الجيش الإسرائيلي دمر أكبر نفق لحماس تم اكتشافه حتى الآن، ويعتقل مسلحين يختبئون بين المدنيين
تقول منظمة الصحة العالمية إن واحدا من كل ستة أطفال دون سن الثانية في شمال غزة يعاني من سوء التغذية الحاد؛ وتحذر "اليونيسف" من انتشار الأمراض الآن بين الأطفال الصغار في القطاع
أعلن الجيش الإسرائيلي يوم الثلاثاء عن تدمير وإغلاق أكبر نفق هجومي لحركة حماس تم اكتشافه في غزة، والذي كشف عنه الجيش في البداية في شهر ديسمبر خلال هجومه ضد الحركة الفلسطينية.
وقال الجيش أنه عمل في الأسابيع الأخيرة على استكمال التحقيق في النفق ومن ثم تدميره. وكان الممر الكبير جزءا من شبكة أنفاق حماس الواسعة تحت غزة، والتي يعمل الجيش على كشفها خلال الحرب التي اندلعت في اعقاب الهجوم الذي نفذته الحركة في 7 أكتوبر على إسرائيل.
وقام مهندسون قتاليون بتفجير أجزاء من النفق، وقام الجيش ووزارة الدفاع في وقت لاحق بضخ الخرسانة في الممرات المتبقية تحت الأرض.
ويمتد النفق، الذي اكتشف الجيش حوالي أربعة كيلومترات منه، إلى عمق 50 مترا تحت الأرض في بعض المناطق ويبدو أنه واسع بما يكفي لمرور المركبات من خلاله. ولم يصل داخل الأراضي الإسرائيلية، لكن قال مسؤولون أنه نفق هجومي وليس مجرد موقع دفاعي أو ممر لنقل المسؤولين.
وقد تم العثور على أحد فتحات النفق على بعد 400 متر فقط من معبر إيريز الذي كان يمر خلاله المدنيون الفلسطينيون عبره إلى إسرائيل للعمل ولتلقي الرعاية الطبية.
وقال الجيش إن مشروع بناء النفق تم بقيادة محمد السنوار، قائد لواء حماس الجنوبي، وشقيق زعيم حماس في غزة يحيى السنوار.
في إعلانه في ديسمبر، نشر الجيش لقطات تم الحصول عليها من قطاع غزة تظهر محمد السنوار في سيارة تسير عبر النفق.
The IDF reveals footage obtained from the Gaza Strip showing senior Hamas commander Muhammed Sinwar, the brother of Hamas leader Yahya Sinwar, in a car driving through the major tunnel revealed earlier today by the military. pic.twitter.com/PPr0jOSKSp
— Emanuel (Mannie) Fabian (@manniefabian) December 17, 2023
ويواصل الجيش قتاله ضد مقاتلي حماس بينما يواجه 2.3 مليون سكان غزة الفلسطينيين أزمة إنسانية، وتقول منظمة الصحة العالمية إن سوء التغذية في شمال غزة “شديد بشكل خاص”.
وقال الجيش إن الفرقة 98، العاملة في مجمع حمد السكني في خانيونس جنوب قطاع غزة، اعتقلت العشرات من المقاتلين خلال اليوم الماضي.
وداهمت القوات الخاصة التابعة للفرقة مواقع لحماس في الحي، وصادرت كمية كبيرة من الأسلحة.
وأضاف الجيش في بيان أن القوات سهلت خلال اليوم الماضي إخلاء المدنيين من المنطقة، حيث اعتقل الجنود العشرات من مقاتلي حماس والجهاد الإسلامي الذين حاولوا الفرار مع المدنيين. وكان الجيش الإسرائيلي قد أبلغ في الماضي عن حوادث مماثلة لاختباء مقاتلي حماس بين المدنيين الفارين، مما يؤكد اتهامات إسرائيل بأن الحركة تستخدم السكان المدنيين كدروع بشرية، مما يزيد الخسائر في صفوف غير المقاتلين.
وفي غضون ذلك، قال الجيش إن لواء المشاة ناحال قتل حوالي 20 مسلحا خلال اليوم الماضي في وسط غزة، بما في ذلك بنيران القناصة واستدعاء قصف الدبابات والغارات الجوية.
وفي بيت حانون بشمال غزة، قال الجيش إن القوات استدعت غارة جوية ضد خلية تابعة لحماس تقوم بتشغيل طائرة مسيّرة ضد الجنود.
وذكر البيان أن سلاح الجو الإسرائيلي نفذ غارات في أنحاء غزة ضد أكثر من 50 هدفا لحماس خلال اليوم الماضي. وشملت الأهداف مواقع إطلاق الصواريخ، ومستودعات الأسلحة، وممرات الأنفاق، وغيرها من البنى التحتية.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة إن 97 فلسطينيا قتلوا في القطاع خلال اليوم الماضي، مما يرفع عدد القتلى منذ بدء الحرب إلى 30,631 فلسطينيا، إضافة إلى إصابة 72,043 آخرين.
ولم يتم التحقق من أعداد الحركة، التي لا تفرق بين المدنيين والمقاتلين، وتعزو سقوط جميع القتلى إلى نيران إسرائيلية – حتى أولئك الذين يُعتقد أنهم قُتلوا جراء المئات من الصواريخ الطائشة أو غيرها من النيران الفلسطينية.
