيش الإسرائيلي أنه عثر على الغالبية العظمى من المسلحين الذين تسللوا إلى إسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي، ولم يتمكن أي منهم من التسلل إلى البلاد في الأيام الأخيرة.
كما قال هغاري إن الجيش الإسرائيلي لا يزال يركز جهوده على القضاء على كبار أعضاء حماس.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفذ غارات جوية ضد حوالي 750 هدفا تابعا لحركة حماس وفصائل مسلحة أخرى في قطاع غزة ليلة الخميس.
وكان من بين الأهداف 12 برجا متعدد الطوابق، قال الجيش الإسرائيلي إنها تحتوي على أصول لحماس. كما قال الجيش إنه استهدف أيضا ثلاثة نشطاء من حماس مسؤولين عن إطلاق قذائف هاون على إسرائيل في الأيام الأخيرة. وتم استهداف الثلاثة في مركز قيادة عسكري في مدينة غزة، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وشملت الأهداف الأخرى أنفاق ومجمعات عسكرية ومساكن لكبار الأعضاء تُستخدم كمراكز قيادة عسكرية ومستودعات تخزين أسلحة وغرف اتصالات.
وقال هغاري إن الجيش الإسرائيلي “يستعد للمراحل التالية من الحرب”.
وأضاف أن الجيش أبلغ حتى الآن عائلات 120 رهينة تحتجزهم الفصائل المسلحة في قطاع غزة.
وقال هغاري “هذا يقض مضجعنا، وتتركز الكثير من الجهود على هذا الأمر”.
وفي إشارة إلى مزاعم عن مقتل رهائن في غارات إسرائيلية، قال هغاري: “هناك بيانات كثيرة من حماس، ولن ننقل إلا معلومات موثوقة”.
وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إن 1537 فلسطينيا قُتلوا وأصيب 6612 آخرين في غارات جوية إسرائيلية على القطاع منذ بدء القتال في 7 أكتوبر. ولم تفرق الوزارة بين أعضاء الفصائل المسلحة والمدنيين. وقالت إسرائيل إنها تستهدف البنية التحتية الإرهابية وجميع المناطق التي تعمل فيها حماس أو تختبئ فيها، وأن القوات الإسرائيلية قتلت حوالي 1500 من مسلحي حماس الذين تسللوا إلى أراضيها منذ يوم السبت.
في وقت متأخر من بعد ظهر الخميس، قصف الجيش الإسرائيلي مبنى سكنيا في مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في شمال غزة، مما أسفر عن مقتل 45 شخصا على الأقل وإصابة العشرات، بحسب وزارة الداخلية التي تديرها حماس في غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في غزة إياد البزم لوكالة “أسوشيتد برس” إن الغارة الجوية أصابت منزل عائلة الشهاب في وسط مخيم جباليا. وقال البزم إن منزل الشهاب كان مكتظا بالعشرات من الأقارب وقت الغارة الجوية، حيث فر البعض من القصف العنيف من أجزاء أخرى من قطاع غزة ولجأوا إليه.
ولم يرد الجيش الإسرائيلي على الفور على طلب للتعليق على الغارة. ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يستهدف حماس وأن الحركة تضع نفسها وأسلحتها بين السكان المدنيين.
ويُنظر إلى القصف الإسرائيلي على أنه جزء من الاستعدادات لهجوم بري محتمل، والذي قد يجبر الجيش الإسرائيلي على الانخراط في حرب مدن وحشية.
وقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع عن نيتهما “محو حماس من على وجه الأرض”، حيث يُعتقد أن الحركة لديها بنية تحتية عسكرية راسخة في جميع أنحاء القطاع.
النظام الصحي في غزة “على حافة الانهيار”
في أعقاب هجوم حماس، وهو الهجوم الأسوأ في تاريخ إسرائيل، قامت القدس بقطع الكهرباء والماء التي تزودها الدولة اليهودية للقطاع، وقالت إنه لن يتم تخفيف الحصار حتى تتم إعادة عشرات الإسرائيليين المختطفين إلى ديارهم.
وسط الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، قالت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة إن النظام الصحي في غزة “على حافة الانهيار” وسط القصف الجوي شبه المستمر.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن “الوقت ينفد لمنع وقوع كارثة إنسانية إذا لم يتم تسليم الوقود والإمدادات الصحية والإنسانية المنقذة للحياة بشكل عاجل إلى قطاع غزة وسط الحصار الكامل”، مضيفة أن المستشفيات تعمل بساعات قليلة من الكهرباء في اليوم وتم تقنين الإمدادات التي من المحتم أن تنفد.