وبعيدا عن خطر القتال الذي لا هوادة فيه، يواجه سكان غزة أيضا نقصا حادا في الموارد الأساسية، بما في ذلك الغذاء.
وقال ريتشارد بيبركورن ممثل منظمة الصحة العالمية في غزة والضفة الغربية إن طفلا واحدا من بين كل ستة أطفال دون الثانية في شمال القطاع يعاني من سوء تغذية حاد.
وأردف قائلا: “كان هذا في يناير. لذا من المرجح أن يكون الوضع أسوأ اليوم”، مشيرا إلى الشهر الذي تم فيه تسجيل البيانات.
وصرح جيمس إلدر المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بأن معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون الخامسة في شمال غزة أعلى بثلاثة أمثال من تلك الموجودة في رفح في الجنوب. والحصول على مساعدات في القطاع محدود للغاية منذ بدء الحرب.
وأضاف إلدر أن هذا الوضع يكشف أن “وصول حتى القدر اليسير من المساعدات يحدث فرقا في إنقاذ الأرواح”.
وزادت الدعوات لإسرائيل إلى بذل المزيد من الجهود لمعالجة الأزمة الإنسانية بعد مقتل فلسطينيين كانوا يحتشدون للحصول على مساعدات في غزة الشهر الماضي.
وكشفت السلطات الصحية في غزة أن 118 شخصا قتلوا في تلك الواقعة وأرجعت سببها إلى إطلاق نار من جانب القوات الإسرائيلية ووصفتها بأنها مجزرة. وتعهدت إسرائيل بإجراء تحقيق، لكنها قالت إن العديد من الأشخاص قتلوا بسبب التدافع أو الدهس.
بالإضافة إلى الجوع، قال إلدر إن هناك خطرا متزايدا من الأمراض المعدية إذ أصيب تسعة من كل عشرة أطفال دون سن الخامسة، أو حوالي 220 ألفا، بالمرض خلال الأسابيع الماضية.
وأردف قائلا للصحفيين في جنيف: “هذه هي الدوامة التي نخشى منها بشدة: الأمراض المعدية، ونقص الغذاء، والنقص الشديد في المياه النظيفة، والقصف المتواصل، والقلق المتسمر من شن هجوم على رفح وهي مدينة يحتمي بها الأطفال”، مشيرا إلى ما أعلنته إسرائيل من أنها تريد القضاء على كتائب حماس التي تقول إنها تختبئ في رفح.
وأضاف: “يعيش في رفح حوالي ثلاثة أرباع مليون طفل”.
وكثفت إسرائيل الشهر الماضي قصفها لمدينة رفح حيث تشير التقديرات إلى أن نحو 1.5 مليون شخص مكدسون هناك، بعد فرار معظمهم من منازلهم في الشمال هربا من القتال.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن ربع عدد سكان القطاع، أي 576 ألف شخص، على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
وقضية تسليم المساعدات إلى غزة نقطة شائكة في الحرب المدمرة الجارية منذ خمسة أشهر، والتي اندلعت في أعقاب الهجوم الصادم غير المسبوق الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، عندما اجتاح آلاف المسلحين البلدات في جنوب إسرائيل، وقتلوا نحو 1200 شخص واحتجزوا 253 رهينة.
وتلقي إسرائيل، التي تقوم بفحص جميع الشاحنات التي تدخل غزة من معبري كيرم شالوم ورفح، باللوم على الأمم المتحدة لعدم تسليم المساعدات بالسرعة الكافية بعد السماح لها بالدخول، ولأنها تسببت في انخفاض عام في عمليات التسليم خلال الشهر الماضي.
وقالت الأمم المتحدة إن توزيع المساعدات داخل غزة أصبح أكثر صعوبة. وقد توقف تدفق المساعدات من مصر تقريبا خلال الأسبوعين الماضيين، كما أدى انهيار الأمن إلى زيادة صعوبة توزيع المواد الغذائية التي تصل، وفقا لبيانات الأمم المتحدة ومسؤولين.
وفي حين وصلت المزيد من الشاحنات عبر معبر كيرم شالوم الإسرائيلي، فقد تم تعطيلها في الآونة الأخيرة من قبل أقارب الرهائن الإسرائيليين ومتظاهرين الذين يسعون إلى منع دخولها. وقالت إسرائيل مرارا إنها مستعدة لتسريع عملية منح الأذونات للمساعدات.
قبل الحرب مع حماس، كانت غزة تعتمد على 500 شاحنة محملة بالإمدادات التي تدخل يوميا.
وقالت أديل خضر المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف): “قطعا هو شعور لا يطاق. الشعور بالعجز واليأس بين الآباء والأطباء الذين يدركون أن المساعدات المنقذة للحياة، والموجودة على بعد بضعة كيلومترات فقط منهم، بعيدة المنال”.
وتعثرت المفاوضات عبر وسطاء دوليين للتوصل إلى اتفاق وقف مؤقت على الأقل في القتال، وإطلاق سراح رهائن ودخول مساعدات إنسانية إلى القطاع، حيث قال مسؤول في حماس يوم الثلاثاء إن المحادثات مع المسؤولين المصريين في القاهرة انتهت دون إحراز أي تقدم.