وأضافت منظمة الصحة العالمية “مع استمرار ارتفاع الإصابات والوفيات بسبب الغارات الجوية المستمرة على قطاع غزة، فإن النقص الحاد في الإمدادات الطبية يؤدي إلى تفاقم الأزمة، مما يحد من قدرة المستشفيات المستنزفة بالفعل على الاستجابة لعلاج المرضى والجرحى”.
وقالت منظمة الصحة العالمية إنها وثقت 34 هجوما على نظام الرعاية الصحية في غزة منذ يوم السبت الماضي، أسفرت عن مقتل 11 عاملا صحيا أثناء الخدمة، وإصابة 16 آخرين، وإلحاق أضرار بـ 19 منشأة صحية و20 سيارة إسعاف.
ودعت المنظمة إلى إنهاء القتال وإنشاء ممر إنساني على الفور.
ومع قيام إسرائيل بإغلاق القطاع الفلسطيني في أعقاب هجوم حماس، فإن السبيل الوحيد للدخول إليه أو الخروج منه هو عبر المعبر مع مصر في رفح. ورغم أن معبر رفح ليس مغلقا رسميا، إلا أن الغارات الجوية حالت دون تشغيله إلى حد كبير. وتحاول مصر إقناع إسرائيل والولايات المتحدة بالسماح بإيصال المساعدات والوقود عبر معبر رفح لكنها ترفض استقبال اللاجئين.
“يوم الغضب”
أصدرت وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي الإسرائيليين بيانا مشتركا يحث جميع الإسرائيليين في الخارج على توخي المزيد من الحذر يوم الجمعة بسبب دعوة حماس لمؤيديها في جميع أنحاء العالم للمشاركة في “يوم الغضب”.
ودعت الحركة إلى تنظيم مسيرات حاشدة في الضفة الغربية والقدس وفي جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي يوم الجمعة لدعم حربها ضد إسرائيل، مما دفع الجاليات اليهودية في جميع أنحاء العالم إلى تعزيز أمنها.
وأشادت الحركة بإنجازات جناحها العسكري، كتائب عز الدين القسام، ودعت الشباب الفلسطيني في الضفة الغربية إلى “الانتفاض والخروج بحشود هادرة” للاشتباك مع المستوطنين والجنود.
كما خاطبت العرب مواطني إسرائيل، وطلبت منهم الاحتشاد في المسجد الأقصى في القدس لمنع اليهود من “تدنيسه” و”البناء عليه”.
يعد الموقع، وهو ثالث أقدس المواقع بالنسبة للمسلمين والأقدس بالنسبة لليهود، أحد بؤر التوتر الرئيسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث ينفي العديد من الفلسطينيين والمسلمين في جميع أنحاء العالم أن الموقع مقدس لليهود ويعتبرون أي دخول يهودي إليه بمثابة استفزاز، في حين يقدس اليهود الموقع (الذي يطلقون عليه اسم جبل الهيكل) باعتباره موقع الهيكلين القديمين اللذين تم تدميرهما في العصور القديمة.
كما وجهت حماس نداء إلى الفلسطينيين في الشتات، وكذلك “أحرار أمتنا العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم”، للتجمع في “أقرب نقطة إلى القدس” من أجل إظهار تضامنهم مع الحركة ووقف “المخططات الإسرائيلية لتهويد القدس والأقصى”.
ونفت إسرائيل مرارا خططها لتغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي، لكن الفلسطينيين أشاروا إلى العدد المتزايد من اليهود الذين يزورون الموقع في السنوات الأخيرة، خاصة خلال الأعياد اليهودية.
وأُوصي الإسرائيليون في الخارج بـ”إظهار اليقظة والابتعاد عن الاحتجاجات والمظاهرات، وإذا أمكن، الحصول على تحديثات من قوات الأمن المحلية حول الاحتجاجات المحتملة وحوادث الاضطرابات المحيطة بهم”.
وقالت الشرطة إنه مع بداية اليوم، تم تفريق قافلة مكونة من حوالي 15 سيارة ودراجة نارية في مدينة أم الفحم العربية الإسرائيلية لدعم حماس، مضيفة أنه تم اعتقال أربعة مشاركين.